المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في ذكر فضائل بني أمية وتقريب الرسول صلى الله عليه وسلم لهم واعتماده عليهم] - قمع الدجاجلة الطاعنين في معتقد أئمة الإسلام الحنابلة

[عبد العزيز بن فيصل الراجحي]

فهرس الكتاب

- ‌[أبيات من الشعر لإسماعيل الترمذي]

- ‌[تقديم معالي الشيخ العلامة الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان]

- ‌[المقدمة]

- ‌[فصل في سبب كتابة هذا الرد]

- ‌[فصل في ذكر مقدمات قبل الشروع في الرد]

- ‌[المقدمة الأولى أن التكفير والتبديع والتضليل والتفسيق كلها أحكام شرعية]

- ‌[المقدمة الثانية: أن الحق واحد يعرفه المهتدون بدليله من الوحي]

- ‌[المقدمة الثالثة: أن الجهمية ومن لف لفها وقال بقولها كافر خارج من الإسلام]

- ‌[المقدمة الرابعة أنه ما كفر من كفر ولا ضل من ضل إلا بتعليل باطل أو تأويل فاسد]

- ‌[المقدمة الخامسة أن المالكي متناقض تناقضا شديدا في كتابه هذا وفي غيره]

- ‌[المقدمة السادسة أن المالكي لا دليل له على جميع دعاواه التي ذكرها في كتابه هذا]

- ‌[فصل في بطلان ما ادعاه المالكي لنفسه من طلب للعلم والحق]

- ‌[فصل في بطلان انتساب المالكي لمذهب أحمد]

- ‌[فصل في بطلان حكم المالكي في المذهب]

- ‌[فصل في بيان سبب اختيار المالكي مذهب الإمام أحمد لنقده]

- ‌[فصل في عد المالكي كتابه هذا وأمثاله من نعم الله عز وجل على أمته]

- ‌[فصل في بيان تعميم المالكي أحكامه على جميع الحنابلة وكذب زعمه في نفي ذلك]

- ‌[فصل في حال الحنابلة المعاصرين عند المالكي]

- ‌[فصل في زعم المالكي غلو بعض الحنابلة المعاصرين في ذم أبي حنيفة]

- ‌[فصل في زعم المالكي غلو كثير من الحنابلة المعاصرين في تكفير المسلمين]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن بعض الحنابلة يطعن في بعض أئمة أهل البيت]

- ‌[فصل في بيان الفكر المنحرف الذي يجب محاصرته عند المالكي وما يترك]

- ‌[فصل في زعمه وجود آراء إلحادية عند بعض طلاب الجامعات السعودية والرد عليه]

- ‌[فصل في إبطال زعم المالكي أنه سني سلفي حنبلي]

- ‌[فصل في طلبه الاقتصار على أمور الإيمان الكلية دون تفصيل وبيان مراده وإبطاله]

- ‌[فصل في رمي المالكي السلف الصالح بالتكفير الظالم والتبديع والتضليل]

- ‌[فصل في رمي المالكي المسلمين كافة بأن ضابط الصلاح عندهم هو المذهبية]

- ‌[فصل في اضطراب معنى السلف الصالح عند المالكي]

- ‌[فصل في طعن المالكي في الإمام ابن أبي يعلى ورميه للعقائديين بأن مقياسهم في الرجال مبتدع]

- ‌[فصل في أسباب نكسات المسلمين عند المالكي وبيان فساد طريق السلامة منها عنده]

- ‌[فصل في إبطال المالكي الانتساب إلى السلف الصالح لتردد معناه عند أهل الفرق]

- ‌[فصل في تنازع الفرق رجالا من أئمة السلف كلهم يدعيهم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن المستفيد من كتب اعتقاد المسلمين هم أعداء الإسلام]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن كتب عقائد المسلمين فيها باطل كثيروحق قليل]

- ‌[فصل في رد دعوى المالكي أنه لم يسلم من كتب العقائد إلا شيء قليل جدا]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن المصنفين أقحموا في كتب العقيدة مباحث ليست منها]

- ‌[فصل في إنكار المالكي مصطلح العقيدة وزعمه أنه لفظة مبتدعة]

- ‌[فصل في إبطال محاولة المالكي تقرير ما زعمه سابقا أن لفظ العقيدة لفظ مبتدع]

- ‌[فصل في إيجاب المالكي تقييد السلف الصالح بالمهاجرين والأنصار من الصحابة دون سائرهم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن مراد بعض الحنابلة بالسنة هو التكفير والتجسيم والظلم والإسرائيليات]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن الحنابلة يكفرون أبا حنيفة وأصحابه ويذمونهم ويبدعونهم]

- ‌[فصل في إبطال المالكي تبديع الحنابلة لأهل البدع]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن تكفير الحنابلة لأبي حنيفة فيه خير]

