المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌قَوْله: {فصل}   {الْأَرْبَعَة، وأصحابنا، وَالْأَكْثَر يقدم جرح مُطلقًا} ، أَعنِي سَوَاء - التحبير شرح التحرير - جـ ٤

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌بَاب الْإِجْمَاع

- ‌قَوْله: {بَاب الْإِجْمَاع}

- ‌فَقَوله: {اتِّفَاق} : احْتِرَاز من الِاخْتِلَاف، فَلَا يكون إِجْمَاعًا مَعَ الِاخْتِلَاف وَسَيَأْتِي الْخلاف فِيمَا إِذا خَالف وَاحِد، أَو اثْنَان، أَو أَكثر محرراً مفصلا.وَالْمرَاد بالِاتِّفَاقِ: اتِّحَاد الِاعْتِقَاد، فَيعم الْأَقْوَال، وَالْأَفْعَال وَالسُّكُوت والتقرير، وَسَيَأْتِي حكم

- ‌اخْتَارَهُ أَبُو الْخطاب من أَصْحَابنَا، وَقطع بِهِ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ، وَاخْتَارَهُ الْغَزالِيّ فِي " المنخول " وَصرح بِهِ أَبُو الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ فِي " الْمُعْتَمد "، وَتَبعهُ فِي " الْمَحْصُول ".قَالَ بعض أَصْحَابنَا: هُوَ قَول الْجُمْهُور

- ‌ لأَنا أمرنَا باتبَاعهمْ كم أمرنَا باتباعه

- ‌ فَلَا يرد عَلَيْهِ أَنه لَا يُوجد اتِّفَاقهم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَأَنه لَا يطرد بِتَقْدِير عدم مُجْتَهد فِي عصر، اتّفقت عوامه على أَمر ديني، لكنه لَا ينعكس بِتَقْدِير اتِّفَاق الْمُجْتَهدين على أَمر عَقْلِي، أَو عرفي، إِلَّا أَن يكون كَمَا قيل: لَيْسَ إِجْمَاعًا عِنْده. انْتهى.قَوْله:

- ‌ وَبِأَن الْعلمَاء كالأعلام لَا سِيمَا الصَّحَابَة، وبالقطع بِتَقْدِيم النَّص الْقَاطِع على الظَّن.ورده بعض أَصْحَابنَا والآمدي: بِاتِّفَاق أهل الْكتاب على بَاطِل، وَلم نَعْرِف مستندهم من قَول مُتبع يقلدونه.وَنقض بعض أَصْحَابنَا والآمدي وَغَيرهم بِالْإِجْمَاع على أَرْكَان الْإِسْلَام

- ‌ أَو بمتابعتهم فِي الْإِيمَان، أَو الِاجْتِهَاد لَا ضَرُورَة إِلَيْهِ، فَلَا يقبل.وَلَيْسَ تبين الْهدى شرطا للوعيد بالاتباع بل للمشاقة؛ لِأَن إِطْلَاقهَا لمن عرف الْهدى أَولا؛ وَلِأَن تَبْيِين الْأَحْكَام الفروعية لَيْسَ شرطا فِي المشاقة، فَإِن من تبين لَهُ صدق الرَّسُول وَتَركه فقد

- ‌ قصد تَعْظِيم أمته، وَبَيَان عصمتها من الْخَطَأ، كالقطع بجود حَاتِم الطَّائِي، فَهُوَ متواترة معنى

- ‌ لما بعث معَاذًا إِلَى الْيمن قَالَ: " كَيفَ تقضي إِذا عرض لَك قَضَاء؟ " قَالَ: أَقْْضِي بِكِتَاب الله تَعَالَى، قَالَ: " فَإِن لم تَجِد؟ " قَالَ: فبسنة رَسُول الله

- ‌ لما يُرْضِي رَسُول الله ".وَفِي إِسْنَاده مَجْهُول، وَلَيْسَ بِمُتَّصِل

- ‌ معَاذًا إِلَى الْيمن) ، وَفِيه بعد الْكتاب: (بِمَا يقْضِي بِهِ نبيه) ثمَّ قَالَ: (أَقْْضِي بِمَا قضى الصالحون) ، ثمَّ قَالَ: (أؤم الْحق جهدي) ، فَقَالَ: " الْحَمد لله الَّذِي جعل رَسُول رَسُول الله

- ‌قَالُوا: كغيرهم من الْأُمَم قبل النّسخ.ورده أَبُو الْخطاب وَغَيره من أَصْحَابنَا، وَغَيرهم: بِأَنَّهُ لَا دَلِيل عَلَيْهِ.وَقَالَ ابْن عقيل: يحْتَمل أَن نقُوله: وَالْفرق بتطرق النّسخ على الْأُمَم، وتجدد الْأَنْبِيَاء.وَتَأْتِي هَذِه الْمَسْأَلَة قَرِيبا.قَوْله: {بِالشَّرْعِ}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌مَحل الْخلاف فِي المبتدع إِذا كفرناه ببدعته

- ‌ قَوْله: {فصل}

- ‌ أمننا من ذَلِك بقوله: " لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق ".الثَّانِي: أَن سَعَة الأقطار بِالْمُسْلِمين، وَكَثْرَة الْعدَد، وَلَا يُمكن أحدا ضبط أَقْوَالهم، وَمن ادّعى هَذَا لم يخف على أحد كذبه. انْتهى.وَمُقْتَضَاهُ أَن الظَّاهِرِيَّة لَا يمْنَعُونَ الِاحْتِجَاج بِإِجْمَاع من

- ‌قَوْله: {فصل:}

- ‌ إِذا لم يُغير عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ لعلمه، فَأَما مسَائِل الِاجْتِهَاد فَهُوَ وَغَيره سَوَاء

- ‌ كَمَا تقدم. انْتهى.احْتج لمَالِك بِحَدِيث: " إِنَّمَا الْمَدِينَة كالكير تَنْفِي خبثها وينصع طيبها "، مُتَّفق عَلَيْهِ عَن جَابر.وَخطأ علمائها خبث، وَهُوَ منفي عَنْهُم فَبَقيَ الْحق فَوَجَبَ اتِّبَاعه، فَيكون حجَّة.وَأما قَوْله: " ينصع طيبها " فبالصاد وَالْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين من بعدِي، تمسكوا بهَا، وعضوا عَلَيْهَا بالنواجذ ". رَوَاهُ أَحْمد، وَأَبُو دَاوُد، وَابْن مَاجَه، وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ، وَالْحَاكِم فِي " الْمُسْتَدْرك " وَقَالَ: على شَرطهمَا.وَالْمرَاد بالخلفاء هم الْأَرْبَعَة لقَوْله

- ‌ اقتدوا بالذين من بعدِي أبي بكر وَعمر " رَوَاهُ أَحْمد، وَابْن مَاجَه، وَالتِّرْمِذِيّ، وَقَالَ: حَدِيث حسن. وَابْن حبَان فِي " صَحِيحه ".ورد ابْن مُفْلِح وَغَيره: بِأَن " الْخُلَفَاء " عَام فَأَيْنَ دَلِيل الْحصْر، ثمَّ يدل على أَنه حجَّة أَو يحمل على تقليدهم فِي فتيا أَو إِجْمَاع لم

