الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّالِثَة: سَأَلَ بَعضهم أَن سنة النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
فِيهَا الْأَمر، وَالنَّهْي، والاستفهام، وأنواع التَّنْبِيه وَغير ذَلِك فَكيف تسمى كلهَا أَخْبَارًا؟
فَيُقَال: أَخْبَار النَّبِي
صلى الله عليه وسلم َ - وَأجَاب الباقلاني بجوابين أَحدهمَا: أَن الْكل أخبر بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
عَن حكم الله تَعَالَى فَأمره وَنَهْيه وشبههما هُوَ فِي الْحَقِيقَة خبر عَن حكم الله تَعَالَى.
الثَّانِي: أَنَّهَا سميت أَخْبَارًا لنقل المتوسطين فهم يخبرون بِهِ عَمَّن أخْبرهُم إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى من أمره النَّبِي
صلى الله عليه وسلم َ - أَو نَهَاهُ، فَإِن ذَلِك يَقُول: أمرنَا، ونهينا، وَالَّذِي بعده يَقُول: أخبرنَا فلَان عَن فلَان بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ -
أَمر، وَنهى.
الرَّابِعَة: ذكر الْقَرَافِيّ فروقاً بَين الْخَبَر والإنشاء:
أَحدهَا: قبُول الْخَبَر الصدْق وَالْكذب بِخِلَاف الْإِنْشَاء.
الثَّانِي: أَن الْخَبَر تَابع للمخبر [عَنهُ] فِي أَي زمَان كَانَ، مَاضِيا كَانَ أَو حَالا أَو مُسْتَقْبلا، والإنشاء متبوع لمتعلقه فيترتب عَلَيْهِ
بعده.
الثَّالِث: أَن الْإِنْشَاء سَبَب لوُجُود مُتَعَلّقه فيعقب آخر حرف مِنْهُ، أَو يُوجد مَعَ آخر حرف مِنْهُ على الْخلاف فِي ذَلِك إِلَّا أَن يمْنَع مَانع، وَلَيْسَ الْخَبَر سَببا، وَلَا مُعَلّقا عَلَيْهِ، بل مظهر [لَهُ] فَقَط. انْتهى.
وَهَذِه الفروق رَاجِعَة إِلَى أَن الْخَبَر لَهُ خَارج يصدق أَو يكذب.
تَنْبِيه: مِمَّا يَنْبَنِي على الْفرق بَينهمَا أَن الظِّهَار هَل هُوَ خبر أَو إنْشَاء؟
قَالَ الْقَرَافِيّ: قد يتَوَهَّم أَنه إنْشَاء، وَلَيْسَ كَذَلِك؛ لِأَن الله تَعَالَى أَشَارَ إِلَى كذب الْمظَاهر ثَلَاث مَرَّات بقوله تَعَالَى:{ماهن أمهاتهم إِن أمهاتهم إِلَّا الائي ولدنهم وَإِنَّهُم ليقولون مُنْكرا من القَوْل وزوراً} [المجادلة: 2] قَالَ: وَلِأَنَّهُ حرَام، وَلَا سَبَب لتحريمه إِلَّا كَونه كذبا.
وَأجَاب عَمَّن قَالَ سَبَب التَّحْرِيم إِنَّه قَائِم مقَام الطَّلَاق الثَّلَاث، وَذَلِكَ حرَام على رَأْي وَأطَال فِي ذَلِك.
لَكِن قَالَ الْبرمَاوِيّ: الظَّاهِر أَنه إنْشَاء خلافًا لَهُ؛ لِأَن مَقْصُود النَّاطِق بِهِ تَحْقِيق مَعْنَاهُ الخبري بإنشاء التَّحْرِيم، فالتكذيب ورد على مَعْنَاهُ الخبري، لَا على مَا قَصده من إنْشَاء التَّحْرِيم، وَهَذَا مثل قَوْله: أَنْت عَليّ حرَام، فَإِن
قَصده إنْشَاء التَّحْرِيم، فَلذَلِك وَجَبت الْكَفَّارَة حَيْثُ لم يقْصد بِهِ طَلَاقا، وَلَا ظِهَارًا، إِلَّا من حَيْثُ الْإِخْبَار.
فالإنشاء ضَرْبَان: ضرب أذن الشَّارِع فِيهِ كَمَا أَرَادَهُ المنشئ كَالطَّلَاقِ، وَضرب لم يَأْذَن فِيهِ الشَّرْع وَلكنه رتب عَلَيْهِ حكما - وَهُوَ الظِّهَار - رتب فِيهِ تَحْرِيم الْمَرْأَة إِذا عَاد حَتَّى يكفر، وَقَوله: إِنَّهَا حرَام لَا بِقصد طَلَاق أَو ظِهَار رتب فِيهِ التَّحْرِيم حَتَّى يكفر. انْتهى.
قَوْله: فَائِدَة: عشر حقائق تتَعَلَّق بمعدوم مستقبلي إِلَى آخِره.
قَالَ الْقَرَافِيّ فِي " شرح التَّنْقِيح ": وَجه اختصاصها بالمستقبل، أَن الْأَمر، وَالنَّهْي، وَالدُّعَاء، والترجي، وَالتَّمَنِّي طلب وَطلب الْمَاضِي مُتَعَذر وَالْحَال مَوْجُود، وَطلب تَحْصِيل الْحَاصِل محَال فَتعين الْمُسْتَقْبل، وَالشّرط وجزاؤه ربط أَمر، وتوقيف دُخُوله فِي الْوُجُود على وجود آخر، والتوقف فِي الْوُجُود إِنَّمَا يكون فِي الْمُسْتَقْبل، وَأما الْوَعْد والوعيد فَإِنَّهُ زجر عَن مُسْتَقْبل أَو حث على مُسْتَقْبل بِمَا تتوقعه النَّفس من خبر فِي الْوَعْد وَشر فِي الْوَعيد، والتوقع لَا يكون إِلَّا فِي الْمُسْتَقْبل، وَالْإِبَاحَة تَخْيِير بَين الْفِعْل
وَالتّرْك، والتخيير إِنَّمَا يكون فِي مَعْدُوم مُسْتَقْبل؛ لِأَن الْمَاضِي وَالْحَال تعين فنعين تعلق الْعشْرَة بالمستقبل. انْتهى.
وَكَانَ ذكر فِي نفس التَّنْقِيح خَمْسَة فَقَط، وَهِي الْخَمْسَة الأول، ثمَّ زَاد فِي شَرحه الْخَمْسَة الْأُخَر وزدت أَنا الْعرض والتحضيض؛ إِذْ [لَا] شكّ أَنَّهُمَا مختصان بالمستقبل؛ إِذْ قَول الْقَائِل: أَلا تنزل عندنَا فنكرمك لمستقبل مَعْدُوم، وَكَذَا قَوْله: هلا تنزل عندنَا فنكرمك، لَكِن هَذَا أَشد من الْعرض وأبلغ.