الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله: {فصل}
إِذا اقْتضى دَلِيل حكما لَا دَلِيل لَهُ غَيره امْتنع عدم علم الْأمة بِهِ} . إِذا كَانَ فِي الْوَاقِعَة دَلِيل أَو خبر يَقْتَضِي حكما على الْمُكَلّفين، وَلَيْسَ لذَلِك الحكم دَلِيل آخر لم يجز عدم علم الْأمة بِهِ؛ لِأَنَّهُ إِن عمل بذلك الحكم كَانَ عملا بِهِ عَن غير دَلِيل، بل عَن تشه، وَالْعَمَل بالحكم عَن التشهي لَا يجوز، وَإِن لم يعْمل بِهِ كَانَ تركا للْحكم المتوجه على الْمُكَلف. قَالَه الْأَصْفَهَانِي فِي " شرح الْمُخْتَصر ".
قَوْله: {وَإِن كَانَ لَهُ دَلِيل رَاجِح عمل على وَفقه جَازَ عدم الْعلم،
وَهَذَا ظَاهر كَلَام أَصْحَابنَا} . قَالَه ابْن مُفْلِح؛ لِأَن عدم الْعلم لَيْسَ من فعلهم، وخطأهم من أَوْصَافه، فَلَا يكون خطأ فَلَا إِجْمَاع مِنْهُم، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ، وَغَيره.
وَقيل: لَا يجوز.
قَالَ الْأَصْفَهَانِي فِي " شرح الْمُخْتَصر ": أما إِذا كَانَ فِي الْوَاقِع دَلِيل أَو خبر رَاجِح - أَي بِلَا معَارض - وَقد عمل وفْق ذَلِك الدَّلِيل أَو الْخَبَر بِدَلِيل آخر فَهَل يجوز عدم علم الْأمة بِهِ، أَو لَا؟ فَمنهمْ من جوزه، وَمِنْهُم من نَفَاهُ.
وَاحْتج المجوز بِأَن اشْتِرَاك جَمِيعهم فِي عدم الْعلم بذلك الْخَبَر، أَو الدَّلِيل الرَّاجِح لم يُوجب محذوراً؛ إِذْ لَيْسَ اشْتِرَاك جَمِيعهم فِي عدم الْعلم إِجْمَاعًا حَتَّى يجب متابعتهم فِيهِ، بل عدم علمهمْ بذلك الدَّلِيل أَو الْخَبَر كَعَدم حكمهم فِي وَاقعَة لم يحكموا فِيهَا بِشَيْء فَجَاز لغَيرهم أَن يسْعَى فِي طلب ذَلِك الدَّلِيل أَو الْخَبَر ليعلم.
وَاحْتج النَّافِي بِأَنَّهُ لَو جَازَ عدم علمهمْ جَمِيعهم بذلك الدَّلِيل، أَو الْخَبَر لحرم تَحْصِيل الْعلم بِهِ، وَالثَّانِي ظَاهر الْفساد، بَيَان الْمُلَازمَة أَنه حِينَئِذٍ يكون عدم علمهمْ سَبِيل الْمُؤمنِينَ، فَلَو طلبُوا الْعلم لاتبعوا غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ.
وَيُمكن أَن يُجَاب عَنهُ بِأَن عدم علمهمْ لَا يكون سَبِيلا لَهُم؛ لِأَن السَّبِيل مَا اخْتَارَهُ الْإِنْسَان من قَول أَو عمل، وَعدم علمهمْ مَا اختاروه فَلَا يكون سَبِيلا لَهُم. انْتهى.