الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في تنازع الفرق رجالا من أئمة السلف كلهم يدعيهم]
فصل
في تنازع الفرق رجالا من أئمة السلف كلهم يدعيهم
مما يدل على بطلان دعاواهم جميعا عند المالكي! والرد عليه قال المالكي ص (26) : (والغريب: أن الفرق تتنازع أسماء معينة، فرجل مثل علي بن أبي طالب مثلا، يذكره السنة في سلفهم، وكذلك المعتزلة يذكرونه في سلفهم، ويذكره الشيعة في سلفهم وهكذا.
وكذلك الحال في الحسن البصري، وجعفر الصادق، وزيد بن علي، والشافعي، وأبي حنيفة، وغيرهم من العلماء المشهورين.
إذ تحاول كل فرقة، أن تجعله على منهجها، وتدعي أنه من سلفها الذين تسير على خطاهم!!) اهـ كلامه.
والجواب: أن زعم المعتزلة والشيعة أن عليا رضي الله عنه من أسلافهم! كدعوى اليهود في إبراهيم عليه الصلاة والسلام فهي دعوى باطلة، لا دليل لها، ولم تخلق المعتزلة إلا بعده، فأينه وأينهم؟!
أما دعوى أهل السنة فيه: فصحيحة، لا ريب فيها ولا مرية، بأبي هو وأمي رضي الله عنه وأرضاه، فقد تواتر عنه أنه خطب في الكوفة - مركز الشيعة- وتوعد من فضله أو قدمه على الشيخين أبي بكر وعمر
رضي الله عنهم، بأن يجلده حد المفتري.
ولما سأله ابنه محمد: من أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال رضي الله عنه: " أبو بكر ثم عمر " وهذا في "صحيح البخاري". فمن أين تصح دعوى الشيعة فيه؟! ولم يتركوا له، أمرا إلا خالفوه، ولا نهيا إلا ارتكبوه؟!
أو لم يخبر رضي الله عنه بنسخ نكاح المتعة، وأنه آخر الأمر، فلم خالفوا أمره، وردوا خبره؟!
وسر دعواهم في علي رضي الله عنه معروف ظاهر، وإن خفي على الأغمار، فما الذي وجدته الرافضة فيه، ولم تجده في إخوانه من الصحابة السابقين؟!
وإنما القوم أرادوا الكيد بالإسلام، وقد روى الإمام الكبير أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" (382) عن الإمام الحافظ أبي الربيع الزهراني -وهو أحد شيوخه الثقات- أنه قال: (كان من هؤلاء الجهمية رجل، وكان الذي يظهر من رأيه الترفض، وانتحال حب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال رجل ممن يخالطه ويعرف مذهبه: قد علمت أنكم لا ترجعون إلى دين الإسلام، ولا تعتقدونه، فما الذي حملكم على الترفض، وانتحال حب علي؟!
قال: " إذا أصدقك أنا، إن أظهرنا رأينا الذي نعتقده، رمينا بالكفر والزندقة، وقد وجدنا أقواما ينتحلون حبا علي ويظهرونه، ثم
يقعون بمن شاءوا، ويعتقدون ما شاءوا، ويقولون ما شاءوا، فنسبوا إلى الترفض والتشيع! فلم نر لمذهبنا أمرا ألطف من انتحال حب هذا الرجل! ثم نقول ما شئنا! ونعتقد ما شئنا! ونقع بمن شئنا! فلأن يقال لنا: رافضة، أو شيعة، أحب إلينا من أن يقال: زنادقة كفار. وما علي عندنا أحسن حالا من غيره، ممن نقع بهم ") اهـ
وهذا المعنى، ذكره غير واحد من الأئمة، بل من طالع كتب الرافضة: وقف على غمزهم لآل البيت، بل لأئمة الآل رضي الله عنهم: كعلي بن أبي طالب، وزوجه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحسن والحسين ابني علي، وعبد الله بن عباس، وجعفر الصادق وتسميتهم له بالكاذب! وزيد بن علي، وموسى الكاظم، وزين العابدين علي بن الحسين، ومحمد الباقر. ومحمد القانع طعنوا في نسبه، وشككوا فيه! أكان ابنا للرضا، أم ابن زنا!!
بل لم يسلم منهم النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، فرموه في زوجه، ونسبوها إلى ما برأها الله منه، حين قال:{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ - لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} [النور: 11 - 12] .
