الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب-
الاحتجاج للفرش:
أي: الكلمات القرآنية المنتشرة في السور التي ذكرت فيها أوجه متعددة ونسبت إلى القراء المشهورين.
وهو باب طويل، وهو المقصود به، والمعنيُّ من الاحتجاج عند إطلاقه، وقد انصرفت جهود العلماء -قراءً ونحويين- إلى هذا الباب من الاحتجاج.
وفيما يلي نذكر نماذج من الاحتجاج في كلمات من القراءات المتواترة:
1-
قال تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} 1.
- كلمة "مالك" قُرئت:
بإثبات الألف بعد الميم "مالك"، وهي قراءة عاصم والكسائي ويعقوب وخلف العاشر.
وبحذف الألف "ملك"، وهي قراءة الباقين من العشرة؛ وهم: أبو جعفر، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة2.
- توجيه القراءة الأولى:
كلمة "مالك" بالألف اسم فاعل من ملك ملكًا بكسر الميم؛ أي: مالك مجيء يوم الدين، والمالك: هو المتصرف في الأعيان المملوكة كيف شاء، وقد أجمع القراء على إثبات الألف في:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} 3.
و"مالك" أمدح من "مَلِك" وأعم؛ حيث تقول: هو مالك الجن والإنس والطير والدواب، ولا تضيف "مَلِكًا" إلى هذه الأصناف.
1 الفاتحة: 3.
2 انظر: النشر 1/ 271، والإتحاف 1/ 363.
3 آل عمران: 26، وكلمة "مالك" فيها محذوفة الألف رسمًا كما في الفاتحة.
كما أن زيادة المبنى -كما في "مالك"- تدل على زيادة المعنى.
- توجيه القراءة الثانية:
كلمة "مَلِك" على وزن فَقِه صفة مشبهة؛ أي: قاضي يوم الدين، و"المَلِك" هو المتصرف بالأمر والنهي في المأمورين من الملك بضم الميم.
و"ملك" أبلغ من "مالك"؛ لأن كل مَلِك مالك، وليس العكس، كما أن القراء أجمعوا على حذف الألف منه في مواضع، نحو:{الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ} 1، {الْمَلِكُ الْحَقُّ} 2، {مَلِكِ النَّاسِ} 3.
2-
قال تعالى: {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} 4.
في كلمة "يخدعون" -الثانية- المسبوقة بـ" ما"- قراءتان:
- "يَخْدَعون": بفتح الياء وسكون الخاء وفتح الدال.
وهي قراءة: أبي جعفر ويعقوب وابن عامر والكوفيين.
- "يُخادِعون": بضم الياء وفتح الخاء وألف بعدها وكسر الدال.
1 الحشر: 23.
2 المؤمنون: 116.
3 الناس: 2.
4 البقرة: 9.
وهي قراءة: نافع ابن كثير وأبي عمرو1.
- توجيه القراءة الأولى:
"يخدعون": مضارع "خَدَعَ" على أن المفاعلة من جانب واحد "من المنافقين" كقول القاضي: عاقبتُ اللصَّ، والمعاقبة من القاضي وحده.
قال أهل اللغة: خدع وخادع بمعنى واحد، والخداع: إظهار خلاف ما في النفس، ويؤيدها الرسم المصحفي تحقيقًا.
- توجيه القراءة الثانية:
"يخادعون": من باب "المفاعلة"، قُرئت هكذا لمناسبة الكلمة الأولى في الآية، والمفاعلة إما على بابها، فتكون من جانبين؛ إذ هم يخادعون أنفسهم بما يمنونها من الأباطيل، وتمنيهم أنفسهم كذلك.
وإما أن تكون من جانب واحد -كما في القراءة الأولى- والمفاعلة لا تكون على بابها2.
1 انظر: النشر 2/ 207، والإتحاف 1/ 377.
2 راجع: "طلائع البشر" ص23، 24.
3-
قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} 1.
كلمة "الأرحام" قُرئت بوجهين:
"والأرحامِ" بخفض الميم، وهي قراءة الإمام حمزة.
"والأرحامَ" بنصب الميم، وهي قراءة باقي العشرة2.
- توجيه القراءة الأولى:
"والأرحام" بالخفض: عطف على الضمير المجرور في "به" على مذهب الكوفيين، أو أعيد الجار وحذف للعلم به، وجر على القسم تعظيمًا للأرحام وحثًّا على صلتها.
- توجيه القراءة الثانية:
"والأرحامَ" بالنصب: عطف على لفظ الجلالة، أو على محل "به"؛ كقولك: مررت به وزيدًا، وهو من عطف الخاص على العام؛ إذ المعنى: اتقوا مخالفته، وقطع الأرحام مندرج فيها، فنبه سبحانه وتعالى بذلك وقرنها باسمه تعالى على أن صلتها بمكان منه3.
1 النساء:1.
2 انظر: النشر 2/ 247، والإتحاف 1/ 501، 502.
3 راجع: طلائع البشر ص64.