الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في رميه شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه بالغ في التفريق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية]
فصل
في رميه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، بأنه بالغ في التفريق بين توحيد
الربوبية، وتوحيد الألوهية! وهون من شأن الأول، وعظم الثاني!
وتبديع المالكي لأصل هذا التفريق! والرد عليه زعم المالكي ص (116 - 117) : (أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، بالغ في التفريق بين توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وأنه رحمه الله هون من شأن الأول، وبالغ في شأن الثاني) .
ثم قال المالكي: (والتفريق نفسه، تفريق مبتدع، ليس في كتاب الله، ولا سنة رسوله، ولم يقل بهذا التفريق أحد من الصحابة ولا التابعين، فالتوحيد شأنه واحد.
وهذا التفريق، هو الذي جعل مقلدي ابن تيمية يزعمون: أن الله لم يبعث الرسل، إلا من أجل توحيد الألوهية، أما توحيد الربوبية، فقد أقر به الكفار! ! ونسوا أن فرعون قال:{فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: 24] وقوله: {يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص: 38]، وأن صاحب إبراهيم قال:{أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} [البقرة: 258] فضلا عن سائر الملحدين في الماضي والحاضر، وغير ذلك.
مما يؤكد أن الرسل بعثوا للإقرار بوجود الله وربوبيته، واستحقاقه للعبادة، وبعثوا بسائر أنواع العبادة، والأخلاق، وتحريم المحرمات، وغير ذلك) اهـ.
والجواب: أن في كلامه هذا مغالطات وتلبيسا، فإن الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - بعثوا بأنواع التوحيد الثلاثة: الألوهية، والربوبية، والأسماء والصفات.
إلا أنه لما كانت الفطر السليمة، مفطورة – بالاضطرار - إلى نسبة هذا الخلق إليه خالق عظيم، وأن الخلق لم يخلقوا أنفسهم، ولم يوجدوا دون خالق: كانت حاجة الناس إلى توحيد الألوهية والأسماء والصفات أعظم، لفسادهما عند أكثر الناس قبل بعثة الأنبياء والرسل، قال سبحانه:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] .
ولذا ألزم الله عز وجل كفار قريش بتوحيده في العبادة، بإقرارهم له بتوحيد الربوبية، فقال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: 25] وقال جل وعلا: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ - سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [المؤمنون: 84 - 85] وهذا في القرآن كثير.
وهذان التوحيدان، متضمنان لتوحيد الربوبية بلا شك، ولم يخالف فيه إلا قليل كالمانوية!
أما قول فرعون: فكان مكابرة منه، لا اعتقادا له، وإلا فمن خلقه هو؟ ! وخلق الخلق قبله؟ !
لهذا قال سبحانه: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14] وقال موسى عليه الصلاة والسلام لفرعون: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء: 102] .
أما قول النمرود {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} [البقرة: 258] : فلم يرد به الإنشاء من العدم، وإنما أراد قدرته على القتل، والعفو عن مستحقه. فأخرج رجلا حكم عليه بالقتل، فعفى عنه! وآخر قتله! وهذا أمر يستوي فيه النمرود وغيره.
أما تبديع المالكي لمن قسم التوحيد: فمن جملة جهله! وتسمية أمر الله عز وجل لخلقه، بإفراده بالعبادة: توحيد الألوهية، وتسمية إخباره سبحانه، بأنه له الخلق، وأنه منشؤهم من العدم: توحيد الربوبية، وتسمية ما وصف الله به نفسه، من صفات الكمال، وما سمى به نفسه: توحيد الأسماء والصفات: حق.
ومن أنكر التسمية لمزيد جهله، وعمى بصره: فلا يسعه إنكار المعنى، ومن أثبت المعنى - وإنكاره كفر -: لم يكن لإنكاره التسمية معنى.