- ‌ أدَار عَلَيْهِم الكساء وَقَالَ: " هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي، وخاصتي، اللَّهُمَّ أذهب عَنْهُم الرجس وطهرهم تَطْهِيرا " كَمَا تقدم ذكره.وَرُبمَا قَالَت الشِّيعَة إِن أهل الْبَيْت: عَليّ رضي الله عنه وَحده، كَمَا نَقله عَنْهُم أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فِي " شرح اللمع

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ على فعل أحد بِلَا دَاع كَمَا تقدم.قَالَ الْبَاجِيّ: هُوَ قَول أَكثر المالكيين، وَالْقَاضِي أبي الطّيب

- ‌ شخصا على فعل كَمَا تقدم.قَوْله: {وَإِن لم ينتشر} فَتَارَة يكون من صَحَابِيّ أَو من تَابِعِيّ، وَتارَة يكون من غَيرهمَا، فَإِن كَانَ أَحدهمَا {فَيَأْتِي ذَلِك فِي مَذْهَب الصَّحَابِيّ} مفصلا

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ وَأبي بكر، وَشطر من ولَايَة عمر) ؟ ! وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس.وَعَن الثَّانِي: أَنه خَالف السكوتي، ثمَّ هُوَ فعل.وَعَن الثَّالِث: بِأَنَّهُ خَالف فِي زَمَنه.وَاسْتدلَّ أَيْضا: بِأَنَّهُ اجْتِهَاد فساغ الرُّجُوع، وَإِلَّا منع الِاجْتِهَاد الِاجْتِهَاد. أُجِيب: لَا يجوز؛ إِذْ صَار

- ‌ أَو يَفْعَله حجَّة فِي حَيَاته، وَإِن احْتمل أَن يتبدل بنسخ عملا بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، فَإِذا رَجَعَ [بَعضهم] تبين أَنهم كَانُوا على خطأ لَا يقرونَ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ وَهُوَ بَاطِل؛ وَلِأَنَّهُ محَال عَادَة فكالواحد من الْأمة وَلَا عِبْرَة بمخالفة صَاحب النظام فِيهِ

- ‌ حجَّة فِي نَفسه وَهُوَ عَن دَلِيل هُوَ الْوَحْي، ثمَّ فَائِدَته سُقُوط الْبَحْث عَنَّا عَن دَلِيله وَحُرْمَة الْخلاف الْجَائِز قبله، وَبِأَنَّهُ يُوجب عدم انْعِقَاده عَن دَلِيل وَظهر للآمدي ضعف الْأَدِلَّة من الْجَانِبَيْنِ فَقَالَ: يجب أَن يُقَال: إِن أَجمعُوا عَن غير دَلِيل لم يكن إِلَّا حَقًا، فَجعل الْخلاف فِي

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فِي أَي: مَكَان: ثمَّ أَجمعُوا على دَفنه فِي بَيت عَائِشَة؛ إِذْ الْخلاف لم يكن اسْتَقر.وَنقل الْهِنْدِيّ عَن الصَّيْرَفِي أَنه لَا يجوز.قَالَ الْبرمَاوِيّ: لَكِن الَّذِي فِي كتاب الصَّيْرَفِي ظَاهره يشْعر بموافقة الْجَمَاعَة؛ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فِي " اللمع ": إِن الْمَسْأَلَة

- ‌ ثمَّ اتِّفَاقهم سَرِيعا فيهمَا؛ لِأَن التَّمْثِيل بهما فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِد.وَقَالَ قوم: هُوَ إِجْمَاع لَا حجَّة.قَالَ الْبرمَاوِيّ: فَإِن كَانَ ذَلِك قبل اسْتِقْرَار الْخلاف فإجماع، وَكَذَا حجَّة خلافًا لقوم يَقُولُونَ: إِنَّه إِجْمَاع لَا حجَّة؛ وَلِهَذَا جمع ابْن الْحَاجِب بَينهمَا، وَهل ذَلِك

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ أمتِي لَا تَجْتَمِع على ضَلَالَة " وانعقد الْإِجْمَاع.وَخَالف ابْن عقيل وَغَيره، وَقَالُوا: الرِّدَّة تخرجهم عَن أمته؛ لأَنهم إِذا ارْتَدُّوا، لم يَكُونُوا مُؤمنين فَلم يتناولهم الْأَدِلَّة.وَأجِيب: بِأَنَّهُ يصدق بعد ارتدادهم أَن أمة مُحَمَّد ارْتَدَّت، وَهُوَ أعظم الْخَطَأ فَيمْتَنع

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ مُبينًا لمجمل، وَيحْتَاج إِلَى تحديده، فيصار إِلَى أقل مَا يُوجد، وَهَذِه كَمَا قَالَ الشَّافِعِي فِي أقل الْجِزْيَة: إِنَّه دِينَار؛ لِأَن الدَّلِيل قَامَ على أَنه لابد من تَوْقِيت، فَصَارَ إِلَى أقل مَا حُكيَ عَن النَّبِي

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌وَمعنى كَونه مَعْلُوما بِالضَّرُورَةِ أَن يَسْتَوِي خَاصَّة أهل الدّين، وعامتهم فِي مَعْرفَته حَتَّى يصير كالمعلوم بِالْعلمِ الضَّرُورِيّ فِي عدم تطرق

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ وَهُوَ لَيْسَ دَلِيلا لَا يُخَالف فِيهِ، يدل عَلَيْهِ قصَّة التلقيح حَيْثُ قَالَ: " أَنْتُم أعلم بِأُمُور دنياكم " وَالْمجْمَع عَلَيْهِ لَا يجوز خِلَافه، وَمَا ذَكرُوهُ من أُمُور الْحَرْب وَنَحْوهَا، إِن أَثم مُخَالف ذَلِك فلكونه شَرْعِيًّا وَإِلَّا فَلَا معنى لوُجُوب اتِّبَاعه. انْتهى

- ‌ والمنازع قَالَ: الْإِجْمَاع دَلِيل قَطْعِيّ، وَخبر الْوَاحِد دَلِيل ظَنِّي، فَلَا يثبت قَطْعِيا. انْتهى.وَقَالَ أَبُو الْخطاب، وَالْغَزالِيّ، وَبَعض الْحَنَفِيَّة، وَغَيرهم: لَا يثبت بِخَبَر الْوَاحِد؛ وَذَلِكَ لِأَن الْإِجْمَاع أصل فَلَا يثبت بِالظَّاهِرِ.ورد ذَلِك بِالْمَنْعِ.قَالُوا: الْإِجْمَاع

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فِيهَا الْأَمر، وَالنَّهْي، والاستفهام، وأنواع التَّنْبِيه وَغير ذَلِك فَكيف تسمى كلهَا أَخْبَارًا؟فَيُقَال: أَخْبَار النَّبِي

- ‌ عَن حكم الله تَعَالَى فَأمره وَنَهْيه وشبههما هُوَ فِي الْحَقِيقَة خبر عَن حكم الله تَعَالَى.الثَّانِي: أَنَّهَا سميت أَخْبَارًا لنقل المتوسطين فهم يخبرون بِهِ عَمَّن أخْبرهُم إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى من أمره النَّبِي

