الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في بيان سبب اختيار المالكي مذهب الإمام أحمد لنقده]
فصل
في بيان سبب اختيار المالكي، مذهب الإمام أحمد لنقده قال المالكي ص (12 - 13) : (رابعا: بدايتي بنقد الأخطاء في كتب الحنابلة، له أسبابه المذكورة في الكتاب. وهذا لا يعني: أنني أقر أخطاء المذاهب الأخرى، سواء كانت سنية أو غير سنية.
وقد ذكرت هذا صريحا في الكتاب، وذكرت أنني سأقوم بنقد مواطن الغلو في جميع المذاهب المشهورة، إيمانا مني بأن بيان الأخطاء وإيضاحها يسهم في وحدة المسلمين.
لأن كل أصحاب مذهب لا يعرفون التواضع إلا إذا عرفوا أخطاء مذهبهم، وهذا التواضع يدفع أصحاب المذاهب لتصحيح مذهبهم قبل الانشغال بنقد الآخرين) اهـ
والجواب من وجوه: أحدها: أنه اختار المذهب الحنبلي لشدة لزومه للسنة، وقيام الحنابلة بنصرة السنة حتى أصبح ذلك علما عليهم، من عهد إمامهم وإمام أهل السنة جميعا، الإمام أحمد رضي الله عنه، حين نصر السنة وقام بها وصدع بالحق، ولقي ما لقي في سبيل ذلك من ثلاثة خلفاء مبتدعة، أضلتهم المعتزلة فحملوا الأمة على القول بخلق القرآن.
وإلا لو كان السبب ما رآه من قصور وخلل: لكان مذهب الرافضة والمعتزلة والإباضية والزيدية ونحوهم: أولى بالنقد.
أما الحنابلة: فمعتقدهم معتقد سلفي صحيح هو الإسلام الخالص من غير شائبة، لاعتصامهم بالوحيين على فهم السلف الصالح.
إلا أن الحنابلة عند المالكي أولى بالنقد من أولئك جميعا، لاحتجاجهم بالأحاديث الموضوعة! والإسرائيليات! والتكفير والتبديع ظلما! كما صرح في غير موضع من كتابه.
ولا أدري ما تلك الأحاديث التي احتج بها الحنابلة وكانت موضوعة أو إسرائيلية؟
أوما علم بكذب الرافضة وتعمدهم ذلك، وقد طفحت كتبهم بذلك؟ ! أم لم يعلم بتكفيرهم خيار الأمة، كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما؟ ! أم أد؟ هذا من جملة إنصافه الذي وعد به؟ !
الثاني: أنني أتحدى المالكي - إن كان صادقا -: أن ينقد مذاهب الرافضة أو الزيدية أو الأشاعرة ونحوهم كما صنع في كتابه هذا، بهذه الوقاحة وهذه الصفاقة. إذ أنهم حزبه ورهطه الأدنون الناصرون المناصرون، وإن حاول ذر الرماد في العيون بكلامه هنا، وفي بعض التعليقات السمجة في حواشي بعض الصفحات، كنقده بعض مسائل الشيعة أو الزيدية، كاتخاذ بعض فرق الشيعة الغالية - كما يسميها -: قتل السني قربة!
وكأن هذه المسألة لم يقل بها إلا بعض الشاذين من الرافضة، مع إجماعهم - لعنهم الله - على تحريف القرآن ونقصه، واتهامهم أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وعلى مسائل كثيرة يطول عرضها، كلهم مجمعون عليها، والسلف مجمعون على كفر من قال بها.
وإنما عاب المالكي على الرافضة مسألة القتل دون غيرها: ليهون أمرها بعد ذلك حين زعم: أن جميع أهل المذاهب والعقائد - كما يزعم - يستحلون دماء المخالفين! كالرافضة تماما! فمن عاب الرافضة بهذا: لزمه عيب غيرهم! وها هم الحنابلة - ويعني بهم أهل السنة - يستحلون دماء القائلين بخلق القرآن! وهكذا.
الثالثة: قوله بأن بيان الأخطاء وإيضاحها يسهم في وحدة المسلمين، فيه أمران:
- الأول: أن ذلك لا يحصل إلا بنقد عالم عارف بما ينقد، وأن يكون ميزان نقده ميزان عدل وصدق، أما موازين المالكي: فباطلة تبخس الناس أشياءهم ولا توفيهم كيلهم، مع جهله وعدم معرفته.
- الثاني: أن قوله هذا هنا، مناقض لما قرره في كتابه هذا مرارا، من أمره بترك الاختلافات، والتوحد على خطوط الإسلام العريضة!
فإذا نقد أحذ مذهب المالكي الفاسد: كان ذلك النقد غير مثمر! مفرقا لوحدة المسلمين! ويجب ترك النقد والاتحاد على خطوط الإسلام العريضة!
أما إذا كان النقد لاعتقاد أهل السنة، كان النقد صائبا! يسهم في وحدة المسلمين! !
الرابعة: قوله بأن بيان الأخطاء وإيضاحها، يسبب تواضع المخالفين حين يرون خلل مذهبهم: - إن سلمنا ذلك - فهو مشروط بما سبق بالعلم والمعرفة، وسلامة الميزان، وقد قدمنا تعذرها جميعا في المالكي وتخلفها.
ثم أنه لم يزل أهل السنة يردون على أهل البدع ولم نر منهم تواضعا. بل إما متعصب لبدعته، يزيده الرد بحثا لجمع الشبه، والاستكثار بها، وآخر رأى الحق فرجع عن مذهبه جملة.
وعلى كلا الحالين: ليس فيهما متواضع لأخطاء مذهبه، بل إما متعصب، أو تارك لمذهبه إلى غيره.