الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله: {فصل}
{الْأَرْبَعَة، وأصحابنا، وَالْأَكْثَر يقدم جرح مُطلقًا} ، أَعنِي سَوَاء كثر الْجَارِح أَو قل، أَو سَاوَى؛ لِأَن مَعَه زِيَادَة علم لم يطلع عَلَيْهَا الْمعدل؛ فَلذَلِك قدم. وَهَذَا الصَّحِيح مُطلقًا وَعَلِيهِ الْأَكْثَر. وَقَالَ ابْن حمدَان من أَصْحَابنَا وَغَيره: يقدم الْجرْح إِن كثر الْجَارِح وَإِلَّا فَلَا، وَحَكَاهُ فِي الْمَحْصُول فَقَالَ: يقدم الْأَكْثَر من الْجَارِح والمعدل؛ لِأَن الْكَثْرَة لَهَا تَأْثِير فِي الْقُوَّة.
ورده الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ بِأَن المعدلين وَإِن كَثُرُوا فليسوا مخبرين بِعَدَمِ مَا أخبر بِهِ الجارحون، وَلَو أخبروا بذلك كَانَت شَهَادَة نفي وَهِي بَاطِلَة.
وَقيل: يقدم التَّعْدِيل مُطلقًا؛ لِأَن الْجَارِح قد يجرح بِمَا لَيْسَ فِي نفس الْأَمر جرحا، والمعدل لَا يعدل حَتَّى يتَحَقَّق بطرِيق سَلَامَته من كل جارح.
وَهَذَا القَوْل حَكَاهُ الطَّحَاوِيّ عَن أبي حنيفَة، وَأبي يُوسُف، لَكِن قَضِيَّة تَعْلِيله بِمَا سبق تَخْصِيص الْخلاف بِالْجرْحِ غير الْمُفَسّر بِنَاء على قبُوله.
وَقيل: يقدم التَّعْدِيل على الْجرْح إِن كثر المعدلون، وَاخْتَارَهُ الْمجد من أَصْحَابنَا مَعَ جرح مُطلق إِن قبلناه، يَعْنِي على القَوْل بِقبُول الْجرْح الْمُطلق،
وَالصَّحِيح أَنه لَا يقبل الْجرْح الْمُطلق كَمَا تقدم.
اعْلَم أَن القَاضِي أَبَا بكر ابْن الباقلاني فِي كِتَابه " التَّقْرِيب " جعل مَوضِع الْخلاف فِيمَا إِذا كَانَ عدد المعدلين أَكثر، فَأَما إِن اسْتَويَا فَإِنَّهُ يقدم الْجرْح إِجْمَاعًا، وَكَذَا قَالَ الْخَطِيب فِي " الْكِفَايَة "، وَابْن الْقطَّان وَأَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ، وَاعْترض على حكايته ذَلِك بِأَن الْقشيرِي نصب الْخلاف فِيمَا إِذا اسْتَوَى عدد الْجَارِح والمعدل، فَإِن كثر المعدلون فقبولهم أولى.
وَقَالَ الْمَازرِيّ: وَحكى ابْن شعْبَان فِي كِتَابه " الزاهي " الْخلاف مَعَ
التَّسَاوِي فِي الْعدَد، قَالَ: فَإِن زَاد عدد الجارحين فَلَا وَجه لجَرَيَان الْخلاف.
وَبِه صرح الْبَاجِيّ فَقَالَ: لَا خلاف فِي تَقْدِيم الْجرْح، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: لَا شكّ فِيهِ.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: وعَلى هَذَا فَيخرج فِي مَحل الْخلاف ثَلَاث طرق. انْتهى.
قَوْله: {وَقيل: التَّرْجِيح كإثبات معِين ونفيه يَقِينا} ، أَعنِي أَن التَّرْجِيح قَول محكي فِي الْمَسْأَلَة، أَعنِي أَنَّهُمَا يتعارضان عِنْده فيقف على مُرَجّح يرجع إِلَيْهِ.
وَقَوله: (كإثبات معِين ونفيه يَقِينا) وَهَذِه الصُّورَة يتعارضان فِيهَا، وَيقف الْأَمر على مُرَجّح من خَارج بِلَا خلاف عِنْدهم، مثل أَن يَقُول الْجَارِح: هُوَ قتل فلَانا يَوْم كَذَا، وَيَقُول الْمعدل: هُوَ حَيّ وَأَنا رَأَيْته بعد ذَلِك الْيَوْم.