- ‌ أَمر، وَنهى.الرَّابِعَة: ذكر الْقَرَافِيّ فروقاً بَين الْخَبَر والإنشاء:أَحدهَا: قبُول الْخَبَر الصدْق وَالْكذب بِخِلَاف الْإِنْشَاء.الثَّانِي: أَن الْخَبَر تَابع للمخبر [عَنهُ] فِي أَي زمَان كَانَ، مَاضِيا كَانَ أَو حَالا أَو مُسْتَقْبلا، والإنشاء متبوع لمتعلقه فيترتب عَلَيْهِ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فِي قَوْله: مُحَمَّد رَسُول الله، مَعَ عدم اعْتِقَاده، وَكذبه فِي نفي الرسَالَة مَعَ اعْتِقَاده، وَكثر فِي السّنة تَكْذِيب من أخبر يعْتَقد الْمُطَابقَة فَلم يكن، كَقَوْلِه

- ‌ وَخبر كل الْأمة؛ لِأَن الْإِجْمَاع حجَّة.فَكل وَاحِد من هَذِه الثَّلَاثَة علم بِالنّظرِ وَالِاسْتِدْلَال.وَاعْترض على الْإِجْمَاع: بِأَنَّهُ [إِن] أُرِيد أَنه حجَّة قَطْعِيَّة، كَمَا صرح بِهِ الْآمِدِيّ هُنَا فَهُوَ مُخَالف لقَوْله، وَقَول الْفَخر الرَّازِيّ أَنه ظَنِّي - كَمَا تقدم -؛ وَإِن أَرَادَ أَنه حجَّة

- ‌ الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم " فَإِن المُرَاد الَّذِي جمع كرم نَفسه وآبائه، وَكَذَلِكَ الصِّفَات الْوَاقِعَة فِي الْحُدُود كالإنسان حَيَوَان نَاطِق، فَإِن الْمَقْصُود الصّفة والموصوف مَعًا، وَلَو قصد إِخْبَار الْمَوْصُوف فَقَط لعسر. انْتهى

- ‌ كذب سعد ".وَفِي " صَحِيح مُسلم " قَول عبد حَاطِب لما جَاءَ يشكو على حَاطِب: (ليدخلن النَّار) ، فَقَالَ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ أورد الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب " الْبَعْث

- ‌ لَيْسَ الْمخبر كالمعاين؟ " وكما يفرق بَين علم الْيَقِين وَعين الْيَقِين، ثمَّ هُنَا أَمر آخر وَهُوَ أَن من فسر الرُّؤْيَة فِي الْآخِرَة بِزِيَادَة الْعلم، وَكَذَلِكَ الْكَلَام، كَيفَ يُمكنهُ نفي التَّفَاوُت؟ انْتهى.قَالَ ذَلِك لما أورد شُبْهَة السمنية والبراهمة، واحتجاجهم بِوَجْهَيْنِ

- ‌ من كذب عَليّ مُتَعَمدا " الحَدِيث كَمَا تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ، وعَلى طرقه وعدتهم.والمعنوي: تغاير الْأَلْفَاظ مَعَ الِاشْتِرَاك فِي معنى كلي، كَحَدِيث الْحَوْض - أَعنِي حَوْض النَّبِي

- ‌وَمن الْمُخْتَلف فِيهِ: مَا زَاده الْمُوفق، والآمدي، وَابْن حمدَان: أَن يكون المخبرون عَالمين بِمَا أخبروا بِهِ، وَهُوَ ضَعِيف غير مُحْتَاج إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إِن أُرِيد علم جَمِيعهم فَبَاطِل؛ لِأَنَّهُ قد لَا يكون جَمِيعهم عَالمين، بل يكون بَعضهم ظَانّا وَمَعَ هَذَا يحصل الْعلم.وَإِن

- ‌ مَعَهم فِي الْقِسْمَة ثَمَانِيَة أسْهم لجَماعَة لم يحضروا فنزلوا منزلَة الْحَاضِرين.وَقيل: خَمْسمِائَة، حَكَاهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي " المسودة " عَن قوم وَلم نره لغيره

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ قَالَه

- ‌ وَلَا يُنكره - على مَا يَأْتِي، أَو بِحَضْرَة جمع يَسْتَحِيل تواطؤهم على الْكَذِب، وَنَحْوه.قَالَ الشَّيْخ موفق الدّين: الْقَرَائِن قد تفِيد الْعلم بِلَا إِخْبَار.قَوْله: {وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ} من أَصْحَابنَا وَغَيرهم: {لَو نَقله آحَاد الْأَئِمَّة الْمُتَّفق على عدالتهم، وَدينهمْ من طرق

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ وَلم يُنكر، دلّ على صدقه ظنا، فِي ظَاهر كَلَام أَصْحَابنَا، وَغَيرهم} ، قَالَه ابْن مُفْلِح، {وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ وَغَيره لتطرق الِاحْتِمَال} .لاحْتِمَال أَنه مَا سَمعه، أَو مَا فهمه، أَو أَخّرهُ لأمر يُعلمهُ، أَو بَينه قبل ذَلِك الْوَقْت وَنَحْوه.{وَقيل:} يدل على صدقه

- ‌ لم يبْعَث لبَيَان الدنيويات، قَالَه فِي " الْمَحْصُول

- ‌ بِالْقبُولِ كإخباره عَن تَمِيم الدَّارِيّ} فِي قصَّة الْجَسَّاسَة - وَهُوَ فِي " صَحِيح

- ‌ عَن الدَّجَّال فَقبله.{وَمِنْه: إِخْبَار شَخْصَيْنِ عَن قَضِيَّة يتَعَذَّر عَادَة تواطؤهما عَلَيْهَا، أَو على كذب وَخطأ} ، قَالَه ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله " مُقْتَصرا عَلَيْهِ من غير خلاف، وَالظَّاهِر أَنه من تَتِمَّة كَلَام الشَّيْخ تَقِيّ الدّين؛ فَإِنَّهُ عقبه لكَلَامه وَلم نر هَذِه الْمَسْأَلَة فِي غير هَذَا

- ‌ بِالْجنَّةِ وَقد أخبر الله تَعَالَى فِي كِتَابه عَنْهُم بِأَنَّهُ رَضِي عَنْهُم، يعلمُونَ أَن الْإِمَامَة يَسْتَحِقهَا عَليّ رضي الله عنه ويكتمون ذَلِك فِيمَا بَينهم، وَيُوَلُّونَ غَيره، هَذَا من أمحل الْمحَال الَّذِي لَا يرتاب فِيهِ مُسلم، وَلَكِن هَذَا من بهت الرافضة عَلَيْهِم من الله مَا يسْتَحقُّونَ وَأَن

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ مَبْعُوث إِلَى الكافة، ومشافهتهم، وإبلاغهم بالتواتر مُتَعَذر فتعينت الْآحَاد

- ‌ ادرأوا الْحُدُود بِالشُّبُهَاتِ " وَفِي خبر الْوَاحِد شُبْهَة.وَعبارَة أبي الْحُسَيْن فِي هَذَا القَوْل الْمَنْع فِيمَا يَنْتَفِي بِالشُّبْهَةِ، وَذَلِكَ أَعم من أَن يكون حدوداً، أَو غَيرهَا.قَالَ: أَيْضا فَإِن الْكَرْخِي يقبله فِي إِسْقَاط الْحُدُود، وَلَا يقبله فِي إِثْبَاتهَا.وَأَجَابُوا عَن

- ‌ شَيْئا فارجعي حَتَّى أسأَل النَّاس، فَسَأَلَ النَّاس، فَقَالَ الْمُغيرَة: حضرت رَسُول الله

