الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَقَالَ القَاضِي من أَصْحَاب مَالك: إِنَّمَا أَرَادَ فِيمَا طَرِيقه النَّقْل، كالصاع، وَالْمدّ، وَالْأَذَان، وَالْإِقَامَة، وَعدم الزَّكَاة فِي الخضروات مِمَّا تَقْتَضِي الْعَادة أَن يكون فِي زَمَنه صلى الله عليه وسلم َ -
كَمَا تقدم. انْتهى.
احْتج لمَالِك بِحَدِيث: " إِنَّمَا الْمَدِينَة كالكير تَنْفِي خبثها وينصع طيبها "، مُتَّفق عَلَيْهِ عَن جَابر.
وَخطأ علمائها خبث، وَهُوَ منفي عَنْهُم فَبَقيَ الْحق فَوَجَبَ اتِّبَاعه، فَيكون حجَّة.
وَأما قَوْله: " ينصع طيبها " فبالصاد وَالْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ
، وأوله يَاء مثناة من تَحت " وطيبها " بِالتَّشْدِيدِ مَرْفُوع؛ لِأَنَّهُ فَاعل على الْمَشْهُور، ويروى بِالنّصب و " تنصع " بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق، وَالْفَاعِل ضمير الْمَدِينَة.
لَكِن قَالَ الْقَزاز: لم أجد لنصع فِي الطّيب وَجها، وَإِنَّمَا وَجه الْكَلَام
يتضوع طيبها، أَي: يفوح، ويروى: وينضخ بمعجمتين.
وَالْجَوَاب: أَن فضل الْبِقَاع لَا أثر لَهُ فِي عدم خطأ ساكنيها [إِلَّا] من عصمه الله، كَمَا تقدم.
قَالُوا: لَا يجمعُونَ إِلَّا على رَاجِح؛ لأَنهم أفضل وَأكْثر.
رد بمنعهما، فَإِن الصَّحَابَة بغَيْرهَا أَكثر، مِنْهُم: عَليّ، وَابْن مَسْعُود، وَابْن عَبَّاس، وَأَبُو عُبَيْدَة، وَأَبُو مُوسَى، ومعاذ، وَغَيرهم، ثمَّ الْمَفْضُول مُعْتَبر مَعَ الْفَاضِل.
وَقيل: إِجْمَاع أهل الْمَدِينَة وَمَكَّة حجَّة، وَهُوَ ضَعِيف أَيْضا؛ لأَنهم لَيْسُوا كل الْأمة الَّذين جعلت الْحجَّة فِي قَوْلهم، وَلَا أثر للبقاع وَإِن شرفت كَمَا تقدم.
وَقيل: وَإِجْمَاع أهل الْبَصْرَة مَعَ أهل الْكُوفَة حجَّة، وَهُوَ ضَعِيف - لما تقدم - وَأولى.
وَقيل: وَإِجْمَاع أَحدهمَا حجَّة، وَهُوَ أَضْعَف من الَّذِي قبله.
قَالَ القَاضِي الباقلاني: وَإِنَّمَا صَار من صَار إِلَى ذَلِك؛ لاعتقادهم تَخْصِيص الْإِجْمَاع بالصحابة، وَكَانَت هَذِه الثَّلَاثَة الْأَمَاكِن موطن الصَّحَابَة، وَمَا خرج عَنْهَا أحد مِنْهُم إِلَّا شذوذاً. انْتهى.
فَلَا يظنّ أَن الْقَائِل بذلك يَقُول بِهِ فِي كل عصر، وَبِهَذَا قَالَ ابْن الْعِرَاقِيّ.
ومدرك الْمُخَالف: انتشار الصَّحَابَة رضي الله عنهم فِي هَذِه الْبِلَاد دون غَيرهَا.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فِي " اللمع ": قيل: إِجْمَاع الْبَصْرَة مَعَ الْكُوفَة هُوَ حجَّة. قيل: كل بلد مِنْهُمَا بمفرده.
وَنقل الْغَزالِيّ عَن قوم إِجْمَاع مَكَّة وَالْمَدينَة.