الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّوَاتُر الْمَعْنَوِيّ، وَسَيَأْتِي التَّنْبِيه عَلَيْهِ فِي الْمَتْن هُوَ والتواتر اللَّفْظِيّ قَرِيبا.
وَقد قَالَ الْأَكْثَر: إِن حَدِيث " من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار " متواتر؛ فَإِنَّهُ قد نَقله من الصَّحَابَة الجم الْغَفِير.
قَالَ ابْن الصّلاح: يصلح أَن يكون هَذَا مِثَالا للمتواتر من السّنة.
ويعقب عَلَيْهِ بِوَصْف غَيره من الْأَئِمَّة عدَّة أَحَادِيث بِأَنَّهَا متواترة، كَحَدِيث ذكر حَوْض النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -،
أورد الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب " الْبَعْث
والنشور " رِوَايَته عَن أَزِيد من ثَلَاثِينَ صحابياً، وأفرده الْمَقْدِسِي بِالْجمعِ. قَالَ القَاضِي عِيَاض: وَحَدِيثه متواتر بِالنَّقْلِ.
وَحَدِيث الشَّفَاعَة، قَالَ القَاضِي عِيَاض: بلغ التَّوَاتُر.
وَحَدِيث الْمسْح على الْخُفَّيْنِ، قَالَ ابْن عبد الْبر: رَوَاهُ نَحْو أَرْبَعِينَ صحابياً، واستفاض وتواتر.
وَقَالَ ابْن حزم فِي " الْمحلى ": نقل تَوَاتر يُوجب الْعلم، قَالَ:
وَمن ذَلِك أَحَادِيث النَّهْي عَن الصَّلَاة فِي مرابض الْإِبِل، وَحَدِيث النَّهْي عَن اتِّخَاذ الْقُبُور مَسَاجِد، وَحَدِيث قَول الْمُصَلِّي: رَبنَا وَلَك الْحَمد، إِلَى آخِره.
وَجَوَابه: ذَلِك يحْتَمل أَن مُرَاد قَائِل ذَلِك بالتواتر إِنَّمَا هُوَ الْمَشْهُور كَمَا يعبر بِهِ كثيرا عَنهُ، أَو أَنَّهَا متواترة معنى أَو غير ذَلِك، وَإِلَّا فالواقع فقدان شَرط التَّوَاتُر فِي بعض طبقاتها.
وَقَالَ الْحَافِظ الشَّيْخ شهَاب الدّين بن حجر فِي " شرح البُخَارِيّ ": روى حَدِيث: " من كذب عَليّ مُتَعَمدا
…
" عَن ثَلَاثِينَ صحابياً بأسانيد صِحَاح وَحسان، وَعَن خمسين صحابياً غَيرهم بأسانيد ضَعِيفَة، وَعَن نَحْو عشْرين آخَرين بأسانيد سَاقِطَة، وَقد اعتنى جمَاعَة بِجمع طرقه فأولهم عَليّ بن الْمَدِينِيّ، وَتَبعهُ يَعْقُوب بن شيبَة فَقَالَ: رُوِيَ من عشْرين وَجها عَن الصَّحَابَة، ثمَّ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَأَبُو بكر البرقاني فَقَالَ: رُوِيَ عَن
أَرْبَعِينَ صحابياً، ثمَّ ابْن صاعد فَزَاد قَلِيلا، وَقَالَ ابْن مَنْدَه: رَوَاهُ أَكثر من ثَمَانِينَ نفسا.
وخرجها بعض النيسابوريين فزادت قَلِيلا.
وَجمع طرقه ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب " الموضوعات " فجاوز التسعين، وَبِذَلِك جزم ابْن دحْيَة. وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ: يرويهِ نَحْو مائَة صَحَابِيّ.
وَقد جمعهَا الحافظان يُوسُف بن خَلِيل، وَأَبُو عَليّ الْبكْرِيّ، وهما متعاصران فَوَقع لكل مِنْهُمَا مَا لَيْسَ عِنْد الآخر، وَتحصل من مَجْمُوع ذَلِك رِوَايَة مائَة من الصَّحَابَة على مَا فصل قبل، وَلأَجل كَثْرَة طرقه أطلق عَلَيْهِ جمَاعَة أَنه متواتر.
وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر: وَنَازع بعض مَشَايِخنَا فِي ذَلِك قَالَ: لِأَن شَرط التَّوَاتُر اسْتِوَاء طَرفَيْهِ، وَمَا بَينهمَا فِي الْكَثْرَة، وَلَيْسَت مَوْجُودَة فِي كل طَرِيق بمفردها.
وَأجِيب: بِأَن المُرَاد بِإِطْلَاق كَونه متواتراً رِوَايَة الْمَجْمُوع عَن الْمَجْمُوع من ابْتِدَائه إِلَى انتهائه فِي كل عصر، وَهَذَا كَاف فِي إِفَادَة الْعلم، فَإِن الْعدَد
5 -
الْمعِين لَا يشْتَرط فِي التَّوَاتُر، بل مَا أَفَادَ الْعلم كفى، وَالصِّفَات العلمية فِي الرِّوَايَة تقوم مقَام الْعدَد، أَو تزيد عَلَيْهِ، وَبَين الرَّد على من ادّعى أَن مِثَال التَّوَاتُر لَا يُوجد إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث، وَبَين أَن أمثلته كَثِيرَة مِنْهَا:
حَدِيث: " من بنى لله مَسْجِدا "، وَالْمسح على الْخُفَّيْنِ، وَرفع الْيَدَيْنِ والحوض، والشفاعة، ورؤية الله فِي الْآخِرَة، وَالْأَئِمَّة من قُرَيْش،
وَغير ذَلِك. انْتهى كَلَام الْحَافِظ.
قَوْله: ويتفاوت الْمَعْلُوم عِنْد أَحْمد، والمحققين، مِنْهُم: الشَّيْخ تَقِيّ الدّين، والأرموي، والخونجي، وَابْن مُفْلِح، وَغَيرهم.
قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: هَذِه الْمَسْأَلَة ذَات خلاف، وَعَن أَحْمد فِيهَا رِوَايَتَانِ: الْأَصَح التَّفَاوُت؛ فَإنَّا نجد بِالضَّرُورَةِ الْفرق بَين كَون الْوَاحِد نصف الِاثْنَيْنِ وَبَين مَا علمناه من جِهَة التَّوَاتُر مَعَ كَون الْيَقِين حَاصِلا فيهمَا، قَالَ: وَوَقعت هَذِه الْمَسْأَلَة بَين الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام وَبَين