الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاحْتج ابْن عبد الْبر بقوله صلى الله عليه وسلم َ -: "
يحمل هَذَا الْعلم من كل خلف عدوله ينفون عَنهُ تَحْرِيف الْجَاهِلين وَإِبْطَال المبطلين وَتَأْويل الغالين " رَوَاهُ الْخلال، وَابْن عدي، وَالْبَيْهَقِيّ، وَله طرق.
قَالَ مهنا لِأَحْمَد: كَأَنَّهُ مَوْضُوع، قَالَ: لَا، هُوَ صَحِيح. قلت: سمعته أَنْت؟ قَالَ: من غير وَاحِد.
وَلقَائِل
أَن يُجيب عَنهُ بضعفه، ثمَّ بِتَقْدِير لَام الْأَمر فِي " يحمل " وَهُوَ جَائِز
لُغَة، وَاخْتَارَهُ الزّجاج فِي " يحذر المُنَافِقُونَ ".
قَالَ ابْن الْقطَّان: وخفي على أَحْمد من أمره مَا علمه غَيره، فقد ضعفه ابْن معِين، وَابْن أبي حَاتِم، وَالسَّعْدِي، وَابْن عدي، وَابْن حبَان.
وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث مَرْفُوعا مُسْندًا عَن أبي هُرَيْرَة، وَعبد الله بن عمر، وَعلي بن أبي طَالب، وَابْن عَمْرو، وَأبي أُمَامَة، وَجَابِر بن سَمُرَة
بطرق ضَعِيفَة، ذكره الْعِرَاقِيّ، وَوَافَقَ ابْن عبد الْبر ابْن الْمواق.
وَقَالَ ابْن الصّلاح: مَا قَالَه ابْن عبد الْبر فِيهِ اتساع غير مرضِي، واستدلاله بذلك لَا يَصح لوَجْهَيْنِ:
أَحدهمَا: الْإِرْسَال والضعف.
وَالثَّانِي: عدم صِحَة كَونه خَبرا؛ لِأَن كثير مِمَّن يحمل الْعلم غير عدل فَلم يبْق إِلَّا حمله على الْأَمر، وَمَعْنَاهُ: أَنه أَمر الثِّقَات بِحمْل الْعلم؛ لِأَن الْعلم إِنَّمَا يبقل من الثِّقَات، وَيدل عَلَيْهِ أَن فِي بعض طرق ابْن أبي حَاتِم:" ليحمل هَذَا الْعلم " بلام الْأَمر، وَالله أعلم. انْتهى.
فَوَافَقَ هَذَا مَا قَالَه ابْن مُفْلِح.
قَوْله: {فَائِدَة: لَا تقبل رِوَايَة مَجْهُول الْعين، وتزول بِوَاحِد فِي الْأَصَح فيهمَا} : ذكرنَا مَسْأَلَتَيْنِ:
إِحْدَاهمَا: هَل تقبل رِوَايَة مَجْهُول الْعين أم لَا؟
فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: لَا يقبل، وَهُوَ الصَّحِيح وَقطع بِهِ جمع مِنْهُم: التَّاج السُّبْكِيّ، بل ظَاهره أَنه إِجْمَاع، وَلَيْسَ كَذَلِك؛ فقد حكى الْبرمَاوِيّ وَغَيره فِيهِ خَمْسَة أَقْوَال:
أَحدهَا: لَا يقبل مُطلقًا، وَعَلِيهِ الْأَكْثَر من الْمُحدثين وَغَيرهم.
وَالثَّانِي: يقبل مُطلقًا، وَهُوَ رَأْي من لم يشْتَرط فِي الرَّاوِي غير الْإِسْلَام.
وَالثَّالِث: إِن كَانَ الْمُنْفَرد بالرواية عَنهُ لَا يروي إِلَّا عَن عدل كَابْن مهْدي، وَيحيى بن سعيد، واكتفينا بالتعديل بِوَاحِد قبل، وَإِلَّا فَلَا.
