الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توضيح بعض المصطلحات القرائية
…
توضيح بعض المصطلحات القرآنية:
من الكلمات التي يكثر دورانها في كتب القراءات كلمة: القراءة، الرواية، الطريق، الوجه، الأصول، الفرش، وهي كلمات اصطلاحية في علم القراءات، وفيما يلي نعرف كل واحدة منها؛ ليتضح مدلولها ويتبين الفرق بينها:
1-
القراءة:
كل خلاف نُسب إلى إمام من أئمة القراءات مما أجمع عليه الرواة عنه، نحو قوله تعالى:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} 1 فكلمة "مالك" تقرأ بحذف الألف، وهي قراءة أبي جعفر ونافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر حمزة، وتقرأ بإثبات الألف "مالك" وهي قراءة عاصم والكسائي ويعقوب وخلف العاشر، وما دام رواة هؤلاء الأئمة المذكورين لم يختلفوا مع بعضهم في نقل قراءة هذه الكلمة؛ فلأجل ذلك نسبت القراءة إلى شيخ كل واحد منهم، وعُبر عن الخلاف المذكور بكلمة "قراءة" فقيل: قراءة الإمام نافع، وقراءة الإمام عاصم
…
وهكذا.
2-
الرواية:
كل خلاف نُسب إلى الآخذ عن إمام من أئمة القراءة ولو بواسطة، نحو: رواية الدوري عن أبي عمرو، بواسطة يحيى اليزيدي؛ لأن الدوري تلميذ يحيى،
1 الفاتحة: 3.
ولم يأخذ القراءة عن أبي عمرو مباشرة، ويحيى تلميذ أبي عمرو؛ ولكن الدوري اشتهر برواية أبي عمرو.
ونحو: رواية هشام عن ابن عامر، ورواية حفص عن عاصم "بدون واسطة"؛ لأن كل واحد منهما تتلمذ على شيخه، وأخذ القراءة عنه مباشرة.
3-
الطريق: كل خلاف نسب إلى الآخذ عن الراوي وإن سفل، نحو: طريق الأصبهاني لرواية الإمام ورش، وطريق عبيد بن الصباح لرواية الإمام حفص
…
، مثلًا: الخلاف الواقع في إثبات البسملة بين سورتين أو حذفها وصلًا؛ فمن القراء من يثبتها، ومنهم من لا يثبتها، ومن الذين أثبتوها: نافع وابن كثير، وبما أن راويَيِّ ابن كثير لم يختلفا في إثباتها بين سورتين عن إمامهما؛ فلذلك يقال: قراءة ابن كثير، أما نافع: فقد اختلف رواياه في إثباتها عنه؛ ولكن الراوي الأول وهو: قالون، لم يتردد في إثباتها عنه أشهر من نقل روايته عنه؛ ولذلك يقال: رواية قالون، أما الراوي الثاني: وهو ورش، فاختلف في إثباتها عنه، وقد أثبتها الأصبهاني عنه؛ ولذلك يقال: طريق الأصبهاني عن ورش.
فإثبات البسملة بين سورتين وصلًا: قراءة الإمام ابن كثير، ورواية الإمام قالون عن نافع، وطريق
الأصبهاني عن ورش.
ونحو: فتح حرف الضاد من كلمة "ضعف" في سورة الروم1، فهو قراءة حمزة، ورواية شعبة، وطريق عبيد بن الصباح عن حفص.
وهذا هو الخلاف الواجب، وهو عين القراءات والروايات والطرق؛ بمعنى أن القارئ مُلزَم بالإتيان بجميعها، فلو أخل بشيء منها عُدَّ ذلك نقصًا في روايته2.
وعلم من تعريف هذه المصطلحات الثلاثة أن لكل إمام: روايان، سواء أخذا القراءة عن الإمام مباشرة أو بواسطة، وأن لكل راوٍ: طريقان، سواء أخذا القراءة عن الراوي بواسطة واحدة أو بواسطتين أو أكثر، فإن نسب الخلاف إلى الإمام يقال: قراءة، وإن نسب إلى أحد راوييه يقال: رواية، وإن نسب إلى تلميذ الراوي أو من اشتهر بنقل روايته يقال: طريق.
4-
الوجه: هو ما يكون من قبيل الخلاف الجائز والمباح؛ كأوجه قراءة البسملة بين سورتين بالوصل أو الفصل، فمن قرأ بإثبات البسملة بين سورتين، فله أن يقرأ بأحد الأوجه الآتية؛ وهي:
1 الآية رقم: 54.
2 راجع البدور الزاهرة ص8، 9، والنشر 2/ 199، 200.
1-
وصل الكل.
2-
فصل الكل.
3-
وصل الثاني بالثالث، وهذه الأوجه الثلاثة جائزة.
4-
وصل الأول بالثاني، وهو ممنوع.
