المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في بيان حال معاوية رضي الله عنه والذب عنه وبيان حال ابنه يزيد] - قمع الدجاجلة الطاعنين في معتقد أئمة الإسلام الحنابلة

[عبد العزيز بن فيصل الراجحي]

فهرس الكتاب

- ‌[أبيات من الشعر لإسماعيل الترمذي]

- ‌[تقديم معالي الشيخ العلامة الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان]

- ‌[المقدمة]

- ‌[فصل في سبب كتابة هذا الرد]

- ‌[فصل في ذكر مقدمات قبل الشروع في الرد]

- ‌[المقدمة الأولى أن التكفير والتبديع والتضليل والتفسيق كلها أحكام شرعية]

- ‌[المقدمة الثانية: أن الحق واحد يعرفه المهتدون بدليله من الوحي]

- ‌[المقدمة الثالثة: أن الجهمية ومن لف لفها وقال بقولها كافر خارج من الإسلام]

- ‌[المقدمة الرابعة أنه ما كفر من كفر ولا ضل من ضل إلا بتعليل باطل أو تأويل فاسد]

- ‌[المقدمة الخامسة أن المالكي متناقض تناقضا شديدا في كتابه هذا وفي غيره]

- ‌[المقدمة السادسة أن المالكي لا دليل له على جميع دعاواه التي ذكرها في كتابه هذا]

- ‌[فصل في بطلان ما ادعاه المالكي لنفسه من طلب للعلم والحق]

- ‌[فصل في بطلان انتساب المالكي لمذهب أحمد]

- ‌[فصل في بطلان حكم المالكي في المذهب]

- ‌[فصل في بيان سبب اختيار المالكي مذهب الإمام أحمد لنقده]

- ‌[فصل في عد المالكي كتابه هذا وأمثاله من نعم الله عز وجل على أمته]

- ‌[فصل في بيان تعميم المالكي أحكامه على جميع الحنابلة وكذب زعمه في نفي ذلك]

- ‌[فصل في حال الحنابلة المعاصرين عند المالكي]

- ‌[فصل في زعم المالكي غلو بعض الحنابلة المعاصرين في ذم أبي حنيفة]

- ‌[فصل في زعم المالكي غلو كثير من الحنابلة المعاصرين في تكفير المسلمين]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن بعض الحنابلة يطعن في بعض أئمة أهل البيت]

- ‌[فصل في بيان الفكر المنحرف الذي يجب محاصرته عند المالكي وما يترك]

- ‌[فصل في زعمه وجود آراء إلحادية عند بعض طلاب الجامعات السعودية والرد عليه]

- ‌[فصل في إبطال زعم المالكي أنه سني سلفي حنبلي]

- ‌[فصل في طلبه الاقتصار على أمور الإيمان الكلية دون تفصيل وبيان مراده وإبطاله]

- ‌[فصل في رمي المالكي السلف الصالح بالتكفير الظالم والتبديع والتضليل]

- ‌[فصل في رمي المالكي المسلمين كافة بأن ضابط الصلاح عندهم هو المذهبية]

- ‌[فصل في اضطراب معنى السلف الصالح عند المالكي]

- ‌[فصل في طعن المالكي في الإمام ابن أبي يعلى ورميه للعقائديين بأن مقياسهم في الرجال مبتدع]

- ‌[فصل في أسباب نكسات المسلمين عند المالكي وبيان فساد طريق السلامة منها عنده]

- ‌[فصل في إبطال المالكي الانتساب إلى السلف الصالح لتردد معناه عند أهل الفرق]

- ‌[فصل في تنازع الفرق رجالا من أئمة السلف كلهم يدعيهم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن المستفيد من كتب اعتقاد المسلمين هم أعداء الإسلام]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن كتب عقائد المسلمين فيها باطل كثيروحق قليل]

- ‌[فصل في رد دعوى المالكي أنه لم يسلم من كتب العقائد إلا شيء قليل جدا]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن المصنفين أقحموا في كتب العقيدة مباحث ليست منها]

