الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلذَلِك عدلنا عَن مثل هَذِه الْعبارَة وَقُلْنَا: وَهُوَ موت من اعْتبر فِيهِ، وَمن يعْتَبر انْقِرَاض الْعَصْر لَا يعْتَبر فِيهِ إِلَّا الْمُجْتَهدين فَيعْتَبر مَوْتهمْ لَا غير، فَسلم مِمَّا يرد عَلَيْهِ.
إِذا علم ذَلِك فالمشترطون للانقراض لَا يمْنَعُونَ كَون الْإِجْمَاع حجَّة قبل الانقراض، بل يَقُولُونَ: نحتج بِهِ، لَكِن لَو رَجَعَ رَاجع قدح، أَو حدث مُخَالف قدح.
وَنَظِيره: أَن مَا يَقُوله الرَّسُول صلى الله عليه وسلم َ -
أَو يَفْعَله حجَّة فِي حَيَاته، وَإِن احْتمل أَن يتبدل بنسخ عملا بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، فَإِذا رَجَعَ [بَعضهم] تبين أَنهم كَانُوا على خطأ لَا يقرونَ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ
صلى الله عليه وسلم َ -؛ فَإِن قَوْله وَفعله حق فِي الْحَالين.
قَوْله: {وَحَيْثُ لَا يعْتَبر} - يَعْنِي: انْقِرَاض الْعَصْر - {لَا يعْتَبر تمادي الزَّمن مُطلقًا} ، بل يكون اتِّفَاقهم حجَّة بِمُجَرَّدِهِ، حَتَّى لَو رَجَعَ بَعضهم لَا يعْتد بِهِ، وَيكون خارقاً للْإِجْمَاع، وَلَو نَشأ مخالفه لَا يعْتد بقوله، بل يكون الْإِجْمَاع حجَّة عَلَيْهِ، وَلَو ظهر للْكُلّ مَا يُوجب الرُّجُوع فَرجع كلهم مُجْمِعِينَ لم يجز ذَلِك، بل إِجْمَاعهم الأول حجَّة عَلَيْهِم وعَلى غَيرهم، حَتَّى لَو جَاءَ غَيرهم مُجْمِعِينَ على خلاف ذَلِك لم يجز أَيْضا، وَإِلَّا لتصادم الإجماعان.
وَاسْتدلَّ لهَذَا أَبُو الْمَعَالِي فِي " النِّهَايَة "، حَيْثُ اسْتدلَّ لمقابل قَول ابْن عَبَّاس: إِن الْأُم لَا تحجب إِلَى السُّدس إِلَّا بِثَلَاثَة إخْوَة.
قَوْله: {وَاشْترط أَبُو الْمَعَالِي، وَالْغَزالِيّ فِي " المنخول " فِي الظني مَعَ تكْرَار الْوَاقِعَة} .
قَالَ الْغَزالِيّ: والمدار فِي طول الزَّمَان على الْعرف.
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إِن كَانَ الحكم ظنياً، لَا إِن قطعُوا بالحكم.
وَيرد على نقل التَّاج السُّبْكِيّ عَن أبي الْمَعَالِي قَوْله: واشترطه إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الظني، إِن إِمَام الْحَرَمَيْنِ لم يقْتَصر على طول الزَّمَان، بل شَرط مَعَ تكْرَار
الْوَاقِعَة، وَعبارَته فِي " الْبُرْهَان ": وَشرط مَا ذَكرْنَاهُ أَن يغلب عَلَيْهِم فِي الزَّمن الطَّوِيل ذكر تِلْكَ الْوَاقِعَة، وترداد الْخَوْض فِيهَا، فَلَو وَقعت الْوَاقِعَة فسبقوا إِلَى حكم فِيهَا، ثمَّ تناسوها إِلَى سواهَا فَلَا أثر للزمان وَالْحَالة هَذِه.
ثمَّ بنى على ذَلِك أَنهم لَو قَالُوا عَن ظن، ثمَّ مَاتُوا على الْفَوْر لَا يكون إِجْمَاعًا، ثمَّ أَشَارَ إِلَى ضبط الزَّمن فَقَالَ: الْمُعْتَبر زمن لَا يفْرض فِي مثله اسْتِقْرَار الجم الْغَفِير على رَأْي إِلَّا عَن قَاطع أَو نَازل منزلَة الْقَاطِع. انْتهى.
وَقَالَ ابْن الْعِرَاقِيّ: وَظهر بذلك أَن نقل ابْن الْحَاجِب عَن إِمَام الْحَرَمَيْنِ: إِن كَانَ عَن قِيَاس اشْترط انْقِرَاض الْعَصْر، وَإِلَّا فَلَا - غلط عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَا ينظر إِلَى الانقراض، وَإِنَّمَا يعْتَبر طول الْمدَّة وتكرر الْوَاقِعَة.