- ‌[فصل في إبطال المالكي تكفير الأئمة لفرق الضلالة كالرافضة والمعتزلة وغيرهم]

- ‌[فصل في طلب المالكي الاتغاظ بما حصل من السلف من تسرع في التكفير]

- ‌[فصل في طعن المالكي فيما رواه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة]

- ‌[فصل في تكذيب المالكي من رمى أبا حنيفة برد الأحاديث واعتذار المالكي عنه رحمه الله]

- ‌[فصل في رمي المالكي الأئمة بتصحيح الروايات لتشويه الخصم وعدم سماعهم حجته]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بتكفير معظم فرق المسلمين]

- ‌[فصل في رميه غلاة الحنابلة بزعمه بالكذب على الإمام أحمد وبيان كذبه هو]

- ‌[فصل في رد طعنه في الإمام أحمد رحمه الله بأن فيه حدة في التكفير والتبديع]

- ‌[فصل في رميه الإمام أحمد رحمه الله بأنه لم يتحكم في عواطفه لكون الدولة والعامة معه]

- ‌[فصل في زعم المالكي بطلان نقول الحنابلة عن الإمام أحمد في التكفير على أي حال]

- ‌[فصل في رميه شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه بالغ في التفريق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية]

- ‌[فصل في تعلق المالكي بكون أئمة الإسلام بشرا يصيبون ويخطئون لرد أقوالهم في الاعتقاد]

- ‌[فصل في زعم المالكي كثرة الأكاذيب والأحاديث الموضوعة والآثار الباطلة في كتب أهل السنة الحنابلة بزعمه]

- ‌[فصل في رمي المالكي الحنابلة بالنصب والرد عليه]

- ‌[فصل في بيان حال معاوية رضي الله عنه والذب عنه وبيان حال ابنه يزيد]

- ‌[فصل أما ما زعمه هذا الرافضي أن الحنابلة لا يذكرون آل البيت أو لديهم حساسية من ذلك فكذب باطل]

- ‌[فصل في الذب عن خلفاء بني أمية الأئمة الفاتحين المجاهدين]

- ‌[فصل في ذكر فضائل بني أمية وتقريب الرسول صلى الله عليه وسلم لهم واعتماده عليهم]

- ‌[فصل في ذكر شيء من فتوحات الأمويين]

- ‌[فصل في رمي المالكي للحنابلة بالتجسيم والتشبيه ورد ذلك عنهم]

- ‌[فصل في إقحام المالكي للأهوازي في الحنابلة وتحميلهم أخطاءه وبيان أنه لم يكن حنبليا قط]

- ‌[فصل في رميه مرويات شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري الهروي بأنها أحاديث باطلة]

- ‌[فصل في جعل المالكي لفظ الحد في كلام بعض أئمة السلف من الغرائب في الاعتقاد لعدم فهمه المراد منه]

- ‌[فصل في إنكار المالكي عظيم ما شرف الله عز وجل به نبيه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن معتقدات رواة الحديث سبب في توثيق الأئمة لهم، أو تجريحهم]

- ‌[فصل ولم يكن الإمام أحمد ولا أئمة السلف جميعا يحابون في دين الله أحدا]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بأن فيهم ضعفاء ووضاعين أحق بالتجريح من غيرهم]

- ‌[فصل في رميه كتب العقائد السلفية بالتناقض وإبطال زعمه]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالغلو في التكفير والإطراء مع تحذيرهم منهما والرد عليه]

- ‌[فصل في رميه أهل الفرق جميعا بأنهم متناقضون يأمرون أتباعهم باتباع السواد الأعظم عند تمكنهم]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بالتناقض في أمرهم بالوقوف عند حدود الشرع وعدم الزيادة عليه]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بالتناقض في تكفير الخصوم]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بالتناقض في نهيهم عن الاشتغال بما لم يشتغل به النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتشدد في نقد وتضعيف الرجال المخالفين لهم]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بأنهم لا يمدحون السلطان إلا إذا نصرهم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في الإجماع فيدعونه في أمور ليس فيها إجماع]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في الصحابة فيذمون الرافضة لطعنهم في كثير من الصحابة]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض بانتقاد الآخرين بالمشتبه من كلامهم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بتكلف الأعذار لأئمتهم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض حين قالوا إن أبا حنيفة لم يؤت الرفق في دينه بزعمه]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض بذمهم المنطق وإنكار المجاز ثم يستدلون بهما والرد عليه]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في ذمهم الخوارج بتكفير المسلمين وقتلهم ثم يكفرون المسلمين ويفتون بقتلهم]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة لم يأمروا بأمر إلا خالفوه أو ينهوا عن شيء إلا ارتكبوه]

- ‌[فصل في رمي المالكي فرق المسلمين عامة بالتناقض وخصه الحنابلة بمزيد من التناقضات]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في نهيهم عن الكلام والجدل حين ضعف حجتهم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن سبب تحريم الحنابلة لعلم الكلام هو عدم معرفتهم لوظيفته]

