الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعا: تزكية قلبه صلى الله عليه وسلم من حيث اتصاله الدائم بربه- عز وجل
.
عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن رضي الله عنه أنّه سأل عائشة رضي الله عنها؛ كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان، ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلّي أربعا، فلا تسل عن حسنهنّ وطولهنّ، ثمّ يصلّي أربعا، فلا تسل عن حسنهنّ وطولهنّ، ثمّ يصلّي ثلاثا. قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر فقال: «يا عائشة إنّ عينيّ تنامان ولا ينام قلبي» «1» .
هذا من كمال أحواله البشرية صلى الله عليه وسلم، أن قلبه لا ينام، وهو من خصائص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم جميعا، يدل عليه ما رواه البخاري في حديث الإسراء من طريق شريك عن أنس:(وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم)«2» .
بعض فوائد الحديث:
الفائدة الأولى:
كمال قلبه صلى الله عليه وسلم حيث إن النوم صفة نقص تعتري النفس البشرية، فلما ثبت لقلبه صلى الله عليه وسلم عدم النوم أبدا، كان ذلك صفة كمال له.
الفائدة الثانية:
تعلق قلبه صلى الله عليه وسلم الدائم بالله- عز وجل، إذ لو قدر أن يغافل قلبه صلى الله عليه وسلم في حال اليقظة لكان النوم بالنسبة إليه أولى، وأعتقد أن الاتصال الدائم بالله هو الهدف الرئيس من عدم نوم قلوب الأنبياء صلوات الله عليهم جميعا.
الفائدة الثّالثة:
صحة الوحي إلي النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم، نقل صاحب الفتح عن الخطابي قوله:(وإنما منع قلبه النوم ليعي الوحي الذي يأتيه في منامه)«3» ، وقال ابن حجر رحمه الله:(ولو لم تكن رؤيا الأنبياء وحيا لما جاز لإبراهيم عليه السلام الإقدام على ذبح ولده)«4» . قلت: ولو لم تكن وحيا لما أثنى الله على إبراهيم عليه السلام بالإقدام على ذبح ابنه ولما أثنى على الابن بالتسليم بأمر الله عز وجل. والدليل على صحة الوحي إليه صلى الله عليه وسلم وهو نائم، أنه كان ينزل عليه القرآن وهو نائم، والقرآن أشرف ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من وحي، روى مسلم في صحيحه: عن أنس قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثمّ رفع رأسه متبسّما فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله قال: «أنزلت عليّ آنفا
(1) البخاري، كتاب: الجمعة، باب: قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، برقم (1147) ، ومسلم، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الليل
…
، برقم (738) .
(2)
البخاري، كتاب: المناقب، باب: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم تنام عينه، برقم (3570) .
(3)
فتح الباري (1/ 239) .
(4)
فتح الباري (1/ 239) .