الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيكتفي بذلك بِلَا نزاع، بل هُوَ أولى من الطَّرفَيْنِ وَالْوسط، وكأخبار التَّابِعين عَن الصَّحَابَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -.
وَمن الْمُخْتَلف فِيهِ: مَا زَاده الْمُوفق، والآمدي، وَابْن حمدَان: أَن يكون المخبرون عَالمين بِمَا أخبروا بِهِ، وَهُوَ ضَعِيف غير مُحْتَاج إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إِن أُرِيد علم جَمِيعهم فَبَاطِل؛ لِأَنَّهُ قد لَا يكون جَمِيعهم عَالمين، بل يكون بَعضهم ظَانّا وَمَعَ هَذَا يحصل الْعلم.
وَإِن
أُرِيد علم الْبَعْض بِهِ فَهُوَ لَازم مَا ذكرنَا من الْقُيُود الثَّلَاثَة عَادَة؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَجْتَمِع إِلَّا وَالْبَعْض عَالم قطعا، وَإِلَّا كَيفَ يعلم حُصُول هَذِه الشُّرُوط مِمَّن زعم أَنه نَظَرِي بِشَرْط تقدم الْعلم بذلك كُله، وَأما نَحن فالضابط عندنَا حُصُول الْعلم بصدقه، فَإِذا علم ذَلِك عَادَة علم وجود الشَّرَائِط، لَا أَن الضَّابِط فِي حُصُول الْعلم سبق الْعلم بهَا كَمَا يَقُوله من يرى أَنه نَظَرِي.
{وَقَالَ} أَبُو الْخطاب {فِي " التَّمْهِيد ": إِن قُلْنَا} إِنَّه {نَظَرِي} اشْترط أَن يكون المخبرون عَالمين، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقع بِهِ الْعلم؛ وَلِأَن علم السَّامع فرع على الْمخبر.
قَالَ ابْن مُفْلِح: كَذَا قَالَ.
قَوْله: {وَعدم علم السَّامع} مَا تقدم فَهُوَ شَرط فِي المخبرين، وَهَذَا شَرط فِي السامعين، يَعْنِي: أَن لَا يكون السَّامع للمتواتر عَالما بِمَا أخبروا قبل إخبارهم فَإِنَّهُ لَا يفِيدهُ شَيْئا لعلمه قبله.
قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: وَأَن يكون علم المستمع غير حَاصِل قبل الْخَبَر. انْتهى.
وَقطع بِهِ ابْن حمدَان فِي " الْمقنع "، وَغَيره.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: رَابِع الشُّرُوط كَون السَّامع غير عَالم بمدلوله ضَرُورَة أَو اسْتِدْلَالا، كالإخبار بِأَن السَّمَاء فَوق الأَرْض، وَبِأَن الْعَالم مُحدث لمن هُوَ مُسلم، وَهَذَا خَارج من قَوْلنَا فِي حد التَّوَاتُر: يُفِيد الْعلم؛ لِأَن هَذَا لم
يفد شَيْئا؛ لِأَن الْعلم بذلك كَانَ حَاصِلا انْتهى.
وَقَالَ ابْن مُفْلِح: وَيعْتَبر فِي تأهل المستمع للْعلم، وَعَدَمه حَال الْإِخْبَار لِامْتِنَاع تَحْصِيل الْحَاصِل، وَأَن لَا يُعلمهُ السَّامع ضَرُورَة. انْتهى.
قَالَ الطوفي: وَالْحق أَن الضَّابِط حُصُول الْعلم بالْخبر فَيعلم إِذن حُصُول الْعدَد، وَلَا دور؛ إِذْ حُصُول الْعلم مَعْلُول الْإِخْبَار وَدَلِيله، كالشبع والري مَعْلُول المشبع والمروي وَدَلِيلهمَا، وَإِن لم يعلم ابْتِدَاء الْقدر الْكَافِي مِنْهُمَا، وَمَا ذكر من التقديرات تحكم لَا دَلِيل عَلَيْهِ، نعم لَو أمكن الْوُقُوف على
حَقِيقَة اللحظة الَّتِي يحصل لنا الْعلم بالمخبر عَنهُ فِيهَا أمكن معرفَة أقل عدد يحصل الْعلم بِخَبَرِهِ لَكِن ذَلِك مُتَعَذر؛ إِذْ الظَّن يتزايد بتزايد المخبرين تزايداً خفِيا تدريجياً كتزايد النَّبَات، وعقل الصَّبِي ونمو بدنه، وضوء الصُّبْح، وحركة الْفَيْء فَلَا يدْرك. انْتهى.