- ‌[فصل في إيراد المالكي رسالة لأبي الحسن الأشعري في استحسان علم الكلام]

- ‌[فصل في الجواب المفصل على رسالة أبي الحسن الأشعري في استحسان الخوض في علم الكلام]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن من صفات الحنابلة الظلم والرد عليه]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة إنكارهم فضائل الآخرين والرد عليه]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن الحنابلة لم يتركوا عالما خالفهم إلا ذموه وعابوه]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة الافتراء على الخصوم]

- ‌[فصل في تبرئة المالكي الجهم بلا دليل مما نسب إليه من عدم الصلاة على النبي وذمه]

- ‌[فصل في تبرئة المالكي الجهم من تحليل المسكر]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة ظلموا بشرا المريسي وأصحابه حين قالوا عنهم إنهم لا يدرون ما يعبدون]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة ظلموا بشرا المريسي وأصحابه حين قالوا عنهم أنهم ينفون وجود الله في السماء]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة ظلموا الجهمية حين قالوا أن من قال القرآن مخلوق فهو يعبد صنما]

- ‌[فصل في زعمه أن عبد الله بن أحمد ظلم الجهمية حين قال من زعم أن الله لا يتكلم فهو يعبد الأصنام]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن ما قدمه من افتراء الحنابلة على خصومهم جزء يسير مما عنده]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة زعموا أن أبا حنيفة يزعم أن النبي عليه السلام لو أدركه لأخذ بكثير من قوله]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة لم يكفهم الافتراء على الناس حتى افتروا على الجن والهواتف]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة عدم إدراك معنى الكلام]

- ‌[فصل في تشكيك المالكي في معاني مصطلحات كثيرة مستقرة عند أهل العلم]

- ‌[فصل في زعمه أن الصحابة كانوا مختلفين في مسائل كثيرة فاتباع ما كانوا عليه متعذر]

- ‌[فصل في زعم المالكي بطلان بعض ما أجمع عليه الصحابة وغيرهم]

- ‌[فصل في جعل المالكي الولاء والبراء وهجر أهل البدع وأضرابهم من تشريع الكراهية بين المسلمين]

- ‌[فصل في رميه البربهاري بتشريع الكراهية بين المسلمين، والرد عليه]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن من صفات الحنابلة ذم المناظرة والحوار لعدم قدرتهم عليه]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة التزهيد في التحاكم إلى القرآن الكريم]

- ‌[فصل في سبب تزهيد الحنابلة في القرآن]

- ‌[فصل في بيان قول البربهاري إن القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن]

- ‌[فصل في زعمه أن البربهاري يقدم الرجال على النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في قول البربهاري إذا سمعت الرجل يطعن على الآثار أو يرد الآثار أو يريد غير الآثار فاتهمه على الإسلام]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة التزهيد والتساهل في كبائر الذنوب والموبقات]

- ‌[فصل في زعمه أن البربهاري يقدم الزناة والفساق والخونة على علماء الحنفية]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة التقارب مع اليهود والنصارى والتشدد على المسلمين]

- ‌[فصل في زعمه أنا لا نخشى إلا من المسلمين أما الكفار فلا]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بمخالفة المروءة لفرحهم بمصائب خصومهم من أهل البدع]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة الحكم الجائر على نيات الآخرين]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة الأمر بقطيعة الرحم من أجل العقيدة]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة النصب والرد عليه وبيان حكم الرافضة]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالاستدراك على الشرع باشتراطهم فهم السلف الصالح لنصوص الوحيين]

- ‌[فصل في إبطال المالكي معنى السلف الصالح والرد عليه]

- ‌[فصل في سبل فهم الكتاب والسنة عند المالكي دون فهم السلف الصالح]

- ‌[فصل في دواء ما في كتب العقائد من ظلم وبغي عند المالكي والرد عليه]

- ‌[فصل في رد المالكي على من أنكر الانتساب إلى مسمى الإسلام دون اسم آخر]

- ‌[فصل في بيان سبيل الحق عند المالكي وهو الإيمان الجملي غير المفصل]

- ‌[فصل في نقض النتائج التي وصل إليها المالكي في كتابه هذا]

- ‌[فصل في نقض نتيجة المالكي الثانية والثالثة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الرابعة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الخامسة]

- ‌[فصل في نقض نتيجة المالكي السادسة]

- ‌[فصل في نقض زعمه أن الحنابلة يجعلون المسائل المستحدثة أهم من أركان الإيمان]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الثامنة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته التاسعة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته العاشرة]

- ‌[فصل نقض نتيجته الحادية عشرة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الثانية عشرة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الرابعة عشرة]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن ما ذكره من أخطاء عند الحنابلة ما هي إلا أمثلة فحسب]

