المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في رميه للحنابلة بأنهم لا يمدحون السلطان إلا إذا نصرهم] - قمع الدجاجلة الطاعنين في معتقد أئمة الإسلام الحنابلة

[عبد العزيز بن فيصل الراجحي]

فهرس الكتاب

- ‌[أبيات من الشعر لإسماعيل الترمذي]

- ‌[تقديم معالي الشيخ العلامة الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان]

- ‌[المقدمة]

- ‌[فصل في سبب كتابة هذا الرد]

- ‌[فصل في ذكر مقدمات قبل الشروع في الرد]

- ‌[المقدمة الأولى أن التكفير والتبديع والتضليل والتفسيق كلها أحكام شرعية]

- ‌[المقدمة الثانية: أن الحق واحد يعرفه المهتدون بدليله من الوحي]

- ‌[المقدمة الثالثة: أن الجهمية ومن لف لفها وقال بقولها كافر خارج من الإسلام]

- ‌[المقدمة الرابعة أنه ما كفر من كفر ولا ضل من ضل إلا بتعليل باطل أو تأويل فاسد]

- ‌[المقدمة الخامسة أن المالكي متناقض تناقضا شديدا في كتابه هذا وفي غيره]

- ‌[المقدمة السادسة أن المالكي لا دليل له على جميع دعاواه التي ذكرها في كتابه هذا]

- ‌[فصل في بطلان ما ادعاه المالكي لنفسه من طلب للعلم والحق]

- ‌[فصل في بطلان انتساب المالكي لمذهب أحمد]

- ‌[فصل في بطلان حكم المالكي في المذهب]

- ‌[فصل في بيان سبب اختيار المالكي مذهب الإمام أحمد لنقده]

- ‌[فصل في عد المالكي كتابه هذا وأمثاله من نعم الله عز وجل على أمته]

- ‌[فصل في بيان تعميم المالكي أحكامه على جميع الحنابلة وكذب زعمه في نفي ذلك]

- ‌[فصل في حال الحنابلة المعاصرين عند المالكي]

- ‌[فصل في زعم المالكي غلو بعض الحنابلة المعاصرين في ذم أبي حنيفة]

- ‌[فصل في زعم المالكي غلو كثير من الحنابلة المعاصرين في تكفير المسلمين]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن بعض الحنابلة يطعن في بعض أئمة أهل البيت]

- ‌[فصل في بيان الفكر المنحرف الذي يجب محاصرته عند المالكي وما يترك]

- ‌[فصل في زعمه وجود آراء إلحادية عند بعض طلاب الجامعات السعودية والرد عليه]

- ‌[فصل في إبطال زعم المالكي أنه سني سلفي حنبلي]

- ‌[فصل في طلبه الاقتصار على أمور الإيمان الكلية دون تفصيل وبيان مراده وإبطاله]

- ‌[فصل في رمي المالكي السلف الصالح بالتكفير الظالم والتبديع والتضليل]

- ‌[فصل في رمي المالكي المسلمين كافة بأن ضابط الصلاح عندهم هو المذهبية]

- ‌[فصل في اضطراب معنى السلف الصالح عند المالكي]

- ‌[فصل في طعن المالكي في الإمام ابن أبي يعلى ورميه للعقائديين بأن مقياسهم في الرجال مبتدع]

- ‌[فصل في أسباب نكسات المسلمين عند المالكي وبيان فساد طريق السلامة منها عنده]

- ‌[فصل في إبطال المالكي الانتساب إلى السلف الصالح لتردد معناه عند أهل الفرق]

- ‌[فصل في تنازع الفرق رجالا من أئمة السلف كلهم يدعيهم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن المستفيد من كتب اعتقاد المسلمين هم أعداء الإسلام]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن كتب عقائد المسلمين فيها باطل كثيروحق قليل]

- ‌[فصل في رد دعوى المالكي أنه لم يسلم من كتب العقائد إلا شيء قليل جدا]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن المصنفين أقحموا في كتب العقيدة مباحث ليست منها]

