المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في الجواب المفصل على رسالة أبي الحسن الأشعري في استحسان الخوض في علم الكلام] - قمع الدجاجلة الطاعنين في معتقد أئمة الإسلام الحنابلة

[عبد العزيز بن فيصل الراجحي]

فهرس الكتاب

- ‌[أبيات من الشعر لإسماعيل الترمذي]

- ‌[تقديم معالي الشيخ العلامة الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان]

- ‌[المقدمة]

- ‌[فصل في سبب كتابة هذا الرد]

- ‌[فصل في ذكر مقدمات قبل الشروع في الرد]

- ‌[المقدمة الأولى أن التكفير والتبديع والتضليل والتفسيق كلها أحكام شرعية]

- ‌[المقدمة الثانية: أن الحق واحد يعرفه المهتدون بدليله من الوحي]

- ‌[المقدمة الثالثة: أن الجهمية ومن لف لفها وقال بقولها كافر خارج من الإسلام]

- ‌[المقدمة الرابعة أنه ما كفر من كفر ولا ضل من ضل إلا بتعليل باطل أو تأويل فاسد]

- ‌[المقدمة الخامسة أن المالكي متناقض تناقضا شديدا في كتابه هذا وفي غيره]

- ‌[المقدمة السادسة أن المالكي لا دليل له على جميع دعاواه التي ذكرها في كتابه هذا]

- ‌[فصل في بطلان ما ادعاه المالكي لنفسه من طلب للعلم والحق]

- ‌[فصل في بطلان انتساب المالكي لمذهب أحمد]

- ‌[فصل في بطلان حكم المالكي في المذهب]

- ‌[فصل في بيان سبب اختيار المالكي مذهب الإمام أحمد لنقده]

- ‌[فصل في عد المالكي كتابه هذا وأمثاله من نعم الله عز وجل على أمته]

- ‌[فصل في بيان تعميم المالكي أحكامه على جميع الحنابلة وكذب زعمه في نفي ذلك]

- ‌[فصل في حال الحنابلة المعاصرين عند المالكي]

- ‌[فصل في زعم المالكي غلو بعض الحنابلة المعاصرين في ذم أبي حنيفة]

- ‌[فصل في زعم المالكي غلو كثير من الحنابلة المعاصرين في تكفير المسلمين]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن بعض الحنابلة يطعن في بعض أئمة أهل البيت]

- ‌[فصل في بيان الفكر المنحرف الذي يجب محاصرته عند المالكي وما يترك]

- ‌[فصل في زعمه وجود آراء إلحادية عند بعض طلاب الجامعات السعودية والرد عليه]

- ‌[فصل في إبطال زعم المالكي أنه سني سلفي حنبلي]

- ‌[فصل في طلبه الاقتصار على أمور الإيمان الكلية دون تفصيل وبيان مراده وإبطاله]

- ‌[فصل في رمي المالكي السلف الصالح بالتكفير الظالم والتبديع والتضليل]

- ‌[فصل في رمي المالكي المسلمين كافة بأن ضابط الصلاح عندهم هو المذهبية]

- ‌[فصل في اضطراب معنى السلف الصالح عند المالكي]

- ‌[فصل في طعن المالكي في الإمام ابن أبي يعلى ورميه للعقائديين بأن مقياسهم في الرجال مبتدع]

- ‌[فصل في أسباب نكسات المسلمين عند المالكي وبيان فساد طريق السلامة منها عنده]

- ‌[فصل في إبطال المالكي الانتساب إلى السلف الصالح لتردد معناه عند أهل الفرق]

- ‌[فصل في تنازع الفرق رجالا من أئمة السلف كلهم يدعيهم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن المستفيد من كتب اعتقاد المسلمين هم أعداء الإسلام]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن كتب عقائد المسلمين فيها باطل كثيروحق قليل]

- ‌[فصل في رد دعوى المالكي أنه لم يسلم من كتب العقائد إلا شيء قليل جدا]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن المصنفين أقحموا في كتب العقيدة مباحث ليست منها]

- ‌[فصل في إنكار المالكي مصطلح العقيدة وزعمه أنه لفظة مبتدعة]

- ‌[فصل في إبطال محاولة المالكي تقرير ما زعمه سابقا أن لفظ العقيدة لفظ مبتدع]

- ‌[فصل في إيجاب المالكي تقييد السلف الصالح بالمهاجرين والأنصار من الصحابة دون سائرهم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن مراد بعض الحنابلة بالسنة هو التكفير والتجسيم والظلم والإسرائيليات]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن الحنابلة يكفرون أبا حنيفة وأصحابه ويذمونهم ويبدعونهم]