- ‌[فصل في إنكار المالكي مصطلح العقيدة وزعمه أنه لفظة مبتدعة]

- ‌[فصل في إبطال محاولة المالكي تقرير ما زعمه سابقا أن لفظ العقيدة لفظ مبتدع]

- ‌[فصل في إيجاب المالكي تقييد السلف الصالح بالمهاجرين والأنصار من الصحابة دون سائرهم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن مراد بعض الحنابلة بالسنة هو التكفير والتجسيم والظلم والإسرائيليات]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن الحنابلة يكفرون أبا حنيفة وأصحابه ويذمونهم ويبدعونهم]

- ‌[فصل في إبطال المالكي تبديع الحنابلة لأهل البدع]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن تكفير الحنابلة لأبي حنيفة فيه خير]

- ‌[فصل في إبطال المالكي تكفير الأئمة لفرق الضلالة كالرافضة والمعتزلة وغيرهم]

- ‌[فصل في طلب المالكي الاتغاظ بما حصل من السلف من تسرع في التكفير]

- ‌[فصل في طعن المالكي فيما رواه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة]

- ‌[فصل في تكذيب المالكي من رمى أبا حنيفة برد الأحاديث واعتذار المالكي عنه رحمه الله]

- ‌[فصل في رمي المالكي الأئمة بتصحيح الروايات لتشويه الخصم وعدم سماعهم حجته]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بتكفير معظم فرق المسلمين]

- ‌[فصل في رميه غلاة الحنابلة بزعمه بالكذب على الإمام أحمد وبيان كذبه هو]

- ‌[فصل في رد طعنه في الإمام أحمد رحمه الله بأن فيه حدة في التكفير والتبديع]

- ‌[فصل في رميه الإمام أحمد رحمه الله بأنه لم يتحكم في عواطفه لكون الدولة والعامة معه]

- ‌[فصل في زعم المالكي بطلان نقول الحنابلة عن الإمام أحمد في التكفير على أي حال]

- ‌[فصل في رميه شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه بالغ في التفريق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية]

- ‌[فصل في تعلق المالكي بكون أئمة الإسلام بشرا يصيبون ويخطئون لرد أقوالهم في الاعتقاد]

- ‌[فصل في زعم المالكي كثرة الأكاذيب والأحاديث الموضوعة والآثار الباطلة في كتب أهل السنة الحنابلة بزعمه]

- ‌[فصل في رمي المالكي الحنابلة بالنصب والرد عليه]

- ‌[فصل في بيان حال معاوية رضي الله عنه والذب عنه وبيان حال ابنه يزيد]

- ‌[فصل أما ما زعمه هذا الرافضي أن الحنابلة لا يذكرون آل البيت أو لديهم حساسية من ذلك فكذب باطل]

- ‌[فصل في الذب عن خلفاء بني أمية الأئمة الفاتحين المجاهدين]

- ‌[فصل في ذكر فضائل بني أمية وتقريب الرسول صلى الله عليه وسلم لهم واعتماده عليهم]

- ‌[فصل في ذكر شيء من فتوحات الأمويين]

- ‌[فصل في رمي المالكي للحنابلة بالتجسيم والتشبيه ورد ذلك عنهم]

- ‌[فصل في إقحام المالكي للأهوازي في الحنابلة وتحميلهم أخطاءه وبيان أنه لم يكن حنبليا قط]

- ‌[فصل في رميه مرويات شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري الهروي بأنها أحاديث باطلة]

- ‌[فصل في جعل المالكي لفظ الحد في كلام بعض أئمة السلف من الغرائب في الاعتقاد لعدم فهمه المراد منه]

- ‌[فصل في إنكار المالكي عظيم ما شرف الله عز وجل به نبيه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن معتقدات رواة الحديث سبب في توثيق الأئمة لهم، أو تجريحهم]

- ‌[فصل ولم يكن الإمام أحمد ولا أئمة السلف جميعا يحابون في دين الله أحدا]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بأن فيهم ضعفاء ووضاعين أحق بالتجريح من غيرهم]