- ‌[فصل في التنبيه مرة أخرى على مراد المالكي الحقيقي بالحنابلة وبراءتهم منه ومن انتسابه إليهم]

- ‌[فصل في نفي المالكي علاقة الدولة السعودية بأخطاء الحنابلة والسلفيين]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالثورة على الأئمة والولاة وعدم السمع لهم]

- ‌[فصل في رمي المالكي من أطاع الولاة من الحنابلة أنه لأمر ما أطاعهم]

- ‌[فصل في دعوة المالكي للسماح بدخول كتب المبتدعة إلى المملكة وعدم رؤيته بزعمه معنى لمنعها]

الفصل: ‌[فصل في ذكر فضائل بني أمية وتقريب الرسول صلى الله عليه وسلم لهم واعتماده عليهم]

[فصل في ذكر فضائل بني أمية وتقريب الرسول صلى الله عليه وسلم لهم واعتماده عليهم]

فصل

في ذكر فضائل بني أمية، وتقريب الرسول صلى الله عليه وسلم لهم، واعتماده عليهم،

وإبقاء أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم لهم، وذكر سبب كثرة

الافتراءات على بني أمية لقد كان عهد بني أمية من خير عهود الإسلام، ففيه انتشر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وانحسر الكفر وكبت.

وفيه انتشر العلم والفقه، ودون الحديث، ودون التفسير، وعم الرخاء أرجاء العالم الإسلامي، حتى بلغ الحال بالمسلمين في بعض عهود بني أمية، ألا يجدوا محتاجا يأخذ زكاة أموالهم، لغنى المسلمين وكفايتهم، على الرغم من اتساع الرقعة، وكثرة المسلمين.

ويشهد لفضلهم - على الجملة - قوله صلى الله عليه وسلم: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» أخرجاه في " الصحيحين " وتقدم تخريجه (ص 130) .

وكذلك قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55] .

ص: 215

وقوله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ - الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 40 - 41] .

فالله عز وجل قد مكن لبني أمية في الأرض، وبدل خوفهم أمنا، ونصرهم في جهادهم، حتى فتحوا مشارق الأرض ومغاربها، من " كاشغر" على حدود " الصين " في الشرق، إلى " الأندلس " وجنوب " فرنسا " في الغرب. ومن " بحر قزوين " في الشمال، إلى " المحيط الهندي " في الجنوب.

فهل بعد هذا النصر نصر؟ ! وهل بعد هذا التمكين تمكين؟ !

وهذه الأمور وغيرها زادت غيظ الحاقدين والمتربصين بالمسلمين، فأخذوا يلفقون الأكاذيب والأباطيل، محاولين تشويه عصر بني أمية، ونشروها بين الناس. خاصة عندما اشتد عود دعوة العباسيين في آخر عهد الدولة الأموية.

وهكذا استمرت هذه الحملة بل الحملات، حتى بعد سقوط الدولة الأموية.

وكان ممن يروج هذه الشائعات: الروافض والخوارج. فقد أقضت هذه الدولة الفتية مضاجعهم، وكسرت شوكتهم، وأبطلت شبههم. كما أقضت مضاجع الروم والفرس، وسائر الكافرين.

ص: 216

يعاونهم في ذلك كل طوائف الضلال، من منافقين أبطنوا الكفر وأظهروا الإسلام، خوفا من المسلمين، ومن مبتدعة كرهوا ما كانت عليه الدولة الأموية من نشر السنة، والعقيدة الصحيحة، ومحاربة البدع.

وجهال تأثروا بهذه الدعوات، إذ أرضعوها منذ الصغر، فلم يجد معهم نصح ولا إرشاد، فعير بعضهم بني أمية، بأنهم عادوا الإسلام في بداية عهده! ! وأن إسلامهم قد تأخر إلى آخر ما قالوه!

قال العلامة الدكتور عبد الشافي بن محمد عبد اللطيف - أستاذ التاريخ الإسلامي، بجامعة الأزهر - في كتابه:" العالم الإسلامي في العصر الأموي " ص (ب - د)، رادا على أولئك الجهال وغيرهم: (فلئن كان بعض الأمويين، عادى الإسلام في البداية، وتأخر إسلامهم: إلا أنهم لما أسلموا عام الفتح، أظهروا من حسن البلاء في الفتوحات، وقاموا بأدوار بارزة في رفع راية التوحيد، وأبدوا من الحب لدين الله والجهاد في سبيله ما لفت إليهم الأنظار، حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسند إلى كثير منهم أجل الأعمال وأخطرها، وكذلك فعل الخلفاء الراشدون الثلاثة من بعده.

