الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6- تزكية صدقه صلى الله عليه وسلم في التبليغ عن ربه:
قال تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (44) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) [الحاقة:
44-
46] .
هذه الآيات الكريمات دليل صريح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكذب على ربه في أي شيء من الوحي، صغيرا كان أم كبيرا، كما سنرى في الفوائد- إن شاء الله-.
بعض فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى:
زكت الآيات الكريمات النبي صلى الله عليه وسلم أعظم تزكية إذ أثبتت له منتهى الصدق في التبليغ عن ربه- عز وجل بلا زيادة أو نقصان أو كتمان حيث ذكرت الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الفرض- لو تقوّل على الله- وحاشاه من ذلك- في أقل شيء لعذبه الله وأهلكه فداه أبي وأمي ونفسي- وما دام لم يحدث هذا الوعيد طيلة حياة الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، بل نصره الله وآزره وأيده بالروح القدس والمعجزات الباهرات البينات إلى يوم أن قبضه إليه جميل الوجه محمود السيرة، دل ذلك على أن شيئا من الزيادة أو النقص في التبليغ لم يحدث وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد صدق ربه وصدق الناس في كل ما أخبر به، قال الشيخ السعدي رحمه الله:
(فلو قدر أن الرسول- حاشا وكلا- تقوّل على الله لعاجله بالعقوبة وأخذه أخذ عزيز مقتدر لأنه حكيم، على كل شيء قدير، فحكمته تقتضي ألايمهل الكاذب عليه)«1» ، وقال الإمام ابن كثير رحمه الله:(والمعنى في هذا بل هو صادق بار راشد؛ لأن الله- عز وجل مقرّر له ما يبلغه عنه ومؤيد له بالمعجزات الباهرات والدلالات القاطعات)«2» .
الفائدة الثانية:
عظيم أمر الوحي- قرآن وسنة- إذ رتب الله- سبحانه وتعالى مثل هذه العقوبة الشنيعة على التقول في أمر الوحي، قال الإمام القرطبي رحمه الله:(تقوّل: أي تكلف وأتى بقول من قبل نفسه، لأخذناه بالقوة والقدرة، وعبّر عن القوة باليمين؛ لأن قوة كل شيء في ميامنه، ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ يعني نياط القلب، أي لأهلكناه، وهو عرق يتعلق به القلب إذا انقطع مات صاحبه)«3» .
الفائدة الثّالثة:
عدم محاباة الله في الحق أحدا أبدا، وكذا نعلم أن الله لا يستحيي من الحق، ودليله من الآية أن الله- سبحانه وتعالى إذا قدر أن يحابي أحدا في الحق- حاشا لله
(1) تفسير السعدي (885) .
(2)
تفسير القرآن العظيم (4/ 418) .
(3)
الجامع لأحكام القران (18/ 275، 276) .