فَيَقَع بَينهمَا التَّعَارُض لعدم إِمْكَان الْجمع الْمَذْكُور فِي تَقْدِيم قَول الْجَارِح على الصَّحِيح فَإِنَّهُ هُنَا يتَعَذَّر فَحِينَئِذٍ يُصَار إِلَى التَّرْجِيح.
قَالَ الطوفي فِي " شرح مُخْتَصره " فِي هَذَا الْمِثَال: فههنا يتعارضان فيتساقطان وَيبقى أصل الْعَدَالَة ثَابتا، ثمَّ قَالَ: قلت: وَيحْتَمل هُنَا أَن يقدم قَول الْمعدل؛ لِأَن السَّبَب الَّذِي اسْتندَ إِلَيْهِ الْجَارِح قد تبين بُطْلَانه فَتبين بِهِ أَن الْجرْح كَأَنَّهُ لم يكن فَيبقى التَّعْدِيل مُسْتقِلّا وَالْحكم وَاحِد. انْتهى.
قلت: وَهَذَا ضَعِيف وَكَذَا قَوْله: (وَيبقى أصل الْعَدَالَة ثَابتا) وَلَعَلَّه بنى ذَلِك على أَن الأَصْل فِي الْإِنْسَان الْعَدَالَة، وفيهَا خلاف، وَالْمَشْهُور خلاف
ذَلِك، وَالله أعلم.
قَوْله: {تَنْبِيه: يعدل بقول، وَحكم، وَعمل، وَرِوَايَة} ، أَعنِي يكون التَّعْدِيل تَارَة بالْقَوْل، وَتارَة بالحكم، وَتارَة بِالْعَمَلِ، وَتارَة بالرواية.
وَلما تقرر فِي حَقِيقَة الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَالْحكم فِي بَيَان سببهما وَاعْتِبَار الْعَدَالَة فيهمَا وَجب القَوْل فِيمَا يحصل بِهِ التَّعْدِيل، وَهُوَ أَرْبَعَة أَشْيَاء: أَحدهَا: صَرِيح القَوْل فِي الرَّاوِي وَالشَّاهِد، وَله صفتان:
إِحْدَاهمَا وَهِي أكملهما: قَول الْمعدل: هُوَ عدل رضى، مَعَ بَيَان السَّبَب، أَي: يبين سَبَب الْعَدَالَة مَعَ هَذَا القَوْل بِأَن يثني عَلَيْهِ بِذكر محَاسِن عمله مِمَّا يعلم مِنْهُ مِمَّا يَنْبَغِي شرعا من أَدَاء الْوَاجِبَات وَاجْتنَاب الْمُحرمَات، وَاسْتِعْمَال وظائف الْمُرُوءَة، وَهُوَ أَعلَى مَرَاتِب التَّعْدِيل للاتفاق عَلَيْهِ.
ويليه قَوْله: هُوَ عدل رضى، من غير ذكر سَبَب الْعَدَالَة، وَهِي أدنى من الَّتِي قبلهَا.
وَقد ذكر أَرْبَاب فن الْجرْح وَالتَّعْدِيل أَن مَرَاتِب التَّعْدِيل أَرْبَعَة:
الأولى: الْعليا مِنْهَا تكْرَار اللَّفْظ، بِأَن يَقُول: ثِقَة، ثِقَة، أَو: عدل، عدل، أَو: ثِقَة، عدل. أَو ثِقَة متقن، وَنَحْو ذَلِك.
الثَّانِيَة: ذكر ذَلِك من غير تكْرَار، كَقَوْلِه: ثِقَة، أَو عدل، أَو: متقن، أَو: ثَبت، أَو: حجَّة، أَو: حَافظ، أَو: ضَابِط. قَالَ الْخَطِيب: أرفع
الْعبارَات أَن يَقُول: حجَّة، أَو ثِقَة.
الثَّالِثَة: قَوْلهم: لَا بَأْس، وَنَحْوه، أَو صَدُوق، أَو مَأْمُون، أَو خِيَار.
الرَّابِعَة: قَوْلهم: مَحَله الصدْق، أَو رووا عَنهُ، أَو صَالح الحَدِيث، أَو مقارب الحَدِيث، أَو حسن الحَدِيث، أَو صُوَيْلِح، أَو صَدُوق إِن شَاءَ الله تَعَالَى، أَو أَرْجُو أَنه لَيْسَ بِهِ بَأْس وَنَحْو ذَلِك.
قَوْله: {وَحكم مشترط الْعَدَالَة بهَا تَعْدِيل اتِّفَاقًا} .
وَهَذَا الثَّانِي من الْأَرْبَعَة الَّذِي يحصل بهَا التَّعْدِيل، فَهَذَا مَا يحصل بِهِ التَّعْدِيل.
قَالَ ابْن مُفْلِح وَغَيره: وَحكم الْحَاكِم تَعْدِيل اتِّفَاقًا، أطلقهُ فِي " الرَّوْضَة "، وَمرَاده مَا صرح بِهِ غَيره: حَاكم يشْتَرط الْعَدَالَة، وَهُوَ
كَمَا قَالَ، وَهُوَ تَعْدِيل مُتَّفق عَلَيْهِ، وَإِلَّا كَانَ الْحَاكِم فَاسِقًا لقبُول شَهَادَة من لَيْسَ عدلا عِنْده.
قَوْله: {وَهُوَ أقوى من القولي بِالسَّبَبِ} ، يَعْنِي أَن حكم مشترط الْعَدَالَة بهَا أقوى من التَّعْدِيل بالْقَوْل الَّذِي ذكر مَعَه سَببه؛ لِأَن ذَلِك قَول مُجَرّد، وَالْحكم بروايته فعل تضمن القَوْل أَو استلزمه؛ إِذْ تعديله القولي تَقْديرا من لَوَازِم الحكم بروايته، وَإِلَّا [كَانَ] هَذَا الْحَاكِم حَاكما بِالْبَاطِلِ.
وَهَذَا اخْتِيَار الْمُوفق فِي " الرَّوْضَة "، والطوفي فِي " مُخْتَصره "، وَاخْتَارَ الْآمِدِيّ، وَغَيره مِنْهُم الْعَسْقَلَانِي شَارِح الطوفي، التَّسْوِيَة بَينهمَا.
قَالَه ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله " هُنَا، وَقَالَ فِي التَّرْجِيح: قَالَ
الْآمِدِيّ وَتَبعهُ بعض أَصْحَابنَا: وتزكيته بِصَرِيح القَوْل على حكمه أَو عمله بِشَهَادَتِهِ لاحْتِمَاله بِغَيْرِهِ، وَالْحكم على عمله، وَسبق فِي السّنة. انْتهى.
فَظَاهره التَّنَاقُض عَن الْآمِدِيّ؛ لِأَنَّهُ حكى عَنهُ هُنَا أَنه سوى بَين التَّعْدِيل القولي وَبَين الحكم من مشترط الْعَدَالَة؟
وَحكى عَنهُ فِي التَّرْجِيح أَنه قدم تزكيته بِصَرِيح القَوْل على حكمه أَو عمله بِشَهَادَتِهِ، وَلَعَلَّ لَهُ قَوْلَيْنِ أَو يكون غير الْمَسْأَلَة، وَهُوَ بعيد.
وَمحل الْخلاف هُنَا مَعَ ذكر السَّبَب فِي القولي، أما مَعَ عدم ذكره، فَالثَّانِي أقوى للاتفاق عَلَيْهِ.
وَهَذَا الثَّالِث مِمَّا يحصل بِهِ التَّعْدِيل، فمما يحصل بِهِ التَّعْدِيل الْعَمَل بِخَبَر الرَّاوِي بِشَرْط أَن يعلم أَن لَا مُسْتَند للْعَمَل غير رِوَايَته، وَإِلَّا فَلَا، أَي: وَإِن لم يعلم ذَلِك مِنْهُ لم يكن تعديلاً لاحْتِمَال أَنه يكون عمل بِدَلِيل آخر وَافق رِوَايَته.
{وَقَالَهُ الْمُوفق، وَأَبُو الْمَعَالِي إِلَّا فِيمَا الْعَمَل بِهِ احْتِيَاطًا} ؛ لفسقه لَو عمل بفاسق.
قَالَ الْمجد فِي " المسودة ": قَالَ الْجُوَيْنِيّ والمقدسي: يكون تعديلاً
إِلَّا فِيمَا الْعَمَل بِهِ من مسالك الِاحْتِيَاط.
قَالَ: وَعِنْدِي أَنه يفصل بَين أَن يكون الرَّاوِي مِمَّن يرى قبُول مَسْتُور الْحَال، أَو لَا يرَاهُ، أَو يجهل مذْهبه فِيهِ. انْتهى.
فَكَأَن الْمجد يخْتَار أَنه إِن كَانَ الرَّاوِي يرى أَنه لَا يروي إِلَّا عَن بارز الْعَدَالَة فعمله بروايته تَعْدِيل، وَإِن كَانَ يرى قبُول مَسْتُور الْحَال، أَو يجهل مذْهبه فِيهِ فَلَيْسَ بتعديل للإبهام فَيرجع فِيهِ إِلَى رَأْي الرَّاوِي فِيمَن يروي عَنهُ.
فعلى الأول قَالَ الْمُوفق فِي " الرَّوْضَة ": هُوَ كتعديله بِلَا سَبَب، وَمَعْنَاهُ للآمدي وَمن تبعه.
يَعْنِي إِذا عمل بروايته وَقُلْنَا إِنَّهَا تَعْدِيل فَيكون هَذَا التَّعْدِيل كالتعديل
القولي بِلَا ذكر السَّبَب على مَا تقدم عِنْد الشَّيْخ موفق الدّين، وَمن تَابعه.
وَقيل: بل هُوَ كحكمه بِهِ، فعلى هَذَا القَوْل يكون أقوى من القَوْل الَّذِي قبله؛ لِأَن الحكم بِهِ أقوى من التَّعْدِيل القولي وَلَو مَعَ ذكر السَّبَب كَمَا تقدم.
قَوْله: {وَلَيْسَ ترك الْعَمَل بهَا وبالشهادة جرحا} .
يَعْنِي: لَو ترك الْعَمَل بالرواية أَو بِالشَّهَادَةِ لَا يكون ذَلِك جرحا لاحْتِمَال سَبَب سوى ترك الْعَمَل فَلَا يحكم على الرَّاوِي وَالشَّاهِد إِذا ترك الْعَمَل بهما بجرحهما عِنْد الْجُمْهُور؛ لِأَنَّهُ تَركه للْعَمَل قد يكون لأجل معنى فيهمَا من تُهْمَة قرَابَة، أَو عَدَاوَة، أَو غير ذَلِك، وَقد يكون لغير ذَلِك.
فَإِذا لم يعْمل وَاحْتمل فَلَا يحكم عَلَيْهِ بِالْجرْحِ بذلك مَعَ الِاحْتِمَال؛ لِأَن الأَصْل عَدمه، وَلَيْسَ ترك الحكم بهَا منحصراً فِي الْفسق.
وَلِأَن عمله قد يكون متوقفاً على أَمر آخر زَائِد على الْعَدَالَة فَيكون التّرْك لعدم ذَلِك لَا لانْتِفَاء الْعَدَالَة.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر ابْن الباقلاني: يكون جرحا إِذا تحقق ارْتِفَاع الدوافع، والموانع، وَأَنه لَو كَانَ ثَابتا للَزِمَ الْعَمَل بِهِ.
أما إِن لم يتَبَيَّن قَصده إِلَى مُخَالفَة الْخَبَر فَلَا يكون جرحا، وَفِي الْحَقِيقَة لَا يُخَالف الأول، قَالَه الْبرمَاوِيّ.
قَوْله: {وَرِوَايَة الْعدْل تَعْدِيل إِن كَانَ عَادَته لَا يروي إِلَّا عَن عدل} عِنْد الإِمَام أَحْمد، وَالشَّيْخ موفق الدّين، وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين، والطوفي، وَأبي الْمَعَالِي، والآمدي، وَابْن الْقشيرِي،
…
...
…
... .
وَالْغَزالِيّ، وَابْن الْحَاجِب، والهندي، والباجي، وَغَيرهم، وَهُوَ وَاضح.
وَهَذَا الرَّابِع الَّذِي يحصل بِهِ التَّعْدِيل.
قَالَ ابْن رَجَب فِي آخر " شرح التِّرْمِذِيّ ": اخْتلف الْفُقَهَاء، وَأهل الحَدِيث فِي رِوَايَة الثِّقَة عَن رجل غير مَعْرُوف: هَل هُوَ تَعْدِيل، أم لَا؟
وَحكى أَصْحَابنَا عَن أَحْمد فِي ذَلِك رِوَايَتَيْنِ، وحكوا عَن الْحَنَفِيَّة أَنه تَعْدِيل، وَعَن الشَّافِعِيَّة خلاف ذَلِك.
قَالَ: فالمنصوص عَن أَحْمد أَنه إِن عرف مِنْهُ أَنه لَا يروي إِلَّا عَن ثِقَة
فروايته عَن إِنْسَان تَعْدِيل لَهُ، وَمن لم يعرف مِنْهُ ذَلِك فَلَيْسَ بتعديل. وَصرح بِهِ طَائِفَة من محققي أَصْحَابنَا، وَأَصْحَاب الشَّافِعِي.
قَالَ أَحْمد فِي رِوَايَة الْأَثْرَم: إِذا روى الحَدِيث عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن رجل فَهُوَ حجَّة، ثمَّ قَالَ: كَانَ عبد الرَّحْمَن أَولا يتساهل فِي الرِّوَايَة عَن غير وَاحِد ثمَّ شدد بعد.
وَقَالَ أَحْمد فِي رِوَايَة أبي زرْعَة مَالك بن أنس إِذا روى عَن رجل لَا يعرف فَهُوَ حجَّة.
وَقَالَ فِي رِوَايَة ابْن هَانِئ: مَا روى مَالك عَن أحد إِلَّا وَهُوَ ثِقَة
وكل من روى عَنهُ مَالك فَهُوَ ثِقَة.
وَذكر نصوصاً أخر فِي ذَلِك عَنهُ، وَعَن ابْن معِين، وَغَيره. انْتهى.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي " المسودة ": مذْهبه التَّفْضِيل بَين بعض الْأَشْخَاص.
وَقَالَ أَيْضا: وَالصَّحِيح الَّذِي يُوجِبهُ كَلَام أَحْمد أَن من عرف من حَاله الْأَخْذ عَن الثِّقَات كمالك، وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي، كَانَ تعديلاً دون غَيره. انْتهى.
وَقَالَ الطوفي فِي " مُخْتَصره ": وَالْحق أَنه إِن عرف من مذْهبه أَو عَادَته أَو صَرِيح قَوْله أَنه لَا يرى الرِّوَايَة وَلَا يروي إِلَّا عَن عدل كَانَ تعديلاً، وَإِلَّا فَلَا؛ إِذْ قد يروي الشَّخْص عَمَّن لَو سُئِلَ عَنهُ لسكت.
وَقَالَ ابْن اللحام فِي " مُخْتَصره " فِي الْأُصُول: وَفِي رِوَايَة الْعدْل عَنهُ
أَقْوَال، ثَالِثهَا الْمُخْتَار وَهُوَ الْمَذْهَب: تَعْدِيل إِن كَانَ عَادَته لَا يروي إِلَّا عَن عدل. انْتهى.
إِذا علم ذَلِك فَيعرف كَونه لَا يروي إِلَّا عَن عدل إِمَّا بتصريحه وَهُوَ الْغَايَة، أَو باعتبارنا لحاله، أَو استقرائنا لمن يروي عَنهُ، وَهُوَ دون الأول، قَالَه ابْن دَقِيق الْعِيد، وَغَيره وَتقدم كَلَام الطوفي.
وَعَن أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى: لَا يكون ذَلِك تعديلاً.
قَالَ ابْن مُفْلِح فِي أُصُوله: وَرِوَايَة الْعدْل لَيست تعديلاً عِنْد أَكثر الْعلمَاء من الطوائف وفَاقا للمالكية، وَالشَّافِعِيَّة. انْتهى.
وَقيل: تَعْدِيل مُطلقًا، اخْتَارَهُ القَاضِي، وَأَبُو الْخطاب، وَالْحَنَفِيَّة، وَبَعض الشَّافِعِيَّة عملا بِظَاهِر الْحَال.
رد بِالْمَنْعِ، وَبِأَنَّهُ خلاف الْوَاقِع، وبعدم الدَّلِيل.
وَرُوِيَ عَن القَاضِي: إِن سَمَّاهُ فَلَا تَعْدِيل لعدم الْغرَر، وَإِلَّا فتعديل لِئَلَّا تكون رِوَايَته ضيَاعًا.
وَلَعَلَّه أَرَادَ بِمَا إِذا سَمَّاهُ أَنه وكل تعديله وجرحه إِلَى غَيره، وأظن أَنِّي رَأَيْت هَذَا النَّقْل عَن القَاضِي فِي " المسودة "، لَكِن قَالَ ابْن مُفْلِح: وَأَشَارَ بعض أَصْحَابنَا: إِن سَمَّاهُ فَلَا تَعْدِيل لعدم الْغرَر وَإِلَّا فتعديل لِئَلَّا تكون رِوَايَته ضيَاعًا كَذَا قَالَ. انْتهى.
وَلم ينْسب النَّقْل إِلَى القَاضِي.
قَوْله: فَائِدَة: {يعْمل بِالْحَدِيثِ الضَّعِيف فِي الْفَضَائِل عِنْد الإِمَام أَحْمد، وَالشَّيْخ الْمُوفق، وَالْأَكْثَر} .
قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " الْآدَاب الْكُبْرَى ": قطع غير وَاحِد مِمَّن صنف فِي عُلُوم