- ‌[فصل في إبطال المالكي تبديع الحنابلة لأهل البدع]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن تكفير الحنابلة لأبي حنيفة فيه خير]

- ‌[فصل في إبطال المالكي تكفير الأئمة لفرق الضلالة كالرافضة والمعتزلة وغيرهم]

- ‌[فصل في طلب المالكي الاتغاظ بما حصل من السلف من تسرع في التكفير]

- ‌[فصل في طعن المالكي فيما رواه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة]

- ‌[فصل في تكذيب المالكي من رمى أبا حنيفة برد الأحاديث واعتذار المالكي عنه رحمه الله]

- ‌[فصل في رمي المالكي الأئمة بتصحيح الروايات لتشويه الخصم وعدم سماعهم حجته]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بتكفير معظم فرق المسلمين]

- ‌[فصل في رميه غلاة الحنابلة بزعمه بالكذب على الإمام أحمد وبيان كذبه هو]

- ‌[فصل في رد طعنه في الإمام أحمد رحمه الله بأن فيه حدة في التكفير والتبديع]

- ‌[فصل في رميه الإمام أحمد رحمه الله بأنه لم يتحكم في عواطفه لكون الدولة والعامة معه]

- ‌[فصل في زعم المالكي بطلان نقول الحنابلة عن الإمام أحمد في التكفير على أي حال]

- ‌[فصل في رميه شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه بالغ في التفريق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية]

- ‌[فصل في تعلق المالكي بكون أئمة الإسلام بشرا يصيبون ويخطئون لرد أقوالهم في الاعتقاد]

- ‌[فصل في زعم المالكي كثرة الأكاذيب والأحاديث الموضوعة والآثار الباطلة في كتب أهل السنة الحنابلة بزعمه]

- ‌[فصل في رمي المالكي الحنابلة بالنصب والرد عليه]

- ‌[فصل في بيان حال معاوية رضي الله عنه والذب عنه وبيان حال ابنه يزيد]

- ‌[فصل أما ما زعمه هذا الرافضي أن الحنابلة لا يذكرون آل البيت أو لديهم حساسية من ذلك فكذب باطل]

- ‌[فصل في الذب عن خلفاء بني أمية الأئمة الفاتحين المجاهدين]

- ‌[فصل في ذكر فضائل بني أمية وتقريب الرسول صلى الله عليه وسلم لهم واعتماده عليهم]

- ‌[فصل في ذكر شيء من فتوحات الأمويين]

- ‌[فصل في رمي المالكي للحنابلة بالتجسيم والتشبيه ورد ذلك عنهم]

- ‌[فصل في إقحام المالكي للأهوازي في الحنابلة وتحميلهم أخطاءه وبيان أنه لم يكن حنبليا قط]

- ‌[فصل في رميه مرويات شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري الهروي بأنها أحاديث باطلة]

- ‌[فصل في جعل المالكي لفظ الحد في كلام بعض أئمة السلف من الغرائب في الاعتقاد لعدم فهمه المراد منه]

- ‌[فصل في إنكار المالكي عظيم ما شرف الله عز وجل به نبيه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن معتقدات رواة الحديث سبب في توثيق الأئمة لهم، أو تجريحهم]

- ‌[فصل ولم يكن الإمام أحمد ولا أئمة السلف جميعا يحابون في دين الله أحدا]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بأن فيهم ضعفاء ووضاعين أحق بالتجريح من غيرهم]

- ‌[فصل في رميه كتب العقائد السلفية بالتناقض وإبطال زعمه]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالغلو في التكفير والإطراء مع تحذيرهم منهما والرد عليه]

- ‌[فصل في رميه أهل الفرق جميعا بأنهم متناقضون يأمرون أتباعهم باتباع السواد الأعظم عند تمكنهم]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بالتناقض في أمرهم بالوقوف عند حدود الشرع وعدم الزيادة عليه]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بالتناقض في تكفير الخصوم]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بالتناقض في نهيهم عن الاشتغال بما لم يشتغل به النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتشدد في نقد وتضعيف الرجال المخالفين لهم]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بأنهم لا يمدحون السلطان إلا إذا نصرهم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في الإجماع فيدعونه في أمور ليس فيها إجماع]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في الصحابة فيذمون الرافضة لطعنهم في كثير من الصحابة]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض بانتقاد الآخرين بالمشتبه من كلامهم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بتكلف الأعذار لأئمتهم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض حين قالوا إن أبا حنيفة لم يؤت الرفق في دينه بزعمه]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض بذمهم المنطق وإنكار المجاز ثم يستدلون بهما والرد عليه]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في ذمهم الخوارج بتكفير المسلمين وقتلهم ثم يكفرون المسلمين ويفتون بقتلهم]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة لم يأمروا بأمر إلا خالفوه أو ينهوا عن شيء إلا ارتكبوه]

