الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَبرا كذبا أَو لَيْسَ بِخَبَر لجنونه فَلَا عِبْرَة بِكَلَامِهِ، وَأما الْمَدْح والذم فيتبعان الْقَصْد، ويرجعان إِلَى الْمخبر، لَا إِلَى الْخَبَر، وَمَعْلُوم عِنْد الْأمة صدق المكذب برَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -
فِي قَوْله: مُحَمَّد رَسُول الله، مَعَ عدم اعْتِقَاده، وَكذبه فِي نفي الرسَالَة مَعَ اعْتِقَاده، وَكثر فِي السّنة تَكْذِيب من أخبر يعْتَقد الْمُطَابقَة فَلم يكن، كَقَوْلِه
صلى الله عليه وسلم َ -: " كذب أَبُو السنابل ". انْتهى.
قَوْله: {وَقيل: إِن اعْتقد فطابق فَصدق، وَإِلَّا فكذب} . أَي: الْخَبَر المطابق للمخبر إِن كَانَ مُعْتَقدًا فَصدق، وَإِلَّا فكذب، سَوَاء كَانَ مطابقاً أَو لم يكن، كَقَوْلِه تَعَالَى:{إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ قَالُوا نشْهد إِنَّك لرَسُول الله وَالله يعلم إِنَّك لرَسُوله وَالله يشْهد إِن الْمُنَافِقين لَكَاذِبُونَ} [المُنَافِقُونَ: 1] كذبهمْ الله تَعَالَى لعدم اعْتِقَادهم مَعَ أَن قَوْلهم مُطَابق للْخَارِج.
ورد ذَلِك: بِأَنَّهُ كذبهمْ فِي شَهَادَتهم؛ لِأَن الشَّهَادَة الصادقة أَن يشْهد بالمطابقة مُعْتَقدًا، وَقَالَ الْفراء: الْكَاذِبُونَ فِي ضمائرهم، وَقيل: فِي تمنيهم. انْتهى.
تَنْبِيه: هَذَا القَوْل ذكره ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله "، وَالظَّاهِر أَنه تَابع ابْن الْحَاجِب، لَكِن ابْن الْحَاجِب قَالَ: وَقيل: إِن كَانَ مُعْتَقدًا فَصدق وَإِلَّا فكذب. انْتهى.
فَالْخَبَر عِنْد أَرْبَاب هَذَا القَوْل منحصر فِي الصدْق وَالْكذب، لَكِن لَا على الْوَجْه الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور.
وَبَيَانه أَن الْخَبَر إِمَّا أَن يكون مطابقاً للْوَاقِع ومعتقداً مطابقته أَو لَا، وَالْأول: صدق، وَالثَّانِي: كذب.
وَلَا فرق بَين الصدْق بِهَذَا التَّفْسِير، والصدق بتفسير الجاحظ، وَأما الْكَذِب فَهُوَ أَعم بِهَذَا التَّفْسِير من الْكَذِب عِنْد الجاحظ؛ فَإِن الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة الَّتِي لَيست بِصدق، وَلَا بكذب عِنْد الجاحظ تكون كذبا بِهَذَا التَّفْسِير، هَكَذَا قَالَ القطب الشِّيرَازِيّ، والأصفهاني فِي " شرحيهما للمختصر "، وَالَّذِي
قَالَه القَاضِي عضد الدّين فِي " شَرحه " عَن هَذَا القَوْل: إِن كَانَ الْمخبر مُعْتَقدًا لما يخبر بِهِ فَصدق، وَإِلَّا فكذب، وَلَا عِبْرَة فيهمَا بمطابقة الْوَاقِع وَعدمهَا. انْتهى.
وَهُوَ ظَاهر عبارَة ابْن الْحَاجِب فِي حكايته القَوْل كَمَا تقدم لَفظه، فشرح القَاضِي عضد الدّين هَذَا القَوْل على أَن الصدْق الِاعْتِقَاد، وَشرح القطب، والأصفهاني على أَنه الِاعْتِقَاد مَعَ الْمُطَابقَة فَينْظر فِي أصل القَوْل، وَمن قَالَه، وَعبارَته فيتضح الْمَعْنى، وَلَعَلَّ الْكَلَام مُحْتَمل الْمَعْنيين الْمَذْكُورين.
قَوْله: {وَهُوَ لَفْظِي} ، أَي: الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة لَفْظِي، قَالَه الْآمِدِيّ، وَابْن الْحَاجِب، وَابْن قَاضِي الْجَبَل، وَغَيرهم.
قَالَ ابْن مُفْلِح: وَقَالَ بَعضهم: الْمَسْأَلَة لفظية، وَحَكَاهُ فِي
" التَّمْهِيد " عَن بعض الْمُتَكَلِّمين، وَلم يُخَالِفهُ؛ لِأَن الْمَسْأَلَة رَاجِعَة إِلَى الِاصْطِلَاح، والاصطلاح لَا مشاحة فِيهِ.
قَوْله: {وَمِنْه} ، أَي: من الْخَبَر مَا هُوَ {مَعْلُوم صدقه، وَمَا هُوَ مَعْلُوم كذبه، وَمَا هُوَ مُحْتَمل لَهما} .
قد تقدم أَن الْخَبَر من حَيْثُ ذَاته مُحْتَمل للصدق وَالْكذب، لَكِن قد يعرض لَهُ مَا يَقْتَضِي الْقطع بصدقه، أَو كذبه فَالَّذِي يَقْتَضِي الْقطع بصدقه أَنْوَاع:
أَحدهَا: مَا يكون ضَرُورِيًّا بِنَفس الْخَبَر بِتَكَرُّر الْخَبَر من غير نظر، كالخبر الَّذِي بلغت رُوَاته حد التَّوَاتُر، وَسَوَاء كَانَ لفظياً، أَو معنوياً