- ‌[فصل في إنكار المالكي مصطلح العقيدة وزعمه أنه لفظة مبتدعة]

- ‌[فصل في إبطال محاولة المالكي تقرير ما زعمه سابقا أن لفظ العقيدة لفظ مبتدع]

- ‌[فصل في إيجاب المالكي تقييد السلف الصالح بالمهاجرين والأنصار من الصحابة دون سائرهم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن مراد بعض الحنابلة بالسنة هو التكفير والتجسيم والظلم والإسرائيليات]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن الحنابلة يكفرون أبا حنيفة وأصحابه ويذمونهم ويبدعونهم]

- ‌[فصل في إبطال المالكي تبديع الحنابلة لأهل البدع]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن تكفير الحنابلة لأبي حنيفة فيه خير]

- ‌[فصل في إبطال المالكي تكفير الأئمة لفرق الضلالة كالرافضة والمعتزلة وغيرهم]

- ‌[فصل في طلب المالكي الاتغاظ بما حصل من السلف من تسرع في التكفير]

- ‌[فصل في طعن المالكي فيما رواه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة]

- ‌[فصل في تكذيب المالكي من رمى أبا حنيفة برد الأحاديث واعتذار المالكي عنه رحمه الله]

- ‌[فصل في رمي المالكي الأئمة بتصحيح الروايات لتشويه الخصم وعدم سماعهم حجته]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بتكفير معظم فرق المسلمين]

- ‌[فصل في رميه غلاة الحنابلة بزعمه بالكذب على الإمام أحمد وبيان كذبه هو]

- ‌[فصل في رد طعنه في الإمام أحمد رحمه الله بأن فيه حدة في التكفير والتبديع]

- ‌[فصل في رميه الإمام أحمد رحمه الله بأنه لم يتحكم في عواطفه لكون الدولة والعامة معه]

- ‌[فصل في زعم المالكي بطلان نقول الحنابلة عن الإمام أحمد في التكفير على أي حال]

- ‌[فصل في رميه شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه بالغ في التفريق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية]

- ‌[فصل في تعلق المالكي بكون أئمة الإسلام بشرا يصيبون ويخطئون لرد أقوالهم في الاعتقاد]

- ‌[فصل في زعم المالكي كثرة الأكاذيب والأحاديث الموضوعة والآثار الباطلة في كتب أهل السنة الحنابلة بزعمه]

- ‌[فصل في رمي المالكي الحنابلة بالنصب والرد عليه]

- ‌[فصل في بيان حال معاوية رضي الله عنه والذب عنه وبيان حال ابنه يزيد]

- ‌[فصل أما ما زعمه هذا الرافضي أن الحنابلة لا يذكرون آل البيت أو لديهم حساسية من ذلك فكذب باطل]

- ‌[فصل في الذب عن خلفاء بني أمية الأئمة الفاتحين المجاهدين]

- ‌[فصل في ذكر فضائل بني أمية وتقريب الرسول صلى الله عليه وسلم لهم واعتماده عليهم]

- ‌[فصل في ذكر شيء من فتوحات الأمويين]

- ‌[فصل في رمي المالكي للحنابلة بالتجسيم والتشبيه ورد ذلك عنهم]

- ‌[فصل في إقحام المالكي للأهوازي في الحنابلة وتحميلهم أخطاءه وبيان أنه لم يكن حنبليا قط]

- ‌[فصل في رميه مرويات شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري الهروي بأنها أحاديث باطلة]

- ‌[فصل في جعل المالكي لفظ الحد في كلام بعض أئمة السلف من الغرائب في الاعتقاد لعدم فهمه المراد منه]

- ‌[فصل في إنكار المالكي عظيم ما شرف الله عز وجل به نبيه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن معتقدات رواة الحديث سبب في توثيق الأئمة لهم، أو تجريحهم]

- ‌[فصل ولم يكن الإمام أحمد ولا أئمة السلف جميعا يحابون في دين الله أحدا]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بأن فيهم ضعفاء ووضاعين أحق بالتجريح من غيرهم]