- ‌[فصل في رميه كتب العقائد السلفية بالتناقض وإبطال زعمه]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالغلو في التكفير والإطراء مع تحذيرهم منهما والرد عليه]

- ‌[فصل في رميه أهل الفرق جميعا بأنهم متناقضون يأمرون أتباعهم باتباع السواد الأعظم عند تمكنهم]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بالتناقض في أمرهم بالوقوف عند حدود الشرع وعدم الزيادة عليه]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بالتناقض في تكفير الخصوم]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بالتناقض في نهيهم عن الاشتغال بما لم يشتغل به النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتشدد في نقد وتضعيف الرجال المخالفين لهم]

- ‌[فصل في رميه للحنابلة بأنهم لا يمدحون السلطان إلا إذا نصرهم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في الإجماع فيدعونه في أمور ليس فيها إجماع]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في الصحابة فيذمون الرافضة لطعنهم في كثير من الصحابة]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض بانتقاد الآخرين بالمشتبه من كلامهم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بتكلف الأعذار لأئمتهم]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض حين قالوا إن أبا حنيفة لم يؤت الرفق في دينه بزعمه]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض بذمهم المنطق وإنكار المجاز ثم يستدلون بهما والرد عليه]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في ذمهم الخوارج بتكفير المسلمين وقتلهم ثم يكفرون المسلمين ويفتون بقتلهم]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة لم يأمروا بأمر إلا خالفوه أو ينهوا عن شيء إلا ارتكبوه]

- ‌[فصل في رمي المالكي فرق المسلمين عامة بالتناقض وخصه الحنابلة بمزيد من التناقضات]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالتناقض في نهيهم عن الكلام والجدل حين ضعف حجتهم]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن سبب تحريم الحنابلة لعلم الكلام هو عدم معرفتهم لوظيفته]

- ‌[فصل في إيراد المالكي رسالة لأبي الحسن الأشعري في استحسان علم الكلام]

- ‌[فصل في الجواب المفصل على رسالة أبي الحسن الأشعري في استحسان الخوض في علم الكلام]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن من صفات الحنابلة الظلم والرد عليه]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة إنكارهم فضائل الآخرين والرد عليه]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن الحنابلة لم يتركوا عالما خالفهم إلا ذموه وعابوه]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة الافتراء على الخصوم]

- ‌[فصل في تبرئة المالكي الجهم بلا دليل مما نسب إليه من عدم الصلاة على النبي وذمه]

- ‌[فصل في تبرئة المالكي الجهم من تحليل المسكر]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة ظلموا بشرا المريسي وأصحابه حين قالوا عنهم إنهم لا يدرون ما يعبدون]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة ظلموا بشرا المريسي وأصحابه حين قالوا عنهم أنهم ينفون وجود الله في السماء]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة ظلموا الجهمية حين قالوا أن من قال القرآن مخلوق فهو يعبد صنما]

- ‌[فصل في زعمه أن عبد الله بن أحمد ظلم الجهمية حين قال من زعم أن الله لا يتكلم فهو يعبد الأصنام]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن ما قدمه من افتراء الحنابلة على خصومهم جزء يسير مما عنده]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة زعموا أن أبا حنيفة يزعم أن النبي عليه السلام لو أدركه لأخذ بكثير من قوله]

- ‌[فصل في زعمه أن الحنابلة لم يكفهم الافتراء على الناس حتى افتروا على الجن والهواتف]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة عدم إدراك معنى الكلام]

- ‌[فصل في تشكيك المالكي في معاني مصطلحات كثيرة مستقرة عند أهل العلم]

- ‌[فصل في زعمه أن الصحابة كانوا مختلفين في مسائل كثيرة فاتباع ما كانوا عليه متعذر]

- ‌[فصل في زعم المالكي بطلان بعض ما أجمع عليه الصحابة وغيرهم]

- ‌[فصل في جعل المالكي الولاء والبراء وهجر أهل البدع وأضرابهم من تشريع الكراهية بين المسلمين]

