الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في زعمه أن من صفات الحنابلة التزهيد في التحاكم إلى القرآن الكريم]
فصل
في زعمه أن من صفات الحنابلة التزهيد في التحاكم إلى القرآن الكريم،
مع المبالغة في الأخذ بأقوال الرجال، والرد عليه قال المالكي ص (164) في سياقه صفات الحنابلة بزعمه: (- التزهيد في التحاكم إلى القرآن الكريم، مع المبالغة في الأخذ بأقوال الرجال
القرآن الكريم أعلى مصدر تشريعي عند المسلمين، فقد اختلف المسلمون في ثبوت السنة، وفي الإجماع، وفي القياس، وفي قول الصحابي، وفي غير ذلك، لكن لم يختلفوا أن القرآن الكريم هو المصدر الرئيس الشرعي في كل أمر من الأمور الدينية، قال تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: 59] ، ففي الآية تحذير للمسلم بأن من لم يرض بالتحاكم إلى الله والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإنه يقدح في إيمانه بالله واليوم والآخر) اهـ.
والجواب من وجوه: أحدها: أنا إذا قبلنا جنس الخلاف وعددناه خلافا معتبرا لم يسلم لنا حتى القرآن، فإن الرافضة مجمعة على تحريفه وئقصه، وقد جمع الطبرسي روايات الشيعة وأقوالهم في كتاب ضخم سماه " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " ساق
فيه أكثر من ألفي رواية في ذلك، وقد وقفت عليه.
بل جعل أبو الحسن العاملي - وهو أحد كبار أئمتهم - القول بتحريف القرآن ونقصه من ضروريات مذهب الشيعة، فقال:(وعندي في وضوح صحة هذا القول بعد تتبع الأخبار، وتفحص الآثار، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع، وأنه من أكبر مقاصد غصب الخلافة) اهـ كلام العاملي.
فإذا تقرر هذا فاعلم أن المعتبر من الخلاف خلاف أئمة الإسلام وعلماء السنة، لا أئمة الضلالة والبدعة، وإلا لربما ارتقى الخلاف بهؤلاء إلى الإسلام كله، إذا اعتبروا خلاف اليهود والنصارى، وملل الكفر الباقية.
الثاني: أن من نازع في قبول السنة رد القرآن لأمره بالأخذ بها، ومرق من الدين، قال سبحانه:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، وقال جل وعلا:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] .
والرد إليه صلى الله عليه وسلم في حياته بسؤاله، والوقوف عند جوابه، والرد إليه صلى الله عليه وسلم بعد مماته إلى سنته، كما قال بذلك أئمة المسلمين، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:" من رد السنة كفر ".
ووجوب الأخذ بالسنة، وأنها وحي تحرم مخالفتها إذا صحت وثبتت، ولم تكن منسوخة، محل إجماع، فمن ردها فقد كفر،
وقد صنف الجلال السيوطي (ت 911 هـ) رحمه الله رسالة شهيرة سماها " مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة " في وجوب الاحتجاج بها وكفر المخالف، قال الجلال السيوطي رحمه الله في مقدمته بعد الحمدلة: (اعلموا - يرحمكم الله - أن من العلم كهيئة الدواء، ومن الآراء كهيئة الخلاء، لا تذكر إلا عند داعية الضرورة، وإن مما فاح ريحه في هذا الزمان، وكان دارسا - بحمد الله تعالى - منذ أزمان، وهو أن قائلا رافضيا زنديقا أكثر في كلامه أن السنة النبوية والأحاديث المروية - زادها الله علوا وشرفا - لا يحتج بها، وأن الحجة في القرآن خاصة.
وأورد على ذلك حديث: «ما جاءكم عني من حديث فاعرضوه على القرآن، فإن وجدتم له أصلا فخذوا به، وإلا فردوه» ، هكذا سمعت هذا الكلام بجملته منه، وسمعه منه خلائق غيري، فمنهم من لا يلقي لذلك بالا، ومنهم من لا يعرف أصل هذا الكلام، ولا من أين جاء، فأردت أن أوضح للناس أصل ذلك، وأبين بطلانه، وأنه من أعظم المهالك.
فاعلموا رحمكم الله أن من أنكر كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولا كان أو فعلا - بشرطه المعروف في الأصول - حجة كفر، وخرج عن
دائرة الإسلام، وحشر مع اليهود والنصارى، أو مع من شاء الله من فرق الكفرة) اهـ كلامه.
وبقية كلامه، بل جميع كتابه رحمه الله مهم، نافع غاية النفع، مبين حكم هؤلاء المردة.