الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوم، فخرج رجل ممّن صلّى معه فمرّ على أهل مسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكّة. فداروا كما هم قبل البيت، وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلّي قبل بيت المقدس، وأهل الكتاب فلمّا ولىّ وجهه قبل البيت أنكروا ذلك) .
قال زهير: حدّثنا أبو إسحاق عن البراء في حديثه هذا أنّه مات على القبلة قبل أن تحوّل رجال وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم؟! فأنزل الله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ «1» .
الشاهد في الحديث:
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل بيت المقدس، ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، ولكن كان يحب أن تحول القبلة إلى المسجد الحرام، قبلة إبراهيم عليه السلام، وكان من علامات رجائه في تحويل القبلة، أنه كان يقلب وجهه في السماء، طلبا لذلك، قال تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة: 144] .
ونلمح في الآية مدى إكرام الله- عز وجل لنبي هذه الأمة، في النقاط التالية:
1-
إثبات رؤية الله، سبحانه وتعالى، لكل أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، حتى في حال تقليب وجهه في السماء متمنيا تحويل القبلة، وهي رؤية خاصة، علمنا منها عظيم الاعتناء به صلى الله عليه وسلم، والدليل على أنها رؤية خاصة، ذكرها في القرآن الكريم، وأنه ببركتها قد تحقق مراد النبي صلى الله عليه وسلم.
2-
خص السماء بالذكر في قوله تعالى: تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ؛ لأن السماء مختصة بتعظيم ما أضيف إليها وما يعود منها، حكاه القرطبي عن الزجاج.
3-
ما كان نسخ التوجه لبيت المقدس، والأمر بالتوجه للمسجد الحرام، إلا لإرضاء النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ذكرت الآية كل الأفعال مضافة إليه: تَقَلُّبَ وَجْهِكَ، فَلَنُوَلِّيَنَّكَ، قِبْلَةً تَرْضاها، فَوَلِّ وَجْهَكَ، وبعد أن ذكرت الآية سبب تغيير القبلة، والأمر الخاص الموجه للنبي صلى الله عليه وسلم بالتوجه قبل المسجد الحرام، وجهت الآية الأمر إلى الأمة، وكأنها تابعة لنبيها، قال تعالى: وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ.
يتفرع على ذلك، علمنا بعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه- تبارك وتعالى، لأن القبلة وهي من أعظم شعائر الله، سبحانه وتعالى، تحوّل لإرضاء النبي صلى الله عليه وسلم، وينص القرآن الكريم على ذلك.
(1) البخاري، كتاب: الإيمان، باب: الصلاة من الإيمان، برقم (41) .