وَكَذَا قَالَ غَيره، قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: فَإِن قيل: كَيفَ يعلم الْعلم بالتواتر مَعَ الْجَهْل بِأَقَلّ عدده؟
قُلْنَا: كَمَا يعلم أَن الْخبز مشبع وَالْمَاء مرو وَإِن جهلنا عدده. انْتهى.
قَالَ ابْن مُفْلِح: وضابطه مَا حصل الْعلم عِنْده للْقطع بِهِ من غير علم بِعَدَد خَاص، وَالْعَادَة تقطع بِأَنَّهُ لَا سَبِيل إِلَى وجدانه لحصوله بتزايد الظنون على تدرج خَفِي كحصول كَمَال الْعقل بِهِ، وَلَا دَلِيل.
قَوْله: {وَعَلِيهِ يمْتَنع الِاسْتِدْلَال بالتواتر على من لم يحصل لَهُ الْعلم بِهِ} لَو حصل التَّوَاتُر عِنْد جمَاعَة وَلم يحصل عِنْد آخَرين امْتنع الِاسْتِدْلَال بالتواتر عِنْد من حصل لَهُ على من لم يحصل لَهُ الْعلم بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُول مَا تدعيه من التَّوَاتُر غير مُسلم فَلَا أسمعهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بمتواتر عِنْدِي.
قَوْله: {وَيخْتَلف باخْتلَاف الْقَرَائِن} الْعدَد الَّذِي يحصل الْعلم بِصدق الْخَبَر عِنْده يخْتَلف باخْتلَاف قَرَائِن التَّعْرِيف، مثل: الهيئات الْمُقَارنَة للْخَبَر الْمُوجبَة لتعريف مُتَعَلقَة ولاختلاف أَحْوَال المخبرين فِي اطلاعهم على قَرَائِن التَّعْرِيف، ولاختلاف إِدْرَاك المستمعين لتَفَاوت الأذهان، والقرائح، ولاختلاف الوقائع على عظمها وحقارتها، وَهَذِه الْمَسْأَلَة ذَات خلاف.
قَالَ فِي " جمع الْجَوَامِع ": وَالصَّحِيح ثَالِثهَا إِن علمه لِكَثْرَة الْعدَد مُتَّفق وللقرائن قد تخْتَلف فَيحصل لزيد دون عَمْرو.
وَقَالَ ابْن الْعِرَاقِيّ: هَل يجب اطراد حُصُول الْعلم بالمتواتر لكل من بلغ، أَو يُمكن حُصُول الْعلم لبَعْضهِم دون بعض؟ فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال: ثَالِثهَا: وَهُوَ الرَّاجِح عِنْد الْمنصف - أَن علمه مُتَّفق - أَي يتَّفق النَّاس كلهم فِي الْعلم بِهِ، وَلَا يَخْتَلِفُونَ، وَإِن كَانَ لاحتفاف قَرَائِن بِهِ اضْطربَ فقد يحصل لبَعْضهِم دون بعض، وَفِيه نظر؛ فَإِن الْخَبَر الَّذِي لم يحصل الْعلم فِيهِ إِلَّا بانضمام الْقَرِينَة إِلَى الْخَبَر لَيْسَ من التَّوَاتُر، بل لابد أَن يكون حُصُول الْعلم بِمُجَرَّد روايتهم. انْتهى.
قَالَ القَاضِي عضد الدّين: نقطع أَنه يخْتَلف بالقرائن الَّتِي تتفق فِي التَّعْرِيف غير زَائِدَة على الْمُحْتَاج إِلَيْهَا فِي ذَلِك عَادَة من الْجَزْم وتفرس آثَار الصدْق، وباختلاف اطلَاع المخبرين على مثلهَا عَادَة، كدخاليل الْملك
بأحواله الْبَاطِنَة وباختلاف إِدْرَاك المستمعين وفطنتهم وباختلاف الوقائع، وتفاوت كل وَاحِد مِنْهَا مُوجب الْعلم بِخَبَر عدد أَكثر أَو أقل لَا يُمكن ضَبطه، فَكيف إِذا تركبت الْأَسْبَاب. انْتهى.