- ‌[فصل في رمي المالكي فرق المسلمين عامة بالتناقض وخصه الحنابلة بمزيد من التناقضات]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في نهيهم عن الكلام والجدل حين ضعف حجتهم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن سبب تحريم الحنابلة لعلم الكلام هو عدم معرفتهم لوظيفته]

- ‌[فصل في إيراد المالكي رسالة لأبي الحسن الأشعري في استحسان علم الكلام]

- ‌[فصل في الجواب المفصل على رسالة أبي الحسن الأشعري في استحسان الخوض في علم الكلام]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن من صفات الحنابلة الظلم والرد عليه]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة إنكارهم فضائل الآخرين والرد عليه]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن الحنابلة لم يتركوا عالما خالفهم إلا ذموه وعابوه]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة الافتراء على الخصوم]

- ‌[فصل في تبرئة المالكي الجهم بلا دليل مما نسب إليه من عدم الصلاة على النبي وذمه]

- ‌[فصل في تبرئة المالكي الجهم من تحليل المسكر]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة ظلموا بشرا المريسي وأصحابه حين قالوا عنهم إنهم لا يدرون ما يعبدون]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة ظلموا بشرا المريسي وأصحابه حين قالوا عنهم أنهم ينفون وجود الله في السماء]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة ظلموا الجهمية حين قالوا أن من قال القرآن مخلوق فهو يعبد صنما]

- ‌[فصل في زعمه أن عبد الله بن أحمد ظلم الجهمية حين قال من زعم أن الله لا يتكلم فهو يعبد الأصنام]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن ما قدمه من افتراء الحنابلة على خصومهم جزء يسير مما عنده]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة زعموا أن أبا حنيفة يزعم أن النبي عليه السلام لو أدركه لأخذ بكثير من قوله]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة لم يكفهم الافتراء على الناس حتى افتروا على الجن والهواتف]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة عدم إدراك معنى الكلام]

- ‌[فصل في تشكيك المالكي في معاني مصطلحات كثيرة مستقرة عند أهل العلم]

- ‌[فصل في زعمه أن الصحابة كانوا مختلفين في مسائل كثيرة فاتباع ما كانوا عليه متعذر]

- ‌[فصل في زعم المالكي بطلان بعض ما أجمع عليه الصحابة وغيرهم]

- ‌[فصل في جعل المالكي الولاء والبراء وهجر أهل البدع وأضرابهم من تشريع الكراهية بين المسلمين]

- ‌[فصل في رميه البربهاري بتشريع الكراهية بين المسلمين، والرد عليه]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن من صفات الحنابلة ذم المناظرة والحوار لعدم قدرتهم عليه]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة التزهيد في التحاكم إلى القرآن الكريم]

- ‌[فصل في سبب تزهيد الحنابلة في القرآن]

- ‌[فصل في بيان قول البربهاري إن القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن]

- ‌[فصل في زعمه أن البربهاري يقدم الرجال على النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في قول البربهاري إذا سمعت الرجل يطعن على الآثار أو يرد الآثار أو يريد غير الآثار فاتهمه على الإسلام]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة التزهيد والتساهل في كبائر الذنوب والموبقات]

- ‌[فصل في زعمه أن البربهاري يقدم الزناة والفساق والخونة على علماء الحنفية]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة التقارب مع اليهود والنصارى والتشدد على المسلمين]

- ‌[فصل في زعمه أنا لا نخشى إلا من المسلمين أما الكفار فلا]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بمخالفة المروءة لفرحهم بمصائب خصومهم من أهل البدع]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة الحكم الجائر على نيات الآخرين]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة الأمر بقطيعة الرحم من أجل العقيدة]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة النصب والرد عليه وبيان حكم الرافضة]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالاستدراك على الشرع باشتراطهم فهم السلف الصالح لنصوص الوحيين]

- ‌[فصل في إبطال المالكي معنى السلف الصالح والرد عليه]

- ‌[فصل في سبل فهم الكتاب والسنة عند المالكي دون فهم السلف الصالح]

- ‌[فصل في دواء ما في كتب العقائد من ظلم وبغي عند المالكي والرد عليه]