- ‌ بغرة عبد أَو أمة، فَقَالَ: لتأتين بِمن يشْهد مَعَك، فَشهد لَهُ مُحَمَّد بن مسلمة. مُتَّفق عَلَيْهِ. وَلأبي دَاوُد من حَدِيث طَاوُوس عَن عمر رضي الله عنه: (لَو لم نسْمع هَذَا لقضينا بِغَيْرِهِ) .وَرَوَاهُ الشَّافِعِي، وَسَعِيد من حَدِيث طَاوُوس أَنه سَأَلَ عَن ذَلِك فَقَالَ: حمل ابْن

- ‌ كتب إِلَيْهِ أَن يُورث امْرَأَة أَشْيَم من دِيَة زَوجهَا، رَوَاهُ مَالك، وَأحمد، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَصَححهُ.وروى هَؤُلَاءِ أَن عُثْمَان أَخذ بِخَبَر فريعة بنت مَالك أُخْت أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن عدَّة الْوَفَاة فِي منزل الزَّوْج

- ‌ مسح على الْخُفَّيْنِ، فَسَأَلَ ابْن عمر أَبَاهُ عَنهُ، فَقَالَ: نعم، إِذا حَدثَك سعد عَن النَّبِي

- ‌ عَنْهَا، فتركتها.وَللشَّافِعِيّ، وَمُسلم عَن ابْن عمر: كُنَّا نخابر، فَلَا نرى بذلك بَأْسا، فَزعم رَافع أَن نَبِي الله

- ‌ بذلك؟ فَأَخْبَرته فَرجع زيد وَهُوَ يضْحك فَقَالَ لِابْنِ عَبَّاس: مَا أَرَاك إِلَّا صدقت. رَوَاهُ مُسلم.وَغير ذَلِك مِمَّا يطول.لَا يُقَال: أَخْبَار آحَاد فَيلْزم الدّور؛ لِأَنَّهَا متواترة كَمَا سبق فِي أَخْبَار الْإِجْمَاع، وَلَا يُقَال: يحْتَمل أَن عَمَلهم بغَيْرهَا؛ لِأَنَّهُ محَال عَادَة، وَلم

- ‌ بعث للْمصَالح، وَدفع المضار فَالْخَبَر تَفْصِيل لَهَا.رد: الْعقل لَا يحسن، ثمَّ لم يجب فِي الْعقلِيّ، بل هُوَ أولى، وَإِن

- ‌ فكاجتهاده، واختياره لَا يجوز، وَأَن بَقِيَّة أَصْحَابنَا القَاضِي، وَابْن عقيل: يجوز إِن أمكنه سُؤَاله أَو الرُّجُوع إِلَى التَّوَاتُر محتجين بِهِ فِي الْمَسْأَلَة.وَذكر القَاضِي، وَأَبُو الْخطاب الْمَسْأَلَة فِيمَا بعد، وجزما بِالْجَوَازِ خلافًا لبَعْضهِم اكْتِفَاء بقول السعاة وَغَيرهم

- ‌ لمن يُمكنهُ سُؤَاله مثل الحكم بِاجْتِهَادِهِ واختياره، أَنه لَا يجوز. وَالَّذِي ذكره بَقِيَّة أَصْحَابنَا القَاضِي وَابْن عقيل جَوَاز الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد لمن يُمكنهُ سُؤَاله أَو أمكنه الرُّجُوع إِلَى التَّوَاتُر محتجين بِهِ فِي الْمَسْأَلَة بِمُقْتَضى أَنه إِجْمَاع.وَهَذَا مثل قَول بعض أَصْحَابنَا: إِنَّه

- ‌قَوْله " {فصل}

- ‌ ولشرعه.وَمِنْهَا: الْبلُوغ عِنْد الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَغَيرهم من الْعلمَاء لاحْتِمَال كذب من لم يبلغ كالفاسق، بل أولى؛ لِأَنَّهُ غير مُكَلّف فَلَا يخَاف الْعقَاب

- ‌{وكالغيبة والنميمة على الْأَصَح} .اخْتلف فِي الْغَيْبَة والنميمة هَل هما من الصَّغَائِر، أَو من الْكَبَائِر

- ‌ فِي تَكْفِير الصَّلَوَات الْخمس وَالْجُمُعَة مَا بَينهمَا إِذا اجْتنبت الْكَبَائِر؛ إِذْ لَو كَانَ الْكل كَبَائِر لم يبْق بعد ذَلِك مَا يكفر بِمَا ذكر، وَفِي الحَدِيث الْكَبَائِر سبع وَفِي رِوَايَة تسع وعدوها، فَلَو كَانَت الذُّنُوب كلهَا كَبَائِر لما سَاغَ ذَلِك

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ قَالَ: " نضر الله امْرَءًا سمع منا حَدِيثا فحفظه حَتَّى يبلغهُ غَيره فَرب حَامِل فقه إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ وَرب حَامِل فقه وَلَيْسَ بفقيه ". إِسْنَاده جيد، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ، وَالتِّرْمِذِيّ، وَحسنه، وَرَوَاهُ الشَّافِعِي وَأحمد بِإِسْنَاد جيد.وَقَوله

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ يحمل هَذَا الْعلم من كل خلف عدوله ينفون عَنهُ تَحْرِيف الْجَاهِلين وَإِبْطَال المبطلين وَتَأْويل الغالين " رَوَاهُ الْخلال، وَابْن عدي، وَالْبَيْهَقِيّ، وَله طرق.قَالَ مهنا لِأَحْمَد: كَأَنَّهُ مَوْضُوع، قَالَ: لَا، هُوَ صَحِيح. قلت: سمعته أَنْت؟ قَالَ: من غير وَاحِد.وَلقَائِل

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ أَنه بَال

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فِي الْحَلَال وَالْحرَام شددنا فِي الْأَسَانِيد، وَإِذا روينَا عَن النَّبِي

- ‌ بِخِلَاف شَهَادَة الزُّور فاحتيج إِلَى الِاسْتِظْهَار فِي الشَّهَادَات، وَأَيْضًا فقد ينْفَرد الحَدِيث النَّبَوِيّ بِشَاهِد وَاحِد فِي المحاكمات؛ وَلِهَذَا يظْهر فِيمَا سبق فِي تَزْكِيَة الْوَاحِد فِي الرِّوَايَة أَنه لكَونه أحوط

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ يَقُول: " من مس ذكره أَو أثنييه أَو رفغيه فَليَتَوَضَّأ " قَالَ: فَذكر الْأُنْثَيَيْنِ والرفغ مدرج، إِنَّمَا هُوَ من قَول

- ‌ من غير تَبْيِين، بل دلّس ذَلِك كَانَ فعله حَرَامًا، وَهُوَ مَجْرُوح عِنْد الْعلمَاء غير مَقْبُول الحَدِيث، وَالله أعلم.قَوْله: {وَغَيره مَكْرُوه مُطلقًا} .هَذَا الْقسم الثَّانِي، وَهُوَ الَّذِي لَا يضر، وَله صور:إِحْدَاهَا: أَن يُسمى شَيْخه فِي رِوَايَته باسم لَهُ غير مَشْهُور من كنية

- ‌ أَو رَوَاهُ الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه وَدَاوُد عَن الشّعبِيّ عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله عَن النَّبِي