ولكن على الرغم من ذلك كله، فإن بعض الكتاب والمؤرخين، سواء ممن اندفعوا وراء رغبة العباسيين، والتقرب إليهم بالإساءة إلى الأمويين، أو ممن سيطر عليهم الهوى، وأعماهم التعصب المذهبي: لم

ص: 217

يستطيعوا التخلص من نظرتهم إليهم قبل إسلامهم، فراحوا يعيرونهم بأنهم " الطلقاء وأبناء الطلقاء "! ونسوا أن الإسلام يجب ما قبله. بل وصل ببعضهم إلى حد اتهامهم بالكفر) .

ثم قال الدكتور عبد الشافي كذلك، في ص (7 - 8) من كتابه المذكور: (ومع أن الجميع أسلموا بعد فتح مكة، وحسن إسلامهم، وأبلوا بلاء حسنا في نصرة الإسلام، وإعلاء كلمة الله، إلا أن بعض الناس، نسي كل عداوات قريش للرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر إلا عداء بني أمية! ! وكأنهم وحدهم الذين وقفوا هذا الموقف! !

ومع أن الإسلام يجب ما قبله، إلا أن بعض ذوي الأهواء، لا يريد أن يفهم ذلك، ولا يكفون عن ذكر المواقف السيئة لبني أمية التي كانت قبل إسلامهم، وكأن القوم ما أسلموا! ! وما جاهدوا في الله حق جهاده! !

حتى إن هؤلاء المدعين لتأصل العداوة بين البيتين [بني هاشم وبني أمية] قديما، نسوا أن بعض بني أمية، كانوا من السابقين إليه من بني هاشم، فقد كان عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية من السابقين إلى الإسلام. وكذلك كان أبناء سعيد بن العاص: خالد بن سعيد، وعمرو بن سعيد، من السابقين إلى الإسلام، فقد أسلم خالد بن سعيد بن العاص، وكان خامسا في الإسلام، كما تقول ابنته أم خالد: " كان أبي خامسا في الإسلام - أي أسلم بعد أربعة سبقوه فقط - وهاجر إلى أرض الحبشة،

ص: 218

وأقام بها عشر سنين، وولدت أنا بها " (1) .

وكذلك أسلم أخوه عمرو بن سعيد بن العاص، وهاجر الهجرتين (2) ثم لحق بهما أخوهما أبان بن سعيد (3) .

وكان خالد وأبان ابنا سعيد بن العاص، من كتاب الوحي للرسول صلى الله عليه وسلم (4) .

لكن رغم إسلام هؤلاء الرجال من بني أمية، منذ البداية، وتضحياتهم، وهجرتهم إلى الحبشة، ورغم إسلام جميع بني أمية عند فتح مكة، وترحيب الرسول بهم، وفرحه بإسلامهم، والاعتماد عليهم في جلائل الأعمال - كما سنذكره بعد قليل - إلا أن كل ذلك لم يشفع عند أصحاب الأهواء، حتى الكلمة الطيبة، التي قالها الرسول صلى الله عليه وسلم، في معرض العفو العام عنهم، وفي اليوم الذي سماه يوم بر ووفاء، وهي قوله صلى الله عليه وسلم:«اذهبوا فأنتم الطلقاء» حتى هذه الكلمات، جعل بعض الناس منها، سبة في جبين بني أمية وحدهم! وجعلوا يعيرونهم بأنهم الطلقاء، وأبناء الطلقاء!

(1) عزاه الدكتور إلى " السير " للذهبي (1/ 260) ، و" الإصابة " للحافظ ابن حجر (1/ 16) .

(2)

عزاه الدكتور إلى " السير " للذهبي (1/ 261) ، و" الإصابة " للحافظ ابن حجر (1/ 16) .

(3)

عزاه الدكتور إلى (السير) للذهبي (1/ 261) ، و" الإصابة " للحافظ ابن حجر (1/ 15) .

(4)

عزاه الدكتور إلى أبي الحسن الخزاعي في " تخريج الدلالات السمعية "(ص 159) .

ص: 219

ولم يفهموا أن هؤلاء الطلقاء وأبناءهم، قد أسلموا، وحسن إسلامهم، وكانت لهم مواقف مشهودة، في نصرة الإسلام في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعده في الفتوحات في عهد خلفائه الراشدين. . .) .

ثم قال الدكتور عبد الشافي ص (9) : (فتعيير الأمويين بأنهم الطلقاء، وأبناء الطلقاء، يكشف عن الحقد الدفين، عند بعض الغلاة من الشيعة وغيرهم.

فبنو أمية يدخلون في جملة مسلمة الفتح، الذين وعدهم الله بالحسنى في قوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [الحديد: 10] .

الله سبحانه وتعالى يعدهم بالحسنى، جزاء قتالهم وجهادهم، حتى مع تأخر إسلامهم، رحمة منه سبحانه وتعالى.

ولكن بعض أصحاب الأهواء من المؤرخين يأبى إلا أن يرميهم بالكفر، نعيذ أنفسنا وإياهم بالله من ذلك) .

