الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة النصب والرد عليه وبيان حكم الرافضة]
فصل
في زعمه أن من صفات الحنابلة: النصب! والرد عليه، وبيان حكم الرافضة ثم قال المالكي ص (170) في سياقه صفات الحنابلة بزعمه تحت عنوان "النصب ": (هذا الموضوع في غاية الأهمية؛ لأن أكبر الفرق الإسلامية التي بيننا وبينها خصومة شديدة، هي الشيعة.
صحيح أن جذور هذه الخصومة كانت في القرن الأول، إذ لجأ بنو أمية، إلى الفتك بمحبي أهل البيت وإذلالهم، فقتلوا حجر بن عدي صبرا في عهد معاوية؛ لأنه أنكر سب علي على المنابر، وقتلوا عمرو بن الحمق الخزاعي، وكان ممن لقي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهاجر إليه، وكذلك كان حجر بن عدي.
وقتلوا الحسن بن علي سيد شباب أهل الجنة بالسم، وقتلوا أخاه الحسين بالسيف، وارتكبوا مجزرة كربلاء) اهـ.
والجواب من وجوه: أحدها: أن جميع ما ذكره المالكي هنا، كان قبل أن يُخلق أحمد!
فلم يكن حينها أحمد! ولا صاحب لأحمد! فكيف تكون تلك أفعالا للحنابلة؟! بل صفة من صفاتهم؟!
الثاني: أن من ولي قتل حجر بن عدي رضي الله عنه: بنو أمية، وليس الحنابلة!
أنا عمرو بن الحمق: فاختُلف في سبب موته، فقيل: قتل، وقيل: نهشته حية فمات، وقيل: إنه قتل حدا؛ لأنه أحد الأربعة الذين دخلوا على عثمان رضي الله عنه.
وعلى جميع الأحوال، فلا علاقة للحنابلة، ولا حتى علماء المسلمين أجمعين بهذه الفتن. وكذلك سم الحسن وقتل الحسين، رضي الله عنهما وأرضاهما.
وقتلهما مصيبة عظيمة، وقد قدمنا في هذا شيئا من التفصيل، في فصل تقدم.
الثالث: أن الحنابلة جميعا، وأهل السنة عامة، محبون لأهل البيت، مقدمون لهم، مكرمون لمقامهم، يحفظون وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم. وهم بنو هاشم، وأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حرمت عليهم الزكاة، تطهيرًا لهم، وإكمالا لرفعتهم، وإظهارا لعزتهم، وفد ذكرت في مواضع تقدمت شيئا من النقل عن الحنابلة في ذلك.
الرابع: أن المالكي رمى الحنابلة بالنصب، وهم براء منه، ودافع عن الإباضية، وهم نواصب بلا شك، يجاهرون في كتبهم بسب علي بن أبي طالب - رضي الله عن علي - ولعنهم
ويدافع كذلك عن الروافض، وهم نواصب، فسبهم للحسن بن علي رضي الله عنهما مشهور، وتسميتهم له بمسود وجوه المؤمنين! وخديعتهم للحسين رضي الله عنه وإظهارهم له النصرة والقتال، حتى خرج من مكة هو وأبناؤه- وكانوا بها آمنين- وبرز له عدوه: خلوا بينه وبينهم، ليسفك دمه الطاهر.
وطعن الرافضة في عبد الله وعبيد الله ابني العباس بن عبد المطلب رضي الله عنهم: ظاهر غير خافٍ، وكذلك طعنهم في أمّي المؤمنين عائشة بنت الصديق، وحفصة بنت الفاروق رضي الله عنهم جميعا- فهم الروافض والنواصب حقا.
وقد بين العلامة الحسين الموسوي، أحد علماء الحوزة النجفية في كتابه "كشف الأسرار"، وتبرئة الأئمة الأطهار": طعن الرافضة في النبي صلى الله عليه وسلم نفسه! وفي علي رضي الله عنه! وعزا ذلك كله لمصادرهم المعتمدة المعتبرة، بل ذكر أنه ما من أحد من آل البيت، إلا وقد طعنوا فيه وانتقصوه!
الخامس: عد الرافضة من فرق المسلمين، أو داخلة فيهم: غير مُسلَّم، فهم مجمعون على القول بخلق القرآن، وعلى نقص القرآن، وعلى الطعن في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وغير ذلك.
وآحاد هذه المسائل يكفر صاحبها بإجماع الأمة، وتقدم بيانه.
وأنا أنقل هنا كلام بعض علماء الحنفية، في هؤلاء الرافضة، ليرى المالكي اتفاق الحنابلة مع غيرهم من علماء المسلمين وأئمتهم، أحنافا وغيرهم.
قال السيد المطهر بن عبد الرحمن بن علي بن إسماعيل المدني الحنفي ابن قاضي العرب في رسالته في (تكفير الشيعة " (1)(61 / أ) :
(قال في "الوجيز" و"الخلاصة": "الروافض إن كان يسب الشيخين ويلعنهما: فهو كافر. وإن كان يفضل عليا عليهما: فهو مبتدع. ومن قذف عائشة بالزنا: كفر") اهـ.
وقال (62 / أ) : (قال في "الوجيز" و"الخلاصة": "من أنكر خلافة أبي بكر: فهو كافر في الصحيح، ومنكر خلافة عمر: كافر في الأصح ") اهـ كلام السيد المطهر بن عبد الرحمن المدني الحنفي، ابن قاضي العرب في رسالته في "تكفير الشيعة".
