الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في رمي المالكي الحنابلة بالنصب والرد عليه]
فصل
في رمي المالكي الحنابلة بالنصب! والرد عليه زعم المالكي في حاشية ص (127) : أن الحنابلة لديهم حساسية كبيرة، من الثناء على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأهل بيته! بينما ينتشر بينهم، الثناء على بني أمية، وخاصة معاوية، وابنه يزيد!
ثم زعم المالكي كذلك: أن المناهج التعليمية عندنا في المملكة، تسببت في انتشار النصب بين عموم طلبة العلم! !
والجواب: أن هذه الحساسية المزعومة، لا يشعر بها إلا الرافضة، وأبناؤهم، وأذنابهم.
وما زالت كتب أهل السنة حنابلة وغيرهم: مليئة بفضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة، وخلفائه الراشدين الأربعة خاصة، وهذه كتبهم بيننا.
والحنابلة من أشد الناس حرصا على سلامة أعراض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة، فكيف بخواص الصحابة وكبارهم منزلة؟ ! وما زال طلبة العلم يدرسونها ويدرسونها.
وهذه مساجدنا، وهاهم خطباؤنا، لا يختمون خطبهم إلا بالترضي على الخلفاء الأربعة، أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم.
غير أن الحنابلة لم يؤلهوا عليا رضي الله عنه! ولم يقولوا بعصمته! أو رجعته! ولم يقدموه رضي الله عنه على أبي بكر وعمر.
فإن كان ذلك هو النصب الذي يعنيه المالكي، فنعم إذن!
أما رمي المالكي لمناهج تعليمنا، أنها تسببت في انتشار النصب بين عموم طلبة العلم: فدعوى باطلة، فليذكر لنا حرفا واحدا فحسب - ولا نريد منه دليلا غيره - في كتاب واحد فحسب من تلك المناهج التعليمية فيه تنقص لعلي رضي الله عنه، أو غض من مكانته الرفيعة رضي الله عنه، أو أحد من أهل بيته. فإذا لم يفعل - ولن يفعل - فلعنة الله على الكاذبين.
وهذا " كتاب الشريعة "، مثال لكتاب من كتب الحنابلة في الاعتقاد، للحافظ الكبير الإمام أبي بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجري رحمه الله (ت 360 هـ) . وترجمته عند:
. ابن أبي يعلى (ت 526 هـ) في " طبقات الحنابلة "(332 - 333) ،
. والنابلسي (ت 797 هـ) في " مختصر طبقات الحنابلة "(332) ،
. والبرهان ابن مفلح (ت 884 هـ) في " المقصد الأرشد، في تراجم أصحاب الإمام أحمد "(2 / 389) ،
. والعليمي (ت 927 هـ) في " الدر المنضد، في ذكر أصحاب الإمام أحمد "(1 / 175) ،
وفي كتاب العليمي الآخر " المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد "(2 / 271) ،
. وابن العماد الحنبلي (ت 1089 هـ) في " شذرات الذهب "(3 / 35) ،
. وابن عثيمين (ت 1410 هـ) في " تسهيل السابلة، لمريد معرفة علماء الحنابلة "(637)(1 / 428 - 429) ،
. وبكر بن عبد الله أبو زيد، في " علماء الحنابلة " ص (92) وغيرهم كثير.
عقد الآجري رحمه الله في كتابه " الشريعة ": كتبا وأبوابا كثيرة في فضائل الصحابة رضي الله عنهم، عامة وخاصة، وعقد كتابا في " الشريعة " سماه: (كتاب فضائل أمير المؤمنين رضي الله عنه .
ثم عقد تحته اثني عشر بابا في ذلك، يذكر الباب، ثم يسوق ما حفظ فيه، هي:
. كتاب فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
. باب ذكر جامع مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
. باب ذكر محبة الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه، وأن عليا محب لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
. باب ذكر منزلة علي رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كمنزلة هارون من موسى.
. باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كنت مولاه فعلي مولاه، ومن كنت وليه فعلي وليه» .
باب ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، لمن والى عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وتولاه، ودعائه على من عاداه.
باب ذكر عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي أنه لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق، والمؤذي لعلي رضي الله عنه المؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
باب ذكر ما أعطي علي بن أبي طالب رضي الله عنه، من العلم والحكمة، وتوفيق الصواب في القضاء، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم له بالسداد والتوفيق.
باب ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بالعافية من البلاء مع المغفرة.
باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه بقتال الخوارج، وأن الله عز وجل أكرمه بقتلهم.
باب ذكر جوامع فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه الشريفة الكريمة عند الله عز وجل، وعند رسوله صلى الله عليه وسلم، وعند المؤمنين.
باب ذكر مقتل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وما أعد الله الكريم لقاتله من الشقاء في الدنيا والآخرة.
باب ذكر ما فعل بقاتل علي كرم الله وجهه.
كتاب فضائل فاطمة رضي الله عنها.
باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: " «إن فاطمة سيدة نساء عالمها» .
باب ذكر إكرام النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها، وعظم قدرها عنده
باب ذكر غضب النبي صلى الله عليه وسلم، لغضب فاطمة رضي الله عنها.
. باب ذكر تزويج فاطمة بعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وعظيم ما شرفها الله عز وجل به في التزويج من الكرامات التي خصهما الله عز وجل بها.
. باب ذكر بيان فضل فاطمة رضي الله عنها في الآخرة، على سائر الخلائق.
. كتاب فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما.
. باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» .
. باب شبه الحسن والحسين رضي الله عنهما برسول الله صلى الله عليه وسلم.
. باب ذكر محبة النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين رضي الله عنهما.
. باب حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على محبة الحسن والحسين، وأبيهما، وأمهما رضي الله عنهم أجمعين.
. باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين رضي الله عنهما: «هما ريحانتاي من الدنيا» .
. باب ذكر حمل النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين رضي الله عنهما على ظهره في الصلاة، وغير الصلاة.
. باب ذكر ملاعبة النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين رضي الله عنهما.
. باب ذكر إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاح المسلمين بالحسن بن علي رضي الله عنهما.
باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الحسين رضي الله عنه، وقوله:«اشتد غضب الله على قاتله» .
. باب ذكر نوح الجن على الحسين رضي الله عنه.
. باب في الحسن والحسين رضي الله عنهما: من أحبهما فللرسول يحب، ومن أبغضهما فللرسول يبغض.
. باب فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها.
. باب ذكر تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة رضي الله عنها، وولدها منه.
. باب ذكر غضب النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة رضي الله عنها، وحسن ثنائه عليها.
. باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة رضي الله عنها، سيدة نساء عالمها.
. باب بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة رضي الله عنها، بما أعد الله عز وجل لها في الجنة.
. كتاب جامع فضائل أهل البيت رضي الله عنهم.
. باب ذكر قول الله عز وجل: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] .
. باب ذكر أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بالتمسك بكتاب الله عز وجل، وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبمحبة أهل بيته، والتمسك على ما هم عليه من الحق، والنهي عن التخلف عن طريقتهم الجميلة الحسنة.
. باب قول الله عز وجل: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 166] .
. باب فضل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.
باب فضل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.
. كتاب فضائل العباس بن عبد المطلب، وولده رضي الله عنهم أجمعين.
. باب ذكر تعظيم قدر العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
. باب ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للعباس رضي الله عنه، ولولده، وأنه قد أجيب في ذلك.
. باب ذكر من آذى العباس رضي الله عنه، فقد آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
. باب ذكر غضب النبي صلى الله عليه وسلم لغضب العباس رضي الله عنه.
. باب ما روي أن للعباس رضي الله عنه شفاعة، يشفع بها للناس يوم القيامة.
. باب فضل عبد الله بن عباس رضي الله عنه، وما خضه الله الكريم من الحكمة والتأويل الحسن للقرآن.
. باب ذكر ما انتشر من علم ابن عباس رضي الله عنه.
. باب ذكر وفاة ابن عباس رضي الله عنه بالطائف، والآية التي رويت عند دفنه.
. باب ذكر إيجاب حب بني هاشم، أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم على جميع المؤمنين.
. باب ذكر فضل بني هاشم على غيرهم.
. باب فضل قريش على غيرهم.
روى الآجري رحمه الله في هذه الأبواب، كثيرا مما حفظ وروى من حديث وأثر، فجاءت هذه الأبواب حافلة، بكثير مما جاء في فضلهم، وعظيم حقهم.
وكان مما قال الآجري رحمه الله، في أول كتاب فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه من " الشريعة ": (أما بعد، فاعلموا - رحمنا الله وإياكم - أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه شرفه الله الكريم بأعلا الشرف، سوابقه بالخير عظيمة، ومناقبه كثيرة، وفضله عظيم، وخطره جليل، وقدره نبيل.