ثم ذكر الدكتور عبد الشافي في كتابه السابق، تحت عنوان " الأمويون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم " ص (10 - 11) جملة ممن ولاه النبي صلى الله عليه وسلم من بني أمية، ثم قال ص (12) : (وخلاصة القول: فقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعظم رجالات بني أمية على مختلف الأعمال، من الولاية، والكتابة، وجباية الأموال، ولا نعرف قبيلة من قبائل قريش، فيها عمال

ص: 220

لرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر منهم (1)

واستعمال النبي صلى الله عليه وسلم لأكثر رجال بني أمية: أكبر دليل على كفاءتهم وأمانتهم، فلو لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم، مطمئنا إلى كفاءتهم، وقدرتهم، وأمانتهم، لما عهد إليهم بعمل من الأعمال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يحابي أحدا حاشا لله، ولم يكن يستعمل إلا أهل الكفاية والأمانة. . .) .

وقال الدكتور ص (12 - 13) تحت عنوان: " الأمويون في عهد أبي بكر رضي الله عنه ": (لحق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى، بعد أن بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وبويع أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالخلافة، فسار على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم، في استعمال بني أمية، والاستعانة بهم في جلائل الأعمال.

وقد استجابوا للصديق، ولكنهم فضلوا الجهاد في سبيل الله على الأعمال الإدارية، فاشتركوا في معارك الإسلام الكبرى، في عهدي الصديق والفاروق، سواء في حروب الردة، أو في معارك الفتوح في الشام وفارس. . .) .

ثم ذكر أمثلة ذلك، وعزاها لبعض كتب التاريخ والسير، ثم قال ص (14) : (وهكذا استمر الأمويون يعملون في عهد أبي بكر، مجاهدين في سبيل الله، مفضلين ميادين القتال على الأعمال الإدارية، ولو كانوا

(1) عزاه الدكتور عبد الشافي في حاشية كتابه، إلى " منهاج السنة " لشيخ الإسلام (3/ 175) .

ص: 221

يبحثون عن المناصب، والجاه والمال، لقعدوا في ولاياتهم، وأعمالهم الإدارية، كما طلب منهم أبو بكر) .

ثم قال الدكتور عبد الشافي ص (15) تحت عنوان " الأمويون في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ": (عندما توفي الصديق رضي الله عنه في جمادى الآخرة سنة 13 هـ وبويع الفاروق بالخلافة: سار على نهج صاحبيه في استعمال بني أمية، والثقة فيهم، فلم يعزل أحدا منهم من عمل، ولم يجد على أحد منهم مأخذا، والكل يعرف صرامة عمر، وتحريه أمر ولاته وعماله، وتقصيه أعمالهم وأخبارهم، ومحاسبتهم بكل دقة وحزم. فاستمرارهم في عهده، يدل على أمانتهم وكفايتهم، فقد بقي يزيد بن أبي سفيان واليا على دمشق، كما زاد عمر في عمل معاوية بالشام، فقد ضم إليه ولاية حمص فوق ما كان يتولاه من أعمال مدن الساحل) .

إلى أن قال ص (16) : (وهكذا استمر الأمويون في خلافة الفاروق، وكانوا في خيرة من عماله، وعلى كثرة محاسبة عمر للولاة والعمال، وعزل بعضهم بسبب التقصير والإهمال، فقد بقي معاوية طوال خلافته في عمله، مواجها للروم، واقفا لهم بالمرصاد، ضابطا لعمله، قائما بالقسط، مرضيا عنه من الرعية، ومن الخليفة) .

أما سبب كثرة الافتراءات على الأمويين: فقد بينه الدكتور عبد الشافي في كتابه السابق ص (أ – جـ) من المقدمة، في معرض كلامه عن

ص: 222

سبب تأليفه كتابه ذلك حيث قال: (ولقد كان الدافع لهذا العمل، أن تلك الحقبة من تاريخ المسلمين، لا تزال في حاجة إلى دراسة واعية متأنية، يكون رائدها البحث عن الحقيقة التاريخية المجردة، مستقاة من أوثق مصادرها، وإلى كلمة حيادية منصفة، تقوم على تحليل الروايات، ومقارنة الحوادث، واستنطاق النصوص التاريخية، ذلك لأن معظم الكتابات المعاصرة - وهي كثيرة - التي تناولت هذا العصر: اتخذت موقفا معاديا للأمويين! معتمدة في ذلك على روايات خصومهم! أو آراء ذوي الهوى والميول من المؤرخين! فجاء تاريخ خلفائهم وولاتهم مشوها، يشوبه كثير من الزيف والتحريف، والبعد عن حقائق التاريخ، وقد تظافرت عدة عوامل أسهمت في ذلك التشويه، وصبغت عصر بني أمية بألوان قاتمة مظلمة، منها:

1 -

أن معظم الأمويين، وقفوا من الرسالة المحمدية موقف العداء المطلق، وحملوا لواء معارضتها، وشن الحرب ضدها أكثر من عشرين عاما، ولم يدخلوا الإسلام، إلا عند فتح مكة سنة (8 هـ) .