- ‌قَوْله: {وَيَكْفِي إِمْكَان اللقي عِنْد مُسلم، وَحَكَاهُ عَن أهل الْعلم بالأخبار} .قَالَ ابْن مُفْلِح: وَهُوَ معنى مَا ذكره أَصْحَابنَا فِيمَا يرد بِهِ الْخَبَر وَمَا لم يرد.قَالَ ابْن رَجَب فِي آخر " شرح التِّرْمِذِيّ ": وَهُوَ قَول كثير من الْعلمَاء الْمُتَأَخِّرين، وَهُوَ ظَاهر كَلَام

- ‌ وَلم يَصح لَهُم سَماع مِنْهُ فرواياتهم عَنهُ مرسله، كطارق ابْن شهَاب وَغَيرهم، وَكَذَلِكَ من علم مِنْهُ أَنه مَعَ اللِّقَاء لم يسمع مِمَّن لقِيه إِلَّا شَيْئا يَسِيرا فروايته عَنهُ زِيَادَة على ذَلِك مُرْسلَة، كروايات ابْن الْمسيب عَن عمر فَإِن الْأَكْثَرين نفوا سَمَاعه مِنْهُ وَأثبت أَحْمد أَنه رَآهُ

- ‌ فَدلَّ كَلَام الإِمَام أَحْمد، وَأبي زرْعَة، وَأبي حَاتِم على أَن الِاتِّصَال لَا يثبت إِلَّا بِثُبُوت التَّصْرِيح بِالسَّمَاعِ

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ لَو أنْفق أحدكُم مثل أحد مَا بلغ مد أحدهم، وَلَا نصيفه

- ‌ خير الْقُرُون قَرْني " مُتَّفق عَلَيْهِمَا.وَقَالَ

- ‌فَإِن قيل: هَذِه الْأَدِلَّة دلّت على فَضلهمْ فَأَيْنَ التَّصْرِيح بِعَدَالَتِهِمْ؟قلت: من أثنى الله عَلَيْهِ بِهَذَا الثَّنَاء، لَا يكون عدلا؟} فَإِذا كَانَ التَّعْدِيل يثبت بقول اثْنَيْنِ من النَّاس فَكيف لَا تثبت الْعَدَالَة بِهَذَا الثَّنَاء الْعَظِيم من الله وَرَسُوله

- ‌ قَالَ كَذَا كَانَ ذَلِك كتعيينه باسمه لِاسْتِوَاء الْكل فِي الْعَدَالَة.وَقَالَ أَبُو زيد الدبوسي: بِشَرْط أَن يعْمل بروايته السّلف، أَو يسكتوا عَن الرَّد مَعَ الانتشار، أَو تكون مُوَافقَة للْقِيَاس، وَإِلَّا فَلَا يحْتَج بهَا.وَهَذَا ضَعِيف

- ‌ أَو رَآهُ يقظة حَيا، عِنْد الإِمَام أَحْمد، وَالْبُخَارِيّ} وَغَيرهمَا.لما تقرر أَن الصَّحَابَة رضي الله عنهم عدُول فلابد من بَيَان الصَّحَابِيّ من هُوَ، وَمَا الطَّرِيق فِي معرفَة كَونه صحابياً؟وَقد اخْتلف فِي تَفْسِير الصَّحَابِيّ على أَقْوَال منتشرة، الْمُخْتَار مِنْهَا مَا ذهب

- ‌ حَتَّى يدْخل الْأَعْمَى.وَقَوْلنَا: {يقظة} احْتِرَاز مِمَّن رَآهُ مناماً؛ فَإِنَّهُ لَا يُسمى صحابياً إِجْمَاعًا، وَهُوَ ظَاهر.وَقَوْلنَا: {حَيا} ، احْتِرَاز مِمَّن رَآهُ بعد مَوته: كَأبي ذُؤَيْب الشَّاعِر خويلد بن خَالِد الْهُذلِيّ؛ لِأَنَّهُ لما أسلم وَأخْبر بِمَرَض النَّبِي

- ‌ إِنَّه يبْعَث أمه وَحده " كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ.وَيخرج أَيْضا من رَآهُ وَهُوَ كَافِر ثمَّ أسلم بعد مَوته.وَقَوْلنَا: {وَلَو ارْتَدَّ ثمَّ أسلم وَلم يره وَمَات مُسلما} ، لَهُ مَفْهُوم ومنطوق، فمفهومه أَنه إِذا ارْتَدَّ فِي زمن النَّبِي

- ‌ قبل أَن يبْعَث فوعدته أَن آتيه بهَا فِي مَكَانَهُ، ونسيت، ثمَّ ذكرت بعد ثَلَاث فَجئْت فَإِذا هُوَ فِي مَكَانَهُ فَقَالَ: يَا فَتى لقد شققت عَليّ أَنا فِي انتظارك مُنْذُ ثَلَاث.ثمَّ لم ينْقل أَنه اجْتمع بِهِ بعد المبعث.وَدخل فِي قَوْلنَا: من لَقِي، من جِيءَ بِهِ إِلَى النَّبِي

- ‌ وآمنوا بِهِ، وَأَسْلمُوا وذهبوا إِلَى قَومهمْ منذرين.فَائِدَة: قَالَ بعض الْعلمَاء: خرج من الصَّحَابَة من رَآهُمْ النَّبِي

- ‌وَاشْترط ابْن حبَان فِي التَّابِعِيّ كَونه فِي سنّ يحفظ عَنهُ بِخِلَاف الصَّحَابِيّ فَإِن الصَّحَابَة قد اختصوا بِشَيْء لم يُوجد فِي غَيرهم

- ‌ أَو دَخَلنَا عَلَيْهِ، وَنَحْوه، لَكِن بِشَرْط أَن يعرف إِسْلَامه فِي تِلْكَ الْحَال واستمراره عَلَيْهِ.وَأما الْخفية فَكَمَا لَو ادّعى الْعدْل المعاصر للنَّبِي

- ‌ أحد، أَو حَال رُؤْيَته إِيَّاه، وَبَين مدعي طول الصُّحْبَة، وَكَثْرَة التَّرَدُّد فِي السّفر والحضر فَلَا يقبل ذَلِك مِنْهُ؛ لِأَن مثل ذَلِك يشْتَهر وينقل. انْتهى.وَهُوَ قَول حسن.قَوْله: {الثَّانِيَة: لَو قَالَ تَابِعِيّ عدل: فلَان صَحَابِيّ، لم يقبل فِي الْأَصَح} ، وَهُوَ ظَاهر كَلَامهم

الفصل: ‌ ‌قَوْله: {فصل}   {الْأَرْبَعَة، وأصحابنا، وَالْأَكْثَر يقدم جرح مُطلقًا} ، أَعنِي سَوَاء

‌قَوْله: {فصل}

{الْأَرْبَعَة، وأصحابنا، وَالْأَكْثَر يقدم جرح مُطلقًا} ، أَعنِي سَوَاء كثر الْجَارِح أَو قل، أَو سَاوَى؛ لِأَن مَعَه زِيَادَة علم لم يطلع عَلَيْهَا الْمعدل؛ فَلذَلِك قدم. وَهَذَا الصَّحِيح مُطلقًا وَعَلِيهِ الْأَكْثَر. وَقَالَ ابْن حمدَان من أَصْحَابنَا وَغَيره: يقدم الْجرْح إِن كثر الْجَارِح وَإِلَّا فَلَا، وَحَكَاهُ فِي الْمَحْصُول فَقَالَ: يقدم الْأَكْثَر من الْجَارِح والمعدل؛ لِأَن الْكَثْرَة لَهَا تَأْثِير فِي الْقُوَّة.