- ‌[فصل في رد المالكي على من أنكر الانتساب إلى مسمى الإسلام دون اسم آخر]

- ‌[فصل في بيان سبيل الحق عند المالكي وهو الإيمان الجملي غير المفصل]

- ‌[فصل في نقض النتائج التي وصل إليها المالكي في كتابه هذا]

- ‌[فصل في نقض نتيجة المالكي الثانية والثالثة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الرابعة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الخامسة]

- ‌[فصل في نقض نتيجة المالكي السادسة]

- ‌[فصل في نقض زعمه أن الحنابلة يجعلون المسائل المستحدثة أهم من أركان الإيمان]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الثامنة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته التاسعة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته العاشرة]

- ‌[فصل نقض نتيجته الحادية عشرة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الثانية عشرة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الرابعة عشرة]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن ما ذكره من أخطاء عند الحنابلة ما هي إلا أمثلة فحسب]

- ‌[فصل في التنبيه مرة أخرى على مراد المالكي الحقيقي بالحنابلة وبراءتهم منه ومن انتسابه إليهم]

- ‌[فصل في نفي المالكي علاقة الدولة السعودية بأخطاء الحنابلة والسلفيين]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالثورة على الأئمة والولاة وعدم السمع لهم]

- ‌[فصل في رمي المالكي من أطاع الولاة من الحنابلة أنه لأمر ما أطاعهم]

- ‌[فصل في دعوة المالكي للسماح بدخول كتب المبتدعة إلى المملكة وعدم رؤيته بزعمه معنى لمنعها]

الفصل: ‌[فصل في الجواب المفصل على رسالة أبي الحسن الأشعري في استحسان الخوض في علم الكلام]

[فصل في الجواب المفصل على رسالة أبي الحسن الأشعري في استحسان الخوض في علم الكلام]

فصل

في الجواب المفصل على رسالة أبي الحسن الأشعري في

" استحسان الخوض في علم الكلام " قال المالكي ص (137) : (يقول أبو الحسن الأشعري في رسالته في " استحسان الخوض في علم الكلام " يرد على الحنابلة: " إن طائفة من الناس جعلوا الجهل رأس مالهم، وثقل عليهم النظر والبحث عن الدين، ومالوا إلى التخفيف والتقليد، وطعنوا على من فتش عن أصول الدين، ونسبوه إلى الضلال ") اهـ كلامه.

والجواب: أن الأمر في الاعتقاد مبني على التسليم والاتباع، وهذا مقرر عند أهل السنة والجماعة، بالكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة، ومن جاء بعدهم من الأئمة.

وهذا ما يسميه المتبدعة تقليدا، ويعيبون أهل السنة به، لجعلهم الوحيين مصدرا للعقيدة دون تحكيم العقل فيها، وأمور الغيب عامة لا يمكن إدراكها بالعقل قط، بل إن غاية إدراك العقل لما غاب عن الإنسان من أمور الدنيا، أو شيء منها، ظني لا يفيد العلم، ولا حتى العلم المقارب، فكيف بما غاب عنه من أمور

ص: 332

الآخرة ونحوها؟

فلا يحكم العقل في ذلك، أو يصحح حكمه فيها، إلا ناقص عقل، أو من لا عقل له، ولو كان في العقول كفاية، أو نوع كفاية، لما كان الخلق في حاجة للرسل، ولما أرسل الله سبحانه رسله إلى عباده.

ولو كانت كافية لما ضلت اليونان، وهم أهل العقل وعلومه، بل إن ضلال اليونانين في هذه الأبواب أعظم من ضلال غيرهم، لهذا تجد أن جميع أهل الملل والنحل باختلافها أقرب إلى الهداية، وأكثر طلبا لها من اليونانين فلاسفة ومناطقة.

حتى من آمن منهم، إيمانه مذبذب، على شفا جرف هار، تجده قليل عبادة، وضعيف ديانة وصلاح واستقامة وزهد وورع، بل ربما كان خلوا منها كلها أو أكثرها.

ومنهم من لم يدخل في الإسلام إلا مكيدة به وبأهله، فما حصل منهم في عهد المأمون وقبله وبعده من تفرق المسلمين إلى اليوم شيء كبير عريض، لو اجتمعت جيوش الكفر لفعله لما استطاعت، ولكن مكر الليل والنهار.

ومن طالع تراجم المتكلمين لم يجد أحدا منهم يسلم من طامة أو بلية، بل هم في ذلك بين مكثر ومقل، عياذا بالله.