- ‌[فصل في رميه كتب العقائد السلفية بالتناقض وإبطال زعمه]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالغلو في التكفير والإطراء مع تحذيرهم منهما والرد عليه]

- ‌[فصل في رميه أهل الفرق جميعا بأنهم متناقضون يأمرون أتباعهم باتباع السواد الأعظم عند تمكنهم]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بالتناقض في أمرهم بالوقوف عند حدود الشرع وعدم الزيادة عليه]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بالتناقض في تكفير الخصوم]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بالتناقض في نهيهم عن الاشتغال بما لم يشتغل به النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتشدد في نقد وتضعيف الرجال المخالفين لهم]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بأنهم لا يمدحون السلطان إلا إذا نصرهم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في الإجماع فيدعونه في أمور ليس فيها إجماع]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في الصحابة فيذمون الرافضة لطعنهم في كثير من الصحابة]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض بانتقاد الآخرين بالمشتبه من كلامهم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بتكلف الأعذار لأئمتهم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض حين قالوا إن أبا حنيفة لم يؤت الرفق في دينه بزعمه]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض بذمهم المنطق وإنكار المجاز ثم يستدلون بهما والرد عليه]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في ذمهم الخوارج بتكفير المسلمين وقتلهم ثم يكفرون المسلمين ويفتون بقتلهم]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة لم يأمروا بأمر إلا خالفوه أو ينهوا عن شيء إلا ارتكبوه]

- ‌[فصل في رمي المالكي فرق المسلمين عامة بالتناقض وخصه الحنابلة بمزيد من التناقضات]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في نهيهم عن الكلام والجدل حين ضعف حجتهم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن سبب تحريم الحنابلة لعلم الكلام هو عدم معرفتهم لوظيفته]

- ‌[فصل في إيراد المالكي رسالة لأبي الحسن الأشعري في استحسان علم الكلام]

- ‌[فصل في الجواب المفصل على رسالة أبي الحسن الأشعري في استحسان الخوض في علم الكلام]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن من صفات الحنابلة الظلم والرد عليه]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة إنكارهم فضائل الآخرين والرد عليه]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن الحنابلة لم يتركوا عالما خالفهم إلا ذموه وعابوه]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة الافتراء على الخصوم]

- ‌[فصل في تبرئة المالكي الجهم بلا دليل مما نسب إليه من عدم الصلاة على النبي وذمه]

- ‌[فصل في تبرئة المالكي الجهم من تحليل المسكر]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة ظلموا بشرا المريسي وأصحابه حين قالوا عنهم إنهم لا يدرون ما يعبدون]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة ظلموا بشرا المريسي وأصحابه حين قالوا عنهم أنهم ينفون وجود الله في السماء]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة ظلموا الجهمية حين قالوا أن من قال القرآن مخلوق فهو يعبد صنما]

- ‌[فصل في زعمه أن عبد الله بن أحمد ظلم الجهمية حين قال من زعم أن الله لا يتكلم فهو يعبد الأصنام]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن ما قدمه من افتراء الحنابلة على خصومهم جزء يسير مما عنده]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة زعموا أن أبا حنيفة يزعم أن النبي عليه السلام لو أدركه لأخذ بكثير من قوله]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة لم يكفهم الافتراء على الناس حتى افتروا على الجن والهواتف]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة عدم إدراك معنى الكلام]

- ‌[فصل في تشكيك المالكي في معاني مصطلحات كثيرة مستقرة عند أهل العلم]

- ‌[فصل في زعمه أن الصحابة كانوا مختلفين في مسائل كثيرة فاتباع ما كانوا عليه متعذر]

- ‌[فصل في زعم المالكي بطلان بعض ما أجمع عليه الصحابة وغيرهم]

- ‌[فصل في جعل المالكي الولاء والبراء وهجر أهل البدع وأضرابهم من تشريع الكراهية بين المسلمين]

