الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة التزهيد والتساهل في كبائر الذنوب والموبقات]
فصل
في زعمه أن من صفات الحنابلة التزهيد والتساهل في كبائر الذنوب
والموبقات، مع التشدد في أمور مختلف فيها، والرد عليه ثم قال المالكي ص (166) في سياقه ذكر صفات الحنابلة بزعمه، تحت عنوان " التزهيد والتساهل في كبائر الذنوب والموبقات، مع التشدد في أمور مختلف فيها ": (وهذا خلاف نصوص القرآن الكريم، فضلا عن السنة، قال البربهاري: " إذا رأيت الرجل من أهل السنة، رديء المذهب والطريق (1) فاسقا فاجرا، صاحب معاصي ضالا، وهو على السنة، فاصحبه، واجلس معه، فإنه ليس يضرك معصيته، وإذا رأيت الرجل مجتهدا في العبادة، متقشفا محترقا بالعبادة، صاحب هوى، فلا تجالسه، ولا تمشِ معه في طريق ") اهـ.
والجواب من وجوه: أحدها: بإصلاح ما حرفه المالكي في نقله من كتاب البربهاري رحمه الله وإتمامه، قال البربهاري ص (124) : (وإذا رأيت الرجل مجتهدا في العبادة، متقشفا محترقا بالعبادة، صاحب هوى، فلا تجالسه، ولا تقعد معه، ولا تسمع كلامه، ولا تمش معه
(1) هكذا عند المالكي، وفي كتاب البربهاري ص (123) :(رديء الطريق والمذهب) .
في طريق، فإني لا آمن أن تستحلي طريقته، فتهلك معه.
ورأى يونس بن عبيد ابنه وقد خرج من عند صاحب هوى، فقال:" يا بني من أين جئت؟ ".
قال: من عند فلان.
قال: " يا بني، لأن أراك خرجت من بيت خنثى أحب إلي من أن أراك تخرج من بيت فلان وفلان، ولأن تلقى الله يا بني زانيا، فاسقا، سارقا، خائنا، أحب إلي من أن تلقاه بقول فلان وفلان ".
ألا ترى أن يونس بن عبيد قد علم أن الخنثى لا يضل ابنه عن دينه، وإلى صاحب البدعة يضله حتى يكفر؟) اهـ كلام البربهاري.
الثاني: أن هذا ليس تهوينا للكبائر والموبقات، وإنما هو تعظيم للبدع والمحدثات، وأنه مع عظم الزنا والسرقة وغيرهما من المعاصي والفجور، إلا أن البدع أعظم جرما، وصحبة أربابها أشد ضررا من وجهين:
أحدهما: اغترار الناس بالمبتدع إذا كان مظهرا للصلاح والعبادة، مما يغر بعض العامة، ومن لا بصيرة له.
الثاني: أن المبتدع يتخذ بدعته دينا يتدين به، ويدعو إليه، ويذب عنه، ويجادل فيه، فخطر التأثر به كبير، أما العصاة فإنهم إن لم يستروا معاصيهم ويخجلوا منها لم يدعوا إليها. وإن دعوا إليها لم يستجب لهم؛ لظهور قبحها للعامة والخاصة.
وإن تأثر بهم أحد فهو أخف من تأثره ببدعة مبتدع ربما أخرجته من الإسلام جملة.
وليس بخاف على أحد أن علماء المسلمين جميعا ينهون عن الكبائر والمعاصي، وعن صحبة أربابها، وهم حين يجعلون البدع والمبتدعة أشر من العصاة والمعاصي فلبيان خطر البدع والمبتدعة، لا لتهوين المعاصي والكبائر.