الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في دواء ما في كتب العقائد من ظلم وبغي عند المالكي والرد عليه]
فصل
في دواء ما في كتب العقائد، من ظلم وبغي عند المالكي! والرد عليه ثم قال المالكي ص (182) تحت عنوان:"ما المنهج": (إذا كانت كل هذه الأخطاء والخرافات في كتبنا العقدية، فما الحل إذن؟!) اهـ كلامه.
وأقول: لم يستطع المالكي ذكر مثال واحد صحيح، على تلك الأخطاء والخرافات!! ولم يسلم له شيء من كذباته في حق الحنابلة وأهل السنة، فإن لم يكن ثمة داء، فلا حاجة إلى الدواء!
ثم قال المالكي:
(الحل سهل على من أراد الله له اليسر، ويمكن إجمال ذلك فيما يلي:
* العودة لاسم الإسلام نفسه.
* وترك التنابز بالألقاب، فلا نصم الآخرين بلقب. ولا نرضى لنا إلا بلقب واسم الإسلام، قال تعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33]، وقال تعالى:{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] .
ثم قال المالكي ص (182-183) : (ولنترك الانتسابات التي تفرقنا بها شيعا، فلا شرعية لكلمة شيعة
ولا سنة، ولا جهمية، ولا سلفية، ولا معتزلة، كشرعية كلمة الإسلام.
وكل من رغب عن التسمية بالإسلام، فلن يجد تسمية أفضل منها، فهي تسمية مأمور بها في كتاب الله، وهي تسمية ارتضاها الله لنا، ولم يأت نص باستحباب تسمية أخرى. ومن زعم ذلك فعليه الدليل، ولا دليل إلا من باب التوهم فقط.
قد يقول البعض: إن تسميتنا أهل السنة، قد جاءت بها نصوص، كأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم باتباع السنة في قوله:«عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين» .
أقول [القائل المالكي] : الله عز وجل أيضا، قد أمر بالعدل أيضا، فلماذا ننكر على المعتزلة تسميتهم أنفسهم "أهل العدل" أو "العدلية"؟!
وأمر الله بالاستقامة، فلماذا ننكر على الإباضية تسمية أنفسهم "أهل الاستقامة؟!
وأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمحبة أهل البيت، فلماذا ننكر على الشيعة تسمية أنفسهم شيعة أهل البيت، مستدلين بقوله تعالى:{وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ} [الصافات: 83] .
واستدل المعتزلة على شرعية اسمهم، بقوله تعالى على لسان إبراهيم:{وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [مريم: 48] .
وهكذا، فأسماء الفرق، أقوى دلالة على الشرعية من اسمنا، علما بأن الحديث السابق، وحديث افتراق الأمة محل تنازع في التضعيف والتصحيح، داخل أهل السنة) اهـ كلام المالكي. ..
والجواب من وجوه: أحدها: أن تسمية أهل البدع بأسمائهم، وتلقيبهم بأوصافهم: تسمية شرعية واجبة، وإن كانوا داخلين أو مُدخلين أنفسهم في الإسلام، كما سمى الله عز وجل ورسوله المنافقين بهذا الاسم، وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الخوارج بهذا الاسم، وسماهم مارقة. ولما خرجوا في عهد علي رضي الله عنه، سماهم الصحابة والتابعون خوارج مراق، وحرورية، وكلاب النار، كما في الآثار، وبقيت تلك التسمية ملازمة لهم.
ولما خرج معبد الجهني، وابتدع بدعته في نفي القدر، سماهم من أدرك هذه البدعة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم: قدرية، كما فعل عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم.
وفي عهد التابعين، حين ابتدع واصل بن عطاء بدعه المعروفة، واعتزل هو وأتباعه مجلس الحسن البصري رحمه الله، سماهم الحسن: معتزلة، وبقي هذا الاسم فيهم بعد ذلك إلى يومنا هذا، ولا يُعرفون إلا به.
ولما أتت الشيعة زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وقالت له: تبرأ من أبي بكر وعمر لننصرك.
أبى ذلك. فقالوا له: إذن نرفضك! فسماهم زيد رافضة لذلك، وبقي الاسم فيهم إلى اليوم.
