الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
الحمد لله وحمده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن نحا نحوه، وبعد:
فإن علم القراءات من أَجَلِّ العلم قدرًا، وأشرفها منزلة، وأرفعها مكانة؛ لتعلقه بكتاب الله عز وجل، وكلامه المبين.
وقد سخر الله عز وجل أفذاذًا من علماء الأمة الإسلامية منذ فجر الإسلام لخدمة كتابه العزيز؛ فقاموا -بإذن الله تعالى وتوفيق منه- خير قيام بدراسة كل ما يتعلق بالفرقان الحميد.
فتخصص رجال من العباقرة في علوم القراءات، وأفنوا أعمارهم في خدمتها: تعليمًا وتأليفًا، وتهذيبًا وتلخيصًا. والمكتبات الإسلامية والعالمية مليئة بآثارهم العلمية، وخير شاهد على خدماتهم القرآنية الجليلة.
ولما كان لا بُدَّ لطالب علوم الدين من أن يتثقف بثقافة إسلامية، وأن تكون لديه خلفية كافية واطلاع شامل على كل ما يتعلق بالقرآن المجيد من علوم ودراسات، قررت جامعة أم
القرى بمكة المشرفة تدريس مادة "المدخل لعلم القراءات" على طلاب وطالبات كلية "الدعوة وأصول الدين" بجميع أقسامها، وبعض أقسام كلية "اللغة العربية"، وأسندت وتدريسها إلى "قسم القراءات" بكلية الدعوة وأصول الدين.
وقد تشرفتُ بتدريس تلك المادة منذ الفصل الثاني لعام 1408هـ، ولما كان القسم المذكور قد وُضع من قبله منهج خاص لتلك المادة، ولم أجد مؤلَّفًا يحيط بنقاط المنهج المذكور ويشمل جميع مباحثه، قمت -بفضل الله تعالى وتوفيق منه- بجمع معلومات من شتى الكتب في القراءات، فنقبت في كتب المتقدمين، وورقت مؤلَّفات المعاصرين، وحاولت -بقدر استطاعتي- تهذيب ما جمعته من المادة العلمية وتلخيصه، وسعيت في ترتيبه ترتيبًا علميًّا للتناسق في المعلومات والترابط بينها؛ ليسهل على طلاب العلم الاستفادة منها، وإن كنت قد راعيت نقاط منهج القسم غير أنني لم ألتزم بترتيبه، كما أنني زدت عليها معلومات هامة ومفيدة لا بُدَّ لدارس هذه المادة من الاطلاع عليها، وأقول كما قال الإمام الشاطبي رحمه الله في منظومته:
وألفافها زادت بنشر فوائد
…
فلفت حياءً وجهها أن تفضلا
ولما أصبحت تلك المعلومات مادة علمية، وقد قمت
بتدريسها، وقدمت بعض مباحثها لطلبة العلم -على إلحاح منهم- للاستفادة منها، اقترح عليَّ غالبية الشباب طبعها ليعم النفع بها؛ إلا أنني كنت أحجم عن ذلك وأعتذر؛ ولكن زاد الإلحاح من أغلب النجباء في كل فصل من الفصول الدراسية، فاستخرت الله عز وجل في ذلك حتى شرح الله صدري، فهأنذا أُقْدم على نشرها وأقدمها لطبعها، وسميتها:"صفحات في علوم القراءات".
وليس لي فيها غير الجمع والتهذيب، والتبويب والترتيب، وحاولت الاختصار في كل الموضوعات؛ ليسهل على طلاب العلم الاستفادة منها.
فإن كنت قد وفقت فيما رُمت فهو بتوفيق من البارئ تبارك وتعالى وفضل منه، وإن كان غير ذلك فهو من نفسي ومن الشيطان الرجيم.
وأقول هنا كذلك كما قال الإمام الشاطبي -رحمه الله تعالى- في قصيدته:
أقول لحر والمروءة مرؤها
…
لإخوته المرآة ذو النور مكحلا
أخي أيها المجتاز نظمي ببابه
…
ينادى عليه كاسد السوق أجملا
وظن به خيرًا وسامح نسيجه
…
بالإغضاء والحسنى وإن كان هلهلا
وسلم لإحدى الحسنيين إصابة
…
والأخرى اجتهاد رام صوبًا فأمحلا
وإن كان خرق فادركه بفضله
…
من الحلم وليصلحه من جاد مقولا
وقل صادقًا لولا الوئام وروحه
…
لطاح الأنام الكل في الخلف والقلا
وعش سالمًا صدرًا وعن غيبة فغب
…
تحضر حظار القدس أنقى مغسلا1
هذا، وأسأل الله عز وجل أن يجعلها في ميزان حسناتي، وأن يزرقني الإخلاص في القول والعمل.
وناديت اللهم يا خير سامع
…
أعذني من التسميع قولًا ومفعلًا2
وأقول كما قال إمام القراء سبط الخياط رحمه الله تعالى "ت541هـ":
1 حرز الأماني للشاطبي من البيت رقم: 74-80.
2 حرز الأماني، البيت رقم:71.
كتبت علومًا ثم أيقنت أنني
…
سأبلى ويبقى ما كتبت من العلم
فإن كنت عند الله فيها مخلصًا
…
فذاك لعمر الله قصدي في الحكم
وإن كانت الأخرى فبالله فاسألوا
…
إليه غفرانًا من الذنب والجرم1
هذا، وصلى الله تعالى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أبو طاهر السندي
مكة المكرمة
مساء الاثنين
18/ 4/ 1414هـ
1 غاية النهاية لابن الجزري 1/ 435.