- ‌[فصل في رميه البربهاري بتشريع الكراهية بين المسلمين، والرد عليه]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن من صفات الحنابلة ذم المناظرة والحوار لعدم قدرتهم عليه]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة التزهيد في التحاكم إلى القرآن الكريم]

- ‌[فصل في سبب تزهيد الحنابلة في القرآن]

- ‌[فصل في بيان قول البربهاري إن القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن]

- ‌[فصل في زعمه أن البربهاري يقدم الرجال على النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في قول البربهاري إذا سمعت الرجل يطعن على الآثار أو يرد الآثار أو يريد غير الآثار فاتهمه على الإسلام]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة التزهيد والتساهل في كبائر الذنوب والموبقات]

- ‌[فصل في زعمه أن البربهاري يقدم الزناة والفساق والخونة على علماء الحنفية]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة التقارب مع اليهود والنصارى والتشدد على المسلمين]

- ‌[فصل في زعمه أنا لا نخشى إلا من المسلمين أما الكفار فلا]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بمخالفة المروءة لفرحهم بمصائب خصومهم من أهل البدع]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة الحكم الجائر على نيات الآخرين]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة الأمر بقطيعة الرحم من أجل العقيدة]

- ‌[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة النصب والرد عليه وبيان حكم الرافضة]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالاستدراك على الشرع باشتراطهم فهم السلف الصالح لنصوص الوحيين]

- ‌[فصل في إبطال المالكي معنى السلف الصالح والرد عليه]

- ‌[فصل في سبل فهم الكتاب والسنة عند المالكي دون فهم السلف الصالح]

- ‌[فصل في دواء ما في كتب العقائد من ظلم وبغي عند المالكي والرد عليه]

- ‌[فصل في رد المالكي على من أنكر الانتساب إلى مسمى الإسلام دون اسم آخر]

- ‌[فصل في بيان سبيل الحق عند المالكي وهو الإيمان الجملي غير المفصل]

- ‌[فصل في نقض النتائج التي وصل إليها المالكي في كتابه هذا]

- ‌[فصل في نقض نتيجة المالكي الثانية والثالثة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الرابعة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الخامسة]

- ‌[فصل في نقض نتيجة المالكي السادسة]

- ‌[فصل في نقض زعمه أن الحنابلة يجعلون المسائل المستحدثة أهم من أركان الإيمان]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الثامنة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته التاسعة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته العاشرة]

- ‌[فصل نقض نتيجته الحادية عشرة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الثانية عشرة]

- ‌[فصل في نقض نتيجته الرابعة عشرة]

- ‌[فصل في زعم المالكي أن ما ذكره من أخطاء عند الحنابلة ما هي إلا أمثلة فحسب]

- ‌[فصل في التنبيه مرة أخرى على مراد المالكي الحقيقي بالحنابلة وبراءتهم منه ومن انتسابه إليهم]

- ‌[فصل في نفي المالكي علاقة الدولة السعودية بأخطاء الحنابلة والسلفيين]

- ‌[فصل في رميه الحنابلة بالثورة على الأئمة والولاة وعدم السمع لهم]

- ‌[فصل في رمي المالكي من أطاع الولاة من الحنابلة أنه لأمر ما أطاعهم]

- ‌[فصل في دعوة المالكي للسماح بدخول كتب المبتدعة إلى المملكة وعدم رؤيته بزعمه معنى لمنعها]

الفصل: ‌[فصل في بيان حال معاوية رضي الله عنه والذب عنه وبيان حال ابنه يزيد]

[فصل في بيان حال معاوية رضي الله عنه والذب عنه وبيان حال ابنه يزيد]

فصل

في بيان حال معاوية رضي الله عنه، والذب عنه، وبيان حال ابنه يزيد أما زعم المالكي انتشار الثناء على بني أمية، خاصة معاوية وابنه يزيد عند الحنابلة: ففيه تفصيل.

أما معاوية: فنعم، وهو من جملة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصهره، وكل نسب وسبب منقطع يوم القيامة، إلا سبب النبي صلى الله عليه وسلم، ونسبه، ومعاوية - بلا شك - منهم رضي الله عنه.