- ‌[فصل في رميه البربهاري بتشريع الكراهية بين المسلمين، والرد عليه]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن من صفات الحنابلة ذم المناظرة والحوار لعدم قدرتهم عليه]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة التزهيد في التحاكم إلى القرآن الكريم]

- ‌[فصل في سبب تزهيد الحنابلة في القرآن]

- ‌[فصل في بيان قول البربهاري إن القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن]

- ‌[فصل في زعمه أن البربهاري يقدم الرجال على النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في قول البربهاري إذا سمعت الرجل يطعن على الآثار أو يرد الآثار أو يريد غير الآثار فاتهمه على الإسلام]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة التزهيد والتساهل في كبائر الذنوب والموبقات]

- ‌[فصل في زعمه أن البربهاري يقدم الزناة والفساق والخونة على علماء الحنفية]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة التقارب مع اليهود والنصارى والتشدد على المسلمين]

- ‌[فصل في زعمه أنا لا نخشى إلا من المسلمين أما الكفار فلا]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بمخالفة المروءة لفرحهم بمصائب خصومهم من أهل البدع]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة الحكم الجائر على نيات الآخرين]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة الأمر بقطيعة الرحم من أجل العقيدة]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة النصب والرد عليه وبيان حكم الرافضة]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالاستدراك على الشرع باشتراطهم فهم السلف الصالح لنصوص الوحيين]

- ‌[فصل في إبطال المالكي معنى السلف الصالح والرد عليه]

- ‌[فصل في سبل فهم الكتاب والسنة عند المالكي دون فهم السلف الصالح]

- ‌[فصل في دواء ما في كتب العقائد من ظلم وبغي عند المالكي والرد عليه]

- ‌[فصل في رد المالكي على من أنكر الانتساب إلى مسمى الإسلام دون اسم آخر]

- ‌[فصل في بيان سبيل الحق عند المالكي وهو الإيمان الجملي غير المفصل]

- ‌[فصل في نقض النتائج التي وصل إليها المالكي في كتابه هذا]

- ‌[فصل في نقض نتيجة المالكي الثانية والثالثة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الرابعة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الخامسة]

- ‌[فصل في نقض نتيجة المالكي السادسة]

- ‌[فصل في نقض زعمه أن الحنابلة يجعلون المسائل المستحدثة أهم من أركان الإيمان]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الثامنة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته التاسعة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته العاشرة]

- ‌[فصل نقض نتيجته الحادية عشرة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الثانية عشرة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الرابعة عشرة]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن ما ذكره من أخطاء عند الحنابلة ما هي إلا أمثلة فحسب]

- ‌[فصل في التنبيه مرة أخرى على مراد المالكي الحقيقي بالحنابلة وبراءتهم منه ومن انتسابه إليهم]

- ‌[فصل في نفي المالكي علاقة الدولة السعودية بأخطاء الحنابلة والسلفيين]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالثورة على الأئمة والولاة وعدم السمع لهم]

- ‌[فصل في رمي المالكي من أطاع الولاة من الحنابلة أنه لأمر ما أطاعهم]

- ‌[فصل في دعوة المالكي للسماح بدخول كتب المبتدعة إلى المملكة وعدم رؤيته بزعمه معنى لمنعها]

الفصل: ‌[فصل في رميه للحنابلة بأنهم لا يمدحون السلطان إلا إذا نصرهم]

[فصل في رميه للحنابلة بأنهم لا يمدحون السلطان إلا إذا نصرهم]

فصل

في رميه للحنابلة بأنهم لا يمدحون السلطان إلا إذا نصرهم، ولو كان باغيا،

أما إذا آذى أحدهم، فيذمونه، ولو كان عادلا، وإبطال زعمه قال المالكي ص (134 - 135) : (وتراهم يذمون السلطان إذا آذى أحد أتباعهم، وأن هذا سلطان سوء وينسون كل فضائله، كما فعلوا بالمأمون، وكان من أعدل ملوك بني العباس، وكثرهم علما.

