الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُفْتِي بِنَقْض الْوضُوء بِمَسّ الذّكر، فَلَا يدل سكُوت من يُخَالِفهُ - كالحنفية - على مُوَافَقَته، وَالله أعلم.
تَنْبِيه: يَنْبَغِي أَن يدْخل فِي الْمَسْأَلَة مَا إِذا فعل بعض أهل الْإِجْمَاع فعلا وَلم يصدر مِنْهُم قَول، وَسكت الْبَاقُونَ عَلَيْهِ، أَن يكون هَذَا إِجْمَاعًا سكوتياً بِنَاء على مَا سبق.
من الْمُرَجح فِي أصل الْإِجْمَاع أَنه لَا فرق بَين القَوْل وَالْفِعْل، بل يتَوَلَّد من ذَلِك أَن الْفَاعِل لَو كَانَ من غير أهل الِاجْتِهَاد، وإطلع عَلَيْهِ أهل الْإِجْمَاع، وَلم ينكروا عَلَيْهِ، وَلَا دَاعِي لعدم إنكارهم - أَن يكون ذَلِك حجَّة؛ لِأَن تقريرهم كتقرير الرَّسُول صلى الله عليه وسلم َ -
شخصا على فعل كَمَا تقدم.
قَوْله: {وَإِن لم ينتشر} فَتَارَة يكون من صَحَابِيّ أَو من تَابِعِيّ، وَتارَة يكون من غَيرهمَا، فَإِن كَانَ أَحدهمَا {فَيَأْتِي ذَلِك فِي مَذْهَب الصَّحَابِيّ} مفصلا
.
وَلَعَلَّ هَذِه الْمَسْأَلَة غير تِلْكَ، بل يحْتَمل أَن تكون تِلْكَ أَعم من هَذِه؛ لِأَن لهَذِهِ شُرُوطًا لَا تشْتَرط فِي تِلْكَ، وَهُوَ الظَّاهِر وَإِلَّا تنَاقض كَلَامهم، وَإِن كَانَ من غَيرهمَا فَالْأَصَحّ أَنه لَيْسَ بِإِجْمَاع، وَلَا حجَّة لعدم الدَّلِيل على ذَلِك، وَعَلِيهِ الْأَكْثَر.
وَعند بَعضهم أَنه إِجْمَاع وَحجَّة؛ لِئَلَّا يَخْلُو الْعَصْر عَن الْحق.
رد بِجَوَازِهِ لعدم علمهمْ، نَقله ابْن مُفْلِح.
وَقيل: يكون حجَّة اخْتَارَهُ بَعضهم.
وَقَالَ الْفَخر الرَّازِيّ: الْحق أَنه إِن كَانَ فِيمَا تعم بِهِ الْبلوى - أَي: يَقع النَّاس فِيهِ كثيرا - كنقض الْوضُوء بِمَسّ الذّكر فَهُوَ حجَّة، وَإِلَّا فَلَا. وَجزم بِهِ الْبَيْضَاوِيّ.
لَكِن حاكي هَذِه الْأَقْوَال لم يفرق بَين الصَّحَابِيّ وَغَيره فَجعل الْأَقْوَال شَامِلَة لكل مُجْتَهد.
وَاعْلَم أَن المُرَاد عدم الانتشار هُنَا والشهرة، لَا الْعلم ببلوغ الْخَبَر للْبَاقِي، وَاشْترط الْآمِدِيّ، وَابْن الْحَاجِب عدم الانتشار، يُريدَان بِهِ نفي الْعلم باطلاعهم وَلم يريدا بِهِ عدم الشُّهْرَة فَلَا خلاف فِي الْمَعْنى، قَالَه ابْن الْعِرَاقِيّ.
وَفرض ابْن الْحَاجِب أصل الْمَسْأَلَة فِيمَا إِذا عرف الْبَاقِي قَول الْمُجْتَهد فَقَالَ: إِذا أفتى وَاحِد وَعرفُوا بِهِ وَلم يُنكره أحد.
وَقَالَ ابْن مُفْلِح وَغَيره: وانتشر، وفسروه بِمَا قَالَه الْقَرَافِيّ وَغَيره.