ومع أنهم أسلموا، وحسن إسلامهم، إلا أن بعض خصومهم، استغلوا هذا الموقف، واتخذوا منه ذريعة للنيل منهم، والتشهير بهم.

2 -

أن بني أمية، دخلوا في صراع سياسي مع آل البيت، منذ مقتل عثمان رضي الله عنه، فمالت عواطف كثير من المسلمين إلى آل البيت، نظرا لمكانتهم في نفوس الناس.

ص: 223

وعمق هذا الشعور، ما تعرض له بعض أفراد آل البيت من المآسي، مما خلق شعورا يكاد يكون عاما بالكراهية للأمويين، حيث لم يكن من السهل على أي مسلم، مهما كان مذهبه واتجاهه السياسي: أن يرضى عن حادث مقتل الحسين رضي الله عنه، ذلك الحادث الذي شغل حيزا كبيرا في كتب المؤرخين، وأساء إلى سمعة الدولة الأموية.

3 -

ما وقع فيه بعض خلفاء وولاة بني أمية من أخطاء جسيمة، مثل غزو المدينتين المقدستين مكة والمدينة، مما هز مشاعر المسلمين، وتردد صداه في نفوسهم وكتاباتهم.

4 -

كثرة أعداء بني أمية من الشيعة والخوارج، ومن الحاقدين عليهم، والطامعين في الحكم، مثل المختار الثقفي، وابن الأشعث، وابن المهلب وغيرهم، مما اضطر الأمويين إلى الدخول معهم في معارك طاحنة، والتنكيل بهم.

وفوق ذلك: الموالي من الفرس، الذين لم ينسوا زوال دولتهم على أيدي العرب، فصبوا جام غضبهم على الأمويين، واتهموهم بالتعصب ضدهم.

تجمعت كل هذه العناصر الموتورة، وكان لكل منها، شعراء وخطباء، ونقلة للأخبار ورواة، وراحت تبث الشائعات في جوانب العالم الإسلامي، وتضخم الأخطاء الصغيرة، وتفتعل الأكاذيب، وتلفق الروايات عن العصر الأموي ورجاله.

ص: 224

كما شارك دعاة بني العباس - إبان المرحلة السرية لدعوتهم، والتحضير للثورة على الدولة الأموية - في هذا التيار، وأخذوا يركزون على تشويه سمعة الخلفاء والولاة، ليخلقوا رأيا عاما معاديا للدولة، وقد نجحوا في ذلك نجاحا كبيرا.

5 -

ظلت هذه الأخبار والشائعات، يتردد صداها على ألسنة الناس، حتى بدأ عصر التدوين، فدون المؤرخون كل ما وصل إلى سمعهم، وسواء أكان حقا أم باطلا.

وكان من سوء حظ الأمويين أن تاريخهم دون في عصر خصومهم العباسيين.

وقد لعبت الخصومة- التي بلغت حد استئصال شأفة الأمويين، ونبش قبورهم- دورها في تشويه هذا التاريخ، وطمس معالمه.

لقد أدت تلك العوامل مجتمعة، إلى تشويه كثير من جوانب التاريخ السياسي لعصر بني أمية، وتزييف عديد من حقائقه، وتلفيق الشائعات والأباطيل، حول خلفائه وولاته) اهـ.

وقال الدكتور محمد السيد الوكيل، في مقدمة كتابه:"الأمويون بين الشرق والغرب" ص (5- 6) : ألم تكن الدولة الأموية، نشازا في العالم الإسلامي، كما يدعي بعض المستغربين؟

ولم تكن حدا فاصلا بين نظام الدولة الإسلامية في عهد الخلافة الرشيدة، وبين النظام الذي قامت على أساسه، كما يزعم بعض

ص: 225

المتقولين الذين يروجون لدعوة كاذبة، بأن الدولة الإسلامية لم تكن إلا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين.

وإنما كانت دولة إسلامية أصيلة، وإن حدث فيها بعض التجاوزات، التي لا تعيبها حقيقة كدولة، وإنما تؤخذ على بعض الخلفاء الذين حصل منهم هذه التجاوزات.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن هؤلاء المتجاوزين، بشر يقع منهم الخطأ، كما يقع من غيرهم، لارتفع هذا اللوم العنيف الذي يوجه إليهم.

نعم، إن كذبة الأمير، بلقاء مشهورة، وخطأه ليس كخطأ العامة، ولكنه ما دام غير معصوم، فالخطأ حاصل لا محالة، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقرر تلك الحقيقة حين يقول:«كل بني آدم خطاء، وخير الخطاءين التوابون» [مي (2727) ت (2499) جه (4251) كلهم من طريق علي بن مسعدة عن قتادة عن أنس به، وقال الترمذي:" هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث علي بن مسعدة عن قتادة ".