ص: 333

ومن لم يشفه الوحي في معرفة أصول الدين فلا شفاه الله، ومن لم يعرفه به فكيف وبم يعرفه؟

ثم ذكر المالكي قول الأشعري: (وزعموا أن الكلام في الحركة، والسكون، والجسم، والعرض، والألوان، والأكوان، والجزء، والطفرة، وصفات الباري عز وجل، بدعة وضلالة) اهـ كلامه.

والجواب: أن هذا حق، فإن تحكيم العقل في صفات الله جل وعلا الذاتية والفعلية، وما يجوز عليه سبحانه، وما يمتنع، بمنأى عن الوحي، بل مع معارضته منكر عظيم، بل كفر وردة عن الإسلام.

لهذا تجد عقائد المتكلمين تخالف صريح القرآن وصحيح السنة مخالفة ظاهرة، لا يمكن الجمع بينهما، وتخالف اعتقاد المسلمين في الصدر الأول، وما تلاه من أهل القرون الفاضلة المفضلة، وما عليه أهل السنة جميعا بعد ذلك.

غير أن بعد المتكلمين من الحق وقربهم منه: بقدر حظهم من علم الكلام، فمن زاد علمه به زاد بعده عن الحق، والله المستعان.

ثم أورد المالكي ص (137 - 138) قول الأشعري، وهو يذكر حجج أهل السنة في إبطال علم الكلام:

ص: 334

(1- وقالوا:

لو كان هدى ورشادا لتكلم فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وخلفاؤه وأصحابه.

2 -

قالوا:

ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يمت حتى تكلم في كل ما يحتاج إليه من أمور الدين، وبينه بيانا شافيا، ولم يترك بعده لأحد مقالا فيما للمسلمين إليه حاجة من أمور دينهم، وما يقربهم إلى الله عز وجل، ويباعدهم عن سخطه.

فلما لم يرووا عنه الكلام في شيء مما ذكرناه علمنا أن الكلام فيه بدعة، والبحث عنه ضلالة؛ لأنه لو كان خيرا لما فات النبي صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم، ولتكلموا فيه.

3 -

قالوا:

ولأنه ليس يخلو ذلك من وجهين:

* إما أن يكونوا علموه فسكتوا عنه.

* أو لم يعلموه، بل جهلوه.

فإن كانوا علموه ولم يتكلموا فيه وسعنا أيضا نحن السكوت عنه كما وسعهم السكوت عنه، ووسعنا ترك الخوض فيه كما وسعهم ترك الخوض فيه؛ لأنه لو كان من الدين ما وسعهم السكوت عنه.

ص: 335

وإن كانوا لم يعملوه وسعنا جهله كما وسع أولئك جهله؛ لأنه لو كان من الدين لم يجهلوه.

فعلى كلا الوجهين الكلام فيه بدعة، والخوض فيه ضلالة.

فهذه جملة ما احتجوا به في ترك النظر في الأصول) اهـ كلامه.

وأقول: هذه حجج قوية، دافعة لكل شبهة وبدعة، وهي حجج تبطل كل بدعة وضلالة، سواء كانت علم الكلام أم خلق القرآن أم غير ذلك، كما أن لهم في رد علم الكلام حججا أخرى لم يذكرها الأشعري، قد ذكرنا طرفا منها في مواضع تقدمت.

ثم قال المالكي ص (138) : (ثم أخذ أبو الحسن الأشعري في الرد قائلا: " الجواب عن الكلام السابق من ثلاثة أوجه:

أحدها: قلب السؤال عليهم، بأن يقال: النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل أيضا: " إنه من بحث عن ذلك، وتكلم فيه، فاجعلوه مبتدعا ضالا "، فقد لزمكم أن تكونوا مبتدعة ضلالا، إذ تكلمتم في شيء لم يتكلم فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم) اهـ كلامه.

ص: 336

وجواب هذا الوجه يسير من ثلاثة وجوه: أحدها: أن الكلام في أسماء الله وصفاته وأمور الغيب عامة توقيفي، لا يجوز أن يزاد فيها أو ينقص منها إلا عن طريق الوحي، فمن تكلم في هذا الباب من غير توقيف كان مخطئا، ولو قدر أنه أصاب؛ لتكلمه فيه من غير طريق الوحي، فإذا تقرر هذا فالكلام في هذا الباب بعلم الكلام فاسد باطل.

الثاني: أن علم الكلام وكتبه كتب المنطق والفلسفة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى يخصها بشيء، إلا أن علم الكلام قد احتوى على مسائل كثيرة وعظيمة، قد حذر النبي صلى الله عليه وسلم وشدد في آحادها، فكيف بها مجتمعة؟ كرد القرآن أو السنة بالرأي، أو ضرب بعضه ببعض، أو التشكيك في حكمه بمتشابهه، أو الكلام في الدين بالرأي، مع ما احتواه علم الكلام من مخالفة لكلام الله عز وجل، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا كاف في معرفة حكم الشارع فيه.

