الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يقر به عين أحباب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد قال ما نصه: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ؛ أي: ما تركك منذ اعتنى بك ولا أهملك منذ رباك ورعاك، بل لم يزل يربيك أحسن تربية، ويعليك درجة بعد درجة. وَما قَلى الله إياك؛ أي: ما أبغضك منذ أحبك، فإن نفي الضد دليل على ثبوت ضده، والنفي المحض لا يكون مدحا، إلا إذا تضمن ثبوت كمال، فهذه حال الرسول صلى الله عليه وسلم الماضية والحاضرة، أكمل حال وأتمها، محبة الله له واستمرارها، وترقيته في درج الكمال، ودوام اعتناء الله به.
وأما حاله المستقبلية، فقال: وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (4)[الضحى: 4] ؛ أي: كل حالة متأخرة من أحوالك، فإن لها الفضل على الحالة السابقة، فلم يزل صلى الله عليه وسلم يصعد في درج المعالي، ويمكّن له الله دينه، وينصره على أعدائه، ويسدد له أحواله حتى مات، وقد وصل إلى حال لا يصل إليها الأولون والآخرون، من الفضائل والنعم، وقرة العين، وسرور القلب. ثم بعد ذلك، لا تسأل عن حاله في الآخرة من تفاصيل الإكرام، وأنواع الإنعام؛ ولهذا قال: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (5) وهذا أمر لا يمكن التعبير عنه بغير هذه العبارة الجامعة الشاملة. انتهى كلام الشيخ- رحمه الله «1» .
5- كذب ادعائهم أنه صلى الله عليه وسلم ساحر:
عن ابن عبّاس أنّ ضمادا قدم مكّة وكان من أزد شنوءة وكان يرقي من هذه الرّيح فسمع سفهاء من أهل مكّة يقولون: إنّ محمّدا مجنون فقال: لو أنّي رأيت هذا الرّجل لعلّ الله يشفيه على يديّ قال: فلقيه فقال: يا محمّد إنّي أرقي من هذه الرّيح وإنّ الله يشفي على يدي من شاء؛ فهل لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألاإله إلّا الله وحده لا شريك له وأنّ محمّدا عبده ورسوله، أمّا بعد قال: فقال: أعد علي كلماتك هؤلاء فأعادهنّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرّات قال: فقال: لقد سمعت قول الكهنة وقول السّحرة وقول الشّعراء فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء ولقد بلغن ناعوس البحر قال: فقال: هات يدك أبايعك على الإسلام قال: فبايعه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«وعلى قومك؟» قال: وعلى قومي، قال: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريّة فمرّوا بقومه فقال صاحب السّريّة للجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئا؟ فقال رجل من القوم: أصبت منهم مطهرة فقال: ردّوها فإنّ هؤلاء قوم ضماد «2» .
(1) انظر تفسير السعدى (1/ 928) .
(2)
رواه مسلم، كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (868) .