الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في طلبه الاقتصار على أمور الإيمان الكلية دون تفصيل وبيان مراده وإبطاله]
فصل
في طلبه الاقتصار على أمور الإيمان الكلية دون تفصيل! وبيان مراده وإبطاله قال المالكي ص (20) : (كان المسلم في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يتعلم الدين كله، إيمانا، وأحكاما، وأخلاقا، وأوامر، ومنهيات، جملة واحدة، لا فصل للإيمانيات "العقيدة فيها، عن الأخلاق والأحكام "العمليات ".
وكان ما يسمى بالعقيدة، لا يعدو أركان الإيمان المعروفة، من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقضاء، والقدر خيره وشره.
بل حتى هذه الأمور الستة، أصول الإيمان: لم يكن لها تلك التفصيلات المحيرة التي استحدثت في أزمنة الصراعات الكلامية.
وإنما كان يؤمن بها الصحابة على وجه الإجمال، دون الدخول في تفصيلات جزئية، وتشقيقات كلامية، تثير الاختلافات والشكوك، ولا يكون لها ذلك الأثر الإيجابي على العمل والسلوك) اهـ.
والجواب من وجوه: أحدها: أنا لا نلزم أحدا دخل في الإسلام بغير ما سبق من أركان الإسلام الخمسة، وأركان الإيمان الستة.
أما إذا اعتقد المسلم أمورا مخالفة لما جاء به الشرع، سواء كانت في الأصول أو في فروع تلك الأصول: فيجب رده إلى حظيرة الإسلام، وبيان ما وقع فيه من مخالفات، ليسلم له إسلامه، وليؤمنه في الآخرة إيمانه.
الثاني: أنا -كذلك- لا نفصل بين أمور الإيمان وبقية أمور الشرع العملية، من حيث وجوب الإتيان بها، واتفاق مصدر تشريعها، وأنها شرع مطهر من رب العالمين.
أما من حيث ما يدخل الرجل به في الإسلام، وما يبقى في دائرته إذا تركه: فهاهنا نفرق، لكي لا يدخل في الإسلام أحد من غير أهله، ولا يخرج منه أحد من أهله.
ففي التفريق بين الاعتقادات والعمليات من هذا الوجه: محض الخير للمؤمنين، وعدم التفريق ، فيه الشر كله.
الثالث: أن جميع أمور وتفاصيل عقائد أهل السنة: مرجعها إلى أركان الإيمان الستة. فما آمن بالله -جل وعلا- حقا وصدقا، رجل وهو يجحد صفاته، وقد أثبتها سبحانه لنفسه، وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم، أو أخرجها بالتأويل أو التشبيه عن حقيقتها.
ولم يؤمن به عز وجل من ينكر كلامه الذي أثبته لنفسه، أو أنكر شيئا مما أثبته الله وأمر به. وما آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم رجل أنكر شيئا صح عنه، مما حكم به أو أخبر عنه.
وكذلك القول في بقية أركان الإيمان، وإن كنا لا نلزم الناس إلا بالإيمان بها جملة، إلا أنه يجب بيان الحق لمن اعتقد ضلالة أو خطأ
في بعض فروع ومسائل تلك الأصول.
الرابع: أن جميع أمور وتفاصيل عقائد أهل السنة: مما جاء بها الشرع، ونص عليها القرآن الكريم، أو السنة المطهرة.
لهذا تجد أئمة السلف إذا استدلوا لتلك الفروع من هذه الأصول: استدلوا عليها بالكتاب والسنة، وهذا يجعل الإيمان بها لمن بلغته واجبا.
أرأيت أن أركان الإسلام خمسة: (الشهادتان والصلاة والصيام والحج والزكاة) وأن الناس -كانوا ولا زالوا- يؤمرون بها جميعا: لكن هل دل ذلك على قبول الله تعالى، صلاة من لم يقم أركان صلاته وشروطها، وهي أمور لا يتم هذا الركن إلا بها، ولم يأت تفصيلها في حديث أركان الإسلام، وقد أجمع المسلمون قاطبة على ذلك.
وقل مثل ذلك في الصيام والحج والزكاة، وكذلك -بلا شك- الشهادتان.
أما من أراد فعل هذه الأركان دون بقية ما يستقيم به حالها: فقد ردت عليه ولم تقبل.
الخامس: أنه إذا تقرر واستقر: أن مرجع عقائد أهل السنة: الوحيان، علم وظهر أن كلما زاد علم الرجل بأمور العقيدة، كلما زاد إيمانه وزادت بصيرته، لزيادة علمه بالله تعالى، وبرسوله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك كان السلف الصالح الذين نقلت عنهم عقائد أهل السنة أئمة في الورع والزهد والصلاح والعبادة والعلم وكمال أمور الإسلام فيهم.
خلافا للمبتدعة من أرباب الكلام وغيرهم، الذين لا يزيدهم علم الكلام إلا بعدا عن الإسلام وحقيقته، حتى قال كبيرهم، وقد عانى الكلام خمسين عاما:
طلبتك جاهدا خمسين عاما
…
فلم أحصل على برد اليقين
فهل بعد الممات بك اتصال
…
فأعلم غامض السر المصون