وَالرَّابِع: إِن كَانَ مَشْهُورا فِي غير الْعلم بالزهد، وَالْقُوَّة فِي الدّين، وَإِلَّا فَلَا. وَهُوَ قَول ابْن عبد الْبر.
وَالْخَامِس: إِن زَكَّاهُ أحد من أَئِمَّة الْجرْح وَالتَّعْدِيل مَعَ رِوَايَة وَاحِد عَنهُ قبل وَإِلَّا فَلَا. وَهُوَ اخْتِيَار أبي الْحُسَيْن ابْن الْقطَّان. انْتهى.
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: هَل تَزُول الْجَهَالَة بِوَاحِد أم لَا؟
فِيهِ أَقْوَال، قَالَ ابْن رَجَب فِي " شرح التِّرْمِذِيّ ": اخْتلف الْفُقَهَاء، وَأهل الحَدِيث فِي رِوَايَة الثِّقَة عَن غير مَعْرُوف: هَل هُوَ تَعْدِيل لَهُ أم لَا؟
وَحكى أَصْحَابنَا عَن أَحْمد فِي ذَلِك رِوَايَتَيْنِ، وحكوا عَن الْحَنَفِيَّة أَنه تَعْدِيل، وَعَن الشَّافِعِيَّة خلاف ذَلِك.
والنصوص عَن أَحْمد تدل على أَنه إِن عرف مِنْهُ أَنه لَا يروي إِلَّا عَن ثِقَة فروايته عَن إِنْسَان تَعْدِيل لَهُ، وَمن لم يعرف مِنْهُ ذَلِك فَلَيْسَ بتعديل، وَصرح بِهِ طَائِفَة من مُحَقّق أَصْحَابنَا وَأَصْحَاب الشَّافِعِي. انْتهى.
وَيَأْتِي هَذَا أَيْضا إِذا علم ذَلِك؛ فَفِي الْمَسْأَلَة أَقْوَال:
أَحدهَا: وَهُوَ قَول مُحَمَّد بن يحيى الذهلي، وَعَلِيهِ الْمُتَأَخّرُونَ أَنه لَا يخرج الرجل عَن الْجَهَالَة إِلَّا بِرِوَايَة رجلَيْنِ فَصَاعِدا عَنهُ.
وَذكر الْخَطِيب عَن أهل الحَدِيث: لَا تَزُول إِلَّا بِاثْنَيْنِ، وَعلي بن الْمَدِينِيّ يشْتَرط أَكثر من ذَلِك، وَذَلِكَ بِاعْتِبَار من روى عَنهُ.
ذكره عَنهُ ابْن رَجَب فِي " شرح التِّرْمِذِيّ ".
وَقَالَ ابْن معِين: إِذا روى عَن الرجل مثل ابْن سِيرِين؛ وَالشعْبِيّ - وَهَؤُلَاء أهل الْعلم - فَهُوَ غير مَجْهُول، وَإِن روى عَنهُ مثل سماك بن حَرْب، وَأبي إِسْحَاق، فَإِن هَؤُلَاءِ يروون عَن المجهولين.
قَالَ ابْن رَجَب: وَهَذَا تَفْصِيل حسن.
وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة لَا يكْتَفى فِيهَا بِمُجَرَّد إِسْلَامه، بل لابد أَن يكون عدلا ظَاهرا.
وَالصَّحِيح أَنه يَزُول بِوَاحِد، وَعَزاهُ بعض الشَّافِعِيَّة إِلَى صَاحِبي الصَّحِيح؛ لِأَن فيهمَا من ذَلِك جمَاعَة، وَأَن الْخلاف مُتَوَجّه لتعديل وَاحِد.
قَالَ ابْن مُفْلِح: يُؤَيّدهُ أَن عَمْرو بن بجدان تفرد عَنهُ أَبُو قلَابَة وَقَبله أَكْثَرهم، وَمثله الْخَطِيب بجبار الطَّائِي، وَعبد الله بن أغر
صفحة فارغة