الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في زعم المالكي أن الحنابلة لم يتركوا عالما خالفهم إلا ذموه وعابوه]
فصل
في زعم المالكي أن الحنابلة لم يتركوا عالما خالفهم إلا ذموه وعابوه،
والرد عليه قال المالكي ص (143 - 144) : (ولم أجد عالما خالف غلاة الحنابلة في أمر وعلموا بمخالفته إلا ذموه، واتهموه بالبدعة أو الزندقة، وما إلى ذلك، وهذا له دلالة على الجهل بالنفس والآخرين، ويدل على تعصب مذموم شرعا وعقلا) اهـ كلامه.
والجواب من وجوه أربعة: أحدها: أنه يريد بغلاة الحنابلة إذا ذكرهم أئمة السلف وعلماء الإسلام والسنة، وتقدم التنبيه على ذلك غير مرة، حيث نقل نصوصا لهم، ثم نسبها لغلاة الحنابلة.
الثاني: أن الخلاف منه خلاف سائغ، ومنه خلاف غير سائغ، أما الخلاف السائغ: فما كان فرعيا لا صلة له بأصول الدين ومعاقد الإيمان، فهذا لا يوجب تبديعا ولا تضليلا ولا تكفيرا، أما غير السائغ: فما كان في أصول الدين، فهذا يوجب تارة تبديعا وتارة تضليلا أو تكفيرا.
وهذا قدر مشترك متفق عليه بين المسلمين جميعا، حنابلة وغير حنابلة، سنة ومبتدعة، بل هو متفق عليه عند أهل الملل والنحل جميعا، فما من صاحب ملة ونحلة إلا وهو يعتقد ضلال مخالفه فيها.
الثالث: أن من بدعه الحنابلة أو ضللوه أو كفروه فإنما فعلوا ذلك لاستحقاقه ذلك الحكم بمخالفته لاعتقاد أئمة الإسلام، الثابت في الكتاب والسنة، وليس لمخالفته لهم كما زعم المالكي، ولا أدل على ذلك ولا أظهر من موافقة أئمة السلف وأهل السنة باختلاف مذاهبهم للحنابلة في أحكامهم تلك، كاتفاقهم على تكفير الجهمية والمعتزلة القائلين بخلق القرآن وبغيره من العقائد الفاسدة.
الرابع: أنه لو كان الحنابلة يكفرون أو يضللون كل مخالف لهم مطلقا، سواء كانت مخالفته فرعية أو أصلية، لما سلم لهم أحد، بل لا تكاد تجد عالمين اثنين حنبليين أو غير حنبليين يتفقان في جميع أمورهما، وإن كانا متفقين في الأصول.