الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوم الفتح العظيم
هو يوم مشهود من حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذ نصره الله فيه نصرا مؤزرا عزيزا، كانت بدايته صلح الحديبية، والذي سماه الله فتحا مبينا، كان يوما مشهودا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذ رجع إلى مكة التي خرج منها قبل ثمان سنوات، متخفيا غير مستعلن، واليوم يدخلها مستعلنا مستعليا بفضل الله وقوته، ومعه عشرة آلاف مقاتل، يوم مشهود في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث دخل البيت الحرام يكسر فيه الأصنام، ويعلن فيه علوّ الحق وأهله، واضمحلال الشرك وحزبه، هو يوم مشهود في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذ رأى ثمرة جهاده وكفاحه. في سبيل الله. أكثر من عشرين عاما، رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجا وفرادى. فأقر الله له عينه وأتم عليه نعمته صلى الله عليه وسلم.
مجمل الأحداث في هذا الفتح المبارك:
خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة، في عشرة آلاف مقاتل، وكان ذلك في شهر رمضان المبارك من العام الثامن للهجرة الميمونة، وكان صلى الله عليه وسلم صائما عدة أيام، حتى إذ بلغ مكانا يسمى الكديد، أقرب إلى مكة منه إلى المدينة، بلغه أن أصحابه قد أعياهم الصيام، فأفطر صلى الله عليه وسلم وذم من لم يقبل الرخصة واستمر صائما، ولما بلغ قريشا خروج النبي صلى الله عليه وسلم قاصدا مكة، خرج له أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يلتمسون الخبر، فلما اقتربوا من جيش المسلمين رأوا نارا عظيمة، أشبه ما تكون بالنيران التي يوقدها الحجاج يوم عرفة، ورآهم حرس النبي صلى الله عليه وسلم فأتوا بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم أبو سفيان، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بحبسه حتى يرى جحافل الجيش فيثبت إيمانه، فمر الجيش من أمامه كتيبة كتيبة، فإذا سعد بن عبادة يمر من أمامه ومعه الراية على رأس كتيبة عظيمة، فقال لأبي سفيان: اليوم يوم الملحمة تستحل فيه الكعبة، فاشتكى أبو سفيان هذه المقولة للنبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليه بمقولته الخالدة: كذب سعد ولكن هذا يوم يعظّم الله فيه الكعبة ويوم تكسى فيه الكعبة، وقد قسم النبي صلى الله عليه وسلم الجيش أقساما، فجعل خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى وجعل الزبير على المجنبة اليسرى، وجعل أبا عبيدة على البياذقة وبطن الوادي، واستدعى صلى الله عليه وسلم الأنصار فأمرهم أن يقتلوا أوباش مكة، الذين يحملون عليه السلاح، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة من أعلاها لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان، وأمر بعدة أوامر، منها إهدار دماء بعض مشركي مكة ممن أمعنوا في إيذائه صلى الله عليه وسلم،
ومنهم ابن خطل وكان وقتها متعلقا بأستار الكعبة، كما أمر صلى الله عليه وسلم عثمان بن طلحة رضي الله عنه أن يأتي بمفتاح الكعبة، فدخلها وصلّى فيها، ومكث فيها نهارا طويلا، كما نادى صلى الله عليه وسلم في الناس بمقولته المشهورة:«من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن» ، وما إن سمعت الأنصار هذه المقولة حتى خافت أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم حنّ لعشيرته وأنه قد يتركهم يعودون إلى المدينة وحدهم، فطمنهم بل وبشرهم بما أسعدهم، كما أجار صلى الله عليه وسلم من أجارت أم هانئ، وحطم صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم ثلاثمائة وستين صنما كانت حول الكعبة تعبد من دون الله عز وجل، وهو يردد قوله تعالى: وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ، ثم خطب في اليوم الثاني من الفتح خطبة أعلم فيها الناس أن مكة قد عادت حراما، وأن الله.
سبحانه وتعالى. لم يحلّها لأحد من قبله ولا من بعده.
عن أبي هريرة قال: وفدت وفود إلى معاوية، وذلك في رمضان فكان يصنع بعضنا لبعض الطّعام، فكان أبو هريرة ممّا يكثر أن يدعونا إلى رحله فقلت: ألا أصنع طعاما فأدعوهم إلى رحلي؟ فأمرت بطعام يصنع، ثمّ لقيت أبا هريرة من العشيّ، فقلت: الدّعوة عندي اللّيلة، فقال: سبقتني؟ قلت: نعم، فدعوتهم، فقال أبو هريرة: ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معشر الأنصار، ثمّ ذكر فتح مكّة فقال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى قدم مكّة فبعث الزّبير على إحدى المجنّبتين، وبعث خالدا على المجنّبة الآخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسّر، فأخذوا بطن الوادي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة، قال: فنظر فرآني فقال: «أبو هريرة؟» . قلت: لبّيك يا رسول الله، فقال: لا يأتيني إلّا أنصاريّ- زاد غير شيبان- فقال: اهتف لي بالأنصار، قال: فأطافوا به ووبّشت قريش أوباشا لها وأتباعا، فقالوا: نقدّم هؤلاء فإن كان لهم شيء كنّا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الّذي سئلنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم» ثمّ قال بيديه، إحداهما على الآخرى، ثمّ قال:«حتّى توافوني بالصّفا» ، قال: فانطلقنا فما شاء أحد منّا أن يقتل أحدا إلّا قلته وما أحد منهم يوجّه إلينا شيئا، قال: فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول الله أبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، ثمّ قال:«من دخل دار أبي سفيان فهو آمن» ، فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أمّا الرّجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته، قال أبو هريرة: وجاء الوحي، وكان إذا جاء الوحي لا يخفى علينا، فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى ينقضي الوحي، فلمّا انقضى الوحي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا معشر الأنصار» قالوا: لبّيك يا رسول الله، قال:«قلتم: أمّا الرّجل فأدركته رغبة في قريته؟» قالوا: قد كان ذاك، قال: