الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَسْأَلَة الأولى: كتمان أهل التَّوَاتُر مَا يحْتَاج إِلَى نَقله مُمْتَنع، خلافًا للرافضة حَيْثُ قَالُوا: لَا يمْتَنع ذَلِك لاعتقادهم كتمان النَّص على إِمَامَة عَليّ رضي الله عنه، وَهَذَا وَالله لَا يَعْتَقِدهُ مُسلم يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يكون خير الْقُرُون الَّذين رضي الله عنهم وَشهد لَهُم النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
بِالْجنَّةِ وَقد أخبر الله تَعَالَى فِي كِتَابه عَنْهُم بِأَنَّهُ رَضِي عَنْهُم، يعلمُونَ أَن الْإِمَامَة يَسْتَحِقهَا عَليّ رضي الله عنه ويكتمون ذَلِك فِيمَا بَينهم، وَيُوَلُّونَ غَيره، هَذَا من أمحل الْمحَال الَّذِي لَا يرتاب فِيهِ مُسلم، وَلَكِن هَذَا من بهت الرافضة عَلَيْهِم من الله مَا يسْتَحقُّونَ وَأَن
هَذَا فِي الْقبْح كتواطؤهم على الْكَذِب وَهُوَ محَال عَلَيْهِم.
واستدلت الرافضة لما ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِأَن النَّصَارَى وهم أَكثر أمة تركُوا نقل كَلَام الْمَسِيح عليه السلام فِي المهد مَعَ أَنه من أعجب حَادث حدث فِي الأَرْض.
قُلْنَا: لِأَنَّهُ كَانَ قبل نبوته، واتباعهم لَهُ، وَظُهُور أمره، وَلم يعن بذلك أحد، والدواعي إِنَّمَا تتوفر على نقل أَعْلَام النُّبُوَّة، وَقد نقل أَن حاضري كَلَامه لم يَكُونُوا كثيرين فاختل شَرط التَّوَاتُر فِي الطّرف الأول، وَكَذَا فِي الْوسط كقصة بخْتنصر وَقَتله النَّصَارَى حَتَّى لم يبْق مِنْهُم قدر عدد التَّوَاتُر.
قلت: وَفِي هَذَا الْأَخير نظر فِيمَا يظْهر.
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: امْتنَاع الْكَذِب على عدد التَّوَاتُر عَادَة، وَهُوَ مَمْنُوع فِي الْعَادة، وَإِن كَانَ لَا يحيله الْعقل، وَهَذَا مَأْخَذ الْمَسْأَلَة الْمُتَقَدّمَة فِي جَوَاز مَا يحْتَاج إِلَى نَقله؛ لِأَنَّهُ إِذا جَازَ الْكَذِب فالكتمان أولى، وَالأَصَح عدم جَوَازه عَادَة لَا لذاته، وَلَا يلْزم من فرض وُقُوعه محَال.
قَوْله: {فَلَو انْفَرد مخبر فِيمَا تتوفر الدَّوَاعِي على نَقله، وَقد شَاركهُ خلق كثير فكاذب قطعا، خلافًا للشيعة} فِيهِنَّ، مِثَال ذَلِك فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَن
ينْفَرد مخبر بِأَن ملك الْمَدِينَة قتل عقب الْجُمُعَة وسط الْجَامِع، أَو قتل خطيبها على الْمِنْبَر، فَإِنَّهُ يقطع بكذبه عِنْد الْجَمِيع من الْعلمَاء المعتبرين، وَخَالف فِي ذَلِك الشِّيعَة.
لنا: الْكَذِب بِمثل هَذَا عَادَة فَإِنَّهَا تحيل السُّكُوت عَنهُ، وَلَو جَازَ كِتْمَانه لجَاز الْإِخْبَار عَنهُ بِالْكَذِبِ، وكتمان مثل مَكَّة، وبغداد وبمثله يقطع بكذب مدعي مُعَارضَة الْقُرْآن، وَالنَّص على إِمَامَة عَليّ رضي الله عنه كَمَا تدعيه الشِّيعَة، كَمَا تقدم عَنْهُم.
وَلم تنقل شرائع الْأَنْبِيَاء لعدم الْحَاجة إِلَيْهَا، ونقلت شَرِيعَة مُوسَى، وَعِيسَى لتمسك قوم بهما، وَلَا كَلَام الْمَسِيح فِي المهد؛ لِأَنَّهُ قبل ظُهُوره، واتباعه - كَمَا تقدم -، ومعجزات نَبينَا مَا كَانَت بِحَضْرَة خلق كثير تواتراً وَلم يسْتَمر اسْتغْنَاء بِالْقُرْآنِ، وَإِلَّا فَلَا يلْزم؛ لِأَنَّهُ نَقله من رَآهُ، وَمثل
إِفْرَاد الْإِقَامَة وإفراد الْحَج، ومسخ الْخُف، وَالرَّجم، لم يتْرك نَقله، فَمِنْهُ مَا تَوَاتر، وَمَا لم يتواتر لم يكن بِحَضْرَة خلق، أَو لجَوَاز الْأَمريْنِ، أَو اخْتِلَاف سَماع، أَو غير ذَلِك.
وَقَوْلهمْ: يجوز ترك النَّقْل لغَرَض أَو اعْتِرَاض رد بِالْمَنْعِ لما سبق وَأَنه لَو جَازَ لجَاز كذبهمْ لذَلِك لِأَنَّهُمَا قَبِيح.