وقال العلامة زين العابدين بن يوسف بن محمد بن زين العابدين الكوراني - وكان من أئمة الحنفية- في رسالته "اليمانيات المسلولة، على الروافض المخذولة"(2) التي جمعها لبيان حال الرافضة، وصواب تكفير
(1) أصله محفوظ بـ "مكتبة عارف حكمت" بالمدينة النبوية، برقم (عام 698) ، وهو بخط المؤلف رحمه الله، فرع من سننه (990 هـ) .
(2)
طبع عام (1420 هـ ونشرته "مكتبة الإمام البخاري) ، بتحقيق ودراسة الدكتور المرابط بن محمد يسلم المجتبى، وأصله رسالة ماجستير، مقدمة إلى "كلية الدعوة وأصول الدين" بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ونالت درجة الامتياز.
من كفرهم، والرد على منكره، قال في أولها واصفا رسالته تلك (ص 104- 105) :(ناعية على الشيعة الشنيعة، والرافضة البشيعة بالإكفار، حاكمة عليهم بمباينة الدار، والخلود في دار البوار، مع ما سمحت به في ذلك آراء أكابر الأئمة، وأنظار علماء الأمة، الذاهبين في المذاهب الأربعة المستقيمة، السالكين مسلك السنة القويمة، جمعتها وأنا العبد المفتقر إلى الله الغني، زين العابدين بن يوسف. . . الكوراني بعدما رأيت بعض علماء السنة جازما بكفر هؤلاء المارقين الكافرين، وبعضا آخر قادحا في المكفرين، علما من الأول بقوانين الدين، وجهلا من الثاني بالحق المبين) .
ثم قال رحمه الله (ص 291-294) : (المقالة الثالثة: في إفتاء العلماء بكفرهم. قد أفتى بذلك الإمام مالك والإمام الشافعي رضي الله عنهما، ووافقهما كثيرون من أئمة المسلمين كما سبق في المقالة الثانية، نقلا عن الشيخ ابن حجر. ونقل القاضي عياض عن الإمام مالك كيفية عقوبتهم من القتل وغيره.
وكل ذلك مفصل في كتابه المسمى بـ "الشفاء". . . ووقع في "الفتاوى البزازية" القول بكفرهم؛ لقولهم برجعة الأموات إلى الدنيا، وإنكارهم خلافة الشيخين وغير ذلك من قباحاتهم. . . وقال الإمام فخر الإسلام البزدوي في "أصوله": "وقد صح عن أبي يوسف رحمه الله أنه قال: ناظرت أبا حنيفة رضي الله عنه في مسألة خلق القرآن ستة أشهر، فاتفق رأيي ورأيه على أن من قال بخلق القرآن فهو كافر.
وقد صح هذا
القول عن محمد رحمه الله" انتهى. وهو صريح في كفر هؤلاء الضالين؛ لاتفاقهم مع المعتزلة على كون القرآن مخلوقًا على ما هو مسطور في كتبنا وكتبهم) .
ثم قال رحمه الله (ص 295) : (ووقع في "الفتاوى التتارخانية": أن من أنكر خلافة أبي بكر، فالصحيح أنه كافر، وكذا خلافة عمر رضي الله عنهما. ونقل الإمام الرازي في "التفسير الكبير": القول بكفرهم وكفر الخوارج أيضا) .
ثم قال (ص305) : (المقالة الرابعة: في بيان حال المتأخرين منهم، وحكم دارهم، وإفتاء العلماء فيهما. اعلم أن ما سبق هو بيان حال مطلق الشيعة والرافضة، فلو تنزلنا عن إكفارهم جميعا، فلا شك أن كثيرا من متأخري هذه الفرقة سيما الإمامية، قد التحقوا بالفرق الضالة كما مر مفصلا) .
ثم قال (ص323-324) : (وممن صرح بإكفارهم، وأفتى به فيما بلغنا: العالم الزاهد المحقق المدقق مفتي الثقلين أستاذ الفريقين: المولى أبو السعود قدس الله سره. ومنهم: العالم الفاضل والمدقق الحافل المولى جلال الدين الدواني، مع كمال خبرته بحال هؤلاء الضالين. ومنهم: الفاضل الكامل المولى عصام الدين الإسفراييني، مع كثرة ممارسته لهم، وطول مؤانسته بهم) .
ثم قال (ص 325) : (وأيضا أفتى بذلك رئيس المفسرين، خالي العزيز المولى عبد الكريم الكوراني - ابن المولى المذكور مصنف "التفسير الواضح " وغيره من التصانيف المعتبرة، مع تبحره في العلم وكمال خبرته بحال هؤلاء الضالين) .
ثم قال رحمه الله (ص 331) : (خاتمة في التكلم إجمالا فيما سبق وبيان ما حصل منه. اعلم أنا قد بينا في هذه الرسالة معظم عقائد الشيعة والرافضة بالنقل عن الكتب المعتبرة، والعلماء المهرة، وبينا ما أثبت الأئمة والعلماء به كفرهم، من الآيات والأحاديث، وذكرنا ما كفروا به من الأفعال والعقائد، ومن أفتى بكفرهم من العلماء، سيما علماء المذاهب الثلاثة، مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة، ومذهب الإمام الشافعي، ومذهب الإمام مالك رضي الله تعالى عنهم مع التحقيق في ذلك كله.
وأثبتنا كون دار متأخريهم المخصوصة بهم دار كفر بلا شبهة، وأوضحنا أن إفتاء العلماء المتأخرين في حق هؤلاء الضالين، إنما كان مع علم وورع واختبار) إلى آخر كلام العلامة زين العابدين الكوراني، وهو مهم ومفيد، رحمه الله رحمة واسعة.