الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا عمارد بن رؤيبة يرى أن مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى السنن الشكلية والشكلية جدّا- كما يظن البعض- ونبرأ إلى الله من هذا الظن، يوجب الدعاء على المخالف.
ويتفرع عليه، أننا مأمورون باتباع كل ما جاءت به السنة، وأن تقسيم السنة إلى أمور شكلية وأخرى جوهرية هو من الأمور المحدثة التي تبعد المسلمين عن دينهم، وأما ما ذهب إليه العلماء من تقسيم للسنة النبوية إلى مؤكدة وغير مؤكدة، فقد اضطروا إليه حتى لا يشقوا على الأمة، وإلا فإننا نعلم أنهم كانوا أحرص الناس على اتباع جميع السّنن بلا تفريق بين مؤكدة وغير مؤكدة.
المثال الثاني:
عن عبد الله بن سرجس قال: (رأيت الأصلع، يعني عمر بن الخطّاب، يقبّل الحجر ويقول: والله إنّي لأقبّلك وإنّي أعلم أنّك حجر وأنّك لا تضرّ ولا تنفع، ولولا أنّي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّلك ما قبّلتك)«1» .
فوائد الحديث:
الفائدة الأولى:
عظيم اتباع الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يعتقد في نفسه أن الحجر الأسود لا يضر ولا ينفع، ويعلن على الملأ أنه ما قام بتقبيله- ولا يخفى ما في التقبيل من تعظيم- إلا لرؤيته النبيّ صلى الله عليه وسلم يقبله، ولولا ذلك ما قبّله، ولا يستحي عمر رضي الله عنه مع ما عرف عليه من القوة والشدة في الحق، أن يعلن ذلك، ولكن ليعلم الجميع أن القوة في الحق ما كان ليترفع بها عن اتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وإلا كانت قوة وشدة مذمومتين يدخلان صاحبهما النار.
الفائدة الثانية:
أدب الصحابة الجم مع النبي صلى الله عليه وسلم وسنته الشريفة، فهم كانوا يتبعونها اتباعا مطلقا، يقبلون حجرا وهم لا يعلمون الحكمة من تقبيله، ويعلنون للملأ أنهم ما فعلوا ذلك إلا رغبة في الاتباع، لكنهم يعتقدون أن التقبيل سينفعهم قطعا من حيث كونه اتباعا لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ويعلمون أنّ الترفع عنه أو المجادلة فيه سيضرهم قطعا لنفس العلة، وهذا هو الفهم الصحيح للاتباع، أما من يشترط أن يعرف حكمة كل أمر حتى يقوم بفعله، فأقول له: أنت لست بمتبع، بل أقول له: لقد تعديت حدود الأدب مع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
(1) البخاري، كتاب: الحج، باب: تقبيل الحجر، برقم (1610) ، ومسلم، كتاب: الحج، باب: استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف، برقم (1270) .