الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في زعم المالكي غلو كثير من الحنابلة المعاصرين في تكفير المسلمين]
فصل
في زعم المالكي غلو كثير من الحنابلة المعاصرين في تكفير المسلمين!
والرد عليه، وبيان كذبه قال المالكي ص (14) :(ولا زال كثير من الحنابلة المعاصرين على تكفير سائر المسلمين، من الطوائف الأخرى، كالشيعة والمعتزلة، بلا تفريق بين المعتدلين والغلاة. وتضليل سائر الأشاعرة والصوفية، وهم معظم المنتسبين لأهل السنة والجماعة اليوم) اهـ.
والجواب من وجوه: أحدها: مطالبة المالكي بالتفريق بين معتدلي الشيعة والمعتزلة، وغلاتهم! وهذا يرتب أمرين:
- الأول: إقراره بتكفير غلاة الشيعة والمعتزلة وغلاة غيرهم، دون معتدليهم! وفي هذا إقرار لمبدأ تكفيرهم، بغض النظر عن سببه.
- الثاني: أنا نطالبه ببيان الفروق الجوهرية بين غلاة الشيعة والمعتزلة ومعتدليهم! التي لأجلها جاز تكفير غلاتهم! وحرم تكفير معتدليهم!
فإن وجد فروقا: فما هي؟ وإن لم يجد: فلأي شيء فرق بينهم؟ ! ولأي شيء منع تعميم الحكم عليهم جميعا؟ !
الوجه الثاني: أن احتجاجه بالكثرة على الهداية: حجة باطلة فاسدة، بالقرآن والسنة وإجماع المسلمين قاطبة، من أهل السنة وغيرهم.
أما القرآن: ففي مثل قوله - تعالى -: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103]، وقوله سبحانه:{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ} [الأنعام: 116] .
وأما السنة: ففي مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله - تعالى -: يا آدم! فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك. فيقول: أخرج بعث النار. قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف: تسعمائة وتسعة وتسعون. فعنده يشيب الصغير» .
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم في آخره: «ما أنتم في الناس - يعني أمته - إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود» . رواه أحمد في " مسنده "(3 / 32 - 33) ، والبخاري في " صحيحه "(3348) و (4741) و (6530) ، ومسلم (222) .
ومن السنة: حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة، كفها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة» . رواه ابن ماجه (3993) عن هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم حدثنا أبو عمرو حدثنا قتادة عن أنس به. وهذا إسناد رجاله رجال البخاري.
وفي بعض رواياته: «ثلاث وسبعين» ، والمقصود: كثرة المخالفين مع قلة المتبعين المهتدين.
أما الإجماع: فقد أجمع أهل السنة على صحة اعتقادهم، وضلال من خالفهم مع كثرة مخالفيهم.
وكذلك الأشاعرة زمن أبي الحسن الأشعري وبعده وكانوا قلة، ولم تمنعهم كثرة مخالفيهم من أهل السنة والمعتزلة والرافضة وغيرهم، من التمسك بمذهبهم.
وكذلك الحال في جميع الفرق والطوائف، وإن كان بعضها اليوم له كثرة وسواد، فقد كانت ولا سواد لها ولا كثرة، ولم يمنعها ذلك من البقاء على مذهبها وطريقتها.
ثم لو كان الحق متعلقا بالكثرة، وكانت الكثرة دليلا عليه: لكان اعتقاد أهل السنة أولى بالاتباع، فهو اعتقاد المسلمين جميعا زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وزمن أصحابه في صدر الإسلام. وكل اعتقاد مخالف لاعتقادهم: فهو أمر محدث، لم يكن عليه إلا صاحبه، ثم تتابع الضلال عليه، فبدأوا قلة، وإن حصلت لهم أخيرا كثرة.