وكأوجه الوقف على المد العارض للسكون بالسكون المحض أو بالإشمام أو بالروم، وبالقصر أو بالتوسط أو بالطول، ففي حالة الوقف على الكلمة التي آخرها مفتوح مثل:{رَبِّ الْعَالَمِينَ} يجوز الوقف بالسكون المحض فقط؛ وعليه: القصر والتوسط والطول في حرف المد، وفي حالة الوقف على الكلمة التي آخرها مكسور أومجرور نحو:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} تكون الأوجه أربعة؛ وهي: الوقف بالسكون، وعليه أوجه المد الثلاثة، والرابع الروم مع القصر. أما في حالة الوقف على الكلمة التي آخرها مضموم أو مرفوع مثل:{نَسْتَعِينُ} تكون الأوجه سبعة؛ وهي: الوقف بالسكون المحض مع ثلاثة المد، أو الوقف بالإشمام وعليه ثلاثة المد، أو الوقف بالروم مع القصر، فبأي وجه وقف عليه أجزأه، ولا يعتبر ذلك نقصًا في روايته ولا تقصيرًا منه.
والأوجه الاختيارية لا يقال لها: قراءات، ولا روايات، ولا طرق؛ بل يقال لها: أوجه دراية فقط، والقارئ مخير في الإتيان بأي وجه منها، وغير مُلزَم بالإتيان
بها كلها، فلو أتى بوجه واحد منها أجزأه، كما سبق1.
5-
الأصول: جمع أصل، وهو لغة: عبارة عما يفتقر إليه ولا يفتقر هو إلى غيره، أو هو ما ينبني عليه غيره.
واصطلاحًا: كل حكم كلي جارٍ في كل ما تحقق فيه شرطه، فهي تطلق على الأحكام الكلية والخلافات المطردة التي تندرج تحتها الجزئيات المتماثلة؛ كصلة هاء الضمير، وصلة ميم الجمع، والمدود، وتسهيل الهمزات أو تغييرها، أو نقل حركة الهمزة إلى الساكن الصحيح قبلها ثم حذفها، والفتح والإمالة
…
وما إلى ذلك.
والأصول الدائرة على اختلاف القراءات سبعة وثلاثون أصلًا2.
6-
الفرش: مصدر فرش بمعنى: نشر وبسط.
واصطلاحًا: ما كان من خلاف غير مطرد في حروف القراءات مع عزو كل قراءة إلى صاحبها؛ كالخلاف في قراءة: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} 3 حيث تقرأ كلمة "مالك" بحذف الألف وبإثباتها، وفي
1 راجع للتفصيل: غيث النفع على هامش سراج القارئ ص34، 53، و"التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن" للجزائري ص116، 117، وإتحاف فضلاء البشر 1/ 102.
2 راجع: الإضاءة في بيان أصول القراءة للشيخ علي محمد الضباع ص12.
3 الفاتحة: 3.
قراءة: {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} 1 حيث تقرأ كلمة "يخدعون" بفتح الياء وإسكان الخاء وفتح الدال على وزن يَفْعَلُون، وتقرأ بضم الياء وفتح الخاء وألف بعدها وكسر الدال "يخادعون" مثل الموضع الأول من باب "المفاعلة"، أو في قراءة قوله تعالى:{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ} 2 حيث تقرأ كلمة "فأزل" بحذف الألف بعد الزاء ومع تشديد اللام "فأزَلَّ"، وتقرأ بإثبات الألف بعد الزاء وتخفيف اللام:"فأزَالَ"
…
وهكذا.
وسمي فرشًا لانتشار تلك الحروف والكلمات المختلَف فيها في سور القرآن الكريم، فكأنها انفرشت في السور أي: انتشرت3.
وقد يقال لها: الفروع مقابلة للأصول، وقيل: سمي هذا النوع بالفرش تشبيهًا له بصغار الغنم المنتشرة على أرض فضاء هنا وهناك، أو تشبيهًا لها بصغار الشجر4.
فالكلمات الفرشية هي الجزئيات التي يقع الخلاف في قراءتها، ولا يقاس عليها؛ كالخلاف الواقع في قراءة:{وَمَا يَخْدَعُونَ} في سورة البقرة؛ حيث تقرأ "يخدعون" وو"يخادعون" ولكن لا يقاس عليها ما جاء في سورة النساء من قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} 5 لأن الخلاف وقع فيما هي في البقرة لا ما في النساء مع أن رسمهما واحد6.
1 البقرة: 9.
2 البقرة: 36.
3 راجع كتاب "الوافي" للشيخ عبد الفتاح القاضي ص199.
4 المدخل والتمهيد للدكتور عبد الفتاح شلبي ص101.
5 الآية رقم: 141.
6 راجع: مناهل العرفان 1/ 441.