ص: 1926

ورده الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ بِأَن المعدلين وَإِن كَثُرُوا فليسوا مخبرين بِعَدَمِ مَا أخبر بِهِ الجارحون، وَلَو أخبروا بذلك كَانَت شَهَادَة نفي وَهِي بَاطِلَة.

وَقيل: يقدم التَّعْدِيل مُطلقًا؛ لِأَن الْجَارِح قد يجرح بِمَا لَيْسَ فِي نفس الْأَمر جرحا، والمعدل لَا يعدل حَتَّى يتَحَقَّق بطرِيق سَلَامَته من كل جارح.

وَهَذَا القَوْل حَكَاهُ الطَّحَاوِيّ عَن أبي حنيفَة، وَأبي يُوسُف، لَكِن قَضِيَّة تَعْلِيله بِمَا سبق تَخْصِيص الْخلاف بِالْجرْحِ غير الْمُفَسّر بِنَاء على قبُوله.

وَقيل: يقدم التَّعْدِيل على الْجرْح إِن كثر المعدلون، وَاخْتَارَهُ الْمجد من أَصْحَابنَا مَعَ جرح مُطلق إِن قبلناه، يَعْنِي على القَوْل بِقبُول الْجرْح الْمُطلق،

ص: 1927

وَالصَّحِيح أَنه لَا يقبل الْجرْح الْمُطلق كَمَا تقدم.

اعْلَم أَن القَاضِي أَبَا بكر ابْن الباقلاني فِي كِتَابه " التَّقْرِيب " جعل مَوضِع الْخلاف فِيمَا إِذا كَانَ عدد المعدلين أَكثر، فَأَما إِن اسْتَويَا فَإِنَّهُ يقدم الْجرْح إِجْمَاعًا، وَكَذَا قَالَ الْخَطِيب فِي " الْكِفَايَة "، وَابْن الْقطَّان وَأَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ، وَاعْترض على حكايته ذَلِك بِأَن الْقشيرِي نصب الْخلاف فِيمَا إِذا اسْتَوَى عدد الْجَارِح والمعدل، فَإِن كثر المعدلون فقبولهم أولى.

وَقَالَ الْمَازرِيّ: وَحكى ابْن شعْبَان فِي كِتَابه " الزاهي " الْخلاف مَعَ

ص: 1928

التَّسَاوِي فِي الْعدَد، قَالَ: فَإِن زَاد عدد الجارحين فَلَا وَجه لجَرَيَان الْخلاف.

وَبِه صرح الْبَاجِيّ فَقَالَ: لَا خلاف فِي تَقْدِيم الْجرْح، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: لَا شكّ فِيهِ.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: وعَلى هَذَا فَيخرج فِي مَحل الْخلاف ثَلَاث طرق. انْتهى.

قَوْله: {وَقيل: التَّرْجِيح كإثبات معِين ونفيه يَقِينا} ، أَعنِي أَن التَّرْجِيح قَول محكي فِي الْمَسْأَلَة، أَعنِي أَنَّهُمَا يتعارضان عِنْده فيقف على مُرَجّح يرجع إِلَيْهِ.

ص: 1929

وَقَوله: (كإثبات معِين ونفيه يَقِينا) وَهَذِه الصُّورَة يتعارضان فِيهَا، وَيقف الْأَمر على مُرَجّح من خَارج بِلَا خلاف عِنْدهم، مثل أَن يَقُول الْجَارِح: هُوَ قتل فلَانا يَوْم كَذَا، وَيَقُول الْمعدل: هُوَ حَيّ وَأَنا رَأَيْته بعد ذَلِك الْيَوْم.

فَيَقَع بَينهمَا التَّعَارُض لعدم إِمْكَان الْجمع الْمَذْكُور فِي تَقْدِيم قَول الْجَارِح على الصَّحِيح فَإِنَّهُ هُنَا يتَعَذَّر فَحِينَئِذٍ يُصَار إِلَى التَّرْجِيح.

قَالَ الطوفي فِي " شرح مُخْتَصره " فِي هَذَا الْمِثَال: فههنا يتعارضان فيتساقطان وَيبقى أصل الْعَدَالَة ثَابتا، ثمَّ قَالَ: قلت: وَيحْتَمل هُنَا أَن يقدم قَول الْمعدل؛ لِأَن السَّبَب الَّذِي اسْتندَ إِلَيْهِ الْجَارِح قد تبين بُطْلَانه فَتبين بِهِ أَن الْجرْح كَأَنَّهُ لم يكن فَيبقى التَّعْدِيل مُسْتقِلّا وَالْحكم وَاحِد. انْتهى.

قلت: وَهَذَا ضَعِيف وَكَذَا قَوْله: (وَيبقى أصل الْعَدَالَة ثَابتا) وَلَعَلَّه بنى ذَلِك على أَن الأَصْل فِي الْإِنْسَان الْعَدَالَة، وفيهَا خلاف، وَالْمَشْهُور خلاف

ص: 1930

ذَلِك، وَالله أعلم.

قَوْله: {تَنْبِيه: يعدل بقول، وَحكم، وَعمل، وَرِوَايَة} ، أَعنِي يكون التَّعْدِيل تَارَة بالْقَوْل، وَتارَة بالحكم، وَتارَة بِالْعَمَلِ، وَتارَة بالرواية.

وَلما تقرر فِي حَقِيقَة الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَالْحكم فِي بَيَان سببهما وَاعْتِبَار الْعَدَالَة فيهمَا وَجب القَوْل فِيمَا يحصل بِهِ التَّعْدِيل، وَهُوَ أَرْبَعَة أَشْيَاء: أَحدهَا: صَرِيح القَوْل فِي الرَّاوِي وَالشَّاهِد، وَله صفتان:

ص: 1931

إِحْدَاهمَا وَهِي أكملهما: قَول الْمعدل: هُوَ عدل رضى، مَعَ بَيَان السَّبَب، أَي: يبين سَبَب الْعَدَالَة مَعَ هَذَا القَوْل بِأَن يثني عَلَيْهِ بِذكر محَاسِن عمله مِمَّا يعلم مِنْهُ مِمَّا يَنْبَغِي شرعا من أَدَاء الْوَاجِبَات وَاجْتنَاب الْمُحرمَات، وَاسْتِعْمَال وظائف الْمُرُوءَة، وَهُوَ أَعلَى مَرَاتِب التَّعْدِيل للاتفاق عَلَيْهِ.

ويليه قَوْله: هُوَ عدل رضى، من غير ذكر سَبَب الْعَدَالَة، وَهِي أدنى من الَّتِي قبلهَا.

وَقد ذكر أَرْبَاب فن الْجرْح وَالتَّعْدِيل أَن مَرَاتِب التَّعْدِيل أَرْبَعَة:

الأولى: الْعليا مِنْهَا تكْرَار اللَّفْظ، بِأَن يَقُول: ثِقَة، ثِقَة، أَو: عدل، عدل، أَو: ثِقَة، عدل. أَو ثِقَة متقن، وَنَحْو ذَلِك.

الثَّانِيَة: ذكر ذَلِك من غير تكْرَار، كَقَوْلِه: ثِقَة، أَو عدل، أَو: متقن، أَو: ثَبت، أَو: حجَّة، أَو: حَافظ، أَو: ضَابِط. قَالَ الْخَطِيب: أرفع

ص: 1932

الْعبارَات أَن يَقُول: حجَّة، أَو ثِقَة.