الثالث: أن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ساروا على ما سار عليه نبيهم صلى الله عليه وسلم، فلما طرأ علم الكلام ودخل على المسلمين ضج أئمة الإسلام وعلماؤهم بإبطاله، وتحريمه، ورده، والتحذير منه، ومن أهله، وتكفير كثير من منتحليه لفساد عقائدهم، وقد تقدم.

ص: 337

ثم أورد المالكي الوجه الثاني لجواب أبي الحسن الأشعري على أهل السنة فقال: (والجواب الثاني: أن يقال لهم: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يجهل شيئا مما ذكرتموه من الكلام في الجسم والعرض، والحركة والسكون، والجزء والطفرة، وإن لم يتكلم في كل واحد من ذلك كلاما معينا، وكذلك الفقهاء والعلماء من الصحابة، غير أن هذه الأشياء التي ذكرتموها معينة أصولها، موجودة في القرآن والسنة جملة غير مفصلة) اهـ كلامه.

والجواب من وجوه ثلاثة: أحدها: أنه إذا كان أصل هذه الألفاظ موجودا في القرآن والسنة فلم الإعراض عنها، واستبدال عباراتهما بعبارات المتكلمين والفلاسفة اليونان؟

الثاني: أنا لو سلمنا - ولا نسلم - أن أصل هذه الألفاظ في الكتاب والسنة فقد تضمنت أمورا زائدة على أصلها، أو نقصت عنه، فهي غير موافقة، فيبقى حكم ذلك القدر الزائد مردودا، يحتاج دليلا لإثباته.

الثالث: أن غالب تلك الألفاظ محادة لما جاء عن الله جل وعلا، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، مناقضة لهما، فكيف يكون أصلها في الكتاب والسنة؟ معاذ الله.

ص: 338

فإن المتكلمين يقولون: إن الحركة والسكون من صفات المخلوقات، لهذا لا تجوز في حق الله عز وجل، ثم يبطلون بذلك جميع صفات الله سبحانه الفعلية، وهذا باطل فاسد، مخالف بالكتاب والسنة والإجماع، وللمتكلمين غير ذلك مما لا يستساغ ذكره.

ثم قال الأشعري: (أما الحركة والسكون والكلام فيهما فأصلهما موجود في القرآن، وهما يدلان على التوحيد، وكذلك الاجتماع والافتراق، قال الله تعالى، مخبرا عن خليله إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه، في قصة أفول الكواكب والشمس والقمر، وتحركهما من مكان إلى مكان، ما دل على أن ربه عز وجل، لا يجوز عليه شيء من ذلك، وأن من جاز عليه الأفول والانتقال من مكان إلى مكان فليس بإله) اهـ كلامه.

والجواب من وجوه ثلاثة: أحدها: أن في هذا الكلام السابق محادة ومخالفة ومعارضة لما في الكتاب والسنة، وتحريفا لكلام الله عز وجل عن مواضعه، وهذا مصداق ما قدمنا قريبا.

الثاني: أن قول إبراهيم عليه السلام دال على خلاف ما استدل به الأشعري، فإنه عليه السلام لم ينكر حركة هذه الكواكب، وإنما

ص: 339

أنكر أفولها، وغياب سلطانها بعد ظهوره، وهذا يدل على جواز الحركة والظهور، لا انتفائه.

قال سبحانه وتعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ - فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ - فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 76 - 78] .

الثالث: أن الكتاب والسنة قد دلا على ثبوت الصفات الفعلية لله جل وعلا، كصفة المجيء والنزول وغيرها، التي أنكرتها المعتزلة، وسبق إنكارها في كلام الأشعري المتقدم، ومن ذلك:

* قوله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا - وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 21 - 22] .

* وقال تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ} [البقرة: 210] .

* وقال عز وجل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: 158] .

وروى الإمام مالك في " الموطأ " عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وأبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» ،

ص: 340

وهذا حديث صحيح مخرج في " الصحيحين "[خ (1145) و (6321) و (7494) عن القعنبي وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي وإسماعيل بن أبي أويس كلهم عن مالك، م (758) عن يحيى بن يحيى عن مالك به] .

