الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفائدة الثّانية:
السورة الكريمة معجزة ظاهرة للقرآن الكريم وهي من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، ذلك أن القرآن الكريم قد حكم على أبي لهب وزوجته أنهما سيموتان على الكفر، وقد حدث ذلك فعلا، فما الذي منعهما أن يظهرا الإسلام- ولو ظاهرا- طعنا في دين الإسلام، فالله- عز وجل بقدرته لم يحل بينهما وبين إظهار الإسلام على الحقيقة فحسب، ولكن حال أيضا بينهما وبين إعلان الإسلام ولو خداعا ونفاقا، وهذا من عجائب قدرته تبارك وتعالى، ودالّ على أن قلوب العباد بيديه- سبحانه وتعالى يقلبها كيفما شاء. وأما أن الآية الكريمة من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، فظاهر فلولا أنه صلى الله عليه وسلم يوحى إليه من ربه ما جاء بهذا الحكم القاسي على أبي لهب وزوجته وأحرج نفسه- حاشا لله- إن هم دخلا في الإسلام. فقد حكم الله- عز وجل عليهما بسوء الخاتمة في زمن الإمهال، وهذا لم يحدث، - فيما نعلم- في حق أحد من الكفار، مع ذكر كنيته إلا أبي لهب وزوجته، حتى إنه لم يحدث لفرعون الذي ادعى الألوهية، وهى معجزة ظاهرة للقرآن، وتكريم عظيم للنبي صلى الله عليه وسلم، وتهديد شديد لكل من يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم.
الفائدة الثّالثة:
أنه لا ينفع الكافر صلة قرابته بالنبي صلى الله عليه وسلم كما لا ينفعه ماله ولا ولده ولا حسن وجهه، قال الإمام ابن كثير رحمه الله:(أبو لهب هذا هو أحد أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه عبد العزى بن عبد المطلب وكنيته أبو عتيبة وإنما سمّي أبا لهب لإشراقة وجهه وكان كثير الأذية لرسول الله صلى الله عليه وسلم والبغضة له والازدراء به والتنقص له ولدينه)«1» .
الفائدة الرّابعة:
يقين أهل مكة- خاصة أهل قرابة النبي صلى الله عليه وسلم من صدقه وعدم كذبه، والذي لا يكذب على الناس كيف يكذب على رب الناس، ورد في الحديث:«أرأيتكم إن حدثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أكنتم تصدقوني» ؟ قالوا: نعم.
وأضرب مثالا آخر سريعا لانتقام الله- عز وجل من أعداء النبي صلى الله عليه وسلم الذين آذوه وعادوه، وهو حكم الله- تبارك وتعالى في القرآن الكريم على مبغض الرسول بأنه أبتر- أي مقطوع ذكره، قال الله تعالى: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية: (كانوا إذا مات ذكور الرجل قالوا: بتر. فلما مات أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: بتر؛ فأنزل الله إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) وهذا يرجع إلى ما قلناه أن الأبتر الذي إذا مات انقطع ذكره، وحاشا وكلا، بل قد أبقى الله ذكره
(1) تفسير القرآن العظيم (4/ 565) .