فكانت الرافضة كلها ممن تولى كبره، وحق عليها، ما حق على سالفها.
وارتقى طعنهم في النبي صلى الله عليه وسلم فوق ذلك، فقال عالمهم، ومقدم جهالهم علي غروي، أحد أكبر علماء حوزتهم:(إن النبي صلى الله عليه وسلم لا بد أن يدخل فرجه النار؛ لأنه وطىء بعض المشركات) يريد بذلك أمي المؤمنين: عائشة بنت أبي بكر الصديقة بنت الصديق، وحفصة بنت عمر رضي الله عن زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرضاهن.
وهل خفيت مكيدتهم بابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبطه وريحانته: الحسين بن علي رضي الله عنهما، حين غرروا به، فبايعه منهم عشرون ألفا، حتى إذا لقي خصمه، تركوه يقتل وأهله!
وقد اعترفوا بذلك! في كبار كتبهم وأصولهم، فذكر صاحب "الاحتجاج " (2 / 28) -وهو أحد صحاح كتبهم عندهم-: (أن فاطمة الصغرى رضي الله عنها، خطبت في أهل الكوفة فقالت: "يا أهل الكوفة، يا أهل الغدر والمكر والخيلاء، إنا أهل البيت، ابتلانا الله بكم، وابتلاكم بنا، فجعل بلاءنا حسنا. . فكفرتمونا، وكذبتمونا، ورأيتم قتالنا حلالا، وأموالنا نهبا. . كما قتلتم جدنا بالأمس، وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت.
تبا لكم، فانتظروا اللعنة والعذاب، فكأن قد حل بكم.. . ويذيق بعضكم بأس بعض، ثم تخلدون في العذاب الأليم يوم القيامة، بما ظلمتمونا، ألا لعنة الله على الظالمين.
تبا لكم يا أهل الكوفة! كم قرأت لرسول الله صلى الله عليه وآله قبلكم، ثم غدرتم بأخيه علي بن أبي طالب، وجدي، وبنيه، وعترته الطيبين".
فرد عليها أحد أهل الكوفة مفتخرا فقال: "نحن قتلنا عليا، وبني علي، بسيوف هندية ورماح، وسبينا نساءهم سبي ترك، ونطحناهم فأي نطاح ") اهـ.
بل كتب الرافضة المعتمدة، مليئة من شكوى آل البيت من شيعتهم، وأذاهم لهم، وانتقاص هؤلاء المتشيعين لهم.
وقد أعرضت عن ذكرها لكثرتها، ولئلا يطول هذا الموضع، فيخرج عن المراد، ومن أراد أن يرى ذلك مجموعا في كتاب، فليطالع كتاب "كشف الأسرار، وتبرئة الأئمة الأطهار" للحسين الموسوي (ص 14-32) .
ومن وقف على هذا الكتاب ونحوه، أو كلام أئمة الإسلام والسنة: قطع بأن الرافضة، مزيج من المجوس الفرس، واليهود الطبرسيين وغيرهم. جمعهم الكيد للإسلام، فلم يبقوا للإسلام ركنا إلا سعوا في هدمه، فطعنوا في القرآن بالنقص! وفي السنة برواية النواصب لها! وأنهم كفار، لا يصح الاحتجاج بأقوالهم.
ثم عمدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوجاته، وأصحابه، وآل بيته، فنفوا عنهم كل فضيلة! وألصقوا بهم كل رذيلة!
فجميع دعاوى الرافضة في آل البيت، أو الصحابة، أو علماء الإسلام الصالحين: دعوى باطلة، وإنما سلفهم اليهود والصابئون.
وكيف تصح دعوى المعتزلة في علي رضي الله عنه، وهم مقرون أن ما أمروا الناس به، وحملوهم عليه: لم يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إليه، ولا أحد من الصحابة؟!
وإنما المالكي رجل أعمى الله قلبه وبصيرته، وتلبسته الفتن والشكوك، حتى غدا في ليل من الشك مظلم، فما يدري ما الصحيح من السقيم، ولا السمين من ذي الورم، نسأل الله السلامة والعافية.
وقل مثل ذلك، في دعوى هؤلاء المبتدعة في الحسن البصري، وأبي حنيفة وغيرهم.
أما الشافعي: فما نصيبهم منه، إلا حكمه فيهم بضربهم بالنعال والجريد، وأن يطاف بهم في القرى والهجر، وينادى عليهم: هذا حكم من ترك كتاب الله إلى علم الكلام.