ولما ذكر الآجري تلك الكتب والأبواب السابقة، في فضائل علي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين، والآل عامة وخاصة رضي الله عنهم: ختم كتابه بفضائل معاوية رضي الله عنه، فقال:" كتاب فضائل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ".

ثم قال الآجري رحمه الله: (معاوية رضي الله عنه، كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم على وحي الله عز وجل، وهو القرآن، بأمر الله عز وجل.

وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن دعا له النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيه العذاب.

ودعا له أن يعلمه الله الكتاب، ويمكن له في البلاد، وأن يجعله هاديا مهديا.

وأردفه النبي من خلفه فقال: «ما يليني منك؟ ".

قال: بطني.

ص: 196

قال: " اللهم املأه حلما وعلما» .

وأعلمه النبي صلى الله عليه وسلم: «إنك ستلقاني في الجنة» .

وصاهره النبي صلى الله عليه وسلم بأن تزوج بأم حبيبة أخت معاوية رضي الله عنهما، فصارت أم المؤمنين، وصار هو خال المؤمنين، فأنزل عز وجل فيهم:{عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} [الممتحنة: 7] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني سألت ربي عز وجل: ألا أتزوج إلى أحد من أمتي، ولا يتزوج إلى أحد من أمتي، إلا كان معي في الجنة» ".

وهو ممن قال الله عز وجل: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} [التحريم: 8] ، فقد ضمن الله الكريم بأن لا يخزيه، لأنه ممن آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وسيأتي في الأخبار ما يدل على ما قلت، والله الموفق لذلك إن شاء الله. اهـ.

ثم عقد الآجري في عشرة أبواب في ذلك، هي:. باب ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه.

. باب بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه بالجنة.

. باب ذكر مصاهرة النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية بأخته أم حبيبة.

. باب ذكر استكتاب النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية بأمر من الله عز وجل.

. باب ذكر مشاورة النبي لمعاوية رحمه الله.

ص: 197

باب ذكر صحبة معاوية للنبي صلى الله عليه وسلم، ومنزلته عنده.

. باب ذكر تواضع معاوية رضي الله عنه في خلافته.

. باب ذكر تعظيم معاوية رضي الله عنه، لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإكرامه إياهم.

. باب تزويج أبي سفيان رضي الله عنه، بهند أم معاوية رضي الله عنهم.

. باب ذكر وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه.

وهذا أمر مستقر عند أهل السنة جميعا، حنابلة وغيرهم رضي الله عن معاوية، وجميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرضاهم.

أما يزيد: فلا! بل صنف ابن الجوزي (ت 597 هـ) - وهو حنبلي - جزءا معروفا في لعنه.

وأمر يزيد لا يخفى، وقد نص إمامنا وإمام المسلمين، الإمام أحمد بن حنبل فيه، فقال صالح بن أحمد: قلت لأبي: إن قوما يقولون: إنهم يحبون يزيد! فقال: " يا بني! وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر؟ ! ".

فقلت: يا أبت فلماذا لا تلعنه؟

فقال: " يا بني! وهل رأيت أباك يلعن أحدا؟ ! ".

وقال أبو محمد المقدسي الحنبلي، لما سئل عن يزيد:" فيما بلغني لا يسب ولا يحب ".

ص: 198

وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، كما في " مجموع الفتاوى "(4 / 483) و (4 / 487) .

وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله (4 / 481 -482) : أن الناس قد افترقوا في يزيد ثلاث فرق، طرفان ووسط: فأحد الطرفين: كفروه! وجعلوه منافقا زنديقا! سعى في قتل سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، تشفيا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتقاما منه! وأخذا بثأر جده عتبة، وأخي جده شيبة، وخاله الوليد بن عتبة وغيرهم! وأنشدوا له في ذلك شعرا.

والطرف الآخر: جعلوه رجلا صالحا! وإماما عادلا! بل ظنه بعضهم صحابيا!

