الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في رد المالكي على من أنكر الانتساب إلى مسمى الإسلام دون اسم آخر]
فصل
في رد المالكي على من أنكر الانتساب إلى مسمى الإسلام دون اسم آخر، بدعوى الاختلاط مع أهل البدع! والرد عليه ثم قال المالكي ص (183) : (فإذا قال البعض: لكن التسمية بالإسلام، سيخلطنا مع المبتدعة؟!
أقول [القائل المالكي] : لسنا أفضل من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار، فقد كان اسم الإسلام يجمعهم مع المنافقين، والأعراب، والطلقاء، والمرجفين، فقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:«لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه» ويقصد بأصحابه هنا: المنافقين) اهـ كلامه.
والجواب من وجهين: أحدهما: أن المالكي يريد اتفاق واجتماع الأمة على اسم واحد، ولو كان من جنس اتفاق ودخول المنافقين في اسم المسلمين عامة حسب الظاهر! وهذا مما لا يحمده العقلاء.
فإن كانت المصلحة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إبقاءهم دون قتلهم؛ لئلا يظن الأباعد أن النبي صلى الله عليه وسلم يقتل من أسلم من أصحابه، فيُحجموا عن الإسلام: فما المصلحة عندنا اليوم؟!
ووجودهم ومن على شاكلتهم من المبطلين، يضر المسلمين ولا ينفعهم، قال سبحانه فيهم، مبينا منفعة خروجهم مع المسلمين للقتال، لمن جهل ذلك {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التوبة: 47] .
كما أن الله عز وجل ونبيه صلى الله عليه وسلم، لم يجعلا الأئمة دون بيان حال المنافقين وأعيانهم، فأخبر الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم بأوصافهم، وأقوالهم، وهيئاتهم.
بل قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه بأسمائهم، وفي هذا جواز تسميتهم بالمنافقين، بخلاف ما ادعى المالكي.
الثاني: أن قياس المالكي: المنافقين بأهل البدع مطلقا: قياس مع الفارق.
فالمنافقون: مظهرو الاستقامة، مبطنو الكفر.
أما المبتدعة: فمظهرون لبدعهم ومخالفتهم، داعون إليها.
ولو أبطونها- كما فعل المنافقون- وأظهروا الاستقامة، لما خرجوا من اسم الإسلام، بل لم نخرجهم من اسم السنة، وحسبنا ما ظهر، لا ما خفي. وقد صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (إن ناسا كانوا يؤخذون بالوحي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، فلا نؤاخذكم إلا بما ظهر لنا منكم، فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه، وليس لنا من سريرته شيء، الله يحاسب
سريرته.
ومن أظهر لنا شرا لم نأمنه ولم نقربه، وإن قال: إن سريرته حسنة) رواه البخاري في "صحيحه "(2641) .
وكذلك قرن المالكي مؤمني الطلقاء والأعراب، مع المرجفين والمنافقين: باطل، فالطلقاء مؤمنون من جملة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لهم حق الصحبة وفضلها، ولا ينفيها، أو ينتقصهم إلا رافضي معلوم النفاق.
والأعراب إذا آمنوا، لم يضرهم تعرُّبهم، قال سبحانه مبينا حالهم:{الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ - وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 97 - 99] . أما المنافقون والمرجفون: فشرّ محض لا خير فيهم.