الثَّالِثَة: قَوْلهم: لَا بَأْس، وَنَحْوه، أَو صَدُوق، أَو مَأْمُون، أَو خِيَار.

الرَّابِعَة: قَوْلهم: مَحَله الصدْق، أَو رووا عَنهُ، أَو صَالح الحَدِيث، أَو مقارب الحَدِيث، أَو حسن الحَدِيث، أَو صُوَيْلِح، أَو صَدُوق إِن شَاءَ الله تَعَالَى، أَو أَرْجُو أَنه لَيْسَ بِهِ بَأْس وَنَحْو ذَلِك.

قَوْله: {وَحكم مشترط الْعَدَالَة بهَا تَعْدِيل اتِّفَاقًا} .

وَهَذَا الثَّانِي من الْأَرْبَعَة الَّذِي يحصل بهَا التَّعْدِيل، فَهَذَا مَا يحصل بِهِ التَّعْدِيل.

قَالَ ابْن مُفْلِح وَغَيره: وَحكم الْحَاكِم تَعْدِيل اتِّفَاقًا، أطلقهُ فِي " الرَّوْضَة "، وَمرَاده مَا صرح بِهِ غَيره: حَاكم يشْتَرط الْعَدَالَة، وَهُوَ

ص: 1933

كَمَا قَالَ، وَهُوَ تَعْدِيل مُتَّفق عَلَيْهِ، وَإِلَّا كَانَ الْحَاكِم فَاسِقًا لقبُول شَهَادَة من لَيْسَ عدلا عِنْده.

قَوْله: {وَهُوَ أقوى من القولي بِالسَّبَبِ} ، يَعْنِي أَن حكم مشترط الْعَدَالَة بهَا أقوى من التَّعْدِيل بالْقَوْل الَّذِي ذكر مَعَه سَببه؛ لِأَن ذَلِك قَول مُجَرّد، وَالْحكم بروايته فعل تضمن القَوْل أَو استلزمه؛ إِذْ تعديله القولي تَقْديرا من لَوَازِم الحكم بروايته، وَإِلَّا [كَانَ] هَذَا الْحَاكِم حَاكما بِالْبَاطِلِ.

وَهَذَا اخْتِيَار الْمُوفق فِي " الرَّوْضَة "، والطوفي فِي " مُخْتَصره "، وَاخْتَارَ الْآمِدِيّ، وَغَيره مِنْهُم الْعَسْقَلَانِي شَارِح الطوفي، التَّسْوِيَة بَينهمَا.

قَالَه ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله " هُنَا، وَقَالَ فِي التَّرْجِيح: قَالَ

ص: 1934

الْآمِدِيّ وَتَبعهُ بعض أَصْحَابنَا: وتزكيته بِصَرِيح القَوْل على حكمه أَو عمله بِشَهَادَتِهِ لاحْتِمَاله بِغَيْرِهِ، وَالْحكم على عمله، وَسبق فِي السّنة. انْتهى.

فَظَاهره التَّنَاقُض عَن الْآمِدِيّ؛ لِأَنَّهُ حكى عَنهُ هُنَا أَنه سوى بَين التَّعْدِيل القولي وَبَين الحكم من مشترط الْعَدَالَة؟

وَحكى عَنهُ فِي التَّرْجِيح أَنه قدم تزكيته بِصَرِيح القَوْل على حكمه أَو عمله بِشَهَادَتِهِ، وَلَعَلَّ لَهُ قَوْلَيْنِ أَو يكون غير الْمَسْأَلَة، وَهُوَ بعيد.

وَمحل الْخلاف هُنَا مَعَ ذكر السَّبَب فِي القولي، أما مَعَ عدم ذكره، فَالثَّانِي أقوى للاتفاق عَلَيْهِ.

ص: 1935

قَوْله: {وَعَمله بروايته تَعْدِيل إِن علم أَن لَا مُسْتَند لَهُ غَيره وَإِلَّا فَلَا عِنْد القَاضِي، وَالْأَكْثَر} .

وَهَذَا الثَّالِث مِمَّا يحصل بِهِ التَّعْدِيل، فمما يحصل بِهِ التَّعْدِيل الْعَمَل بِخَبَر الرَّاوِي بِشَرْط أَن يعلم أَن لَا مُسْتَند للْعَمَل غير رِوَايَته، وَإِلَّا فَلَا، أَي: وَإِن لم يعلم ذَلِك مِنْهُ لم يكن تعديلاً لاحْتِمَال أَنه يكون عمل بِدَلِيل آخر وَافق رِوَايَته.

{وَقَالَهُ الْمُوفق، وَأَبُو الْمَعَالِي إِلَّا فِيمَا الْعَمَل بِهِ احْتِيَاطًا} ؛ لفسقه لَو عمل بفاسق.

قَالَ الْمجد فِي " المسودة ": قَالَ الْجُوَيْنِيّ والمقدسي: يكون تعديلاً

ص: 1936

إِلَّا فِيمَا الْعَمَل بِهِ من مسالك الِاحْتِيَاط.

قَالَ: وَعِنْدِي أَنه يفصل بَين أَن يكون الرَّاوِي مِمَّن يرى قبُول مَسْتُور الْحَال، أَو لَا يرَاهُ، أَو يجهل مذْهبه فِيهِ. انْتهى.

فَكَأَن الْمجد يخْتَار أَنه إِن كَانَ الرَّاوِي يرى أَنه لَا يروي إِلَّا عَن بارز الْعَدَالَة فعمله بروايته تَعْدِيل، وَإِن كَانَ يرى قبُول مَسْتُور الْحَال، أَو يجهل مذْهبه فِيهِ فَلَيْسَ بتعديل للإبهام فَيرجع فِيهِ إِلَى رَأْي الرَّاوِي فِيمَن يروي عَنهُ.

فعلى الأول قَالَ الْمُوفق فِي " الرَّوْضَة ": هُوَ كتعديله بِلَا سَبَب، وَمَعْنَاهُ للآمدي وَمن تبعه.

يَعْنِي إِذا عمل بروايته وَقُلْنَا إِنَّهَا تَعْدِيل فَيكون هَذَا التَّعْدِيل كالتعديل

ص: 1937

القولي بِلَا ذكر السَّبَب على مَا تقدم عِنْد الشَّيْخ موفق الدّين، وَمن تَابعه.

وَقيل: بل هُوَ كحكمه بِهِ، فعلى هَذَا القَوْل يكون أقوى من القَوْل الَّذِي قبله؛ لِأَن الحكم بِهِ أقوى من التَّعْدِيل القولي وَلَو مَعَ ذكر السَّبَب كَمَا تقدم.

قَوْله: {وَلَيْسَ ترك الْعَمَل بهَا وبالشهادة جرحا} .

يَعْنِي: لَو ترك الْعَمَل بالرواية أَو بِالشَّهَادَةِ لَا يكون ذَلِك جرحا لاحْتِمَال سَبَب سوى ترك الْعَمَل فَلَا يحكم على الرَّاوِي وَالشَّاهِد إِذا ترك الْعَمَل بهما بجرحهما عِنْد الْجُمْهُور؛ لِأَنَّهُ تَركه للْعَمَل قد يكون لأجل معنى فيهمَا من تُهْمَة قرَابَة، أَو عَدَاوَة، أَو غير ذَلِك، وَقد يكون لغير ذَلِك.