على أننا ينبغي أن نعلم أن كثيرا من التهم التي ألصقت بالخلفاء، وبخاصة بني أمية لم تثبت صحتها، وإنما كانت من وضع أعدائهم من الشيعة وغيرهم، فمن المعلوم أن الشيعة هم ألد أعداء بني أمية.

وهم مع ما سببوه من المحن لآل البيت رضوان الله عليهم، فكل ما حل بآل البيت من نكبات كان بسببهم، فهم الذين خذلوا عليا كرم الله وجهه في وقت كان في أمس الحاجة إلى عونهم.

ص: 226

وهم الذين دعوا الحسين رضي الله عنه وألحوا في دعوته، ثم تخلوا عنه، وهو في أشد الحاجة إلى وقوفهم معه، وتركوه يتلقى مصيره وحده.

والغريب أنهم هم القتلة الحقيقيون لآل البيت، وهم الذين يبكونهم، ويلطمون خدودهم، ويخمشون وجوههم، حسرة وأسفا على ما حل لهم.

ولقد بلغ الكذب بهؤلاء الرافضة أن وضعوا الأحاديث كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يزينون بها باطلهم، ويذمون بها أعداءهم، ويؤيدون أهواءهم.

ونحن لا نستبعد على هؤلاء الذين يضعون الحديث كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يلصقوا بأعدائهم كل نقيصة، ويروجوا عنهم الشائعات التي تدفعهم زورا وبهتانا. وهذه بعض أقوال أئمة الحديث فيهم:

سئل الإمام مالك رضي الله عنه عن الرافضة أيؤخذ عنهم الحديث؟ فقال: " لا تكلمهم، ولا ترو عنهم، فإنهم يكذبون ".

ثم قال الدكتور الوكيل في ص (6- 7) من كتابه السابق: (هؤلاء هم الشيعة، الأعداء الألداء لبني أمية، وهذه هي آراء العلماء من السنة، ومن الشيعة المعتدلين فيهم، فهل يستبعد على من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يكذب على بني أمية؟

ص: 227

إن الذين استباحوا لأنفسهم الكذب، لا يتورعون عن إلصاق التهم بغيرهم، ولا يكفون عن تشويه حياة أعدائهم.

ولست أريد من وراء ذلك تبرئة خلفاء بني أمية من كل ما نسب إليهم، ولكني أريد توضيح حقائق لا ينبغي أن تخفى على الباحث، وهي أن كثيرا مما وجه للخلفاء من التهم زيف لم يستطع أحد إثباته بطريق يمكن التسليم به) .

ثم قال الدكتور الوكيل في ص (8- 9) : (إن الدولة الأموية التي فتحت بلاد الهند والسند، حتى وصلت حدود الصين شرقا، وواصلت فتوحاتها في المغرب العربي، بل وجاوزته إلى أوربا، حتى فتحت الأندلس، ووصلت جنوب فرنسا.

هذه الدولة، لا يمكن أن تسلم من ألسنة المستشرقين والمستغربين على حد سواء؛ لأن هذه الفتوحات المذهلة أورثت الأعداء حقدا لم يستطيعوا إخفاءه، ولم يقدروا على تجاوزه، بل ظلوا يجترونه قرونا طويلة، حتى واتتهم الفرصة، بإصابة الدولة الإسلامية بالشيخوخة، التي تصيب الأمم دائما من غير تفريق، فانقضوا عليها وهي تحتضر، ليأخذوا منها ثأرهم، وهي على فراش الموت.

ومهما قال الحاقدون عن الأمويين، ومهما أثاروا الزوابع والعواصف من حولهم فإن تاريخهم حقبة مشرقة من أحقاب التاريخ الفذ.

ص: 228

وسيرى الدارس لهذه الحقبة ما نشروه من الحضارة، وما خلفوه وراءهم من النظم، وما أنجبوا من القيادات، التي ساقت جيوشهم من نصر إلى نصر، حتى دان لهم أكثر من نصف الأرض المعروفة في تلك الفترة من الزمان.

وإذا تركنا الأمويين في الشرق، لنلقي نظرة على دولتهم في الغرب نرى ما لم يخطر لأحد على بال في تلك الفترة. نرى حضارة في العمران، في القصور الرائعة، والمساجد المبهرة. نرى الحدائق في البيوت والميادين. نرى الشوارع المرصوفة، والأسواق العامرة) (1) انتهى المقصود من كلام الدكتور.

(1) بل نرى قبل ذلك انتشار العلم النبوي والسنة، وكثرة الفقهاء والمحدثين، وارتفاع راية الجهاد، وإقبال الناس على الخير، وإدبارهم عن الشر، وظهور المعروف، وانحسار المنكر.

ص: 229