قال عباد بن العوام: (قدم علينا شريك بن عبد الله منذ نحو من خمسين سنة، قال: فقلت له: يا أبا عبد الله إن عندنا قوما من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث - يعني حديث النزول السابق - قال: فحدثني بنحو من عشرة أحاديث في هذا، وقال: " أما نحن فقد أخذنا ديننا هذا عن التابعين عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم عمن أخذوا؟ ") .

ثم قال الأشعري ص (139) : (أما الكلام في أصول التوحيد فمأخوذ أيضا من الكتاب، قال الله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] ، وهذا الكلام موجز منبه على الحجة، بأنه واحد لا شريك له) اهـ.

والجواب:

أن أهل الكلام يظنون أن أصل التوحيد ومرجعه هو توحيد الربوبية، وهو الذي أرسلت به الرسل، ونزلت في بيانه الكتب، والحق في هذا أن الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم بعثوا بأنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية - وهو توحيد العبادة - وتوحيد الأسماء والصفات.

ص: 341

ولم ينازع المشركون وغالب أقوام المرسلين في الأمم كلها في توحيد الربوبية، وإنما كان نزاعهم في توحيد الألوهية، قال الإمام القاضي علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي الدمشقي (ت 792 هـ) في " شرح الطحاوية " (1 / 28- 29) : (وكثير من أهل النظر يزعمون أن دليل التمانع هو معنى قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] لاعتقادهم أن توحيد الربوبية، الذي قرروه هو توحيد الألوهية الذي بينه القرآن، ودعت إليه الرسل عليهم السلام.

وليس الأمر كذلك، بل التوحيد الذي دعت إليه الرسل ونزلت به الكتب هو توحيد الألوهية، المتضمن توحيد الربوبية، وهو عبادة الله وحده لا شريك له.

فإن المشركين من العرب كانوا يقرون بتوحيد الربوبية، وأن خالق السماوات والأرض واحد، كما أخبر تعالى عنهم بقوله:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: 25]، {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ - سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [المؤمنون: 84 - 85] ، ومثل هذا كثير في القرآن، ولم يكونوا يعتقدون في الأصنام أنها مشاركة لله في خلق العالم) اهـ.

ثم قال المالكي ص (140) : (ثم أطال الأشعري الكلام على هذه المسألة في نحو خمس صفحات، ثم قال: " يقال لهم: النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يصح عنه

ص: 342

حديث في أن القرآن غير مخلوق، أو هو مخلوق، فلم قلتم إنه غير مخلوق؟ ".

فإن قالوا: قاله بعض الصحابة، وبعض التابعين، قيل لهم: يلزم الصحابي والتابعي مثل ما يلزمكم من أن يكون مبتدعا ضالا، إذ قال ما لم يقله الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

فإن قال قائل: فأنا أتوقف في ذلك، فلا أقول مخلوق، ولا غير مخلوق، قيل له: أنت في توقفك ذلك مبتدع ضال؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل: إن حدثت هذه الحادثة بعدي توقفوا فيها، ولا تقولوا فيها شيئا، ولا قال: ضللوا، وكفروا من قال بخلقه، أو من قال بنفي خلقه.) اهـ كلامه.

والجواب: أن الله عز وجل قد قبض نبيه صلى الله عليه وسلم بعد أن أكمل الدين، وأتم الشريعة، فقال سبحانه:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وقال أبو الدرداء رضي الله عنه:(لقد مات النبي صلى الله عليه وسلم وما طائر يطير بجناحيه إلا وعندنا منه خبر) .

ولما قال المشركون لسلمان الفارسي رضي الله عنه: «قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة؟

ص: 343

فقال: " أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع، أو بعظم» وهذا في مسلم في " صحيحه " (262) .

فإذا كان الحال كذلك فكيف نترك في أمر عظيم كمسألة خلق القرآن بلا بينة ولا دليل؟ وقد دل الكتاب والسنة الصحيحة، بل المتواترة، وإجماع السلف، على أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.

وقد تكلم الله به، وما كان منه سبحانه فهو غير مخلوق، ومن قال خلاف ذلك فقد كفر، قال سبحانه وتعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [الأنعام: 92]، وقال جل وعلا:{لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: 21]، وقال:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]، وقال:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة: 253]، وقال:{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143]، وقال:{وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الشعراء: 10] ، والآيات في هذا الباب كثيرة.

وكذلك الأحاديث النبوية متواترة في هذا الباب، وهي أكثر من أن تحصى، منها:

ص: 344

* قوله صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه حاجب ولا ترجمان» ، رواه البخاري (6539) ومسلم (1016) من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.