فماذا جاء سلطان آخر أظهر نصرتهم، يمدحونه بمبالغة، ولو كان مبتدعا ظالما كالمتوكل، بل ويبدعون ويضللون من يخالفه، ويرددون قواعد طاعة ولاة الأمور، وأن من لم يدع للإمام، فهو صاحب بدعة.) اهـ.

والجواب من وجوه: أحدها: أن المالكي يلزمه ما يلزمنا، فإن كنا نمدح المتوكل، ونذم المأمون للمذهب، فهو قد مدح المأمون، وذم المتوكل للمذهب أيضا! غير أن مدحنا للمتوكل: كان لنصرته السنة، وإظهاره لها. وذمنا للمأمون: كان لابتداعه في الدين، وإدخاله علوم الفلاسفة الزنادقة على المسلمين، وحمله الناس على الكفر، وهو القول بخلق القرآن، وقتله أئمة الإسلام وحفاظه، وجلدهم وسجنهم، حين امتنعوا

ص: 279

عن طاعته في الكفر.

أما مدح المالكي، للمأمون: فلفجوره وضلاله وبدعته. وذمه للمتوكل، فلاتباعه السنة ونصرتها، وقمع مخالفيها، وشدته على الرافضة.

الثاني: أن من المستقر عند أهل السنة جميعا- والحنابلة منهم-: السمع والطاعة لمن ولي أمر المسلمين، وعدم الخروج عليه، إلا إذا أتى بكفر بواح عندنا فيه من الله برهان، كما جاءت به السنة، وزال المانع عنه، بجهل أو شبهة، وكان مقدورا على ذلك، ولا يتسبب خروجهم عليه، بفتنة أعظم مما خروجوا لأجلها.

وهذا معلوم من مذهبهم، سواء كان الإمام محبا لهم مكرما، أم مبغضا لهم مناوئا.

لهذا، لم يأمر الإمام أحمد بالخروج على خلفاء بني العباس الذين سجنوه، وجلدوه، وحصل منهم له ما هو معلوم.

ولو كان سمعهم وطاعتهم للأئمة، معلقا بحظهم من الدنيا، أو بميل السلطان لهم ونحوه، لكان المأمون، والمعتصم، والواثق أولى الأئمة بالخروج والقتال وخلع البيعة.

وكذلك كان حال الحنابلة وأهل السنة جميعا، وحال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ومن سجن معه من تلاميذه مع سلاطين عصورهم، المناوئين لهم والساجنين، لم يدعوا أحد منهم للخروج على السلطان،

ص: 280

أو منابذته بالسلاح، مع كثرة أتباعهم، ومحبيهم من عامة الناس وخاصتهم، وما أمر جنازة الإمام أحمد، ومن خرج فيها مشيعا باكيا، وجنازة شيخ الإسلام ابن تيمية، بخاف على أحد.

الثالث: أن الخليفة العباسي المأمون: لم يكن- كما زعم المالكي - ذا عدل وعلم جم، وإنما كان باغيا جائرا، سفك دماء العلماء المعصومة، وفتن الأمة، وأدخل الفلسفة في علوم المسلمين، بعد أن كانت سالمة منها، فضل وأضل.

فإن كان ظلم الحجاج وسيفه، غاية يضرب بها المثل في الظلم والشر، فلقد كان المأمون أطغى منه وأشر.

وكيف يقاس الحجاج، بالمأمون، وكان سيف الحجاج صلتا على الخوارج، والبغاة، وفي الجهاد، إلا أنه نال جماعات من الصالحين فاختلطت فيه دماء زكية بأخرى ردية. أما سيف المأمون فقد عصم منه كل زنديق ومبطل، ولم يرق إلا دماء علماء الأئمة، وكبار الأئمة؟!

وما نقم المأمون منهم، إلا ما نقمه من هم على شاكلته من المؤمنين، الذين قال فيهم جل وعلا:{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج: 8] .

قال الإمام الحافظ ابن كثير الشافعي، في "البداية والنهاية" (15 / 302) في ترجمته:(وقد كان فيه تشيع واعتزال، وجهل بالسنة الصحيحة) .