قَوْله: {وَقيل: بلَى} أَي: وَقيل: ينْحَصر حُصُول التَّوَاتُر فِي عدد، وَاخْتلف الْقَائِلُونَ بذلك على أَقْوَال كَثِيرَة، أَكْثَرهَا ضَعِيف أَو سَاقِط.
فَقيل: أقل مَا يحصل بِهِ اثْنَان، حَكَاهُ القَاضِي أَبُو يعلى، وَأَبُو الْخطاب عَن قوم؛ لِأَنَّهُ بَيِّنَة تَامَّة، وَهُوَ ضَعِيف جدا، بل سَاقِط، وَسَيَأْتِي أَن بَعضهم حكى الْإِجْمَاع أَنه لَا يحصل بِدُونِ أَرْبَعَة.
وَقيل: يحصل بأَرْبعَة، حَكَاهُ أَيْضا القَاضِي أَبُو يعلى، وَأَبُو الْخطاب عَن قوم ذكره فِي " المسودة "؛ لِأَنَّهَا بَيِّنَة الزِّنَا.
قَالَ القَاضِي أَبُو يعلى مُتَابعَة للْقَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ، وَقَالَهُ قبلهم القَاضِي أَبُو بكر الباقلاني مُتَابعَة للجبائي: يجب أَن يكون عَددهمْ أَكثر من أَرْبَعَة؛ لِأَن خبر الْأَرْبَعَة لَو جَازَ أَن يكون مُوجبا للْعلم لوَجَبَ أَن يكون كل أَرْبَعَة مُوجبا لذَلِك، وَلَو كَانَ هَكَذَا لوَجَبَ - إِذا شهد أَرْبَعَة بِالزِّنَا - أَن يعلم الْحَاكِم صدقهم ضَرُورَة.
قَالَ ابْن برهَان: وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد على أَن الْأَرْبَعَة لَيْسَ من الْعدَد الْمُتَوَاتر، وَنسبه التَّاج السُّبْكِيّ للشَّافِعِيَّة.
وَقيل: خَمْسَة، ذكره أَبُو الطّيب، وَنَصره الجبائي وَتردد فِيهِ الباقلاني، وَقَالَ عَن الْأَرْبَعَة: لَو حصل بقول شُهُود الزِّنَا لم يحْتَج إِلَى التَّزْكِيَة.
قَالَ القَاضِي عضد الدّين: وَيرد عَلَيْهِ أَن وجوب التَّزْكِيَة مُشْتَرك إِلَّا أَن يَقُول: قد يُفِيد الْعلم فَلَا تجب التَّزْكِيَة، وَقد لَا يُفِيد فَيعلم كذب وَاحِد، فالتزكية لتعلم عَدَالَة الْأَرْبَعَة، وَقد يفرق بَين الْخَبَر وَالشَّهَادَة، كَيفَ والاجتماع فِي الشَّهَادَة مَظَنَّة التواطؤ. انْتهى.
قَالَ بَعضهم: إِنَّمَا قيل يحصل بالخمسة؛ لأَنهم بِعَدَد أولي الْعَزْم من الرُّسُل على قَول من فسره بهم، وهم: نوح، وَإِبْرَاهِيم، ومُوسَى، وَعِيسَى، وَمُحَمّد صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ -.
قلت: وَقد ذكرهم الله تَعَالَى منفردين عَن غَيرهم فِي موضِعين من الْقُرْآن: الأول: فِي سُورَة الْأَحْزَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم ومنك وَمن نوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى ابْن مَرْيَم} [الْأَحْزَاب: 7] .
وَالثَّانِي: فِي سُورَة الشورى فِي قَوْله تَعَالَى: {شرع لكم من الدّين مَا وصّى بِهِ نوحًا وَالَّذِي أَوْحَينَا إِلَيْك وَمَا وصينا بِهِ إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى أَن أقِيمُوا الدّين} [الشورى: 13] ، وَقد نبه على ذَلِك الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيره.
