الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في رميه الحنابلة بمخالفة المروءة لفرحهم بمصائب خصومهم من أهل البدع]
فصل
في رميه الحنابلة بمخالفة المروءة لفرحهم بمصائب خصومهم من
أهل البدع، والرد عليه ثم قال المالكي ص (168) :(روى الخلال الحنبلي في " كتاب السنة " (5 / 129)(1) أن أحمد بن حنبل [سئل](2) هل يأثم الرجل يفرح بما ينزل بأصحاب ابن أبي دؤاد " المعتزلي "؟ فقال: ومن لا يفرح بهذا؟
قيل له: إن ابن المبارك قال: الذي ينتقم من الحجاج هو ينتقم للحجاج من الناس، قال: أي شيء يشبه هذا من الحجاج؟ هؤلاء أرادوا تبديل الدين.
أقول: أنا أستبعد هذا عن أحمد، لكن هذا الأثر وأمثاله يدل على فرح الحنابلة بحصول المصائب لمخالفيهم، وهذا خلاف المروءة، فضلا عن مخالفته لرحمة الإسلام وتعاليمه) اهـ.
والجواب من وجوه: أحدها: أن هذا أثر صحيح ثابت عن أحمد رضي الله عنه، فرواه الخلال عن أبي بكر المروذي، وهو عن أحمد، وهؤلاء أئمة ثقات كبار.
(1) كذا في كتاب المالكي، والصواب:(5) .
(2)
ما بين المعقوفين ليس في كتاب المالكي، ولا يستقيم الكلام إلا به.
الثاني: أنه لما كان المسلم يفرح بعز وحياة من يكون في عزه وحياته نصر للإسلام، وإظهار للمسلمين، ويحزن إذا تخلف ذلك، كان الفرح بما يكون لأصحاب ابن أبي دؤاد من مصائب مشروعا، بل مسنونا؛ لحملهم الناس على الكفر، وقتلهم علماء الأمة، وحفاظها، وسجنهم البقية الباقين وتعذيبهم، أفيكون هذا ممنوعا، ويكون فعل المعتزلة بالأمة والأئمة محمودا؟
الثالث: أن مراد ابن المبارك في قوله سابقا أن من يذكر الحجاج بما ليس فيه، ويبغي عليه، فإن الذي سينتقم من الحجاج وبغيه على المسلمين وعلمائهم سينتقم ممن يبغي على الحجاج نفسه، ولعن الحجاج وذكر ظلمه بحق ليس فيه مصلحة مرجوة للمسلمين، بخلاف الطعن في المبتدعة، وتحذير الناس منهم، وبيان ضلالهم، فإن هذا فيه سلامة معتقداتهم، وصونا لدينهم.
الرابع: أن زعم المالكي أن هذا خلاف المروءة ومخالف لرحمة الإسلام وتعاليمه باطل، وكيف تنتفي المروءة عنده إذا طعن في أعداء السنة وأهل البدع، ولا تنتفي عنه وهو يطعن في معاوية رضي الله عنه، بل في مسلمة الفتح جميعا، ويخرجهم من الصحبة، ويطعن في أئمة التابعين، وجماعات غيرهم من أئمة المسلمين؟
أما رحمة الإسلام ففي استقامة الناس على دين الله عز وجل، ودعوتهم إليه، وتحذيرهم مما يخالفه، بل ضرب رقاب أعدائه، ليبقى
صافيا كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ولنا أسوة حسنة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بقتل ذلك الخارجي الذي كان يصلي، وفي ضرب عمر رضي الله عنه لصبيغ بن عسل، وشجه لرأسه بالدرة، وقتال علي رضي الله عنه للخوارج، ففعلهم غاية البر والرحمة، إلا عند المنافقين والمرجفين والمبطلين.