أخو الرسول صلى الله عليه وسلم وابن عمه، وزوج فاطمة، وأبو الحسن والحسين، وفارس المسلمين، ومفرج الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقاتل الأقران، الإمام العادل، الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة، المتبع للحق، المتأخر عن الباطل، المتعلق بكل خلق شريف.
الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم له محبان، وهو لله والرسول محب، الذي لا يحبه إلا مؤمن تقي، ولا يبغضه إلا منافق شقي، معدن العقل والعلم والحلم والأدب رضي الله عنه .
وقال رحمه الله في " كتاب فضائل فاطمة رضي الله عنها " من " الشريعة ": (اعلموا - رحمنا الله وإياكم - أن فاطمة رضي الله عنها، كريمة على الله عز وجل وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وعند جميع المؤمنين.
شرفها عظيم، وفضلها جزيل، النبي صلى الله عليه وسلم أبوها، وعلي رضي الله عنه بعلها، والحسن والحسين رضي الله عنهما سيدا شباب أهل الجنة ولداها، وخديجة الكبرى أمها.
قد جمع الله الكريم لها الشرف من كل وجه، مهجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثمرة فؤاده، وقرة عينه رضي الله عنها، وعن بعلها، وعن ذريتها الطيبة المباركة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«فاطمة سيدة نساء عالمها» .
وقال صلى الله عليه وسلم: «حسبك من نساء العالمين: مريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآسية امرأة فرعون» .
وقال الآجري رحمه الله أيضا في " الشريعة "، في " فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما ":(اعلموا - رحمنا الله وإياكم -: أن الحسن والحسين رضي الله عنهما، خطرهما عظيم، وقدرهما جليل، وفضلهما كبير، أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم خلقا وخلقا) .
الحسن والحسين رضي الله عنهما، هما ذريته الطيبة الطاهرة المباركة، وبضعتان منه، أمهما فاطمة الزهراء، مهجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبضعة منه، وأبوهما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أخو رسول الله رب العالمين، وابن عمه، وختنه على ابنته، وناصره، ومفرج الكرب عنه، ومن كان الله ورسوله له محبين.
فقد جمع الله الكريم للحسن والحسين رضي الله عنهما الشرف العظيم، والحظ الجزيل من كل جهة، ريحانتا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيدا شباب أهل الجنة.
وسنذكر ما حضرني ذكره بمكة من الفضائل، ما تقر بها عين كل مؤمن محب لهما، ويسخن الله العظيم بها عين كل ناصبي خبيث باغض لهما، أبغض الله من أبغضها) .
وقال رحمه الله في " الشريعة "، في " باب ذكر إيجاب حب بني هاشم، أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم على جميع المؤمنين ":
(واجب على كل مؤمن ومؤمنة: محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم: بنو هاشم: علي بن أبي طالب، وولده، وذريته، فاطمة، وولدها، وذريتها، والحسن والحسين، وأولادهما، وذريتهما، وجعفر الطيار، وولده، وذريته، وحمزة، وولده، والعباس، وولده، وذريته رضي الله عنهم.
هؤلاء أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واجب على المسلمين محبتهم، وإكرامهم، واحتمالهم، وحسن مداراتهم، والصبر عليهم، والدعاء لهم.
فمن أحسن من أولادهم وذراريهم: فقد تخلق بأخلاق سلفه الكرام الأخيار الأبرار.
ومن تخلق منهم بما لا يحسن من الأخلاق: دعي له بالصلاح والصيانة والسلامة، وعاشره أهل العقل والأدب، بأحسن المعاشرة، وقيل
له: نحن نجلك عن أن تتخلق بأخلاق لا تشبه سلفك الكرام الأبرار، ونغار لمثلك أن يتخلق بما نعلم أن سلفك الكرام الأبرار، لا يرضون بذلك، فمن محبتنا لك، أن نحب لك أن تتخلق بما هو أشبه بك، وهي الأخلاق الشريفة الكريمة، والله الموفق لذلك) اهـ.
