الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَن اتِّفَاقهم بعد اخْتلَافهمْ، وَقبل استقراره إِجْمَاع، وَكَذَا هُوَ حجَّة فِي الْأَصَح.
ويمثل لَهُ بِمَا وَقع لأبي بكر الصّديق رضي الله عنه فِي قتال أهل الرِّدَّة، وَفِي اخْتلَافهمْ فِي أَي مَوضِع يدْفن صلى الله عليه وسلم َ -
ثمَّ اتِّفَاقهم سَرِيعا فيهمَا؛ لِأَن التَّمْثِيل بهما فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِد.
وَقَالَ قوم: هُوَ إِجْمَاع لَا حجَّة.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: فَإِن كَانَ ذَلِك قبل اسْتِقْرَار الْخلاف فإجماع، وَكَذَا حجَّة خلافًا لقوم يَقُولُونَ: إِنَّه إِجْمَاع لَا حجَّة؛ وَلِهَذَا جمع ابْن الْحَاجِب بَينهمَا، وَهل ذَلِك
وفَاق أَو على خلاف فِيهِ - كَمَا سبق عَن الصَّيْرَفِي وَغَيره -؟ انْتهى.
وَذكر القَاضِي من أَصْحَابنَا أَنه مَحل وفَاق، يَعْنِي: أَنه يكون إِجْمَاعًا وَحجَّة - كَمَا سبق - بل هُنَا أولى بِأَن يكون إِجْمَاعًا وَحجَّة من مَسْأَلَة اتِّفَاق الْعَصْر الثَّانِي على أحد قولي الأول؛ إِذْ لم يبْق قَائِل بِخِلَافِهِ لَا حَيّ وَلَا ميت.
وَقيل: إِن كَانَ الْمُسْتَند قَطْعِيا كَانَ إِجْمَاعًا وَحجَّة، وَإِن الْمُسْتَند ظنياً فَلَا، وَخَالف الباقلاني، والآمدي، وَجمع، وَقَالُوا: لَيْسَ إِجْمَاعًا، بل هُوَ مُمْتَنع؛ لتناقض الإجماعين للِاخْتِلَاف أَولا ثمَّ الِاتِّفَاق ثَانِيًا، كَمَا إِذا كَانُوا على قَول فَرَجَعُوا عَنهُ إِلَى آخر.
وَإِلَيْهِ ميل الْغَزالِيّ وَغَيره، وَنَقله ابْن برهَان فِي " الْوَجِيز " عَن الشَّافِعِي، وَجزم بِهِ أَبُو إِسْحَاق فِي " اللمع "، وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي إِن طَال زمن الْخلاف، نَقله عَنهُ ابْن مُفْلِح، وَتَابعه التَّاج السُّبْكِيّ: فَمَعَ طول الزَّمَان يمْتَنع، وَمَعَ الْقرب يجوز.
قَالَ ابْن الْعِرَاقِيّ: وَحكي عَن إِمَام الْحَرَمَيْنِ، وَالْفرق أَن اسْتِمْرَار الْخلاف مَعَ طول الزَّمَان يَقْتَضِي الْعرف فِيهِ بِأَنَّهُ لَو كَانَ ثمَّ وَجه لسُقُوط أحد الْوَجْهَيْنِ لظهر، لَكِن لم يذكرهُ فِي اتِّفَاق الْعَصْر الثَّانِي على أحد قولي الْعَصْر الأول.
وَحَكَاهُ الْإِسْنَوِيّ كَمَا هُنَا، لَكِن لم يغاير بَينه وَبَين قَول ابْن الباقلاني، والآمدي، وَهُوَ الَّذِي يظْهر.
وَقيل يكون حجَّة لَا إِجْمَاعًا - كَمَا سبق -.
وَقيل: إِن كَانَ فِي الْفُرُوع لَا يجْزم مَعَه بِتَحْرِيم الذّهاب لِلْقَوْلِ الآخر، بِخِلَاف مَا فِيهِ تأثيم وتضليل.
{وَمنع الصَّيْرَفِي الِاتِّفَاق بعد الْخلاف} ، وَهُوَ محجوج بالوقوع كَمَسْأَلَة الْخلَافَة لأبي بكر، وَغَيرهَا.
قَوْله: {وَمن شَرط انْقِرَاض الْعَصْر جوزه قطعا} .
قَالَ ابْن الْعِرَاقِيّ: لما ذكر الْمَسْأَلَة، وَالْخلاف فِيهَا، وَلَا يخفى أَن مَحل الْخلاف إِذا لم يشْتَرط انْقِرَاض الْعَصْر، فَأَما إِن شرطناه فَإِنَّهُ يجوز قطعا، وَقَالَهُ غَيره، وَهُوَ وَاضح.
وَقيل لأبي الْخطاب: من لم يعْتَبر انْقِرَاض الْعَصْر يَقُول: لَيْسَ بِإِجْمَاع، فَقَالَ: لَا يَصح الْمَنْع لِاتِّفَاق الصَّحَابَة على قتال مانعي الزَّكَاة، والخلافة، وَقسم أَرض السوَاد بعد اخْتلَافهمْ.
قَالَ ابْن الْحَاجِب، وكل من اشْترط انْقِرَاض الْعَصْر قَالَ: إِجْمَاع.