الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة الحكم الجائر على نيات الآخرين]
فصل
في زعمه أن من صفات الحنابلة الحكم الجائر على نيات الآخرين،
والرد عليه ثم قال المالكي ص (168) في سياقه صفات الحنابلة بزعمه، تحت عنوان " الحكم الجائر على نيات الآخرين ":(روى الخلال عن أحمد (5 / 121) : " ما أحد أضر على أهل الإسلام من الجهمية، ما يريدون إلا إبطال القرآن، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ".
أقول: وهذا وأشباهه أستبعده عن أحمد أيضا، وهو مروي بكثرة في كتب الحنابلة، وقد سبقت أحكام جائرة من هذا النوع في فقرات سابقة) اهـ كلام المالكي.
والجواب من وجوه: أحدها: أن هذا الأثر ثابت عن الإمام أحمد، صحيح عنه، مشتهر به، وجاء نحوه عن غيره من السلف رحمهم الله، والمالكي يعلم هذا، لذا أشار إلى كثرة روايته في كتب الحنابلة، وهو مروي أيضا عند غيرهم، فيلزمه أحد أمرين:
* إما أن يكذبهم، ويرد رواياتهم عن الإمام أحمد بهذا الأثر وغيره.
وإما أن يصدقهم، ويأخذ بقولهم.
فإن كان الأول لم يوافقه على ذلك أحد، والحنابلة من أئمة الدين، وعلماء المسلمين فقهاء ومحدثين، والطعن فيهم طعن في جماعات من علماء المسلمين بغير حق.
وإن كان الثاني لزمه الطعن في الإمام أحمد، وهذا ما يحاول المالكي تجنبه؛ خوفا من المسلمين، وعلما منه بعدم رضاهم، بالطعن في أحد جبال العلم والحفظ والزهد والورع.
الثاني: أن حكم الإمام أحمد ليس حكما على النيات، ولا المغيبات، وإنما هو حكم على الجهمية بأعمالهم الظاهرة، وأقوالهم المشتهرة، بل والمتواترة.
فإنهم لم يتركوا آية في أسماء الله أو صفاته، أو في أمور الآخرة، أو في أمور الغيب عامة، إلا حرفوها، وأخرجوها عن ظاهرها إلى معان أخرى مخالفة لتأويلها الصحيح، ولبقية كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما عليه السلف الصالح وأئمة الهدى.
وكذلك فعلوا بالسنة حين ردوها بأنواع التكلفات، وما قبلوه منها فعلوا به كما فعلوا بآيات القرآن، وهذا عين الإبطال، بل وأخبثه؛ لانخداع بعض العامة والرعاع بما قد يسمعونه منهم من متشابه القرآن وغيره.