الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَالَ: هُوَ اتِّفَاق فُقَهَاء الْعَصْر على حكم حَادِثَة.
قَالَ: وَقَالَ قوم: عُلَمَاء، وَذَلِكَ حد بالمشترك؛ لِأَن اتِّفَاق النُّحَاة والمفسرين غير حجَّة، وهم عُلَمَاء، وَلَا يعْتد بهم فِي حَادِثَة.
وَهَذَا فِيهِ خلاف يَأْتِي قَرِيبا.
وَقَالَ ابْن حمدَان فِي " مقنعه ": اتِّفَاق عُلَمَاء الْعَصْر على حكم شَرْعِي.
وَقَالَ الْمُوفق فِي " الرَّوْضَة "، والطوفي فِي " مختصرها ": على أَمر ديني، فَلَا يَشْمَل الْأَمر الدنيوي، واللغوي وَنَحْوهمَا على مَا يَأْتِي آخر الْإِجْمَاع مفصلا، وَكَذَا قَالَ الْغَزالِيّ.
قَالَ ابْن مُفْلِح: وَهُوَ مُرَاده بقوله: (أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم َ -) ،
فَلَا يرد عَلَيْهِ أَنه لَا يُوجد اتِّفَاقهم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَأَنه لَا يطرد بِتَقْدِير عدم مُجْتَهد فِي عصر، اتّفقت عوامه على أَمر ديني، لكنه لَا ينعكس بِتَقْدِير اتِّفَاق الْمُجْتَهدين على أَمر عَقْلِي، أَو عرفي، إِلَّا أَن يكون كَمَا قيل: لَيْسَ إِجْمَاعًا عِنْده. انْتهى.
قَوْله:
وَرُوِيَ عَن أَحْمد، وَحمل على الْوَرع، أَو على غير عَالم بِالْخِلَافِ، أَو على تعذر معرفَة الْكل، أَو على الْعَام النطقي أَو بعده، أَو غير الصَّحَابَة} .
تنوعت أَقْوَال الْأَصْحَاب وَغَيرهم فِي حمل كَلَام الإِمَام أَحْمد فِي كَونه أنكر الْإِجْمَاع.
وَأما النظام فَلهُ قَولَانِ فِي ثُبُوته، وَالْأَشْهر عَنهُ إِنْكَاره.
وَأما الإِمَام أَحْمد فَقَالَ فِي رِوَايَة عبد الله: من ادّعى الْإِجْمَاع فقد كذب، لَعَلَّ النَّاس اخْتلفُوا. هَذِه دَعْوَى بشر المريسي والأصم.
وَفِي رِوَايَة الْمَرْوذِيّ: كَيفَ يجوز أَن يَقُول: أَجمعُوا، إِذا سَمِعْتُمْ يَقُولُونَ: أَجمعُوا فَاتَّهمهُمْ، وَإِنَّمَا وضع هَذَا لوضع الْأَخْبَار، وَقَالُوا: الْأَخْبَار لَا تجب بهَا حجَّة، وَقَالُوا: القَوْل بِالْإِجْمَاع، وَإِن ذَلِك قَول ضرار.
وَقَالَ فِي رِوَايَة أبي الْحَارِث: لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يَدعِي الْإِجْمَاع، وَأول من قَالَ: أَجمعُوا، ضرار.
هَذَا الْوَارِد عَن الإِمَام أَحْمد فِي ذَلِك.
وَقد اخْتلف الْأَصْحَاب فِي صفة حمل هَذِه الرِّوَايَات:
فَقَالَ القَاضِي: ظَاهره منع صِحَة الْإِجْمَاع، وَإِنَّمَا هَذَا على الْوَرع، أَو فِيمَن لَيست لَهُ معرفَة بِخِلَاف السّلف لما يَأْتِي.
وَكَذَا أجَاب أَبُو الْخطاب.
وَحمله ابْن عقيل على الْوَرع، أَو لَا يُحِيط علما بِهِ غَالِبا.
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: هَذَا نهي عَن [دَعْوَى] الْإِجْمَاع الْعَام النطقي.
وَقَالَ أَيْضا: الظَّاهِر إِمْكَان وُقُوعه، وَأما إِمْكَان الْعلم بِهِ فَأنكرهُ غَيره وَاحِد من الْأَئِمَّة، كَمَا يُوجد فِي كَلَام أَحْمد وَغَيره.
وَذكر الْآمِدِيّ أَن بَعضهم خَالف فِي تصَوره، وَأَن الْقَائِلين بِهِ خَالف بَعضهم فِي إِمْكَان مَعْرفَته، مِنْهُم: أَحْمد فِي رِوَايَة.
وَتبع ابْن حمدَان الْآمِدِيّ، وَقَالَ: مُرَاد أَحْمد تعذر معرفَة كل المجمعين لَا أَكْثَرهم.
وَقَالَ ابْن رَجَب فِي آخر " شرح التِّرْمِذِيّ ": وَأما مَا رُوِيَ من قَول الإِمَام أَحْمد: من ادّعى الْإِجْمَاع فقد كذب فَهُوَ إِنَّمَا قَالَه إنكاراً على فُقَهَاء الْمُعْتَزلَة الَّذين يدعونَ إِجْمَاع النَّاس على مَا يَقُولُونَهُ، وَكَانُوا من أقل النَّاس
معرفَة بأقوال الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ انْتهى.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَحمل ابْن تَيْمِية قَوْله ذَلِك على إِجْمَاع غير الصَّحَابَة؛ لانتشارهم، أما الصَّحَابَة فمعرفون محصورون. انْتهى.
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي " المسودة ": قلت: الَّذِي أنكرهُ أَحْمد دَعْوَى إِجْمَاع الْمُخَالفين بعد الصَّحَابَة، أَو بعدهمْ وَبعد التَّابِعين، أَو بعد الْقُرُون الثَّلَاثَة المحمودة، وَلَا يكَاد يُوجد فِي كَلَامه احتجاج بِإِجْمَاع بعد عصر التَّابِعين، أَو بعد الْقُرُون الثَّلَاثَة. انْتهى.
قَالُوا: إِن كَانَ عَن دَلِيل قَاطع فَعدم نَقله مُسْتَحِيل عَادَة، والظني يمْتَنع اتِّفَاقهم فِيهِ عَادَة لتباين قرائحهم، ودواعيهم الْمُقْتَضِيَة لاختلافهم.
رد بمنعها للاستغناء عَن نَقله الْقَاطِع بِالْإِجْمَاع، وَكَون الظني جلياً تتفق فِيهِ القرائح.
قَالُوا: تفرقهم فِي أَطْرَاف الأَرْض يمْنَع نقل الحكم إِلَيْهِم عَادَة.
رد بِالْمَنْعِ لجدهم فِي الْأَحْكَام، وبحثهم عَنْهَا.
قَالُوا: الْعَادة تحيل ثُبُوته عَنْهُم لخفاء بَعضهم أَو كذبه، أَو رُجُوعه قبل