وقد قدمت أن الآجري رحمه الله، قد روى في كل باب، ما حفظ فيه من حديث وأثر، وساقه بإسناده، فاجتمع فيها أحاديث كثيرة، وآثار تسر المؤمنين.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد حديث سفينة رضي الله عنه مرفوعا: «خلافة النبوة، ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله ملكه أو الملك من يشاء» :
(رواه أهل السنن، كأبي داوود وغيره، واعتمد عليه الإمام أحمد وغيره في تقريره خلافة الخلفاء الراشدين الأربعة، وثبته أحمد، واستدل به على من توقف في خلافة علي، من أجل افتراق الناس عليه، حتى قال أحمد:" من لم يربع بعلي في الخلافة، فهو أضل من حمار أهله "، ونهى عن مناكحته.
وهو متفق عليه بين الفقهاء، وعلماء السنة، وأهل المعرفة والتصوف، وهو مذهب العامة.
وإنما يخالفهم في ذلك، بعض أهل الأهواء، من أهل الكلام ونحوهم، كالرافضة الطاعنين في خلافة الثلاثة، أو الخوارج الطاعنين في خلافة الصهرين المنافيين: عثمان وعلي.
أو بعض الناصبة النافين لخلافة علي رضي الله عنه، أو بعض الجهال من المتسننة، الواقفين في خلافته!
ووفاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في شهر ربيع، سنة إحدى عشرة من هجرته.
وإلى عام ثلاثين سنة، كان إصلاح ابن رسول صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي السيد بين فئتين من المؤمنين، بنزوله عن الأمر عام إحدى وأربعين، في شهر جمادى الأولى، وسمي " عام الجماعة " لاجتماع الناس على معاوية، وهو أول الملوك) اهـ من " مجموع الفتاوى "(35 / 18 - 19) .
وكلام شيخ الإسلام رحمه الله في هذا الباب كثير، في كثير من مصنفاته وفتاواه، وفي " مجموع الفتاوي " شيء كثير وقفت عليه، وما قدمته يغني بمشيئة الله.
وقال الإمام العلامة يحيى بن يوسف بن يحيى الأنصاري الصرصري الحنبلي (ت 656 هـ، شهيدا على يد المغول لعنهم الله، لما دخلوا العراق) في قصيدته اللامية العظيمة، التي ذكر فيها اعتقاد الحنابلة، والثناء على إمامهم أحمد بن حنبل وأتباعه رحمهم الله جميعا، بعد ذكره الخلفاء الثلاثة أبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم، قال:
وكان أحق الناس بالأمر بعدهم
…
أبو الحسن المرضي تاج الهدى علي
وكان بأمر الله أعدل قائم
…
على السنن المحمود لم يتنقل
إمام هدى أكرم به من خليفة
…
خليفة عدل للخلافة مكمل
عظيم لأسباب المجادل قاطع
…
كمي لأبطال الرجال مجدل
أبر فتى جاءت به هاشمية
…
كريم معم في الكرام ومخول
يجلي دجى الهيجا بأبيض منصل
…
يقطع من أبنائها كل مفصل
ودرع علي كان صدرا فما الذي
…
تظن بمقدام على الحرب مقبل
وفي قتله عمرو بن ود ومرحبا
…
دليل على ما قلت غير مبطل
وسماه في الدارين أحمد سيدا
…
وذلك فضل جامع كل أفضل
وحلاه من زهرائه وإخائه
…
بتاج من العلياء سام مكلل
وكان له السبطان في جيد فضله
…
كعقد بياقوت ودر مفصل
وأنزله منه وتلك فضيلة
…
كهارون من موسى فلا تتأول
وأثنى عليه يوم خيبر إذ علا
…
برايته العليا على كل أطول
ثناء بحب الله ، ثم رسوله
…
وفتح عليه عاجل متسهل
علامة إيمان الموحد حبه
…
وفي بغضه محض النفاق المضلل
وكم جمعت ألفاظه من بلاغة
…
وجاءت بحكم في قضاياه فيصل
بفضل فتاواه وحد حسامه
…
دياجي القضايا والوقائع تنجلي
تقلد خمسا أمرها متحملا
…
بأعبائها العظمى أشد تحمل
يصوم هجير الصيف أجرا وحسبة
…
ويهجر لذات الرقاد المخبل
إلى أن أتى ما لا مرد لوقعه
…
وما يتعجل وقته لا يؤجل
فخضب أشقاها من الرأس شيبة
…
تسامت وقارا بالدم المتبزل
وذلك وعد صادق من محمد
…
فآل بذاك الوعد أشرف موئل
فأكرم بهم في الناس أربعة هم
…
الربيع لقلب الموقن المتقبل
ولم تجتمع إلا بباطن مؤمن
…
محبتهم ، لا في فؤاد مغلل
وبعد علي كرم الله وجهه
…
استنيب بصلح السيد المتفضل
لذي الحلم والتقوى معاوية الرضى
…
أمين على التنزيل للوحي مسجل
رديف رسول الله ثم دعى له
…
بحلم وعلم إذ له بطنه يلي
ثم شرع - بعد ذلك - في ذكر فضائل آل البيت رضي الله عنهم، فقال:
وأذكر شيئا من فضائل أهله
…
ففضلهم المشهور والظاهر الجلي
هم العروة الوثقى لمستمسك
…
ونور الهدى للمبصر المتأمل
ثم ذكر جملة منهم رضي الله عنهم، فبدأ بذكر سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، فمدحه وأطال، ثم جعفر بن أبي طالب، ثم العباس بن عبد المطلب، ثم الحسنين: الحسن والحسين ابني علي، ثم عبد الله بن عباس رضي الله عنهم.
