الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في تكذيب المالكي من رمى أبا حنيفة برد الأحاديث واعتذار المالكي عنه رحمه الله]
فصل
في تكذيب المالكي من رمى أبا حنيفة برد الأحاديث،
واعتذار المالكي عنه رحمه الله، بأن له وأصحابه منهجا متشددا في قبول
الأحاديث! ! والرد عليه قال المالكي في الحاشية ص (108) : (مثل قولهم: إن مذهب أبي حنيفة رد أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟ ! فهذا ظلم وكذب، فأبو حنيفة لا يرد أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هكذا ردا بالهوى، وإنما له ولأصحابه منهج متشدد في قبول الأحاديث وردها، يختلف عن منهج المحدثين) اهـ.
والجواب: أن هذا الجاهل، ينفي عن أبي حنيفة ما يثبته - هو - له، فنفى وكذب من قال: إن أبا حنيفة رد أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم أثبت ذلك لأبي حنيفة!
إلا أنه جعل ذلك، لمنهج أبي حنيفة المتشدد في قبول الحديث! ! فرد أبي حنيفة لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده ثابت، وإنما الاختلاف: في سبب الرد لا وجوده.
ثم إذا كان الأمر كما سبق، فمن أين علم المالكي أن السلف جعلوا رد أبي حنيفة للأحاديث للهوى، لا إلى منهجه المتشدد في قبولها؟ !
أما زعم المالكي، أن منهج أبي حنيفة، منهج متشدد في قبول الحديث، وقوله في حاشية ص (108) : (وإنما له ولأصحابه منهج متشدد في قبول الأحاديث وردها، يختلف عن منهج المحدثين، فلا يجوز اتهامه برد أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما يجوز تخطئته في المنهج نفسه.
وكذلك الحنابلة عندما قبلوا ذلك، وظنوه صحيحا، وفق منهجهم المتساهل) اهـ: فجوابه من وجوه: أحدها: أن هذه مغالطة باردة، فمعلوم تساهل الأحناف في قبول الأحاديث، فاحتجاجهم بالرأي غالب عليهم، حتى أصبحوا لا يعرفون إلا به، فهم أهل الرأي، وغيرهم أهل الأثر.
وأبو حنيفة نفسه - مع إمامته في الفقه رحمه الله إلا أنه لم يكن صاحب حديث. بل أحاديثه القليلة التي رواها، ضعف لأجلها وردت! لذا لم يخرج له الشيخان شيئا قط، بل حتى أهل السنن الأربع لم يرووا له شيئا، عدا حديث واحد عند النسائي، اختلف فيه، هل المذكور في سنده أبو حنيفة النعمان بن ثابت أو غيره؟
ولا يكاد يسلم لأبي حنيفة حديث رواه، فإن سلم منه هو، لم يسلم من ضعف غيره! فأين المنهج المتشدد؟ ! وممن أخذه؟ !
الثاني: أن عناية الحنابلة رحمهم الله بالحديث، أعظم من أن يحتج لها، وحسب إمامهم حفظه ألف ألف حديث، وأنه عمدة أهل الفن ومرجعهم، في معرفة أحوال الرجال، وتعديلهم وتجريحهم، ومعرفة العلل
وغيرها، وأنه شيخ الشيوخ، وإمام الأئمة، المجمع على عدالته وتقدمه وإتقانه.
الثالث: أن من عاب أبا حنيفة برد الأحاديث: جماعات من أئمة السلف، قدمنا بعضهم، كالحافظ أبي بكر عبد الله بن أبي شيبة (ت 235 هـ) في "مصنفه "، وليسوا بحنابلة، فلم علق المالكي رمي أبي حنيفة برد الأحاديث بالحنابلة؟ ! وجعل سبب ذلك ومرجعه: منهجهم المتساهل في قبول الحديث! ! بخلاف منهج أبي حنيفة وأصحابه المتشدد في قبولها؟ ! !