الوجه الثاني: أن حكم المالكي، بعدم جواز التسمي بهذه الأسماء، مع مخالفتها للكتاب والسنة عنده: مخالف لإجماع أهل السنة! فما زالوا مذ كانوا إلى اليوم، مطبقين على تسمية الجهمية جهمية، والمعتزلة معتزلة، والخوارج خوارج، والقدرية قدرية، والرافضة رافضة أو شيعة، وهكذا.
ولم يَفُهْ أحد منهم قط، بحرمة تسمية أولئك بتلك الأسماء.
بل إن حكم المالكي: مخالف لإجماع المسلمين عامة! بجميع فرقهم ونحلهم. فما من فرقة إلا وتسمي نفسها باسم، وتسمي الآخرين بأسماء، ولم يحرم أحد منهم ذلك، بل أطبقوا عليه. .
الثالث: أن توحيد الأمة واتفاقها واجتماعها- وقد تفرقت فرقا-: ليس بتوحيد الاسم! وإنما بتوحيد الاعتقاد، وتوحيد الكلمة.
ولا يكون إلا بكلمة التوحيد، ولا يصلح أمر هذه الأمة، إلا بما صلح به أولها، كما قال مالك. فيرجع المسلمون جميعا إلى الكتاب والسنة، بفهم السلف الصالح والإجماع، كما تقدم بيانه.
أما من ظن أن مجرد توحيد الاسم، يحقق اجتماع الكلمة واتفاق الأمة! فالنزاع معه حينها، يكون في صحة عقله وسلامته، لا في صحة قوله ورأيه!
وها هم اليهود مع اجتماعهم في هذا الاسم: إلا أنهم متفرقين مختلفين، كما قال سبحانه:{تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [الحشر: 14] .
الرابع: أن خلافنا مع الشيعة والمعتزلة والجهمية والقدرية وغيرهم من أهل البدع ليس في أصل التسمي من حيث صحته وعدمه! وإنما في أصل مذهبهم، ومقصدهم بالتسمية.
فإنكارنا على المعتزلة، تسمية أنفسهم "أهل التوحيد والعدل" ليس لاستقباحنا الاسم، فالاسم جميل محمود، وإنما إنكارنا عليهم وتضليلنا لهم لأجل مرادهم من هذه التسمية.
فمرادهم بالتوحيد: تعطيل الصفات؛ لأن الصفات المتعددة عندهم، تقتضي ذواتا متعددة! كذا قالوا!
لهذا يرون أن نفيهم للصفات، يُبقي إلها واحدا! لا شريك له! فهذا التوحيد عندهم!
أما العدل: فيعنون به إنكار القدر! ويزعمون أن في إنكاره ونفيه، إثبات عدل الله المطلق! إذ لو كان قدر لم يكن ثمة عدل! كذا قالوا!
فهذان الاسمان (التوحيد والعدل: اشتملا على معنيين فاسدين منكرين قبيحين.
وكذلك اسم الشيعة: فالتشيع بمعنى محبة آل البيت رضي الله عنهم، مع محبة الصحابة وتوليهم، وتقديم الثلاثة على علي رضي الله عنهم معنى صحيح.
إلا أنهم قصدوا به: تولي آل البيت بزعمهم، مع البراءة ممن عدا عليّ! فطعنوا في الخلفاء الثلاثة قبله، وفي جماعات من الصحابة رضي الله عنهم!
بل طعنوا في جماعة من خيار آل البيت وكبارهم، كالحسن بن علي رضي الله عنهما، وعبد الله بن عباس، وعائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر، أمي المؤمنين، وغيرهم.
وبينا سابقا كذب الشيعة (الروافض) في تولي آل البيت وادعائهم محبتهم، وإنما هو ثوب لبسوه للكيد بالمسلمين.
الخامس: أن زعم المالكي أن الشيعة استدلت على صحة تسميتها بقوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ} [الصافات: 83] وأن المعتزلة استدلت على صحة تسميتها كذلك بقوله سبحانه: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [مريم: 48] ! إلخ ما ذكر: غباء، فإن هذه الآيات الكريمات دليل على صحة الكلمة من حيث اللغة، لا صحة اعتقاد من تسمى بالشيعة أو المعتزلة! وإلا لصحت أديان المشركين واليهود والنصارى والصابيئن! ولم نسمع أو نر أحدا من الأئمة أنكر التسمية نفسها دون ما تضمنته من معان حتى يستدل عليه، فإن كان المالكي يعلم أحدا قال ذلك فليذكره!