ص: 281

ثم قال: (وكان على مذهب الاعتزال؛ لأنه اجتمع بجماعة، منهم بشر بن غياث المريسي فخدعوه، وأخذ عنهم هذا المذهب الباطل.

وكان يحب العلم، ولم يكن له بصيرة نافذة فيه، فدخل عليه بسبب ذلك الداخل، وراج عنده الباطل ودعا إليه، وحمل الناس عليه قهرا، وذلك في آخر أيامه، وانقضاء دولته) اهـ كلامه رحمه الله.

فعدل المأمون الذي أراده المالكي:

هو سفك دماء العلماء الربانيين، الذين قيدوا من مشارق الأرض ومغاربها، ليقولوا كلمة الكفر، أو تضرب أعناقهم، و! ستباح حرمة دمائهم، ظلما وبغيا.

أما علم المأمون الذي أراده المالكي: فمجاهرته بالرفض والاعتزال، والتصريح بخلق القرآن، بل حمل الناس عليه بالسيف.

الوجه الرابع: أن الخليفة العباسي المتوكل، الذي جعله المالكي (مبتدعا ظالما) : كان إمام هدى، وسنة، وصلاح، وعدل، وخير، قال الحافظ خليفة بن خياط:(استخلف المتوكل فأظهر السنة، وتكلم بها في مجلسه، وكتب إلى الآفاق برفع المحنة، وبسط السنة، ونصر أهلها)" السير " للذهبي (12 / 32) .

وقال الذهبي رحمه الله في "سير أعلام النبلاء" أيضا (21 / 34) :

(وفي سنة 234 هـ أظهر المتوكل السنة، وزجر عن القول بخلق القرآن،

ص: 282

وكتب بذلك إلى الأمصار، واستقدم المحدثين إلى سامراء، وأجزل صلاتهم، ورووا أحاديث الرؤية والصفات) اهـ.

قلت: وكانت مجالس الحديث تعقد في المساجد، ويحضرها عشرات الآلاف.

ثم قال الذهبي (12 / 36) : (وغضب المتوكل على أحمد بن أبي دؤاد، وصادره وسجن أصحابه، وحمل ستة عشر ألف درهم، وافتقر هو وآله) اهـ.

ثم أطلق المتوكل رحمه الله، من تبقى في السجون ممن امتنع من القول بخلق القران، وأنزلت عظام الإمام الحافظ الكبير أحمد بن نصر الخزاعي الشهيد، ودفنها أقاربه.

وذكر ابن كثير في ترجمته في "البداية والنهاية"(10 / 387) : أن المتوكل قال يوما لبعضهم: "إن الخلفاء تغضب على الرعية لتطيعها، وإني ألين لهم ليحبوني ويطيعوني ".

وقال ابن كثير أيضا رحمه الله: (وكان المتوكل محببا إلى رعيته، قائما في نصرة أهل السنة، وقد شبهه بعضهم بالصديق في قتله أهل الردة لأنه نصر الحق، ورده عليهم، حتى رجعوا إلى الدين، وبعمر بن عبد العزيز حين رد مظالم بني أمية.

وقد أظهر السنة بعد البدعة، وأخمد أهل البدع وبدعتهم بعد انتشارها واشتهارها، فرحمه الله.

ص: 283

وقد رآه بعضهم في المنام بعد موته وهو جالس في نور، قال: " فقلت: المتوكل؟ !

قال: المتوكل.

قلت: فما فعل بك ربك؟

قال: غفر لي.

قلت: بماذا؟

قال: بقليل من السنة أحييتها".

