الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في زعم المالكي بطلان بعض ما أجمع عليه الصحابة وغيرهم]
فصل
في زعم المالكي بطلان بعض ما أجمع عليه الصحابة وغيرهم، والرد عليه قال المالكي ص (160) : (لكن أكثر دعاوانا في إجماعهم أنهم أجمعوا على أن القرآن غير مخلوق، أو على تقديم أبي بكر أو علي، وغير ذلك، إنما هي مجرد دعاوى، تدل على جهلنا بمعنى " الإجماع "، وجهلنا بالتاريخ نفسه.
إذ إن أكثر هذا افتراء عليهم، فقد كان الأمر بين غائب عنهم لم يبتوا فيه أو مختلف فيه بينهم) اهـ كلامه.
وأقول:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
…
وإن خالها تخفى على الناس تعلم
قد خرج رفض هذا واعتزاله، وأخرج الله ما في صدره، أما إجماع الصحابة على أن القرآن منزل غير مخلوق، وأنه متكلم سبحانه متى شاء بما شاء، فهو إجماع معلوم، أكبر من أن ينكر، وقد حكاه الإمام الكبير اللالكائي رحمه الله وغيره.
وهذا عليه الكتاب والسنة وأئمة الإسلام من عهد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن تبعهم بإحسان ممن جاء بعدهم.
بل إن المعتزلة كلها في عهد المأمون وبعده في ذلك العصر لم يستطع أحد منهم أن يقول ما قاله المالكي، بل كان أهل السنة يحجونهم بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين.
أما إجماعهم على تقديم أبي بكر على الصحابة جميعا، علي وغيره رضي الله عنهم جميعا -، فهذا حق، بل قد أجمعوا على تقديم عمر كذلك على علي، وأجمع أهل السنة قاطبة على ذلك.
وأول من حكى إجماع الصحابة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فأخرج الإمام أحمد في " مسنده " (2 / 14) والبخاري في " صحيحه " (6598) عنه رضي الله عنه قال:(كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم) .
ولم يخالف أحد منهم هذا الإجماع حتى علي رضي الله عنه وأرضاه، فقد روى البخاري في " صحيحه " (2671) عن محمد ابن الحنفية رضي الله عنه قال: (قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: " أبو بكر "، قلت: ثم من؟ قال: " ثم عمر "، وخشيت أن يقول: عثمان، قلت: ثم أنت؟
قال: " ما أنا إلا رجل من المسلمين ".
وصح عنه رضي الله عنه أنه توعد من قدمه على الشيخين أبي بكر وعمر أن يجلده حد المفتري، بل تواتر هذا عنه، أنه خطب به في مسجده على منبره في الكوفة، ذكر تواتره شيخ الإسلام ابن تيمية، والحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية ".
فإنكار المالكي هذا كله يدل على جهل مطبق وداء عضال.