الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وللخلة معان كثيرة ذكرها العلماء، فالخلة من العبد معناها: الافتقار والانقطاع، فخليل الله هو المنقطع إليه وقيل: سمّي الخليل خليلا لأن محبته تتخلل القلب فلا تدع فيه خللا إلا ملأته، وقيل: هو الذي ليس في محبته خلل.
أما خلة الله للعبد، فمعناها: نصرة العبد وجعله إماما لمن بعده، وقيل: هي كامل المحبة والاصطفاء. وأضيف فأقول: إذا كانت رؤية الله- عز وجل ثبتت للمؤمنين يوم القيامة، وإذا كان الكلام سيحدث أيضا بين الله وبين عباده المؤمنين ليس بينه وبينهم ترجمان، فإن الخلة ستبقى هي الخصلة التي اختص بها محمد وإبراهيم- عليهما الصلاة والسلام- لم يشاركهما فيها أحد في الدنيا والآخرة.
بعض فوائد الحديث:
الفائدة الأولى:
كمال عصمته صلى الله عليه وسلم وتمام هداية الله له، فمن ثبتت خلته لله، وخلة الله له، فقد ثبت له كمال العصمة وتمام الهداية، قال صلى الله عليه وسلم:«ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر» ، رواه البخاري «1» ، وقال في حديث الباب:(ولكن صاحبكم خليل الله) .
الفائدة الثانية:
الذي اتخذه الله خليلا، لا ينبغي له أن يتخذ أحدا من خلق الله خليلا له، لأن الخليل لا يتسع قلبه إلا لخليل واحد، أما المحبة فيتسع القلب لأكثر من حبيب، والدليل على ذلك أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبتت لأصحابه رضي الله عنهم ولأزواجه.
الفائدة الثالثة:
الأخبار التي ورد فيها أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم لما رمي بالمنجنيق وصار في الهواء أتاه جبريل فقال: ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا؟ وأما إلى الله فإن علمه بحالي يغني عن سؤالي هي أخبار لا أصل لها ولم يثبت فيها حديث، وينبغي ألانتناقلها؛ لأنها تشعر بتنقص إبراهيم لجبريل- عليهما الصلاة والسلام- وذلك في قول إبراهيم:«أما لك فلا» ، كما أنها تشعر بعدم الحاجة للتوجه إلى الله بالدعاء والتضرع، فضلا عن عدم ثبوت الرواية.
الفائدة الرابعة:
وهي فائدة عامة، أراني مضطرا لذكرها في كل مناسبة؛ وذلك لعظيم أثرها في الفرد والمجتمع، ولترسخ في نفوس جميع أهل الإسلام، بل وفي نفوس غير المسلمين، وهي الحذر كل الحذر من تنقص مقام النبي صلى الله عليه وسلم أو الترفع عن طاعته واتباعه أو الطعن في سنته؛ لأننا إذا فعلنا ذلك- والعياذ بالله- فقد عادينا عبدا قد اتخذه الله خليلا،
(1) البخاري، كتاب: المناقب، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «سدوا الأبواب» ، برقم (3654) .