فَإِذا لم يعْمل وَاحْتمل فَلَا يحكم عَلَيْهِ بِالْجرْحِ بذلك مَعَ الِاحْتِمَال؛ لِأَن الأَصْل عَدمه، وَلَيْسَ ترك الحكم بهَا منحصراً فِي الْفسق.

ص: 1938

وَلِأَن عمله قد يكون متوقفاً على أَمر آخر زَائِد على الْعَدَالَة فَيكون التّرْك لعدم ذَلِك لَا لانْتِفَاء الْعَدَالَة.

وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر ابْن الباقلاني: يكون جرحا إِذا تحقق ارْتِفَاع الدوافع، والموانع، وَأَنه لَو كَانَ ثَابتا للَزِمَ الْعَمَل بِهِ.

أما إِن لم يتَبَيَّن قَصده إِلَى مُخَالفَة الْخَبَر فَلَا يكون جرحا، وَفِي الْحَقِيقَة لَا يُخَالف الأول، قَالَه الْبرمَاوِيّ.

قَوْله: {وَرِوَايَة الْعدْل تَعْدِيل إِن كَانَ عَادَته لَا يروي إِلَّا عَن عدل} عِنْد الإِمَام أَحْمد، وَالشَّيْخ موفق الدّين، وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين، والطوفي، وَأبي الْمَعَالِي، والآمدي، وَابْن الْقشيرِي،

...

... .

ص: 1939

وَالْغَزالِيّ، وَابْن الْحَاجِب، والهندي، والباجي، وَغَيرهم، وَهُوَ وَاضح.

وَهَذَا الرَّابِع الَّذِي يحصل بِهِ التَّعْدِيل.

قَالَ ابْن رَجَب فِي آخر " شرح التِّرْمِذِيّ ": اخْتلف الْفُقَهَاء، وَأهل الحَدِيث فِي رِوَايَة الثِّقَة عَن رجل غير مَعْرُوف: هَل هُوَ تَعْدِيل، أم لَا؟

وَحكى أَصْحَابنَا عَن أَحْمد فِي ذَلِك رِوَايَتَيْنِ، وحكوا عَن الْحَنَفِيَّة أَنه تَعْدِيل، وَعَن الشَّافِعِيَّة خلاف ذَلِك.

قَالَ: فالمنصوص عَن أَحْمد أَنه إِن عرف مِنْهُ أَنه لَا يروي إِلَّا عَن ثِقَة

ص: 1940

فروايته عَن إِنْسَان تَعْدِيل لَهُ، وَمن لم يعرف مِنْهُ ذَلِك فَلَيْسَ بتعديل. وَصرح بِهِ طَائِفَة من محققي أَصْحَابنَا، وَأَصْحَاب الشَّافِعِي.

قَالَ أَحْمد فِي رِوَايَة الْأَثْرَم: إِذا روى الحَدِيث عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن رجل فَهُوَ حجَّة، ثمَّ قَالَ: كَانَ عبد الرَّحْمَن أَولا يتساهل فِي الرِّوَايَة عَن غير وَاحِد ثمَّ شدد بعد.

وَقَالَ أَحْمد فِي رِوَايَة أبي زرْعَة مَالك بن أنس إِذا روى عَن رجل لَا يعرف فَهُوَ حجَّة.

وَقَالَ فِي رِوَايَة ابْن هَانِئ: مَا روى مَالك عَن أحد إِلَّا وَهُوَ ثِقَة

ص: 1941

وكل من روى عَنهُ مَالك فَهُوَ ثِقَة.

وَذكر نصوصاً أخر فِي ذَلِك عَنهُ، وَعَن ابْن معِين، وَغَيره. انْتهى.

قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي " المسودة ": مذْهبه التَّفْضِيل بَين بعض الْأَشْخَاص.

وَقَالَ أَيْضا: وَالصَّحِيح الَّذِي يُوجِبهُ كَلَام أَحْمد أَن من عرف من حَاله الْأَخْذ عَن الثِّقَات كمالك، وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي، كَانَ تعديلاً دون غَيره. انْتهى.

وَقَالَ الطوفي فِي " مُخْتَصره ": وَالْحق أَنه إِن عرف من مذْهبه أَو عَادَته أَو صَرِيح قَوْله أَنه لَا يرى الرِّوَايَة وَلَا يروي إِلَّا عَن عدل كَانَ تعديلاً، وَإِلَّا فَلَا؛ إِذْ قد يروي الشَّخْص عَمَّن لَو سُئِلَ عَنهُ لسكت.

وَقَالَ ابْن اللحام فِي " مُخْتَصره " فِي الْأُصُول: وَفِي رِوَايَة الْعدْل عَنهُ

ص: 1942

أَقْوَال، ثَالِثهَا الْمُخْتَار وَهُوَ الْمَذْهَب: تَعْدِيل إِن كَانَ عَادَته لَا يروي إِلَّا عَن عدل. انْتهى.

إِذا علم ذَلِك فَيعرف كَونه لَا يروي إِلَّا عَن عدل إِمَّا بتصريحه وَهُوَ الْغَايَة، أَو باعتبارنا لحاله، أَو استقرائنا لمن يروي عَنهُ، وَهُوَ دون الأول، قَالَه ابْن دَقِيق الْعِيد، وَغَيره وَتقدم كَلَام الطوفي.

وَعَن أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى: لَا يكون ذَلِك تعديلاً.

قَالَ ابْن مُفْلِح فِي أُصُوله: وَرِوَايَة الْعدْل لَيست تعديلاً عِنْد أَكثر الْعلمَاء من الطوائف وفَاقا للمالكية، وَالشَّافِعِيَّة. انْتهى.

وَقيل: تَعْدِيل مُطلقًا، اخْتَارَهُ القَاضِي، وَأَبُو الْخطاب، وَالْحَنَفِيَّة، وَبَعض الشَّافِعِيَّة عملا بِظَاهِر الْحَال.

ص: 1943

رد بِالْمَنْعِ، وَبِأَنَّهُ خلاف الْوَاقِع، وبعدم الدَّلِيل.

وَرُوِيَ عَن القَاضِي: إِن سَمَّاهُ فَلَا تَعْدِيل لعدم الْغرَر، وَإِلَّا فتعديل لِئَلَّا تكون رِوَايَته ضيَاعًا.

وَلَعَلَّه أَرَادَ بِمَا إِذا سَمَّاهُ أَنه وكل تعديله وجرحه إِلَى غَيره، وأظن أَنِّي رَأَيْت هَذَا النَّقْل عَن القَاضِي فِي " المسودة "، لَكِن قَالَ ابْن مُفْلِح: وَأَشَارَ بعض أَصْحَابنَا: إِن سَمَّاهُ فَلَا تَعْدِيل لعدم الْغرَر وَإِلَّا فتعديل لِئَلَّا تكون رِوَايَته ضيَاعًا كَذَا قَالَ. انْتهى.

وَلم ينْسب النَّقْل إِلَى القَاضِي.

قَوْله: فَائِدَة: {يعْمل بِالْحَدِيثِ الضَّعِيف فِي الْفَضَائِل عِنْد الإِمَام أَحْمد، وَالشَّيْخ الْمُوفق، وَالْأَكْثَر} .

قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " الْآدَاب الْكُبْرَى ": قطع غير وَاحِد مِمَّن صنف فِي عُلُوم

ص: 1944