وذكر شيخ الإسلام بعض أصحاب هذا القول، وليس فيهم حنبلي واحد.

ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله (4 / 482) : (وكلا القولين ظاهر البطلان، عند من له أدنى عقل وعلم بالأمور، وسير المتقدمين. ولهذا لا ينسب إلى أحد من أهل العلم المعروفين بالسنة، ولا إلى ذي عقل من العقلاء، الذين لهم رأي وخبرة) اهـ.

أما الوسط بين هذين الطرفين الشاذين: فذكر قولهم شيخ الإسلام (4 / 483) فقال: (القول الثالث: أنه كان ملكا من ملوك المسلمين، له حسنات وسيئات، ولم يولد إلا في خلافة عثمان، ولم يكن كافرا،

ص: 199

ولكن جرى بسببه ما جرى من مصرع الحسين، وفعل ما فعل بأهل الحرة، ولم يكن صاحبا، ولا من أولياء الله الصالحين، وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة) اهـ.

ثم ذكر شيخ الإسلام رحمه الله (4 / 483 - 486) : أن أصحاب هذا القول الوسط، قد اختلفوا فيما بينهم، وافترقوا في يزيد ثلاث فرق، مع اجتماعهم على ما سبق، من ظلمه وفسقه:

. ففرقة لعنته.

وفرقة أحبته.

. وفرقة أمسكت، فلم تسب، ولم تحب.

وبين شيخ الإسلام رحمه الله: مأخذ كل أصحاب قول: فاللاعنون كأبي الفرج ابن الجوزي الحنبلي، وإلكيا الهراسي وغيرهما: لعنوه:

1 -

لما صدر منه من أفعال تبيح لعنته.

2 -

وقد يقولون: هو فاسق، وكل فاسق يلعن.

3 -

وقد يقولون بلعن صاحب المعصية، وإن لم يحكم بفسقه.

فهذه ثلاثة مآخذ للعنته.

أما الذين أحبوه: أحبوه، أو سوغوا محبته، كالغزالي - عالم الشافعية الشهير - فلهم مأخذان:

ص: 200

1 -

أحدهما: أنه مسلم، ولي أمر الأمة على عهد الصحابة، وتابعه بقاياهم. وكانت فيه خصال محمودة، وكان متأولا فيما ينكر عليه من أمر الحرة وغيره، فيقولون: هو مجتهد مخطئ.

ويقولون: إن أهل الحرة، هم نقضوا بيعته أولا، وأنكر ذلك عليهم ابن عمر رضي الله عنهما وغيره.

أما قتل الحسين رضي الله عنه: فلم يأمر به، ولم يرض به، بل ظهر منه التألم لقتله، وذم من قتله. ولم يحمل الرأس إليه، وإنما حمل إلى عبيد الله بن زياد.

2 -

والمأخذ الثاني لهؤلاء المحبين: أنه قد ثبت في " صحيح البخاري " عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أول جيش يغزو القسطنطينية، مغفور لهم» وأول جيش غزاها، كان أميره يزيد.

ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله (4 / 486) بعد ذكره مأخذ اللاعنين والمحبين: (والتحقيق: أن هذين القولين، يسوغ فيهما الاجتهاد، فإن اللعنة لمن يعمل المعاصي، مما يسوغ فيها الاجتهاد. وكذلك محبة من يعمل حسنات وسيئات.

بل لا يتنافى عندنا: أن يجتمع في الرجل الحمد والذم، والثواب والعقاب، كذلك لا يتنافى أن يصلى عليه، ويدعى له، وأن يلعن ويشتم أيضا، باعتبار وجهين) .

ص: 201

أما الممسكون عن سبه ولعنته: فلأنه لم يثبت فسقه الذي يقتضي لعنه، أو لأن الفاسق المعين، لا يلعن بخصوصه، إما تحريما أو تنزيها.

وأما تاركو محبته: فلأن المحبة الخاصة، إنما تكون للنبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وليس يزيد أحد هؤلاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«المرء مع من أحب» [خ (6168) و (6169) م (2641) عن ابن مسعود، وخ (6170) م (2641) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما] .

