الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مدى حجبة القراءات الشاذة وحكم العمل بها
…
مدى حجية القراءات الشاذة وحكم العمل بها:
أ- حكم القراءة بالشاذ:
1-
أجاز بعض العلماء القراءة بالشاذ؛ لأن الصحابة كانوا يقرءون بها في الصلاة وخارجها، فلو لم تجز القراءة بها لكان أولئك لم يصلوا قط؛ بل ارتكبوا محرمًا، ومرتكب الحرام يسقط الاحتجاج بخبره، وهم نقلة الشريعة فيسقط بذلك أساس الإسلام، والعياذ بالله1.
وهذا أحد القولين لأصحاب الشافعي وأبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وأحمد.
2-
الجمهور على عدم جواز القراءة بالشاذ للتعبد بها مطلقًا، لا في الصلاة ولا خارجها؛ بل نقل البعض إجماع المسلمين على ذلك -كابن عبد البر وغيره- بحجة أن الشواذ لم تثبت بالتواتر، فلا يحكم بقرآنيتها؛ لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وإن ثبتت بالنقل فإنها منسوخة بالعرضة الأخيرة أو بإجماع الصحابة على المصحف العثماني.
وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة من قرأ بالشواذ، وقصة كل واحد من ابن شنبوذ ابن مقسم العطار معروفة في ذلك.
1 انظر: "منجد المقرئين" ص20.
قال ابن الجزري:
"والذي نص عليه أبو عمرو بن الصلاح وغيره: أن ما وراء العشر ممنوع من القراءة به منع تحريم لا منع كراهة. وقال ابن السبكي: لا تجوز القراءة بالشاذ"1.
3-
وقد توسط بعض العلماء فقال:
إن قرأ بها في القراءة الواجبة في الصلاة -وهي الفاتحة- عند القدرة على غيرها لم تصح صلاته؛ لأنه لم يتيقن أنه أدى الواجب من القراءة؛ لعدم ثبوت القرآن بذلك، وإن قرأ بها فيما لا يجب لم تبطل؛ لأنه لم يتيقن أنه أتى في الصلاة بمبطل؛ لجواز أن يكون ذلك من الحروف التي أنزل عليها القرآن2.
ب- حكم العمل أو الاستشهاد بالقراءات الشاذة:
1-
الجمهور على جواز العمل بها تنزيلًا لها منزلة أخبار الآحاد، وأخبار الآحاد مقبولة عند العلماء، يجوز العمل بها واستنباط الأحكام الشرعية منها، وقد احتج
1 منجد المقرئين ص16، وراجع الفصل الخامس من رسالة:"القول الجاذ لمن قرأ بالشاذ" للنويري ص73-78 بتحقيق: عبد الفتاح أبو سنة، و"التبيان في آداب حملة القرآن" للنووي ص138، ومقال الشيخ عبد الفتاح القاضي، بعنوان: حول القراءات الشاذة والأدلة على حرمة القراءة بها، في مجلة كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالمدينة المنورة، العدد الأول، عام 1402هـ، ص15-26.
2 راجع: النشر 1/ 15، ومناهل العرفان 1/ 468 وما بعدها.
العلماء بها في كثير من الأحكام الفقهية، كما في قطع يمين السارق على قراءة ابن مسعود رضي الله عنه:"والسارق والسارقة فاقطعوا / أيمانهما"1 بدل: "أيديهما".
واحتجت الحنفية على وجوب التتابع في صوم كفارة اليمين بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه: "فصيام ثلاثة أيام / متتابعات"2 بزيادة كلمة "متتابعات".
2-
خالف في ذلك جمهور الشافعية؛ بحجة القراءات الشاذة لم تثبت قرآنيتها، فلا يجوز العمل بها.
وأجاب الجمهور عن ذلك بأنه لا يلزم من انتفاء قرآنيتها انتفاء عموم كونها أخبارًا؛ أي: أنها في حكم العمل بخبر الواحد، وخبر الواحد يعمل به3.
هذا، ويجوز الاستشهاد بالقراءات الشاذة في القواعد النحوية والصرفية باتفاق العلماء.
ويجوز كذلك تعلمها وتعليمها نظريًّا لا عمليًّا، ويجوز تدوينها في الكتب وبيان وجهها من حيث اللغة والإعراب4.
1 المائدة: 38، وهي قراءة شاذة لمخالفتها لرسم المصحف العثماني.
2 المائدة: 88.
3 راجع: حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 232، والإتقان للسيوطي 1/ 256.
4 انظر: "القراءات الشاذة" للشيخ عبد الفتاح القاضي ص8، وكتاب "القول الجاذ لمن قرأ بالشاذ" للإمام النويري.