وروى الخطيب عن صالح بن أحمد: أنه رأى في منامه ليلة مات المتوكل، كأن رجلا يصعد به إلى السماء، وقائلا يقول:

ملك يقاد إلى مليك عادل

متفضل في العفو ليس بجائر

وروى عن عمرو بن شيبان الحلبي، قال: "رأيت ليلة المتوكل قائلا يقول:

يا نائم العين أوطان جثمان

أفض دموعك يا عمرو بن شيبان

أما ترى الفئة الأرجاس ما فعلوا

بالهاشمي ، وبالفتح بن خاقان

وافى إلى الله مظلوما فضج له

أهل السماوات من مثنى ووحدان

ص: 284

وسوف يأتيكم من بعده فتن

توقعوها لها شأن من الشان

فابكوا على جعفر وابكوا خليفتكم

فقد بكاه جميع الإنس والجان

قال:

فلما أصبحت، أخبرت الناس برؤياي، فجاء نعي المتوكل أنه قد قتل في تلك الليلة.

قال:

ثم رأيته بعد هذا بشهر، وهو واقف بين يدي الله عز وجل، فقلت: ما فعل بك ربك؟

فقال: غفر لي.

قلت: بماذا؟

قال: بقليل من السنة أحييتها.

قلت: فما تصنع ههنا؟

قال: أنتظر ابني محمدا، أخاصمه إلى الله الحليم العظيم الكريم " اهـ كلام الحافظ ابن كثير.

وقد رواها أيضا الحافظ ابن عساكر بإسناده إلى عمرو بن شيبان.

وقال السيوطي في ترجمة المتوكل رحمهما الله، في "تاريخ الخلفاء" ص (391) : (أظهر الميل إلى السنة ونصر أهلها، ورفع المحنة، وكتب

ص: 285

بذلك إلى الآفاق) .

ثم قال: (وتوفر دعاء الخلق للمتوكل، وبالغوا في الثناء عليه، والتعظيم له، حتى قال قائلهم: "الخلفاء ثلاثة: أبو بكر الصديق رضي الله عنه في قتل أهل الردة، وعمر بن عبد العزيز في رد المظالم، والمتوكل في إحياء السنة، وإماتة التجهم ") اهـ كلام السيوطي.

قلت: عنى السيوطي بقائلهم في كلامه السابق: قاضي البصرة إبراهيم بن محمد التيمي، فقد ذكر الذهبي مقولته هذه في "السير"(10 / 32) وعزاها إليه.

ثم قال السيوطي ص (391) : (وقال أبو بكر ابن الخبازة في ذلك:

وبعد فإن السنة اليوم أصبحت

معززة حتى كأن لم تذلل

تصول وتسطو إذ أقيم منارها

وحط منار الإفك والزور من عل

وولى أخو الإبداع في الدين هاربا

إلى النار يهوي محبرا غير مقبل

شفى الله منهم بالخليفة جعفر

خليفته ذي السنة المتوكل

خليفة ربي ، وابن عم نبيه

وخير بني العباس من منهم ولي

ص: 286

أطال لنا رب العالمين بقاءه

سليما من الأهوال غير مبدل

وبوأه للنصر للدين جنة

يجاور في روضاتها خير مرسل

وكان مما نقمه الرافضة المجوس على المتوكل رحمه الله رحمة واسعة - مع ما سبق من نصرة السنة، وقمع المعتزلة: هدم المتوكل الدور والمشاهد التي أقامتها الرافضة عند الحسين بن علي رضي الله عنهما، لإقامة البدع والشنائع فيها.

هدمها رحمه الله ممتثلا في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: «ولا تدع قبرا مشرفا إلا سويته» رواه الإمام أحمد في "مسنده"(1 / 129) ومسلم في "صحيحه"(969) وأبو داوود (3218) والترمذي (1049) والنسائي (2031) وكان ذلك سنة (236 هـ) . فلما فعل ذلك: ضجت الرافضة في العراق، ولهجت بسب المتوكل وشتمه وما زالوا إلى أن آل الأمر إلى صغير أفراخهم (المالكي) ، فتابع أجداده في ذلك، ورمى المتوكل رحمه الله بما قد رماه سلفه به.

اللهم ارحم المتوكل رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناتك، وأعظم له أجره، واغفر له ذنبه، وارفع درجاته في عليين، وألحقه بالنبيين صلى الله عليه وسلم والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

ص: 287