ثم قال شيخ الإسلام (4 / 484) : (ومن آمن بالله واليوم الآخر، لا يختار أن يكون مع يزيد، ولا مع أمثاله من الملوك، الذين ليسوا بعادلين) .

ثم ذكر شيخ الإسلام مأخذين لتاركي محبته: ا - أحدهما: أنه لم يصدر منه من الأعمال الصالحة، مما يوجب محبته، فبقي واحدا من الملوك المسلطين، ومحبة أشخاص هذا النوع، ليست مشروعة.

وهذا المأخذ، ومأخذ من لم يثبت عنده فسقه، اعتقد تأويلا.

2 -

الثاني: أنه صدر منه ما يقتضي ظلمه وفسقه في سيرته، كأمر الحسين رضي الله عنه، وأمر أهل الحرة.

ولم يثبت عند شيخ الإسلام رحمه الله، علاقة يزيد بمقتل الحسين، من حيث الأمر به، أو الرضى.

ص: 202

وقد نبه عليه مرارا، لهذا قال رحمه الله (4 / 487) :(وأما من قتل الحسين، أو أعان على قتله، أو رضي بذلك: فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا) اهـ ونحوه في (4 / 505) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (4 / 505 - 506) ذاكرا مقتل الحسين رضي الله عنه: (وكان الذي حض على قتله: الشمر بن ذي الجوشن، صار يكتب في ذلك إلى نائب السلطان على العراق عبيد الله بن زياد) .

وعبيد الله هذا، أمر - بمقاتلة الحسين - نائبه عمر بن سعد بن أبي وقاص، بعد أن طلب الحسين منهم، ما طلبه آحاد المسلمين، لم يجئ معه مقاتلة، فطلب منهم:

. أن يدعوه إلى أن يرجع إلى المدينة،

. أو يرسلوه إلى يزيد ابن عمه،

. أو يذهب إلى الثغر، يقاتل الكفار.

فامتنعوا إلا أن يستأسر لهم، أو يقاتلوه!

فقاتلوه حتى قتلوه وطائفة من أهل بيته وغيرهم.

ثم حملوا ثقله وأهله إلى يزيد بن معاوية إلى دمشق، ولم يكن يزيد أمرهم بقتله، ولا ظهر منه سرور بذلك، ورضى به.

ص: 203

بل قال كلاما فيه، ذما لهم، حيث نقل عنه أنه قال:" لقد كنت أرضى من طاعة أهل العراق، بدون قتل الحسين ". وقال: " لعن الله ابن مرجانة - يعني عبيد الله بن زياد - والله لو كان بينه وبين الحسين رحم لما قتله " يريد بذلك الطعن في استلحاقه، حيث كان أبوه زياد، استلحق حتى كان ينتسب إلى أبي سفيان صخر بن حرب: وبنو أمية وبنو هاشم، كلاهما بنو عبد مناف.

وروي أنه لما قدم على يزيد، ثقل الحسين وأهله، ظهر في داره البكاء والصراخ لذلك، وأنه أكرم أهله، وأنزلهم منزلا حسنا، وخير ابنه عليا، بين أن يقيم عنده، وبين أن يذهب إلى المدينة، فاختار المدينة. والمكان الذي يقال له: سجن علي بن الحسين بجامع دمشق، باطل لا أصل له.

لكنه مع هذا، لم يقم حد الله على من قتل الحسين رضي الله عنه، ولا انتصر له، بل قتل أعوانه لإقامة ملكه.

وقد نقل عنه، أنه تمثل في قتل الحسين بأبيات تقتضي من قائلها الكفر الصريح، كقوله:

لما بدت تلك الحمول وأشرفت

تلك الرؤوس إلى ربى جيرون

نعق الغراب فقلت: نح أو لا تنح

فلقد قضيت من النبي ديوني

ص: 204

وهذا الشعر كفر) اهـ.

ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله (4 / 507 - 508) : (وأما الحسين رضي الله عنه: فقتل بكربلاء، قريب من الفرات، ودفن جسده حيث قتل، وحمل رأسه إلى قدام عبيد الله بن زياد بالكوفة، هذا الذي رواه البخاري في " صحيحه " (3748) ، وغيره من الأئمة.

وأما حمله إلى الشام إلى يزيد: فقد روي ذلك من وجوه منقطعة، لم يثبت شيء منها، بل في الروايات ما يدل على أنها من الكذب المختلق، فإنه يذكر فيها: أن يزيد جعل ينكت بالقضيب على ثناياه، وأن بعض الصحابة الذين حضروه كأنس بن مالك، وأبي برزة، أنكر ذلك.

وهذا تلبيس! فإن الذي جعل ينكت بالقضيب، إنما كان عبيد الله بن زياد، هكذا في الصحيح والمساند [خ (3748) حم (3 / 1 26) عن أنس بن مالك رضي الله عنه] .

وإنما جعلوا مكان عبيد الله بن زياد: يزيد!

وعبيد الله لا ريب أنه أمر بقتله، وحمل الرأس إلى بين يديه.

ثم إن ابن زياد قتل بعد ذلك، لأجل ذلك.

ومما يوضح ذلك: أن الصحابة المذكورين، كأنس وأبي برزة، لم يكونوا بالشام، وإنما كانوا بالعراق حينئذ. وإنما الكذابون، جهال بما يستدل به على كذبهم.

ص: 205

وأما حمله إلى مصر: فباطل باتفاق الناس، وقد اتفق العلماء كلهم، على أن هذا المشهد الذي بقاهرة مصر، الذي يقال له: مشهد الحسين: باطل، ليس فيه رأس الحسين، ولا شيء منه، وإنما أحدث في أواخر دولة بني عبيد الله ابن القداح) .

ثم قال رحمه الله (4 / 511 -512) : (والحسين رضي الله عنه، أكرمه الله تعالى بالشهادة في هذا اليوم، وأهان بذلك من قتله، أو أعان على قتله، أو رضي بقتله) .

وله أسوة حسنة بمن سبقه من الشهداء، فإنه وأخوه سيدا شباب أهل الجنة، وكانا قد تربيا في عز الإسلام، لم ينالا من الهجرة، والجهاد، والصبر على الأذى في الله، ما ناله أهل البيت، فأكرمهما الله تعالى بالشهادة، تكميلا لكرامتهما، ورفعا لدرجتهما.

وقتله مصيبة عظيمة، والله سبحانه قد شرع الاسترجاع عند المصيبة بقوله تعالى:{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ - الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ - أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157] .

وفي " الصحيحين " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من مسلم يصاب بمصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها، إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرا منها» .

ص: 206

ومن أحسن ما يذكر هنا: أنه قد روى الإمام أحمد (1 / 201) وابن ماجه (1600) عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يصاب بمصيبة، فيذكر مصيبته وإن قدمت، فيحدث عندها استرجاعا، كتب الله له مثلها يوم أصيب» .

هذا حديث رواه عن الحسين: ابنته فاطمة، التي شهدت مصرعه.

وقد علم أن المصيبة بالحسين، تذكر مع تقادم العهد، فكان من محاسن الإسلام، أن بلغ هو هذه السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أنه كلما ذكرت هذه المصيبة يسترجع لها، فيكون للإنسان من الأجر مثل الأجر يوم أصيب بها المسلمون.

وأما من فعل مع تقادم العهد بها، ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم عند حدثان العهد بالمصيبة: فعقوبته أشد، مثل لطم الخدود، وشق الجيوب، والدعاء بدعوى الجاهلية.

ففي " الصحيحين " عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية» [خ (1297) و (1298) و (3519) م (103) ] . ثم ذكر رحمه الله شيئا مما ورد في النهي عن ذلك.

وكلام شيخ الإسلام في هذا الباب وهذه المسألة كلام جيد محرر كثير، سواء في المواضع التي سبقت أو غيرها، وما سبق يكفي بمشيئة الله.

ص: 207