الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في نقض نتيجته الخامسة]
فصل
في نقض نتيجته الخامسة ثم ذكر المالكي ص (86ا-187) النتيجة الخامسة فقال: (5- ضرورة العودة للقران الكريم، والالتزام بما فيه، من مجمل الإيمانيات التي يسمونها العقائد، ومجمل الأوامر الظاهرة، والمحرمات الظاهرة، والأخلاق الواجبة، وعدم امتحان الناس بالمتشابه منه.
ثم العودة لمتواتر السنة، ثم الصحيح المشهور، وترك التنازع في المختلف فيه من السنة، سواء من حيث الثبوت، أو دلالة النص، وفتح حرية الاجتهاد في ذلك، ما دام أن الشروط السابقة قد تحققت) اهـ.
والجواب من وجوه: أحدها: أن العودة إلى القرآن الكريم، والالتزام بما فيه: واجب لازم في مجمل الإيمانيات وفروعها، وبكل ما جاء فيه، فمن كفر بحرف واحد منه، فقد كفر به كله.
أما الاقتصار على الإيمان بمجمل الإيمانيات: فهو إيمان ببعض الكتاب، وكفر ببعض، كما فعل أهل الكتاب من قبل، قال سبحانه:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 85]
ولو صح إيمان هؤلاء الذين يؤمنون بالمُجْمَلات دون البقية: لصح إيمان اليهود والنصارى!
بل إن من آمن بالمُجْمَلات فحسب، هو أشر من فعل اليهود والنصارى، لكفر هذا بغالب القران، وكفرهم- هم- ببعضه، وإيمانهم ببعضه الآخر!
الثاني: أن الالتزام- كذلك- بما في القرآن الكريم: واجب لازم، بمجمل الأوامر الظاهرة، والمحرمات الظاهرة وغيرها.
والأوامر الظاهرة والمحرمات الظاهرة: قد بيَّنها المالكي فيما تقدم، بأنها الأوامر والنواهي المجمع عليها! وقد قدمنا أن هذه زندقة.
وقد قال أئمة الإسلام: "من تتبع الرخص تزندق " أي أن من تتبع أقوال العلماء المجيزين لما يهوى دون اعتبار للراجح، وللصحيح من الدليل: تزندق. وهذا هو عين قول المالكي، بل قوله هو: أقبح وأشأم! لإيجابه هذه الزندقة، على المسلمين جميعا.
الثالث: أن الرجوع للسنة الشريفة، متواترة، وصحيحة لم تواتر: واجب لازم، في جميع ما جاءت به.
وأما ترك الأحاديث المتنازع فيها، من حيث الثبوت، أو الدلالة: فباطل بإجماع المسلمين، سنة ومبتدعة
فكثير من الأحاديث التي يستدلون بها في الأصول والفروع: متنازع فيها، من حيث الثبوت، أو الدلالة، إلا أن العبرة في ذلك بأمرين:
أحدها: أن يكون في الحديث المستدل به، إجماع على صحته عند أهل السنة، فلا نظر في نزاع المبتدعة، كنزاع كثير منهم في صحة أحاديث "الصحيحين"، والمالكي منهم! وقد أجمع أهل السنة على صحتهما.
الثاني: أن يكون أهل السنة مجمعون على تأويله على وجه ما، فحينئذ يجب المصير إليه، وترك ما سواه.
وأما الأحاديث المتنازع فيها في الفروع، إن لم يوجد الأمران السابقان أو أحدهما: فإن العبرة بالراجح، إما في ثبوتها، وإما في دلالتها. وهذه الأوجه، يقول بها المبتدعة أيضًا، إلا أنهم يخالفوننا بمن يعتد به في الإجماع، وفي صحة التأويل، وكذلك التصحيح والترجيح. فما يطالب به المالكي هنا باطل لوجهين:
* لمخالفته إجماع المسلمين كما سبق.
* ولأن فيه إسقاطا لكثير من الأحاديث والأحكام، وإبطالها.
ثم إن ما قرره المالكي هنا: نظري لم يستطع هو نفسه تطبيقه! بل خالفه مخالفة ظاهرة! وهذا من جملة تناقضاته الكثيرة، فأنكر المالكي على شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، تضعيفهم حديث.
" أنا مدينة العلم، وعلي بابها "، وشدد النكير في ذلك عليه! مع أنه غير مسلم بصحته، والنزاع في صحته مشهور معروف، بل الراجح عند محققيهم ضعفه، بل قال جماعة بوضعه، منهم: الإمام أحمد، وابن معين (حكاه الخطيب عنه) وأبو حاتم، ويحيى بن سعيد، والدارقطني، وابن عدي، وابن الجوزي، والذهبي. ووصفه الحافظ أبو عبد الله البخاري بالنكارة، وقال:"ليس له وجه صحيح"، وكذلك فعل الترمذي فيه فقال:"منكر". وانظر "الشذرة في الأحاديث المشتهرة " لابن طولون (1 / 130-131) و"تمييز الطيب من الخبيث " لابن الديبع، وغيرهما، وغالب من صنف في الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة يذكره.
فلم لم يعمل المالكي بقاعدته هذه، ويترك الكلام في هذا الحديث المتنازع في صحته، وفي معناه لو صح؟!
الوجه الرابع: أن باب الاجتهاد، مفتوح لصاحبه المتحققة فيه شروطه، في الفروع دون الأصول، وليس لكل من ادعاه!