الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في زعمه أن الحنابلة لم يكفهم الافتراء على الناس حتى افتروا على الجن والهواتف]
فصل
في زعمه أن الحنابلة لم يكفهم الافتراء على الناس، حتى افتروا على الجن
والهواتف، وجعلوهم مؤيدين لهم، والرد عليه قال المالكي ص (147) :(ولم يكتفوا بالافتراء على البشر، حتى افتروا على الجن والهواتف، فيأتون بالأخبار التي تجعل الجن في صفهم، وكأن الجن والهواتف ليس فيهم معطلة ولا جهمية، مع أن القرآن الكريم قد أخبر عنهم أن فيهم الصالحون (1) وفيهم الكفار.
ومن أمثلة هذه الأساطير هنا: ما رووه من أنهم سمعوا هاتفا يلعن (بشرا المريسي، وثمامة بن أشرس) اهـ.
والجواب من وجوه ثلاثة: أحدها: أن قائل هذا ليس بحنبلي كذلك، فقد رواه عبد الله بن أحمد في " السنة "(1 / 169)(195) بإسناد صحيح، قال: (حدثني هارون بن عبد الله الحمال، ثنا محمد بن أبي كبشة قال: " سمعت هاتفا يهتف في البحر ليلا فقال: لا إله إلا الله، كذب المريسي على الله عز وجل،
(1) كذا عند المالكي، وصوابها (الصالحين) اسم (أن) مؤخر، ولعل المالكي اكتفى بنصبه عن نصبها.
ثم هتف ثانية فقال: لا إله إلا الله، على ثمامة والمريسي لعنة الله، قال: وكان معنا في المركب رجل من أصحاب بشر المريسي، فخر ميتا ") اهـ.
وهارون: عالم، ثقة، جليل، احتج به مسلم في " صحيحه "، ووثقه الأئمة الكبار، وابن أبي كبشة: وثقه ابن حبان، رحمهم الله جميعا.
الثاني: أن سبب نفي المالكي لهذا الأثر الصحيح عن هذا الهاتف كونه جاء موافقا لاعتقاد السلف رحمهم الله، مع أن الجن فيهم المؤمن والكافر، والسني والجهمي وغير ذلك، كما ذكر هو، وهذا الأمر - أعني وجود كفار ومبتدعة في الجان - الذي يخاله المالكي علة تبطل هذا الأثر لا قيمة له، فوجود هاتف بأمر موافق لاعتقاد السلف لا ينفي وجود آخرين مخالفين له.
ولا تصح له علته هذه إلا إذا ادعى أن الجان والهواتف كلهم على اعتقاد واحد مخالف لاعتقاد السلف، وهذا لا يدعيه، ولا يسعه ذلك، وقد قال خلافه.
الثالث: أن ما هتف به هذا الهاتف أمر متفق عليه بين أهل السنة جميعا، وكان عليه أئمة السلف رحمهم الله، فليس بأمر منكر ولا مستغرب.