وَقيل: عشرَة. وَنسب هَذَا القَوْل إِلَى الْإِصْطَخْرِي؛
…
...
…
...
…
...
…
.
لِأَن مَا دونهَا جمع قلَّة.
وَقيل: اثْنَي عشر، بِعَدَد النُّقَبَاء الَّذِي أرسلهم مُوسَى عليه السلام ليعرفوه أَحْوَال بني إِسْرَائِيل ليحصل الْعلم بخبرهم، قَالَ الله تَعَالَى:{وَلَقَد أَخذ الله مِيثَاق بني إِسْرَائِيل وبعثنا مِنْهُم اثْنَي عشر نَقِيبًا} [الْمَائِدَة: 12] .
وَقيل: عشرُون، لقَوْله تَعَالَى:{إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ} [الْأَنْفَال: 65] . نقل هَذَا القَوْل عَن أبي الْهُذيْل وَغَيره من الْمُعْتَزلَة، وَقَيده الصَّيْرَفِي بِمَا إِذا كَانُوا عُدُولًا، لَكِن المصابرة فِي الْقِتَال لَا علقَة لَهَا بالأخبار.
قَالَ القَاضِي عضد الدّين: بل ليُفِيد خبرهم الْعلم بِإِسْلَامِهِمْ.
وَقيل: أَرْبَعُونَ، عِنْد من تَنْعَقِد بهم الْجُمُعَة، لقَوْله تَعَالَى:{يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ} [الْأَنْفَال: 64] ، وَكَانُوا أَرْبَعِينَ.
وَقيل: سَبْعُونَ، لقَوْله تَعَالَى:{وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا لِمِيقَاتِنَا} [الْأَعْرَاف: 155] ، وَإِنَّمَا خصهم بِهَذَا الْعدَد لخبرهم إِذا رجعُوا ليخبروا قَومهمْ إِذا رجعُوا إِلَيْهِم.
وَقيل: ثَلَاثمِائَة وبضع عشرَة، بِعَدَد أَصْحَاب بدر؛ لِأَنَّهُ
يحصل بخبرهم الْعلم للْمُشْرِكين.
والبضع - بِكَسْر الْبَاء -: مَا بَين الثَّلَاثَة ألى التِّسْعَة، وَقَالَ فِي " الْقَامُوس ": الْبضْع مَا بَين الثَّلَاث إِلَى التسع، أَو إِلَى الْخمس، أَو مَا بَين الْوَاحِد إِلَى الْأَرْبَعَة، أَو من أَربع إِلَى تسع، أَو هُوَ سبع، وَإِذا جَاوَزت لفظ الْعشْر ذهب الْبضْع، لَا يُقَال: بضع وَعِشْرُونَ، أَو يُقَال ذَلِك.
الْفراء: لَا يذكر مَعَ الْعشْرَة وَالْعِشْرين إِلَى التسعين، وَلَا يُقَال: بضع وَمِائَة، وَلَا ألف.
مبرمان: الْبضْع مَا بَين الْعقْدَيْنِ من وَاحِد إِلَى الْعشْرَة، وَمن أحد عشر إِلَى عشْرين، وَمَعَ الْمُذكر بهاء، وَمَعَهَا بِغَيْر هَاء: بضعَة وَعِشْرُونَ رجلا، وبضع وَعِشْرُونَ امْرَأَة، وَلَا يعكس، أَو الْبضْع: غير مَعْدُود؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنى الْقطعَة. انْتهى.
وَقَالَ فِي " الْمِصْبَاح الْمُنِير ": الْبضْع - بِالْكَسْرِ، وَبَعض الْعَرَب يفتح - من الثَّلَاثَة إِلَى التِّسْعَة، يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث فَيُقَال: بضع رجال، وبضع نسْوَة، وَيسْتَعْمل من ثَلَاثَة عشر إِلَى تِسْعَة عشر، لَكِن تثبت الْهَاء فِي بضع مَعَ الْمُذكر، وتحذف مَعَ الْمُؤَنَّث، كالنيف، وَلَا يسْتَعْمل فِيمَا زَاد على