* وقوله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج ذريتك بعثا إلى النار» ، رواه أحمد في " مسنده "(3 / 32 - 33) ، والبخاري في " صحيحه "(3348) و (4741) و (6530) ، ومسلم (222) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

أما إجماع السلف قاطبة وأهل السنة جميعا فقد حكاه جماعات من العلماء، كأبي حاتم وأبي زرعة الحافظين الرازيين رحمهما الله وغيرهما.

وقد ذكرت أول الكتاب أسماء جماعات من السلف والحفاظ ممن كفروا من قال بخلق القرآن، فلا يقول ما فاه به الأشعري، أو يستدل به، أو يخاله حجة، إلا من لم يعرف الكتاب ولا السنة، ولا ما كان عليه علماء الأمة، وإنما صنعته الكلام والفلسفة.

ثم قال الأشعري ص (140) : (وخبرونا لو قال قائل: إن علم الله مخلوق، أكنتم تتوقفون فيه أم لا؟

فإن قالوا: لا،

ص: 345

قيل لهم: لم يقل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا أصحابه في ذلك شيئا.

وكذلك لو قال قائل: هذا ربكم شبعان، أو ريان، أو مكتس، أو عريان، أو مقرور. . . ونحو ذلك من المسائل، لكان ينبغي: أن تسكت عنه؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يتكلم في شيء من ذلك، ولا أصحابه، أو كنت لا تسكت فكنت تبين بكلامك أن شيئا من ذلك لا يجوز على الله عز وجل، وتقدس عن كذا وكذا، بحجة كذا وكذا) اهـ كلامه.

والجواب: أن باب الأسماء والصفات باب غيبي، لا تجوز الإضافة إليه، أو النقص منه، إلا بوحي من كتاب الله، أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن وصف الله عز وجل بشيء ليس في الكتاب ولا السنة رد على قائله، وطولب بالدليل.

أما المتكلمون فلا يستطيعون إثبات صفة ولا نفيها خارج الكتاب والسنة، فإنهم لا يستدلون بحجة عقلية على إثباتها أو نفيها إلا ولخصمهم حجة عقلية أخرى، ترد ما استدلوا به، وتثبت خلافه.

لهذا كان مآل أكثرهم - والعياذ بالله - الزندقة، ومن سلم منهم من الزندقة كان شكاكا متلجلجا.

ص: 346

ثم قال المالكي ص (142) بعد إتمامه كلام أبي الحسن الأشعري: (وأنتم ترون أن عدم فهم حجة الطرف الآخر، والظن بأنه لا يعتمد على دليل، من الأسباب الرئيسة في انتقاصنا للآخرين، والنظر إليهم بعين الازدراء، وكأنهم مجموعة من العوام الذين يعكفون على التقليد، ويعتمدون على أذواقهم وعقولهم القاصرة، إلخ.

ولو تواضعنا وطلبنا من الآخر أن يبين حجته بالبراهين لندرسها ونراجعها لكان أفضل مما نحن عليه من نفي الآخر، والتعالي عليه، ولعلنا أجهل منه، وأبعد عن الحق) اهـ كلام المالكي.

والجواب عن هذا يسير من وجهين: أحدهما: أن ما ذكره المالكي قد سلم منه السلف وأتباعهم بحمد الله، وإنما هو وصف لحاله مع أئمة السلف وعلماء السنة، على حد قول الأول:"رمتني بدائها وانسلت "، وهو أحق الناس بنصيحته.

الثاني: أن أهل السنة حنابلة وغيرهم رحمهم الله لما حكموا على علم الكلام بما حكموا به عليه، كان حكما عادلا منصفا، قد بينا سابقا دلائل صدقه، وظهور إصابته.

ولا أدل وأوضح على ذلك من رجوع أبي الحسن الأشعري نفسه عما كان فيه من اعتزال وكلام إلى مذهب أهل السنة، وخص منهم إمام الأئمة أحمد بن حنبل رضي الله عنه، وهذا قد ذكره أبو الحسن الأشعري في رسالته " الإبانة ".

ص: 347

فلم رجع الأشعري عن كلامه السابق، بل عن مذهبه كله إلى مذهب الإمام أحمد؟ أم أن أبا الحسن الأشعري - أيضا - لم يفهم ما كان هو عليه، ويحتج له، ويذب عنه؟

وكذلك رجوع أئمة المتكلمين وكبارهم - الذين بلغوا فيه الغاية، وأصبح المتكلمون يحتجون بهم، وقد كانوا يحتجون لهم - عن الكلام، وقد قدمنا ذكر بعضهم، وهذا يدل على دقة فهم السلف لمآل علم الكلام وأهله.

ص: 348