وقال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي، في " الجوهرة الفريدة، في تحقيق العقيدة "(ص 31) ، في " باب الخلافة، ومحبة الصحابة وأهل البيت رضي الله عنهم ".
وهو من المتون المتداولة عند الحنابلة، حفظا وشرحا، وممن شرحه: شيخنا العلامة المحقق عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين القضاعي الحنبلي حفظه الله، شرحه كاملا صيف عام (1422هـ)، قال حافظ:
كذا علي أبو السبطين رابعهم
…
بالحق معتضد ، للكفر مضطهد
فهؤلاء بلا شك خلافتهم
…
بمقتضى النص ، والإجماع نعتقد
وأهل بيت النبي والصحب قاطبة
…
عنهم ندب ، وحب القوم نعتقد
والحق في فتنة بين الصحاب جرت
…
هو السكوت ، وأن الكل مجتهد
والنصر أن أبا السبطين كان هو الـ
…
محق من رد هذا قوله فند
تبا لرافضة ، سحقا لناصبة
…
قبحا لمارقة ، ضلوا وما رشدوا
هذا شيء مما تيسر لي في هذا، مما يظهر - جليا - كذب هذا الرافضي المالكي على أئمة الإسلام، حنابلة وغير حنابلة من أهل السنة.
فأين الحساسية - التي زعمها المالكي الرافضي - من ذكر فضائل علي وأهل البيت رضي الله عنهم جميعا.
وكتب الحنابلة طافحة بفضلهم، والترضي عنهم، وهذا أمر مستقر عندهم - بحمد الله - لا نزاع فيه.
وقد أجمع أئمة الإسلام والسنة وأطبقوا، حنابلة وغيرهم، على عظم كتاب " الشريعة " وفضله، وأثنى على هذا الكتاب وصاحبه: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، في غير موضع من كتبه.
وكذلك الحافظ ابن قيم الجوزية رحمه الله في غير موضع، منها " اجتماع الجيوش الإسلامية ".
وقد أخد هذا السفر العظيم - أعني كتاب " الشريعة " - رسالة دكتوراة جامعية بالمملكة، وحقق في " جامعة أم القرى " بمكة المكرمة، ثم طبع بعد ذلك في المملكة أيضا، بتحقيق - صاحب الرسالة - الشيخ الدكتور عبد الله بن عمر بن سليمان الدميجي.
وهذا كتاب " شرح العقيدة الطحاوية " لابن أبي العز الحنفي رحمه الله (ت 792 هـ) ، أحد الكتب المقررة على طلاب كلية الشريعة بالمملكة، وفيه الثناء على علي رضي الله عنه، قال رحمه الله فيه (2 / 721 -722) : (قوله: " ثم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ". ش: أي ونثبت الخلافة بعد عثمان لعلي رضي الله عنهما.
لما قتل عثمان، وبايع الناس عليا: صار إماما حقا، واجب الطاعة، وهو الخليفة في زمانه خلافة نبوة، كما دل عليه حديث سفينة المقدم ذكره، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خلافة النبوة: ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء» ) 1 هـ.
ثم ذكر شيئا من فضائله رضي الله عنه في (2 / 725 - 726) ، وفي غير موضع.
ثم ذكر شيئا مما يجب في حق الآل رضي الله عنهم، في (2 / 737 -745) عند شرحه قول الطحاوي:(ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأزواجه الطاهرات من كل دنس، وذرياته المقدسين من كل رجس: فقد برئ من النفاق) اهـ.