الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أماكن الأرض وأقدسها، روى الشيخان في صحيحهما: عن عبد الله رضي الله عنه قال:
دخل النّبيّ صلى الله عليه وسلم مكّة يوم الفتح وحول البيت ستّون وثلاث مائة نصب فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: «جاء الحقّ وزهق الباطل جاء الحقّ وما يبدئ الباطل وما يعيد» .
قال الإمام ابن حجر- رحمه الله: وفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لإذلال الأصنام وعابديها ولإظهار أنها لا تنفع ولا تضر ولا تدفع عن نفسها شيئا «1» .
7.
حسن إكرامه صلى الله عليه وسلم لأهل الفضل والخير لا فرق عنده في ذلك بين الرجال والنساء؛ روى الشيخان: عن أمّ هانئ بنت أبي طالب تقول: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره فسلّمت عليه، فقال:«من هذه» فقلت: أنا أمّ هانئ بنت أبي طالب، فقال:«مرحبا بأمّ هانئ» فلمّا فرغ من غسله قام فصلّى ثماني ركعات ملتحفا في ثوب واحد، فقلت: يا رسول الله، زعم ابن أمّي عليّ أنّه قاتل رجلا قد أجرته، فلان بن هبيرة!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قد أجرنا من أجرت يا أمّ هانئ» ، قالت أمّ هانئ: وذلك ضحى.
الفائدة الثانية: في مناقب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:
1.
شدة حب الأنصار. رضي الله عنهم. للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن علامات ذلك الحب، غير ما ذكرته آنفا، أنهم بكوا لما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:«المحيا محياكم والممات مماتكم» .
قال الإمام النووي. رحمه الله.: «وكان بكاؤهم فرحا بما قال لهم وحياء مما خافوا أن يكون بلغه عنهم مما يستحي منه» .
2.
جميل استجابة الأنصار. رضي الله عنهم. لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر أبا هريرة أن يدعو الأنصار ليعهد إليهم بقتل أوباش قريش، جاؤا إليه يهرولون، ورد في الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم:«يا أبا هريرة ادع لي الأنصار» فدعوتهم فجاؤا يهرولون. كما أنهم من تمام طاعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم أنهم ما رأوا أحدا من أوباش مكة إلا أناموه.
قال الإمام النووي: (ما ظهر لهم أحد إلا قتلوه فوقع على الأرض أو يكون بمعنى أسكتوه بالقتل كالنائم)«2» .
3.
حرص الصحابة. رضي الله عنهم. على تتبع أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، والعجيب أن يكون
(1) انظر فتح البارى (8/ 17) .
(2)
انظر شرح النووى على صحيح مسلم (12/ 132) .
مثل هذا الحرص على التتبع في يوم عظيم كيوم الفتح، قد ينشغل فيه الناس بأمور كثيرة غيرها، ولكن الصحابة. رضي الله عنهم. ما كان عندهم أمر أعظم من تتبع السنة، ومن مظاهر ذلك:
أ. سؤال عبد الله بن عمر رضي الله عنه بلالا هل صلّى النبي صلى الله عليه وسلم داخل الكعبة وأين صلى؟ وكان يحتاج إلى أن يعرف كم صلى، ولكن نسي أن يسأل، روى الشيخان في صحيحهما:«عن ابن عمر. رضي الله عنهما. قال: أقبل النّبيّ الصلاة عام الفتح وهو مردف أسامة على القصواء ومعه بلال وعثمان بن طلحة حتّى أناخ عند البيت ثمّ قال لعثمان: «ائتنا بالمفتاح فجاءه بالمفتاح» ففتح له الباب، فدخل النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأسامة وبلال وعثمان، ثمّ أغلقوا عليهم الباب فمكث نهارا طويلا ثمّ خرج وابتدر النّاس الدّخول فسبقتهم فوجدت بلالا قائما من وراء الباب، فقلت له: أين صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
صلّى بين ذينك العمودين المقدّمين، وكان البيت على ستّة أعمدة سطرين، صلّى بين العمودين من السّطر المقدّم، وجعل باب البيت خلف ظهره واستقبل بوجه الّذي يستقبلك حين تلج البيت بينه وبين الجدار قال: ونسيت أن أسأله كم صلّى؟ وعند المكان الّذي صلّى فيه مرمرة حمراء» «1» .
ب. معرفة عبد الله بن عمر. رضي الله عنهما. أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى كل الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، يلزم من ذلك أنه رضي الله عنه قد علم أحوال النبي صلى الله عليه وسلم كل الأيام السالفة وحاله ذلك اليوم، وهذا يحتاج إلى مراقبة النبي صلى الله عليه وسلم طوال يوم الفتح ليعلم هل توضأ أم لا.
ولا شك أن هذا التتبع والحرص على العلم واقتفاء أثر النبي صلى الله عليه وسلم حتى في مكان صلاته لهي منقبة عظيمة لعبد الله بن عمر. رضي الله عنهما..
4.
فضل الصحابة الذين حضروا الفتح، حيث إن الله. تبارك وتعالى. ميزهم عمن سواهم، قال. تعالى.: وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)[الحديد: 10] .
(1) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب: حجة الوداع، برقم (4400) ، ومسلم، كتاب: الحج، باب: استحباب دخول الكعبة للخاج وغيره (1329) .