الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في زعمه أن الصحابة كانوا مختلفين في مسائل كثيرة فاتباع ما كانوا عليه متعذر]
فصل
في زعمه أن الصحابة كانوا مختلفين في مسائل كثيرة، عقدية وفقهية
وسياسية، فاتباع ما كانوا عليه متعذر، والرد عليه قال المالكي ص (160) :(وكذلك قوله (1) بعضهم: " عليك بما كان عليه الصحابة " نصيحة مطاطة، فإن كان يعرف أن الصحابة قد اختلفوا في أمور كثيرة، عقدية وفقهية وسياسية، فأيهم نتبع؟
فإن كان القائل لا يعرف اختلافهم فهذه مصيبة، وإن كان يريد إجماعهم فلم يجمعوا إلا على شيء معروف فيه نص شرعي غالبا) اهـ.
والجواب من وجوه: أحدها: أن الموصي بلزوم ما كان عليه الصحابة هو النبي صلى الله عليه وسلم في قوله صلى الله عليه وسلم في تلك الفرقة الناجية من النار: «من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي» ، وما ألزمنا المالكي به يلزم النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان لا يدري صلى الله عليه وسلم أن أصحابه سيختلفون، ثم أمر بلزوم ما كانوا عليه فهذه مصيبة.
(1) كذا في كتاب المالكي.
وإن علم صلى الله عليه وسلم، ولكن أراد إجماعهم، فهم لم يجمعوا إلا على شيء معروف فيه نص شرعي غالبا، كما زعم المالكي.
الثاني: أن أمر السلف وعلماء الأمة والأئمة بلزوم ما كان عليه الصحابة يعنون به الأصول لا الفروع، فإن الصحابة رضي الله عنهم وإن اختلفوا في الفروع الفقهية، إلا أنهم لم يختلفوا في الأمور الأصولية العقدية.
الثالث: عدم تسليمنا له بوجود اختلافات بين الصحابة رضي الله عنهم في العقيدة، ومطالبته بمثال واحد صحيح لصحة زعمه.
فإن قال: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في الدنيا، قلنا له: وهل لك غيره؟ فإن هذا لا يصح مثالا لك، فإن الصحابة رضي الله عنهم مجمعون على رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة، والأحاديث في ذلك متواترة، لكنهم اختلفوا في جواز ذلك في الدنيا، وهل كانت رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم ربه حقيقة أو رؤية منام؟ والنزاع في هذه الأخيرة فرعي ليس أصليا.