الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وهذا إعلام من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم والذين كرهوا الصلح يوم الحديبية من أصحابه أن الله فاتح عليهم مكة وغيرها من البلدان، مسليهم بذلك عما نالهم من الكابة والحزن بسبب انصرافهم عن مكة قبل دخولها وقبل طوافهم بالبيت)«1» .
2- كفايته قدرا:
قال تعالى: وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [الحجر: 94، 95] . قال الإمام ابن كثير رحمه الله في معنى الآية: (أي بلغ ما أنزل إليك من ربك ولا تلتفت إلى المشركين الذين يريدون أن يصدوك عن آيات الله ولا تخفهم فإن الله كافيك إياهم وحافظك منهم)«2» .
بعض فوائد الآيتين الكريمتين:
الفائدة الأولى:
حب الله- سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وغضبه الشديد- عز وجل على من تعرض لخليله صلى الله عليه وسلم فوعده بالانتقام منهم، واللافت للنظر أن هؤلاء المستهزئين قد كفروا بالله وصدوا عن سبيله ولكن الله- سبحانه وتعالى لما ذكر صفاتهم ابتدأ بصفة الاستهزاء وكأنها الباعث على الانتقام الإلهي منهم. قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير الآية: (اصدع بما تؤمر ولا تخف غير الله فإن الله كافيك من آذاك كما كفاك المستهزئين، وكانوا خمسة من رؤساء أهل مكة وهم: الوليد بن المغيرة وهو رأسهم، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب بن أسد، والأسود بن عبد يغوث، والحارث بن الطلاطلة أهلكهم الله جميعا قبل يوم بدر في يوم واحد لاستهزائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم «3» .
الفائدة الثّانية:
في الآية تهديد شديد ووعيد أكيد لكل من استهزأ بأدنى شيء يخص نبينا صلى الله عليه وسلم، ويكفي أن أقول له: يكفيك أنك قد جعلت الله خصما لك، ويا ويل من فعل ذلك، فو الله إنّ قدر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عند ربه وقت بعثته ومن قبلها ومن بعدها إلى يوم القيامة لا يتغير ولا يتبدل، وغضب الله- سبحانه وتعالى على من استهزأ به صلى الله عليه وسلم وانتقامه منه لا يمكن أن يتخلف؛ لأن وعد الله- سبحانه وتعالى بكفاية نبيه صلى الله عليه وسلم المستهزئين لا يرتبط بزمان دون زمان ولا بأمة دون أمة، فقد تهلك قرية بأكملها أو تمحق منها البركة أو تصيبها الأمراض المزمنة أو تنتشر فيها الرذيلة والفحشاء لأن بعض أهل القرية قد تعرض للنبي صلى الله عليه وسلم بأدنى إيذاء ولم يجدوا من يأخذ على أيديهم، ولا أستبعد أن يكون بعض ما أصاب الأمة
(1) تفسير الطبري (26/ 109) .
(2)
تفسير القرآن العظيم (2/ 560) .
(3)
الجامع لأحكام القرآن (10/ 62) .